“إنها ليست حرباً ضد المسيحيين وإنما حربٌ ضد سورية، إنها حرب ضد الحقيقة. قتل الكثير من المسيحيين وهم يدافعون عن المسلمين، وقتل الكثير من المسلمين وهم يدافعون عن المسيحيين. حيث توجد المعاناة توجد القداسة” – الراهب الأب ميليتيوس شطاحي.
كان لي شرف لقاء إنسان متميز، قد يكون شهيداً محتملاً في المستقبل، الراهب الأب ميليتيوس، راهب أرثوذكسي سوري، يتحدث بطلاقة اللغة الرومانية، تخرج من كلية اللاهوت في بخارست، ولد في معلولا، القرية الوحيدة التي مايزال سكانها يتحدثون اللغة الآرامية، تقع إلى الشمال من دمشق. لقد غادرنا اليوم إلى وطنه سوريا، حيث أنهى خدمته هنا ولأن الدير الذي سيخدم فيه رعيته هو هناك في سورية.
ما سأقوله لا يعبر إلا بشكل جزئي عن الواقع السوري الذي نقل إليَّ بعميق وعاطفية شديدين من قبل الأب ميليتيوس الذي أفصح لي في ختام اللقاء عن شعوره بأننا أسرة واحدة. وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار حقيقة أننا نتحدث عن واحدة من الشهادات القليلة التي تظهر ما يجري في سورية، ومن شخص له تواصل مباشر مع الناس والأحداث المأساوية التي حدثت وتحدث هناك.
وفقا لأقوال الأب ميليتيوس، فقد حصدت الحرب حتى الآن 120.000 من أرواح الرجال والنساء والأطفال، بينهم 5600 مسيحي. وعلى سبيل المقارنة (من قبل الكاتب) أسفر الهجوم الإرهابي على برجي مركز التجارة العالمي بما يقرب من 3.000 ضحية.
ماهو الهدف من الحرب في سورية؟ ولماذا؟ دعونا لا ننسى أن سورية كانت بلداً مزدهراً، هادئاً، يعيش فيه وبوئام تام المسيحيين(الأرثوذكس، الأقباط، والأرمن) إلى جانب المسلمين. ووفقا للأب ميليتوس، قبل الحرب في سورية كان المسلمون يستوقفونه في الشارع لنيل البركة، وكانوا يرفضون السخرية من الرموز المسيحية كالصليب المقدس، والكتاب المقدس، الخ … فالمسلمون يعظمون والدة الإله مريم، وغالبا ما يأتون للصلاة أمام الأيقونات الأرثوذكسية العجائبية، ويمكنك رؤيتهم في الأديرة الأرثوذكسية. المجتمع المسلم في سورية ينظر بالرضى عن المسيحيين، وهناك تفاهم كبير بينهما. من هم أولئك الذين يريدون تدمير حسن التفاهم هذا؟
يبدو أن عدد كبيرا دخلوا إلى سورية منذ بداية الصراع (مئات الآلاف)، وخاصة عبر الحدود مع تركيا، وهي منطقة جبلية تغطيها الغابات. وهناك شهادات من السوريين تفيد بأن المتمردين لا يتكلمون اللغة العربية، وهم من جنسيات متنوعة وكثيرة.
“وحيث، سمع أولئك بالقديسة تقلا، وهي كانت عارفة بأفكارهم الشريرة، هربت حتى لا تقع بين أيديهم، وهي التي لم تكن تعرف الخوف، هربت من أناس لا يعرفون الرحمة، طاردوها كما في صيد الخراف، فهربت منهم فحاصروها فرفعت الصلاة إلى الله واستغاثت ورفعت يديها إلى السماء تطلب من الرب المساعدة ليستجاب إلى دعائها وينشق الجبل وتتمكن من النجاة، لتلجأ القديسة “تقلا” إلى إحدى المغارات“. من حياة وآلام الشهيدة الأولى تقلا.
تشهد سورية حاليا حربا ضد المسيحيين، وكلما حرر الجيش السوري قرية محتلة من قبل الإرهابيين، قام هؤلاء وعند مغادرتهم لها بقتل العشرات من المسيحيين ومن ثم الفرار إلى قرية أخرى. وتتعرض القرى المسيحية لهجوم الإرهابيين على الرغم من عدم وجود أية أهمية استراتيجية لهذه القرى. الإرهابيون يهاجمون أيضا مدينة دمشق، ولكن المدينة محمية بشكل جيد من قبل الجيش، ولذلك يقومون بإطلاق الصواريخ ويفضلون إطلاقها ما بين الساعة 11.00 – 13.00 عند خروج المصلين المسيحيين من القداس الإلهي.
في أيلول من هذا العام هاجم الإرهابيون قرية معلولا وقتلوا 63 من سكانها، وفي اليوم التالي تمكن الجيش السوري من رد هجوم الإرهابيين وتطهيرها. الراهبات بقين في الدير، تحت حماية جنود من الجيش السوري ومعهم 67 شابا من القرية، وعاشوا شهرين في ظروف شح حاد في المواد الغذائية والماء وحتى ثلاثة أسابيع مضت عندما عاد الإرهابيون إلى القرية، وقاموا بقتل جميع الجنود والشباب الذين كانوا يدافعون عن القرية والراهبات في الدير، واخذوا على عجل 13 من الراهبات الشابات ومعهم أيضا ثلاث فتيات أخريات من مدرسة البنات الأيتام المقيمين في الدير. ويبدو أن الإرهابيين يعتزمون مبادلتهم بألف امرأة جهادية اعتقلت من قبل السلطات السورية.
دعونا نصلي للقديس بولس والأم بيلاجيا ولكل من كان في دير القديسة تقلا، ولتصلي للأم فيفرونيا وكل من معها في دير صيدنايا، والأب مكسيم وقداسة البابا يوحنا.
المصدر: مدونة الأب رزفان فاستيا من “دير بوتنا” في رومانيا – قضاء سوتشافا، بتاريخ: 15/12/2013