أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حرص روسيا في علاقتها مع البلدان الأخرى على التمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة واحترام حقوق الشعوب في خيارها الحر والمستقل لسبل تطورها وأشكال نظام الدولة.
ونقلت «سانا» عن لافروف قوله في حوار أجرته معه صحيفة «الأهرام» المصرية ونشر أمس قبيل توجهه إلى مصر في زيارة رسمية يرافقه فيها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو: لن نسمح لأنفسنا بفرض توصياتنا على شركائنا الأجانب أو فرض الوصفات اللازمة لحل مختلف القضايا التي تدخل في نطاق سلطاتهم الداخلية.
وبشأن الأزمة في سورية والمؤتمر الدولي «جنيف2» قال لافروف: موقفنا يتسم بطابع مبدئي فنحن ننطلق من ضرورة الالتزام الصارم بالقانون الدولي انطلاقاً من ميثاق الأمم المتحدة ومن غير المقبول التدخل في شؤون الدولة ذات السيادة سواء كانت سورية أو أي دولة أخرى أما عن سبل حل الأزمة فيها فلا وجود لأي حل عسكري، حيث لا يمكن حل هذه الأزمة إلا عبر السبل السياسية والدبلوماسية ومن خلال الحوار المباشر بين الحكومة السورية والمعارضة ذات المواقف الفكرية البناءة.
وأضاف لافروف: انطلاقاً من هذه المواقف شاركت روسيا في صياغة وثيقة محورية للتسوية وهي التي تحمل اسم بيان جنيف الصادر في30 حزيران 2012 والتي ينبغي أن يساعد تنفيذها على بلوغ الأطراف السورية الاتفاقات المرجوة حول مستقبل سورية، موضحاً أن الجانب الروسي يواصل مع الأمريكيين وفريق الأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي إلى سورية الجهود من أجل الإعداد لعقد مؤتمر «جنيف2» الذي يجب أن يكون نقطة الانطلاقة للحوار السوري- السوري وأن الكل مجمعون من أجل الرأي القائل: مثل هذا المنتدى يجب أن ينعقد وفي أسرع وقت ممكن.
وتابع لافروف: كل يوم تأخير عن انعقاد مؤتمر «جنيف2» يعني المزيد من الضحايا ومعاناة الكثير من البشر ولذا فمن الواجب السرعة في جمع الأطراف السورية حول طاولة المفاوضات في جنيف ودون إبطاء، مضيفاً: على قدر علمنا فإن القيادة المصرية تؤيد الرأي حول ضرورة سرعة عقد المؤتمر وتعرب عن استعدادها لتقديم المساعدة لدعم الحل السياسي في جنيف ونحن نرحب بمثل هذا الموقف ومن المهم ولإنجاح هذه الجهود الاهتداء بأحكام بيان جنيف الذي لا يتضمن ازدواجية في المعاني أو اجتزاءها و لذلك نحن ندعو بإلحاح إلى تنفيذ ما يتضمنه بيان جنيف من تفسيرات دون تراجع أو تأويلات حرة.
وقال لافروف: التأييد الكامل لهذه الوثيقة موجود في القرار 2118 الصادر عن مجلس الأمن، معتبراً أن مهمة أعضاء المجتمع الدولي بمن فيهم روسيا التي تنتهج ومنذ بداية الأزمة في سورية نهجاً يستهدف حلها بالسبل السياسية الدبلوماسية تنحصر في توفير الظروف الخارجية الملائمة.
ورأى وزير الخارجية الروسي أن من أهم الخطوات في هذا الاتجاه وضع سيناريو الأسلحة الكيميائية تحت رقابة دولية بهدف إتلافها لاحقاً على أساس قرار المجلس التنفيذي السياسي والقرار الدولي رقم 2118 بشأن تطوير الاتفاقيات الإطارية الروسية -الأمريكية بتاريخ 14 أيلول من العام الحالي، معتبراً ذلك مثالاً واضحاً على أن الخيار العقلاني لمصلحة الدبلوماسية يعطي مردوداً إيجابياً محدداً.
وحول مؤتمر إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل أكد لافروف أن روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا والأمين العام للأمم المتحدة كانوا مسؤولين عن الدعوة إلى عقد المؤتمر الخاص بإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وقاموا بكل المسؤولية بواجباتهم تجاه تنفيذ هذه الالتزامات وقد بذل الرؤساء المناوبون جهداً كبيراً للإعداد لعقد هذا المؤتمر لكنه للأسف لم ينعقد حتى اليوم لأنه لم تكشف كل بلدان المنطقة عن موافقتها على المشاركة في هذا المؤتمر.
وأضاف: سنكون على استعداد لتقديم العون الشامل لإنجاح عقد المؤتمر وسنبذل الجهود اللازمة من أجل إنشاء مثل هذه المناطق الخالية من أسلحة الدمار الشامل لكن تحقيق هذه المهام يتوقف بالدرجة الأولى على بلدان المنطقة نفسها.
وبشأن موقف «إسرائيل» الرافض للانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية قال لافروف: موقف روسيا من هذه المعاهدة معروف بشكل جيد ويتلخص في أننا نعتبر المعاهدة حجر الزاوية بالنسبة لنظام حظر الانتشار النووي والأمن الدولي ومن الواجب تصفية كل الأخطار والتهديدات على أساس هذه المعاهدة تحديداً، مؤكداً ضرورة تعميم معاهدة حظر الانتشار وسرعة انضمام الجميع بمن فيهم «إسرائيل» إلى هذه المعاهدة.
وبشأن مصر ذكر لافروف أن روسيا أعربت منذ بداية الأحداث في مصر مطلع عام 2011 عن تضامنها مع الشعب المصري حين كشفت عن تأييد مساعيه نحو تحديث المجتمع و الدولة عن طريق التغييرات الديمقراطية، مؤكداً أن الشعب المصري قادر ودون مساعدة من أحد على العثور على حلول فعالة تراعي مصالح كل المجموعات والطوائف السياسية والدينية دون تمييز.
ونبّه لافروف إلى أن المجموعات الإرهابية التي تتركز حول تنظيم «القاعدة» و فروعها الإقليمية عادت من جديد إلى سيرتها الأولى وهي تستغل الفوضى وانحسار تأثير مؤسسات الدولة وأن قدرات هذه المجموعات تتدعم على حساب التداخل مع المجموعات الإجرامية العابرة للحدود فضلاً عن أنها تدعم مالياً من خلال تجارة المخدرات والأسلحة المهربة والاتجار بالبشر.
وأضاف: تصاعدت على نحو كبير أخطار انتشار إيديولوجيا التطرف، كما عززت الجماعات «الجهادية» نشاطها في مجال تجنيد وتدريب المقاتلين ليس فقط في الدول التي تشهد احتدام الأزمات بل أيضاً في الدول الأوروبية، حيث يعود المشاركون في النزاعات بهدف الاستفادة مما تراكم لديهم من خبرات قتالية واستقطاب أنصار جدد للتطرف، محذّراً من أنه يجري وضع المقدمات اللازمة لتوسيع بؤر التوتر والنزاعات والخلافات وتتزايد أخطار تعميق الخلافات والنزاعات بين الحضارات والثقافات والمجموعات الإثنية.
(المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 14/11/2013)