بدأت أمس أعمال المؤتمر الدولي حول سورية جنيف2 بمشاركة الوفد الرسمي السوري برئاسة وليد المعلم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين.
وألقى المعلم كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أهم ماجاء فيها..
أحييكم باسم وفد الجمهورية العربية السورية…
الجمهورية.. المدنية التي حاول بعض ممن يجلسون في هذه القاعة إعادتها إلى القرون الوسطى.
لم أقف يوما موقفا أصعب من هذا.. فعلى عاتقي وعاتق وفد سورية كل آلام بلادي لثلاث سنوات خلت.. كل دماء الشهداء كل دموع الثكالى كل انتظار أذاق المر لأهل مخطوف أو مفقود كل صرخة لطفل مذعور من قذيفة استهدفت أنامله الغضة أثناء الدرس كل آمال جيل كامل يرى أحلامه بمستقبل مزدهر تتحطم أمامه كل شجاعة لأب وأم أرسلا أولادهما جميعا لحماية البلاد كل حرقة عائلة تهدم منزلها وأصبحت في عداد النازحين واللاجئين.. على عاتقي وعاتق وفد سورية أيها السادة أيضا كل آمال الشعب السوري للسنوات القادمة كل حق لطفل أن يذهب آمنا إلى مدرسته وكل امرأة أن تخرج من منزلها لا تخشى الخطف أو القتل أو الاغتصاب وكل شاب أن يبني مستقبله كما يريد ولكل رجل أن يعود إلى أولاده وبيته آمنا مطمئنا.
وأضاف المعلم.. حانت اليوم لحظة الحقيقة حقيقة أريد لها ..وبشكل ممنهج.. أن تضيع عبر حملات تشويه وتضليل وفبركة وأكاذيب وصولا إلى القتل والإرهاب.. حقيقة أبت إلا أن تظهر للقاصي والداني بوقوفنا هنا.. وفد الجمهورية العربية السورية ممثلا للشعب والحكومة والدولة والمؤسسات والجيش.. والرئيس بشار الأسد.
يؤسفني ويؤسف شعب سورية الصامدة أن ممثلين لدول ممن تضمهم هذه القاعة يجلسون معنا اليوم وأيديهم ملطخة بدماء السوريين
وتابع المعلم.. يؤسفني أيها السادة.. نعم يؤسفني ويؤسف شعب سورية الصامدة أن ممثلين لدول ممن تضمهم هذه القاعة يجلسون معنا اليوم وأيديهم ملطخة بدماء السوريين.. أن دولا صدرت الإرهاب وصدرت معه صكوك الغفران وكأن الله وكلها أن تدخل هذا إلى الجنة وذاك إلى النار.. منعت عباد الله من زيارة بيوت الله.. شجعت ومولت وساهمت وحرضت وأسبغت الشرعية ونزعتها كما تشاء.. لم تنظر يوما إلى بيتها الزجاجي المهترئ قبل أن ترمي القلاع الحصينة العريقة بالحجارة وبدأت .. وبلا حياء .. تعطينا دروس الديمقراطية والتطور والتقدم وهي تغرق في الجاهلية والتخلف فمنحت وحرمت وحللت وشرعت وكفرت ووزعت العطايا والهبات ذلك أنها اعتادت أن تكون بلادها ملكا لملك أو أمير يهب ما يريد منها لمن يريد ويحرم من يريد ما لا يريد.
وقال المعلم.. حاضروا بسورية ..السيدة الكاملة الراقية المستقلة العفيفة.. حاضروا فيها بالشرف وهم يغرقون بوحول السبي والوأد والجاهلية.. وبعد كل ما سبق وبعد أن فشلوا سقط القناع عن الوجوه المهتزة لينكشف الوجه الحقيقي لما أرادوا.. زعزعة استقرار سورية وتدميرها من خلال تصدير منتجهم الوطني الأهم وهو الإرهاب استعملوا بترودولاراتهم لشراء الأسلحة وتجنيد المرتزقة وإغراق الفضاء الإعلامي بكذبهم لإخفاء وحشية ما يقومون به تحت ستارة ما سموها أخيرا.. “الثورة السورية التي تلبي تطلعات الشعب السوري”.
كيف لإرهابي شيشاني أو أفغاني أو سعودي أو تركي أو فرنسي أو بريطاني أن يحقق تطلعات الشعب السوري؟
وتساءل المعلم.. أين ما يجري في سورية أيها السادة من كل ذلك… كيف لإرهابي شيشاني أو أفغاني أو سعودي أو تركي أو فرنسي أو بريطاني أن يحقق تطلعات الشعب السوري.. وبماذا… بدولة إسلامية لا تعرف عن الإسلام شيئا إلا ما عرفوه عن الوهابية المنحرفة… من قال لكم ولهم إن الشعب السوري يتطلع إلى العودة آلاف السنين إلى الوراء…
وقال المعلم.. في سورية أيها السادة تبقر بطون الحوامل وتقتل أجناتها وتغتصب النساء أثناء حياتها وبعد مماتها في سلوك شنيع منحرف قبيح لا ينم إلا عن مصدري هذا الفكر… في سورية أيها السادة يذبح الرجال أمام أطفالهم تحت مسمى الثورة والأسوأ أن أطفال من يحقق لنا تطلعاتنا.. من الغرباء يهللون ويرقصون… في سورية من يأكل قلب السوري ليحقق طموح الضحية في حياة حرة ديمقراطية رغيدة هانئة كما يدعي فأي سخف وضحك على العقول هذا…
تحت مسمى “الثورة” يقتل الأطفال في مدارسهم والشباب في جامعاتهم وتستباح النساء عبر فتاوى منحرفة
وأضاف المعلم تحت مسمى “الثورة السورية العظيمة” يقتل المدنيون شيوخا ونساء وأطفالا.. تفجر الشوارع والمؤسسات دون أن يسأل ضحايا هذه الانفجارات عن توجههم السياسي والعقائدي والفكري.. تحرق الكتب والمكتبات .. تنبش القبور تسرق الآثار… تحت مسمى “الثورة”.. يقتل الأطفال في مدارسهم والشباب في جامعاتهم.. تستباح النساء عبر فتاوى منحرفة وعناوين شتى من جهاد النكاح إلى جهاد المحارم وغيرها.. تقصف الجوامع والمصلون سجد.. تقطع الرؤوس وتعلق في الشوارع.. تشوى الناس أحياء في محرقة حقيقية سينكرها التاريخ والكثير من الدول دون أن يتهموا بالعداء للسامية… تحت مسمى “الثورة” يفجر أب نفسه وأطفاله وزوجته بيديه كي لا يدخل الأغراب بيته ويحرروه من ظلم ونير النظام وينشروا الديمقراطية كما يدعون.
وقال المعلم.. نعم أيها السادة ومعظمكم هنا آباء لأطفال.. تخيلوا أي شعور ذاك الذي يدفع بأب أن يقتل عائلته بيديه لحمايتهم من وحوش على هيئة بشر تدعي أنها تقاتل من أجل الحرية.. هذا ما حصل في عدرا.. عدرا التي لم يسمع معظمكم عنها.. دخل الغرباء إليها فقتلوا ونهبوا وشنقوا وذبحوا واغتصبوا وحرقوا الناس أحياء.. لم تسمعوا عنها شيئا لكنكم سمعتم بالتأكيد عن غيرها من الأماكن التي فعلوا فيها نفس ما فعلوه في عدرا ووجهوا أصابع اتهامهم الملطخة بدماء الأبرياء باتجاه الدولة والجيش السوري.. وعندما لم تعد تنطلي هذه الكذبة الساذجة على أحد توقفوا عن ذكر أي شيء.. هكذا أراد لهم مشغلوهم من دول تصدرت أخيرا رأس الحربة في جسد سورية بعد أن أزاحت أخرى كانت تحاول وعلى دماء السوريين أن تتزعم المنطقة بالمال والنفوذ وشراء الذمم لتصدر لنا علنا وحوشا على هيئة بشر.. شربتها الفكر الوهابي البغيض ونشرتها في سورية.. وها أنا أقول لكم من على هذا المنبر.. إنكم تعلمون مثلي أنها لن تبقى ولن تكتفي بسورية لكن البعض ممن يضم مجلسنا لا يريد أن يفهم أو يتعظ.
وأضاف المعلم.. كل ما سبق أيها السادة لم يكن ليتحقق لو كان الجار للجار وقت الضيق لكن الجيران بالأزمة في سورية كانوا إما سكاكين في الظهر من الشمال أو متفرج ساكت عن الحق من الغرب أو ضعيف يؤمر ويأتمر من الجنوب أو منهك بما خططوا له ونفذوا منذ سنوات ليدمروه ويدمروا سورية معه من الشرق.
وقال المعلم .. كل ما سبق لم يكن ليتحقق لولا حكومة أردوغان التي فرشت أرضها للإرهابيين تدريبا وتسليحا وتوريدا إلى الداخل السوري.. أعمت بصرها عن أن السحر سينقلب على الساحر ذات يوم وها هي تذوق الآن بداية مرارة الكأس .. فالإرهاب لا دين له ولا ولاء له إلا نفسه.. ومن صفر مشاكل مع الجيران إلى صفر في السياسة الخارجية وفي الدبلوماسية الدولية وفي المصداقية السياسية وفي كل شيء… رغم ذلك استمرت في فعلتها الشنيعة ذلك أن الحلم التاريخي لسيد قطب وقبله محمد عبد الوهاب قد بدأ يتحقق كما توهموا فعاثوا في الأرض فسادا من تونس إلى ليبيا إلى مصر إلى سورية مصممين على تحقيق وهم لا يوجد إلا في اذهانهم المريضة ورغم ثبات فشله وبطلانه مازالوا مصرين على الاستمرار به وهذا ما لا يوصف بموازين العقل إلا بكلمة /الغباء/.. فمن لا يتعلم من التاريخ سيخسر الحاضر.. والتاريخ يقول.. لا يمكن للنار أن تشتعل في بيت جارك وتبقى أنت في مأمن.
وتابع المعلم .. لكن بعض الجيران أشعلوا النيران في سورية واستقدم بعضهم الإرهابيين من شتى أنحاء العالم.. وهنا برزت المفارقة المضحكة المشينة.. ثلاث وثمانون جنسية تقاتل في سورية.. لم يشتك أحد ولم يشجب أو يستنكر أحد ولم يغير موقفه أحد واستمروا في تسميتها وبكل صفاقة.. “الثورة السورية المجيدة”.. وبضع عشرات من شباب مقاوم كانوا مع الجيش في بعض المناطق قامت الدنيا ولم تقعد وأسموها تدخلا خارجيا…وطالبوا بخروج ما سموه القوات الأجنبية.. وبالحفاظ على السيادة السورية وعدم انتهاكها.
وقال المعلم.. وفي هذا السياق أؤكد أن سورية البلد السيد المستقل ستقوم بكل ما يلزم للدفاع عن نفسها وبالطرق التي تراها مناسبة.. دون الالتفات إلى كل الصراخ والتصريحات والبيانات والمواقف التي أطلقها كثيرون.. فهذه قرارات سورية بحتة… وستبقى سورية بحتة.
وأضاف المعلم.. رغم كل ذلك صمد الشعب السوري فتحركت العقوبات ضد قوته وخبزه وحليب أطفاله ليجوع ويمرض ويموت تحت نير هذه العقوبات.. وبالتوازي تم حرق ونهب المصانع ومعامل الغذاء والدواء والمستشفيات والمستوصفات وتخريب السكك الحديدية واستهداف الخطوط الأساسية للكهرباء حتى دور العبادة مسيحية كانت أو إسلامية لم تنج من إرهابهم.. وعندما فشلوا في كل ذلك لوحت أمريكا بعدوانها على سورية وفبركوا مع من تتقاطع مصالحهم معهم من الغرب والعرب حكاية استعمال السلاح الكيميائي التي لم تقنع شعوبهم قبل أن تقنعنا.. ذلك أن دول الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لا تتكلم للأسف إلا لغة الدم والحرب والاستعمار والهيمنة.. فالديمقراطية تفرض بالنار والحرية بالطيران وحقوق الإنسان بقتل الإنسان… فقد اعتادت أنها الآمر الناهي في العالم.. ما تريده يتحقق وما لا تريده لن يكون.. ونسيت أو تناست أن من فجر نفسه في نيويورك هو نفسه من فجر نفسه في سورية.. فالفكر واحد والمصدر واحد.. نسيت أو تناست أن هذا الإرهابي في الأمس كان في أمريكا واليوم في سورية وغدا لا أحد يدري أين سيكون… لكن الأكيد أنه لن يتوقف هنا.. فأفغانستان كانت خير مثال لمن يريد أن يتعظ…لمن يريد … لكن أغلبهم لا يريدون لا أمريكا ولا بعض الدول الغربية المتحضرة التي جرت خلفها بدءا من عاصمة النور وصولا إلى مملكة لم تغب عنها الشمس فيما مضى.. رغم أنهم جميعا ذاقوا مرارة الإرهاب وفجأة أصبحوا “أصدقاء سورية” أربعة من هؤلاء الأصدقاء ملكيات استبدادية قمعية لا تعلم شيئا عن المدنية والديمقراطية.. والبعض الآخر كانوا مستعمرين لسورية نهبوها وقسموها من أكثر من مئة عام والآن أصبح هؤلاء مع غيرهم يعقدون المؤتمرات لتوطيد صداقتهم بالشعب السوري علنا ويحاصرونه ويفرضون عليه العقوبات ويدعمون الإرهاب في سورية سرا.. ويرفعون الصوت خشية وقلقا على الوضع الإنساني السيئ والمعاناة المعيشية للسوريين.
وقال المعلم.. إن كنتم تشعرون فعلا بالقلق على الوضع الإنساني والمعيشي في سورية فارفعوا أيديكم عنا.. أوقفوا ضخ السلاح ودعم الإرهابيين .. ارفعوا العقوبات والحصار عن الشعب السوري وعودوا إلى العقل وسياسة المنطق.. عندها نطمئنكم أننا سنكون بخير كما كنا دون قلقكم وخشيتكم الشديدة علينا.
الغرب يدعي محاربة الإرهاب علنا ويغذيه سرا ومن لا يرى هذه الحقيقة فهو إما جاهل أعمى أو أنه لا يريد أن يرى وراغب في استكمال ما يفعل
جئنا لنعيد الأطفال والأمهات إلى بيوت هجرهم الإرهاب منها.. جئنا لنحمي مدنية الدولة وتحضرها ولنوقف زحف التتار والمغول إلى المنطقة
لا أحد في العالم له الحق بإضفاء الشرعية أو عزلها أو منحها لرئيس أو حكومة أو دستور أو قانون أو أي شيء في سورية إلا السوريون أنفسهم
واختتم المعلم كلمته قائلا.. أخيرا أوجه كلامي لكل الحاضرين هنا وللعالم أجمع الذي يشاهدنا ويستمع إلينا.. نحن في سورية نحارب الإرهاب.. إرهاب دمر الكثير وما زال.. إرهاب وقفت سورية منذ الثمانينيات من القرن الماضي تصرخ لمكافحته وتشكيل جبهة موحدة ضده ولم يستمع إليها أحد.. إرهاب ذقتم لوعته في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والعراق وأفغانستان وباكستان واللائحة تطول.. وها هو يتمدد في كل مكان.. فلنتعاون جميعا لمكافحته ولنضع اليد على اليد لوقف فكره السوداوي الظلامي المريع وبعدها.. لنقف كسوريين وقفة رجل واحد ونضع سورية نصب أعيننا ونبدأ بإعادة بنائها انسانا وبنيانا.. فالحوار هو الأساس كما ذكرت ورغم شكرنا للدولة المضيفة إلا أننا نقول إن حوار السوري للسوري حقيقة هو على أرض سورية وتحت سمائها..
نتمنى أن يكون مؤتمر جنيف خطوة أولى على طريق بدء حوار سوري سوري على الأرض السورية وسنستمر في ضرب الإرهاب بيد ونبني ونعمر باليد الأخرى
(المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 23/1/2014)