دعا الملتقى العلمائي الإسلامي العاشر الذي عقد في دمشق أمس تحت عنوان “المسلمون بين التغريب والفكر التكفيري” إلى العمل على مكافحة الفكر التكفيري الوهابي المتشدد ومنع ترويجه وانتشاره في أنحاء العالم العربي والإسلامي.
وأشار الملتقى في بيان صدر في ختام أعماله إلى أن ما يجري الآن في مؤتمر جنيف2 من محادثات ومباحثات “لن تجد ثمرة حقيقية على أرض الواقع من دون معالجة جذور الفكر الخوارجي الآثم من أصولها وتجفيف منابعه ومن ثم مكافحة آثاره الوخيمة مع مرور الزمن” مشددا على أن السوريين أنفسهم هم من يحددون مستقبلهم دون تدخل أو وصاية من أحد.
ولفت البيان إلى أن “عناصر الشبه والقرب بين أفكار الخوارج القديمة وأفكار التكفير قائمة ومتكررة وثابتة وأن تباينت في الإخراج والعبارة والسبب في ذلك أن التكفير واحد في النوع وأن اختلف في التفاصيل” مؤكدا أن العناصر التأسيسية للتكفير هي سياسية ترتبط بمجمل المصالح الاجتماعية التي تجد في فكرة التكفير واسطة من وسائطها إلى التحقق تدفع أصحابها إلى اعتناق التكفير باعتباره صوابا.
وحذر البيان من خطورة ما يبث من فكر هدام لعقول أبناء الأمة يتعلق بأهل الشرائع السماوية الأخرى وخصوصا “المسيحية من خلال عدد من الملحقيات الثقافية في سفارات دول بات معروفا منهجها وتوجهها” معتبرا أن نشر الفكر الهدام يأتي من إيمان “معتنقيه بعالمية الفكر الوهابي السلفي ولذلك بدؤوا بإرسال البعثات التكفيرية والإرهابية إلى كل بقاع العالم فأصبحت تلك الدول مصدرا لصناعة الإرهابيين والتكفيريين إضافة إلى كونها أكبر مصدر عالمي لتمويل تنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية المتطرفة الأخرى”.
وأكد البيان أن تلك الدول “تحارب منذ سنوات طويلة كل مظاهر الاعتدال الديني حيث وجد وترعرع ونما” وكانت ومن خلال محافلها الدولية والعامة والخاصة ومن خلال مناهجها التعليمية “تعلم أبناءها لغة التكفير وكراهية الآخر وتلقنهم ثقافة العنف والتطرف وأن كل من يختلف مع التفسير الوهابي المقيت إما كافر أو منحرف ويجب عليه أن يتوب أو يقتل”.
وخلص البيان إلى القول إن “مسألة التكفير أصبحت ركيزة أساسية للفكر التكفيري ومصدرا لوجوده الذي يترافق مع القتل والعنف” مشيرا إلى حروب الوهابيين ضد مناطق المسلمين وخصوصا في بلاد الحجاز حيث سيطروا عليها وأقاموا دولتهم إلى حد استباحة تلك المناطق ونهب ثرواتها وقتل سكانها وسبي نسائها وقتل رجالها دون تمييز وتخريب دورها وبنائها وإشعال النار في مكتباتها”.
وكان وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد أكد أهمية فضح الفكر التكفيري الوهابي الذي يرمي إلى زرع الفتنة والفرقة بين صفوف أبناء الأمة وتحاول بعض الدول الغربية الترويج له في المنطقة بغية السيطرة عليها.
ولفت الوزير السيد خلال الملتقى إلى أن الفكر التكفيري أدى إلى نشر الإرهاب الذي عانت منه سورية على مدى ثلاث سنوات مبينا أن الدين الإسلامي هو دين وسطي يدعو إلى الرحمة والتسامح وهو براء من القتل والتكفير والتحريض على ارتكاب المجازر والجرائم.
وأشار وزير الأوقاف إلى ضرورة التركيز على العمل التوعوي من خطورة هذا الفكر الذي يشكل أرضية للتطرف والإرهاب بالمنطقة من خلال تحريف النصوص القرآنية مطالبا الدول الغربية بوقف الدعم المادي وتجنيد المسلحين وإرسالهم إلى سورية.
بدوره أكد سماحة الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية أهمية الوحدة والتعاضد بين المسلمين ونبذ مايفرق ويزرع الشقاق بينهم داعيا المسلمين إلى الاعتصام بحبل الله والوقوف صفا واحدا في مواجهة أعداء الأمة.
ولفت المفتي حسون إلى أهمية نشر ثقافة المحبة والتآخي بين أبناء الأمة ومواجهة الفكر الوهابي التكفيري الذي يدعو للقتل والتكفير مؤكدا “أن الفكر الوهابي التكفيري دمر كل المعالم التي تذكرنا بالرسول العربي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فهدموا مسجد حليمة وبيت السيدة خديجة وغيرها في محاولة لمسح الذاكرة الإسلامية”.
بدوره أشار رئيس اتحاد علماء بلاد الشام الدكتور محمد توفيق البوطي إلى ضرورة تحصين أبنائنا من الاستغلال باسم الإسلام وغرس القيم السامية للإسلام الوسطي ونزع أسباب الخلاف بين جميع الأطياف في المجتمع وكل الأفكار الداعية إلى الفتنة بين أبنائه لمواجهة الفكر التكفيري والظلامي لافتا إلى أن سورية ستبقى عصية على جميع محاولات الإخضاع والتفتيت.
من جهته لفت السيد مجتبى الحسيني ممثل الإمام الخامنئي في سورية إلى أن الإسلام الحقيقي بريء من الفكر التكفيري والتعصب مؤكدا ضرورة نشر التعاليم الإسلامية بما يوحد صفوف أبناء الأمة في وجه الغزو الفكري الذي يحاول تفريغ الناس من الإيمان بالمعتقدات الدينية السمحة لصالح دعاوى الفكر الوهابي التكفيري خدمة للمصالح الاستعمارية في المنطقة والعالم وتصوير الإسلام دين إرهاب وتكفير.
وتركزت محاور الملتقى على إظهار اللين والوسطية في سيرة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ومعالم السماحة والتعايش الديني في الإسلام والغرب وسياسة التنفير من الإسلام وظاهرة التكفير في التوظيف السياسي والتنظير الديني ومواضع الوفاق والافتراق بين المسيحية والغرب والإسلام في منظار الغرب.
كما ضمت المحاور تظهير وتبليغ الإسلام المعتدل ومظاهر الاعتدال الديني والإسلامي في سورية وبين التمذهب والتطرف ومظاهر الوحدة الدينية والإسلامية في سورية ومكافحة الإرهاب والتكفير..
(المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 28/1/2014)