أكد وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف أن مكافحة الإرهاب في سورية هي من أولويات روسيا وإيران مشددين على أن البلدين مهتمان بـ “اجتثاث البؤر الإرهابية من سورية وفق قرارات وبيانات الأمم المتحدة”.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني: نحن جميعا نصر على أن تكون سورية “دولة سيادية وأن تكون وحدة الأراضي السورية موفرة وأن تصان حقوق جميع أبناء الشعب السوري وأن تعيش سورية في أمن وسلام مع دول الجوار” لافتا إلى أن هذه المواقف تم التركيز عليها في قرارات الأمم المتحدة بما فيها القرار 2118 وبيان جنيف1.
وأشار لافروف إلى أن قمة الثماني في السنة الماضية توجهت إلى القيادة السورية و”المعارضة” لاستئصال الإرهاب من الأراضي السورية مبينا أن “هذه المواقف المشتركة يشاطرها “المجتمع الدولي” وهي الأهداف التي نسعى إلى تنفيذها أثناء المساهمة في حل الأزمة في سورية أما تحديد الطرق فيحددها السوريون أنفسهم كما ينص على ذلك بيان جنيف عام 2012″.
وشدد وزير الخارجية الروسي على أن المحادثات التي يجريها اليوم مع نظيره الإيراني وسيجريها غدا مع وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم “لا تعني وجود أي مشروع ثلاثي أو موقف منفرد للبلدان الثلاثة” موضحاً أنه “ليس هناك شيء نخفيه وليس لدينا أي جدول أعمال سري”.
ولفت لافروف إلى أن “حل القضايا الملموسة التي من شأنها أن تسمح بالمضي قدما نحو تحقيق أهداف الشعب السوري تكون فقط بناء على القرار المشترك المتخذ من قبل الحكومة و/المعارضة/” وجدد لافروف موقف بلاده الداعي والمصر على ضرورة مشاركة إيران في المؤتمر الدولي حول سورية جنيف2 مبينا أن روسيا أكدت خلال اللقاء الذى جرى قبل أيام مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والمبعوث الأممي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي موقفها “المؤيد لتوجيه دعوة إلى إيران كدولة مؤثرة ومهتمة بحل الأزمة في سورية بأساليب سلمية”.
وحول الشروط التي يتقدم بها بعض اللاعبين الإقليميين والخارجيين حول مشاركة إيران في جنيف 2 قال لافروف إن “الشروط التي سمعت عنها تكمن في أن الجميع الذين يتم توجيه الدعوة لهم لحضور المؤتمر يجب أن يعبروا عن تأييدهم لتنفيذ مقررات جنيف1 ولماذا الطلب من إيران التأكيد على هذا التأييد.. لست أدري”.
وأضاف لافروف إن “إيران أكدت مرارا وأشادت بنتائج مؤتمر جنيف1 وهي تؤكد مجددا أنها كبقية الأعضاء في “المجتمع الدولي” ضرورة إطلاق المفاوضات بين الحكومة و”المعارضة” وأن يتم التوصل بينهما إلى اتفاق حول كيفية حل قضايا تنظيم الحياة في سورية وكل ذلك تم تسجيله في بيان جنيف الأول وتثبيته في قرار مجلس الأمن رقم 2118″.
وأشار لافروف إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يقوم بتوجيه دعوات للمشاركة في المؤتمر ولا نريد أي جهة سواء روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو أي جهة أخرى أن تفرض على الأمين العام للأمم المتحدة أسماء الدول التي ستشارك في المؤتمر فهو سياسي مسؤول ونثق به وهو يفهم كافة الوقائع والأوضاع بالمنطقة ويدرك مدى مسؤوليته في نجاح المؤتمر.
وأوضح لافروف أنه يمكن تحقيق نجاح مؤتمر جنيف 2 بوجود الإرادة الطيبة من قبل جميع المشاركين فيه ما يعني ضرورة الحضور المعتبر للوفود بما فيهما الحكومة و”المعارضة السورية” قبل كل شيء لأننا قلقون من محاولات تضييق طيف قوى “المعارضة” السورية التي ستحضر المؤتمر وهذا الحضور يتعلق أيضا باللاعبين الخارجيين.
وأكد لافروف أنه يجب أن يكون بين المشاركين دول مثل إيران والسعودية معربا عن أمله بأن الدعوات التي يقوم بتوجيهها كي مون سوف تصل في الوقت المطلوب وأنه سوف يتسنى الحضور لكل من يريد ويستطيع أن يساهم بشكل بناء في حل الأزمة.
وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني أوضح لافروف أن تسوية هذا الملف تجري بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد حيث وافق الوزراء على المبادئ ثم اتفق الخبراء الفنيون على الخطوات الفنية وتطبيقها الذي سيبدأ في العشرين من الشهر الجاري.
وقال لافروف “إننا نقوم بكل ما بوسعنا من أجل ان تكون جهود مجموعة خمسة زائد واحد والوكالة الدولية للطاقة الذرية وأعضاء “المجتمع الدولي” مساهمة في تطبيق كل ما تم الاتفاق عليه دون أي محاولات لأن تكون هناك إضافات أحادية الطرف ودون أي محاولات للخروج خارج إطار القانون الدولي وهذا موقف روسيا المبدئي”.
وأضاف لافروف: نحن مهتمون بتطبيق الاتفاقيات الخاصة بالتسوية حول الملف النووي الإيراني بشكل كامل وتطبيق اتفاقية جنيف يجب أن يبدأ بموجب الخطة في غضون الأيام القريبة القادمة معتبراً أن هذا الأمر سيخلق ظروفاً ملائمة لوضع اتفاقيات جديدة من شأنها تسوية كاملة ونهائية لهذه القضية داعياً في ذات الوقت إلى الامتناع عن أي إجراءات خارج القانون الدولي من شأنها أن تؤثر سلبا على العملية التفاوضية.
وأشار لافروف إلى أن “المباحثات مع ظريف تركزت على التأكيد على الحرص على تطوير التعاون الثنائي لاسيما في الجوانب الاقتصادية وناقشنا مهام متعلقة بتطوير التعاون لصالح الأمن الإقليمي والدولي” مبيناً أن الاتصالات المنتظمة لقيادات الدولتين تعطي الدفع المطلوب لهذا التعاون ولتعميق العلاقات الروسية الإيرانية.
بدوره أكد ظريف أن الطريق لحل الأزمة في سورية هو طريق سياسي محض وهو ما أكدته إيران منذ اليوم الأول للازمة بأنه “لا حل عسكريا لها” وقال ظريف إنه “بعد مؤتمر جنيف1 رحبت إيران بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها ولاسيما القرار الخاص بضرورة حل الأزمة في سورية بشكل سياسي” موضحا أن إيران سوف تقبل الدعوة للمشاركة في جنيف 2 دون شروط مسبقة و”لن تقبل أي شرط إضافي غير الشروط التي تم توجيهها إلى بقية المشاركين في المؤتمر”.
وأشار ظريف إلى أن الاطراف الخارجية لا يمكنها أن تملي قراراتها على الشعب السوري فأي قوة خارجية تحاول فرض إملاءاتها على الشعب السوري لن يؤدي إلا إلى استمرار الأزمة مشدداً على أن “الشعب السوري لا يقبل أي إملاءات خارجية أو فرض شروط عليه وهذا الأمر سيؤدي إلى زيادة التطرف وانتشاره ليس فقط في سورية وإنما سيطال المنطقة كلها وحتى خارجها”.
وذكر ظريف بمشروع القرار الذي قدمه الرئيس الإيراني حسن روحاني أثناء اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة لمحاربة الإرهاب لافتا إلى أن الذين يدعمون الإرهابيين “عليهم أن يغيروا من مواقفهم ومن نهجهم السياسي”.
وأكد وزير الخارجية الإيراني أنه يجب حل الأزمة في سورية من خلال القرار الذي يتخذه السوريون أنفسهم مبينا أن “المجتمع الدولي موحد حول هذا الموقف وأن هناك حاجة إلى أن يحدد ويقرر الشعب السوري مصيره بنفسه من خلال الجلوس إلى طاولة الحوار وعن طريق التعبير عن الرغبة وإجراء الانتخابات العامة”.
ونوه وزير الخارجية الإيراني بالجهود التي تبذلها روسيا لحل الأزمة في سورية بالطرق السلمية وخلق الظروف الملائمة للحل بناء على قرار سوري داخلي دون تدخلات خارجية.
وأكد ظريف أن إيران تعول على أن جنيف2 سوف يتوصل إلى نتائج إيجابية تكون بداية للحوار والمفاوضات بين الفرقاء السوريين مشددا على ضرورة تشجيع جميع المشاركين في المؤتمر “للحوار السوري الداخلي”.
وأوضح ظريف أن إيران تعتبر روسيا دولة صديقة والعلاقات معها تاريخية وقديمة ولا تتأثر بالتطورات الآنية مشددا على أن العلاقات ترتكز على توفير الاستقرار والأمن في المنطقة وتحسين حياة الشعبين والمساهمة في الحفاظ على السلام بالمنطقة وهذه العلاقات تلعب دورا مهما في حل القضايا الدولية ونرى أن دور روسيا مهم جدا في تسويق القضية الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني.
وأشاد ظريف بدور روسيا وبالجهود التي تبذلها “لتسوية الأزمة في سورية بالطرق السلمية وخلق الظروف الملائمة للتسوية بناء على قرار سوري داخلي دون تدخلات خارجية”.
وقال ظريف “إنه أمر مهم أن يكون التعاون مع روسيا لحل وتسوية الملف النووي الإيراني حيث نحن مصرون ونحرص على هذا التعاون ونعتبر أن التوصل للاتفاق النهائي ممكن.. فهناك إمكانيات وآفاق بغض النظر عن بعض الخلافات والمستوى المنخفض من الثقة المتبادلة بين طرفي المفاوضات ولكننا نصر على أن البرنامج النووي الإيراني يحمل طابعا سلميا بحتا”.
وأكد ظريف أن الاتفاق بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد يجب تطويره والالتزام به من قبل كافة الأطراف المعنية دون اتخاذ أي محاولات لقراءات أخرى للاتفاق من أجل توفير الظروف للمضي قدما بناء على الاتفاق مؤكداً استعداد إيران لتطبيق الخطوات الملموسة المبنية على الاتفاق وجاهزيتها لأن تكون المفاوضات القادمة في جنيف مفاوضات بناءة لتسوية الأوضاع في المنطقة.
وكان لافروف أعرب في وقت سابق اليوم خلال الجلسة الافتتاحية لمباحثاته مع ظريف والوفد المرافق له عن أمله في أن يتم الاستماع خلال المباحثات إلى “تقييم ايران لتنفيذ اتفاق جنيف حول الملف النووي الإيراني” مشيرا إلى أن المباحثات ستتناول القضايا الإقليمية التي “تتطلب مشاورات منتظمة” منها حل الأزمة في سورية والوضع في أفغانستان مؤكدا عزمه على “مقارنة المواقف” في غيرها من القضايا على وجه الخصوص حول الأسس القانونية وإعداد الوثائق التي من شأنها تطوير شؤون التعاون في منطقة بحر قزوين.
ونوه لافروف بمستوى العلاقات الثنائية بين موسكو وطهران قائلا إن “علاقاتنا تتحسن يوما بعد يوم وأن اجتماع الرئيسين فلاديمير بوتين وحسن روحاني في بشكيك العام الماضي وضع أسسا كبيرة لها وأن هناك فرصا كبيرة لتوسيع تعاوننا لاحقا”.
بدوره أشار وزير الخارجية الإيراني خلال الجلسة إلى توقعاته حول آفاق المباحثات التي سيجريها في موسكو وفي مقدمتها المؤتمر الدولي حول سورية جنيف2.
وقال ظريف “إننا واثقون من أن الدور الذي ستلعبه روسيا في المؤتمر سيكون أيضا كما عهدناها في السابق” وأكد على الدور الرئيسي لروسيا في تسوية مسألة الملف النووي الإيراني.
وكانت إيران توصلت مع مجموعة خمسة زائد واحد إلى اتفاق في جنيف بخصوص برنامجها النووي في تشرين الثاني الماضي ومن المقرر أن يبدأ تنفيذه ابتداء من 20 الشهر الجاري.
ومن المقرر أن يعقد مؤتمر جنيف 2 حول سورية يوم الأربعاء القادم في مدينة مونترو السويسرية ويتوقع أن يكون موضوع مكافحة الإرهاب على رأس أجندته.
وتؤكد روسيا وإيران منذ بداية الأزمة في سورية على ضرورة حلها من خلال الطرق الدبلوماسية وعبر الحوار بين السوريين أنفسهم دون أي تدخل خارجي كما تشددان على ضرورة تكاتف كل الجهود الدولية والإقليمية لمحاربة الإرهاب التكفيري والتحذير من خطورة انتشاره على كامل المنطقة..
(المصدر: وكالة سانا للانباء بتاريخ 16/1/2014)