(العربية) لدى السعوديين الرغبة ولكن ليس لديهم المقدرة

لدى السعوديين الرغبة ولكن ليس المقدرة، أعني أنه ليس لديهم أحد يتعاملون معه! فعندما كانت لدى المملكة العربية السعودية الرغبة بأن تصبح قوة كبيرة، أي أن تقوم بحربها الخاصة من خلال وسطاء، استيقظت على عجزها وعلى جرأة عدوها في الوقوف في طريق مجدها.

وبالتالي وجد السعوديون أنفسهم أمام القضية السورية الشائكة بهذه الحال…. وقد أخذت أموالهم، بعد أن قدم لهم الأمريكيون في الصيف الماضي ضمانات بإرسالها إلى المتمردين من أجل الحرية، بل وأكثر من ذلك، وعدوهم بأنهم سيأتون بأنفسهم لمساعدة “المظلومين”. ولكن وأثناء هذا الوقت، راجع أوباما موقفه بعد أن اتضح له بأن المقاتلين من أجل ” الحرية ” لم يكونوا سوى محاربين ولكن ليس من أجل الحرية. وبالتالي تنبهت واشنطن وبسرعة كافية الى أن الأسلحة والمال التي قد تكون قد ذهبت إلى أيدي المتمردين من شأنها أن تعود وبسرعة كبيرة ضدها، ونعلم جميعا، تركوا السعوديين لقدرهم وليتدبروا أمرهم بمعرفتهم مع أصدقائهم الجدد.

إلا أن السعوديين ورغم امتلاكهم للمال الوفير إلا أنه لا حظ لهم في … الحروب (لكي نعبر عن ذلك بشيء من الأناقة). وبشكل واضح تركوا لوحدهم أمام عدوهم الأسد وشبح الهزائم المذلة، فكر عربان النفط بإقامة بعض المعسكرات في الأردن لتدريب الجهاديين الشباب المبتدئين، واستحضروا لهم مدربين أوروبيين، وأمنوا لهم ظروفاً معيشية جيدة جدا، ومشاريع لرواتب ومعاشات تقاعدية سخية، ولكن من أصل ما مجموعه 50.000 شاغر لهذه المسابقة، بالكاد بعض آلاف شغلوا تلك المعسكرات، أما ” النوعية ” فعلى الأقل مشكوك فيها، ولذلك قرر السعوديون قبول الباكستانيين، ولكن للأسف حتى هؤلاء لم يكن لديهم الحماس الكافي، ربما لأن طهران وعدتهم بضربة قاسية إذا ما تدخلوا في سورية، وعليه لم يتوافد الشباب أصدقاء طالبان الى تلك المعسكرات…

أما من حيث نوعية المتمردين كمحاربين، وباستثناء بعض الانتصارات التي تم التسويق لها، ولنكن صادقين، جيوشهم النظامية أصلا ضعيفة، فكيف هو حال قوات المتمردين المشتتين والمبعثرين في العديد من المنظمات!

وأمام هذه الحالات اليائسة والأمريكيون بعيدون عن المنطقة في بلادهم ومن دون أي نية واضحة لديهم لضرب النظام، ولو بشكل بسيط، ينظر السعوديون للوضع وأيديهم على عمائمهم !

المال والعلاقات بشأن جميع أنواع الأسلحة والإمدادات وغيرها، بمعظمها من زبائن جادين إلى حد ما بينما سوق اليد العاملة التي بحث عنها السعوديون فارغة فالعرض بالكاد يلبي الطلب، وبالتالي فإن مستقبل التمرد في سوريا يقترب بطريقة يمكن التنبؤ بها من نهايته وذلك بسبب نقص العمالة الماهرة … !

في بداية الحرب، واجه الجيش السوري نفس المشاكل التي يواجهها السعوديون الآن، ولكن طلب الالتحاق بالخدمة العسكرية ازداد بشكل كبير جدا، إذ أن الحكومة في دمشق قدمت مؤخرا عفوا ومسامحة لجميع أولئك رفضوا حتى الآن الالتحاق بالجيش، ولكن بشرط أن يقوموا اعتبارا من الآن بواجبهم تجاه وطنهم  (هذا الأمر يشبه قانون العفو الذي يريد البرلمان في بخارست تمريره من أجل أولئك الموجودين وراء القضبان). وبهذا العفو ارتفع عدد الأشخاص الذين يرغبون بأداء الخدمة العسكرية بشكل كبير متجاوزا القدرة اللوجستية العسكرية الحكومية، مما أدى إلى عمل لوائح انتظار، وحتى تسمح الظروف اللوجستية بتوفير لباس موحد وسلاح على اقل تقدير.

ولكن، إذا عدنا إلى فترة ما قبل اندلاع الحرب الأهلية، كان الجيش السوري يحتاج سنويا الى حوالي 150 ألف مجند، ولكن في هذه الفترة هناك نحو نصف مليون من الشباب الذين تجاوزوا سن الـ 18 عاما وهو سن الالتحاق بخدمة العلم، وعليه، استخدمت دمشق هذا التناقض لاختيار أولوية المجندين من بين الفصائل الموالية للحكومة.

في البداية ومع اندلاع الحرب، كانت  حماسة الشباب، حتى تلك الفصائل التي تحظى بالتفضيل لدى النظام منعدمة، ولم يكن هناك زحاما للتطوع ، الأمر الذي أدى إلى معاناة القوات الحكومية ولأكثر من عامين كبيرة من نقص في الموارد البشرية العسكرية، ولكن مع التغيرات التي أفرزتها الحرب الأهلية وبمجرد صدور العفو لأولئك الذين تجنبوا الالتحاق بخدمة العلم، ازداد فجأة عدد القوات وبما يفوق احتياجات الجيش الحكومي.

ولكن علينا أن نعترف بأن نجاح الاسد في قمع التمرد يستند الى عدة عوامل لاعلاقة لها بالجيش أو بقدرته كقائد.

وعليه، يمكن اعتبار إيران المنتصر من الحرب الأهلية في سورية، طالما بدأت القوات الحكومية بكسب المزيد من الزخم مع دخول المعركة آلاف المقاتلين من حزب الله، بناء على أوامر مباشرة من طهران، كذلك في عام 2013 كان هناك ” استيراد ” ضخم للمقاتلين الشيعة من إيران، وهي حاليا القوات الموالية للاسد الأكثر فعالية من وجهة النظر القتالية والإعداد والتدريب العسكري، وهو ما رجح نهائيا كفة التوازن لصالح الجيش السوري.

في الوقت نفسه، كان لجهود موسكو في منع التدخل الغربي في سورية الأثر الكبير في بقاء الجيش بقوته، ناهيك عن واردات السلاح الثقيل والذخائر من روسيا التي لم تتوقف، والمساعدات المالية من إيران والتي دعمت الحكومة السورية لمدة عامين على الأقل.

إذا نتيجة الحرب في سورية كانت في المقام الأول انتصارا لطهران، التي على الرغم من الحظر القاسي والمدمر عليها ماليا ونفطيا ورغم المشاكل الاقتصادية الكبيرة فيها ، تمكنت من الحفاظ على تدفق مستمر من النقد إلى دمشق يقدر بمليار دولار شهريا …

وبالتالي فإن المنتصر الحقيقي في الحرب الأهلية بسورية هو إيران، التي أظهرت بأن لديها القوة والإرادة السياسية اللازمتين لتقاتل بقوة ضد أي كان، وهذا الأمر قد يكون له وزنه بشكل كبير في النهج الأمريكي الجديد في العلاقات مع طهران.

(المصدر: وكالة فرونت برس نقلا عن „Romania Military” بتاريخ 22/12/2013)