سخر الكاتب البريطاني روبرت فيسك من الرؤية المزدوجة التي ينظر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من خلالها إلى الإرهابيين في سورية والعراق فهو يطلق تسمية “المعارضة المسلحة المعتدلة” على الإرهابيين في سورية ويحاول بشكل حثيث تقديم المزيد من الدعم المالي والعسكري والسياسي لهم لكنه ينظر إلى هؤلاء الإرهابيين أنفسهم في العراق بشكل مختلف تماما ويعتبر وجودهم خطرا كبيرا على العالم باسره ويتعهد بالمساعدة للقضاء عليهم.
وفي سياق مقال نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية تحت عنوان “المسلحون “المعتدلون “في سورية ليسوا معتدلين جدا في العراق” أكد فيسك أن الإرهابيين الذين تواصل الولايات المتحدة دعمهم وتمويلهم وتسليحهم منذ سنوات في سورية هم أنفسهم الإرهابيون الذين يقتلون ويشنون الهجمات ويحاولون تدمير العراق، مشيرا إلى أن أوباما الذي أرسل 300 عنصر من قوات النخبة الأمريكية إلى العراق تحت غطاء مساعدة الحكومة العراقية في مواجهتها لإرهابيي ما يعرف باسم تنظيم “دولة العراق والشام” كان بحاجة إلى إرسال المساعدة للإرهابيين الذين يقاتلون في سورية ويقفون إلى جانب من يريد الرئيس الأمريكي محاربتهم والقضاء عليهم في العراق.
وفي إشارة إلى التقسيم الأمريكي الغريب للإرهاب في المنطقة بين معتدل ومتطرف في محاولة لتبرير تقديم الدعم للعصابات الإرهابية في سورية والتي كان آخرها تقديم500 مليون دولار للإرهابيين في سورية التي أعلن عنها اوباما مؤخرا تساءل فيسك عن هوية هؤلاء الإرهابيين الذين يطلق عليهم اوباما اسم “المسلحين المعتدلين” ويريد تدريبهم وتزويدهم بالمزيد من الأسلحة والأموال.
ولفت فيسك إلى أن أوباما لم يقم بتسمية من يصفهم بـ ” المعتدلين” وليس بإمكانه القيام بذلك لأن هؤلاء الذين تريد الولايات المتحدة تسليحهم بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي آي ايه وحلفائها في بريطانيا وقطر وغيرها من مشيخات الخليج ليسوا إلا جزءا مما كان يطلق عليه اسم “الجيش الحر” الذي تفكك في معظمه وعاد عناصره الإرهابيون إلى مناطقهم وتحولوا إلى “متطرفين” تابعين لـ ” جبهة النصرة” أو ما يسمى تنظيم” دولة العراق والشام ” التابع لتنظيم القاعدة.
وأوضح فيسك أن هؤلاء الإرهابيين الذين سيحصلون على الأسلحة الأمريكية الجديدة سيقومون ببيعها كما فعلوا في السابق لمن يدفع أكثر مقابل الحصول عليها مشيرا إلى اعترافات وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند الأخيرة والمثيرة للسخرية بأن الأسلحة التي تم تقديمها لمن تصفهم واشنطن ولندن بـ “المسلحين المعتدلين” وقعت في يد الإرهابيين.
وسخر فيسك من فكرة تقسيم وفرز الإرهابيين من منطلق” معتدل” و”متطرف” مؤكدا أن الإرهابيين الذين يقاتلون في سورية ليسوا ” معتدلين” وهم نفسهم الإرهابيون الذين يهددون العراق.
واعتبر فيسك المشكلة هي أن أوباما يحاول دعم وتمويل وتسليح الإرهابيين الذين يصفهم بـ ”المعتدلين” دون أن يكشف حقيقة أن ما تشهده سورية والعراق هي المعركة ذاتها ضد الإرهابيين أنفسهم.
وفي إطار مساعيها المستمرة لدعم المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية منذ سنوات طويلة تلجأ الولايات المتحدة دائما إلى إطلاق تسمية “المعارضة المعتدلة” على الارهابيين في سورية الذين يتلقون الدعم منها ومن نظام آل سعود ودول عربية وأجنبية أخرى علما أن تنظيمي ما يسمى “جبهة النصرة” و”دولة العراق والشام “الإرهابيين المرتبطين بالقاعدة يشكلان العمود الفقري لهؤلاء الارهابيين.
وكانت العديد من التقارير الإعلامية والاستخباراتية بما فيها الأمريكية والغربية أكدت مرارا أن المجموعات الإرهابية المدعومة خارجيا وأمريكيا خصوصا هي المسؤولة عن الجرائم التي ترتكب يوميا بحق الشعب السوري ومؤسساته العامة والخاصة.
يشار إلى أن أوباما أعلن في العشرين من الشهر الجاري في موقف متناقض يعكس ازدواجية المعايير التي تتبعها الإدارة الأمريكية في ملف مكافحة الإرهاب عزمه تقديم المساعدة للحكومة العراقية في مواجهة العصابات الارهابية في الوقت الذي أعلن فيه استمرار تقديم الدعم لهؤلاء الإرهابيين في سورية.
وتتجاهل الإدارة الأمريكية بشكل تام وفاضح حقيقة أنها المسؤولة الأولى عن انتشار الإرهاب في سورية عبر تقديمها الدعم المادي والسياسي والعسكري ومن ورائها دول الاتحاد الأوروبي ودول إقليمية بينها تركيا والاردن ومشيخات الخليج للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية كما تحاول دائما تزوير الحقائق أمام الرأي العام الأمريكي حين تتحدث عن مصدر الارهاب في سورية.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 30/6/2014)