أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ساهمت بشكل كبير في حل المشكلات الدولية الحادة ومن بينها الأزمة في سورية والملف النووي الإيراني مشيرا إلى أن روسيا لم تكن وحدها “ومن دون العمل المشترك مع الأصدقاء الأمريكيين والأوروبيين والصينيين لكان من المستحيل التوصل إلى نتائج”.
وقال بوتين خلال المؤتمر الصحفي السنوي التاسع له أمس والذي يتطرق فيه بالتفصيل لكل القضايا الداخلية والدولية “يمكن أن نفتخر بما نفعل وكيف نتصرف على الساحة الدولية ويمكن أن نفتخر بالموقف المبدئي المبني على أسس الأعراف الدولية لكني أكرر مرة أخرى من دون العمل المشترك مع شركائنا لما كنا توصلنا إلى هذه النتائج “.
ولفت الرئيس الروسي إلى الدور الرئيسي للأمم المتحدة في المسائل الدولية وقال “بهذا الشكل نبني عملنا عام 2014”.
واعتبر الرئيس الروسي أن “إيران أحد أهم الشركاء بالنسبة لروسيا في المنطقة والمجتمع الدولي لا يملك الحق في منعها من تطوير برنامج نووي سلمي “.
وفي سياق آخر أعلن الرئيس الروسي أن موسكو “لم تتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن نشر صواريخ إسكندر في مقاطعة كالينينغراد ” مشيرا إلى أن هذه الصواريخ “ليست الوسيلة الوحيدة والأكثر فعالية للدفاع عن روسيا من الأخطار الناشئة” إلا أنه أضاف في الوقت ذاته بأن إسكندر سلاح متقدم وفعال في مجال الصواريخ.
وقال بوتين “هناك أسلحة تكتيكية نووية أمريكية لا يتحكم الأوروبيون فيها” مشيرا إلى “ظهور مجموعة جديدة من الأسلحة التكتيكية الأمريكية تتمثل في الدفاع المضاد للصواريخ”.
وأكد الرئيس الروسي من جديد أن الدرع الصاروخية الأمريكية “تمثل خطرا على الترسانة النووية الروسية وأن موسكو يجب أن ترد على ذلك”.
من جهة أخرى اعتبر الرئيس الروسي “أن الاستخبارات الأمريكية تقوم بالتجسس على المكالمات في أنحاء العالم قبل كل شيء بهدف محاربة الإرهاب” قائلا “أنا لا أريد أن أبرر لأحد لكن ومع ذلك والحق يقال إن هذا يجري قبل كل شيء لمحاربة الإرهاب إنها أعمال بهدف محاربة الإرهاب” وأكد بوتين ” إنها ضرورة ولا يجب الاقتصار على شخص معين يشتبه بانتمائه إلى الإرهاب بل يجب ملاحقة علاقاته كافة لهذا السبب يكون التجسس على عدد كبير من الأشخاص”.
واعتبر بوتين أن الموظف السابق في الاستخبارات الأمريكية ادوراد سنودن “شخص مثير للاهتمام” بعد نشره المعلومات السرية عن عمل المخابرات الأمريكية واصفا إياه بـ”الشخصية المميزة بالنسبة له “.
وأضاف الرئيس بوتين أنه بفضل سنودن “بات لدى الملايين من الناس نظرة مغايرة للكثير من الأمور وكان لدي فضول لمعرفة كيف اتخذ قراره هذا فهو شاب يافع” مؤكدا أن “الاستخبارات الروسية لا تعمل مع سنودن ولا تسأله بخصوص نشاط الاستخبارات الأمريكية المتعلق بروسيا” نافيا أن يكون التقاه.
وفيما يتعلق بقرار موسكو تخفيض أسعار الغاز لأوكرانيا أكد وتين أن السبب الرئيسي وراء ذلك يكمن في سعيها لدعم بلد شقيق وشعب شقيق يمر بظروف صعبة موضحا أن تخفيض أسعار الغاز يصب في مصلحة الشعب الأوكراني قبل كل شيء وليس في مصلحة قيادة البلاد لافتا إلى أن قرار تخفيض أسعار الغاز مؤقت ولكن يمكن تمديده.
وذكر بوتين أن المساعدات التي قررت موسكو تقديمها لكييف غير مرتبطة بالاحتجاجات التي تواصلها المعارضة الأوكرانية أو بالمفاوضات الأوكرانية – الأوروبية بشأن توقيع اتفاقية الشراكة مشددا على أن روسيا لا تعارض الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي لكنها تنطلق من ضرورة حماية سوقها.
وقال ” عموما نحن لا نعارض الشراكة لكننا نقول إننا سنضطر للدفاع عن اقتصادنا ولا يمكن أن نترك الأبواب مفتوحة كما هي الآن في إطار تجارتنا الحرة مع أوكرانيا في حال فتحت كييف أبوابها باتجاه الاتحاد الأوروبي”.
وأوضح بوتين أنه على الرغم من أن صادرات أوكرانيا تتقسم بشكل شبه متساو بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي إلا أنها ليست متكافئة إذ يورد الجانب الأوكراني المكنات ومنتجات القطاع الصناعي إلى روسيا والخامات والمنتجات الزراعية إلى أوروبا.
وحذر بوتين من أن قبول كييف للمعايير التقنية المعتمدة في الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى وقف توريدات منتجات صناعتها إلى روسيا وسيهدد في نهاية المطاف بتحويل البلاد إلى ملحق زراعي للاتحاد الأوروبي.
وفي سياق آخر قال بوتين إن “هناك العديد من السياسيين النافذين في روسيا ومنهم زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف” مؤكدا أنه “رغم الاختلاف معه في الآراء إلا أنه يقيم عاليا العديد من مواقفه حيال القضايا الدولية والاجتماعية”.
كما وصف بوتين زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي فلاديمير يرينوفسكي بـ”الموهوب” مشيرا في الوقت نفسه إلى “قيامه أحيانا ببعض التصرفات الخارجة عن المألوف” كما أشاد بزعيم حزب روسيا العادلة سيرغي ميرونوف موضحا أن لقاءه به مؤخرا “أكده مرة أخرى أنه تحول إلى سياسي قوي”.
وتابع إنه لا يمكن تجاهل أيضا زعيم أكبر حزب في روسيا وهو روسيا الموحدة رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف الذي بعد أن اكتسب تجربة واسعة في القضايا السياسية خلال قيادته للبلاد انتقل إلى حل القضايا الاقتصادية بصفته رئيسا للحكومة.
وقال بوتين “من الطبيعي أن يوجه المعارضون انتقادات شديدة اللهجة إلى زعيم البلاد وهذه التصرفات معتادة في جميع دول العالم” لكنه حذرهم في الوقت نفسه مشيرا إلى أن انتقاداتهم هذه يجب أن تأتي بالموازاة مع طرحهم لبدائل حقيقية.
وقال بوتين إنه “مرتاح بشكل عام” لعمل الحكومة الروسية التي تعمل في ظروف اقتصادية صعبة مضيفا انه “مازال يؤمن بإمكانيات الحكومة” أما التعديلات واسعة النطاق في صفوفها فقد تعود بتأثير سيئ جدا في الظروف الراهنة.
ورفض بوتين الكلام عن أن جميع القرارات الرئيسية في البلاد تتخذ بمبادرته مؤكدا أن الحكومة تتولى عملا ضخما بما في ذلك اتخاذ القرارات.
ووصف بوتين عمل رئيس الحكومة بالصعب للغاية مضيفا انه من المستحيل السيطرة على جميع الشؤون لكن يجب على رئيس الوزراء استحداث آلية تساعده في تنظيم عمل الوزارات.
وفي سياق العلاقات الروسية مع الغرب نفى الرئيس الروسي أن تكون لقيادة الروسية تركز على انتقاد القيم الغربية قائلا “إن السلطات تعمل فقط على حماية الروس من التصرفات العدوانية لبعض الفئات الاجتماعية في الغرب التي تحاول فرض آرائها على الناس الآخرين في دول أخرى”.
واعتبر بوتين أن المواطنين الروس لا يقبلون القيم الوهمية التي تدافع عنها هذه الفئات معبرا عن اعتقاده بأن على السلطات أن تولي اهتماما أكبر لقيم المجتمع الروسي .
ويعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤتمرا صحفيا كبيرا هو التاسع له منذ توليه منصب الرئاسة لأول مرة عام 2000.
ويحضر المؤتمر هذا العام نحو 1300 صحفي يمثلون وسائل إعلام روسية وأجنبية..
(المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 20/12/2013)