تنوي كل من اسكتلندا وكاتالونيا إجراء استفتاء بشأن استقلالهما. كما تشهد بعض المقاطعات الفرنسية والألمانية نوايا متزايدة نحو الانفصال. ويبدو أن الوحدة الأوروبية تعاني في جميع مفاصلها. من المستفيد من الانفصال؟
من المقرر إجراء استفتاء على استقلال كاتالونيا في 9 تشرين الثاني من هذا العام، فقد اعتمد البرلمان الكتالوني بالفعل الإعلان عن السيادة في بداية العام الماضي، ولكن المحكمة الدستورية في مدريد اعتبرت على الفور هذه الوثيقة غير دستورية. كذلك، رفضت السلطات الاسبانية فكرة الاستفتاء. إلا أن سكان المقاطعة “المتمردة” على استعداد لإعلان الاستقلال من جانب واحد.
كذلك ستقوم اسكتلندا بإجراء استفتاء في 18 أيلول من هذا العام بشأن الانفصال عن المملكة المتحدة، إلا أن الوضع في اسكتلندا أكثر هدوءا مما هو عليه في كتالونيا. هذا ويحاول المسؤولون في لندن جاهدين للتخفيف من حدة المشاكل الوطنية الحادة، فقد سمحوا بتنظيم الاستفتاء وقدموا الكثير من الاستقلالية الاقتصادية لإقليم ويلز.
ويقول المحلل السياسي ليونيد سافين إنه “من الصعب أن نحكم أيهما أفضل، هل هو النهج المتشدد “الرافض” في مدريد أم “الممكن” في لندن. وحتى مع ذلك، فإن الكتالونيين والاسكتلنديين سيكونون، على الأرجح، في طليعة السيادات الأوروبية الجديدة”. هذا ويمكن أن تكون “اسبانيا والمملكة المتحدة مثالا لحركات وطنية أخرى. فخارطة أوروبا ستتغير، وذلك لأن الحدود لم توضع وفقا لمبادئ عرقية. على سبيل المثال، الأراضي الواسعة من رومانيا والتي يقطنها المجر. وقد تكون هناك أيضا محاولات لتوحيد الدول، على سبيل المثال يوغوسلافيا السابقة، حيث توجد تطلعات لتوحيد صربيا والجبل الأسود“.
تحولت فكرة التكامل الأوروبي في العقدين الأخيرين، إلى نوع من رايات النضال ضمن الاتحاد الأوروبي. فكلما ازداد استيعاب الاتحاد الأوروبي للدول، كلما ازداد عدد المناطق التي تحلم بالاستقلال.
وفقا للعالم السياسي كونستانتين فورونوف، “تغيب عن القائمة مجموعة كاملة من الأراضي التي هي على وشك أن الانفصال، مثل جرينلاند – أكبر جزيرة في العالم، وجزر فارو (الدنمارك). كذلك تكثيف المشاعر الانفصالية في شمال إيطاليا – بادانيا في إسبانيا – الباسك في كورسيكا وفي ايرلندا الشمالية. وما يجمع بين جميع هذه العمليات هو أنها ازدادت في القرن الحادي والعشرين على خلفية التكامل الأوروبي“. وليست في مأمن عن مثل هذه المشاكل دول أوروبية عملاقة مثل فرنسا وألمانيا، فقد تتسبب الألزاس واللورين بمشاكل لباريس إضافة إلى مشاكلها بشأن كورسيكا، أما بافاريا فقد أصبحت مسألة حساسة بالنسبة لبرلين، حتى بعض السياسيين البارزين فيها يعتقدون بأن الوقت قد حان لإعلان الاستقلال بافاريا.
في المقابل فإن تطلعات الشعوب لتقرير المصير لا يخلق أي إزعاج لبروكسل، فقد وعد بالفعل مسؤولون في الاتحاد الأوروبي الكتالونيين بقبولهم في الاتحاد الأوروبي في حال انتصارهم على مدريد، وقدمت الوعود نفسها إلى الاسكتلنديين، والفلمنديين الراغبين بالانفصال عن بلجيكا، وكذلك لسكان المدن في شمال إيطاليا. ووفقا لبعض المحللين السياسيين، فإن المسؤولين في بروكسل يرغبون من خلال تشجيع “وباء” الانفصالية إيجاد وسيلة لتخليص كبار القادة في الاتحاد الأوروبي من المفاتيح الحقيقة للقوة. ووفقا للنظام الحالي في اتخاذ القرارات يتم من قبل أربعة من الدول الخمسة العلاقة في أوروبا (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، ايطاليا واسبانيا)، والتي تفرض رغباتها على 23 من الدول الأعضاء الأخرى، وبالتالي فإن فصل هذه الدول إلى العديد من الدول “التاريخية” الصغيرة يمكن أن يحسن من القدرة على إدارة أوروبا موحدة، وفي ظل هذه الظروف سيتمكن الاتحاد الأوروبي في النهاية من الحصول على دور واقعي في السياسة الأوروبية.
(المصدر: وكالة فرونت برس للأنباء „Frontpres” بتاريخ 6/1/2014)