بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس أمس الوضع في منطقة الشرق الأوسط مع التركيز على تطور الموقف في سورية ولبنان وكذلك مهمات تحريك عملية حل الأزمة في سورية ضمن اطر المؤتمر الدولي حول سورية جنيف2.
وحسب بيان لوزارة الخارجية الروسية جرى تركيز الاهتمام خلال اللقاء بصورة خاصة على مسائل “حماية المسيحيين في المنطقة وضمان السلام والاستقرار على أساس الحوار بين الحضارات وتقاليد حسن الجوار والتسامح بين ممثلي شتى الأديان”.
ونقل موقع (روسيا اليوم) عن لافروف قوله.. “نحن نقدر الصلات التقليدية بين الكنيستين الروسية والإنطاكية باعتبار أنها تساعد فعلا في تحقيق التوافق الذي يحتاج إليه العالم برمته والشرق الأوسط بشكل خاص”.
وأكد لافروف أن أحداث ما يسمى “الربيع العربي” تطال بشكل مباشر مصير المسيحيين الذين يعيشون في هذه المنطقة منذ ألفي عام في سلام ووئام مع جيرانهم وقال إن “التعايش والصداقة بين المسيحيين والمسلمين يتعرضان لاختبار كبير وضمن هذا السياق يكتسب حوارنا أهمية بالغة من أجل الحيلولة دون تطور الأحداث وفق السيناريو الأسوأ”.
وأضاف.. “أن موسكو تدرس حاليا سبل الاستفادة من التعاون بين السلطات والكنائس المسيحية من أجل ايجاد مخرج للأزمة في سورية واستعادة الاستقرار في المنطقة”.
كما أوضح لافروف أن بلاده تبذل جهودا مضنية من أجل الإفراج عن المطرانين المخطوفين من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة بريف حلب منذ نيسان الماضي يوحنا إبراهيم ميتروبوليت حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس وبولس يازجي ميتروبوليت حلب والاسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس في سورية.
وقال لافروف مخاطبا البطريرك يازجي.. “نأسف لمعاناتكم شأنكم شأن معاناة المسيحيين الآخرين في سورية بسبب الأزمة الراهنة” وذلك في إشارة إلى اختطاف شقيق البطريرك يازجي مع المطران يوحنا إبراهيم.
من جهته أعرب البطريرك يازجي عن تقديره لموقف موسكو الداعم للسلام في سورية و لبنان كما رحب بجهود إيصال شحنات المساعدات الإنسانية التي تقدمها روسيا للشعب السوري مؤكدا أن توزيع هذه المساعدات يتم على جميع السكان دون أي تمييز على أساس الانتماء الديني.
وشدد البطريرك على أن سورية يجب أن تبقى دولة موحدة أما لبنان فيجب أن يكون مستقرا و آمنا كي يعيش المسلمون والمسيحيون في هذه المنطقة بسلام واحترام متبادل.
وذكر لافروف بحقيقة أن أول مطران في روسيا التاريخية كان سوريا.
وفي لقاء جمعه مع السفير رياض حداد في مقر السفارة السورية في موسكو وأعضاء السلك الدبلوماسي السوري ولفيف من أبناء الجالية السورية أكد البطريرك يازجي أن صمود الشعب السوري وثباته وتكاتفه مع بعضه كفيل بصيانة سورية وإعادتها كما كانت وكما عهدناها ضمانة للأمن والأمان والسلام والاستقرار مشيرا إلى أن سورية غالية على قلوبنا جميعا وإننا كسوريين نعمل كعائلة واحدة يدا بيد للدفاع عن حياض بلادنا وشعبنا.
وقال البطريرك يازجي: “حملنا هموم بلادنا وآلام شعبنا ونقلناها إلى ممثلي الشعب الروسي الصديق” لافتا إلى أن زيارته إلى موسكو جاءت بدعوة من البطريرك كيريل بطريرك موسكو وعموم روسيا.
وأوضح البطريرك يازجي أن الدين رسالة سماوية أراد الله منها فرح وسعادة الإنسان وخلاصه واننا لا نفهم من الدين بأي شكل من الأشكال أنه مدعاة للتفرقة بل إن الدين يجمع بين الناس وأننا كما تعلمون نعمل مع سماحة الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية في كنائسنا وجوامعنا وصلواتنا المشتركة لخير وسلام سورية وشعبها.
وأضاف “لقد بنينا هذه البلاد معا رغم الصعوبات ووعورة الطريق وأسسنا تاريخنا سوية أمام التحديات جميعها بعيشنا المشترك الذي نتمسك به بكل عزيمة وإصرار”.
ولفت البطريرك يازجي إلى أن الأصدقاء في روسيا على الصعد كافة الرسمية والبرلمانية والكنسية يقدرون عاليا دور سورية في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة منوها بعمق العلاقات الطيبة بين البلدين والشعبين ومشيدا بدور روسيا في إبعاد شبح العدوان الخارجي على سورية إضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية متمنيا الخير والسلام لروسيا الصديقة ولسورية وللبنان وللمنطقة برمتها.
من جهته أكد السفير حداد أن سورية كانت على الدوام بلدا للتعايش والتسامح بين جميع الأديان دون أي تمييز بين مختلف فئات المجتمع السوري.
وقال السفير حداد “إن الإرهابيين والتكفيريين حاولوا ويحاولون مسخ الدين الإسلامي وتشويه تعاليمه وإثارة الفتن والنعرات الطائفية في الفسيفساء الاجتماعية السورية حيث انهم حاولوا ويحاولون أن يحرفوا الدين عن جوهره وقيمه السمحة ويصوروه على هيئة جرائمهم الإرهابية ولكن كل هذه المحاولات تتحطم على صخرة الإرادة الصلدة للشعب السوري”.
وأشار السفير حداد إلى مغزى وأهمية المساعدات الإنسانية التي تقدمها الكنيسة الأرثوذكسية الروسية إلى الشعب السوري بالتنسيق مع منظمة الهلال الأحمر السوري وبمشاركة مباشرة من قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا وغبطة البطريرك يوحنا العاشر وسماحة الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتى العام للجمهورية في أروع صورة من صور التآخي بين الأديان.
ونوه السفير حداد بالمواقف المبدئية الثابتة لروسيا الاتحادية إزاء سورية وبالمهارة الدبلوماسية التي يبديها الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف ما أتاح إعادة التوازن إلى العلاقات وسيادة القانون الدولي.
من جانبهم أشار أبناء الجالية السورية إلى أنهم يشرحون للشعب الروسي حقيقة الأحداث في سورية لكونها تكافح الإرهاب نيابة عن العالم أجمع كما يشرحون جرائم الإرهابيين على الأرض السورية من قتل الناس الأبرياء وتهجير المواطنين بالقوة واختطاف المطران يوحنا ابراهيم متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس والمطران بولس يازجي متروبوليت حلب والاسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس وراهبات معلولا ويطالبون بالإفراج عنهم.
وكان البطريرك يوحنا العاشر يازجي أكد خلال حفل استقبال أمس الأول في الامطوش الأنطاكي في العاصمة الروسية موسكو حضره السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدون لدى روسيا الاتحادية وعدد من كبار المسؤولين الروس وحشد من أبناء الجالية السورية أن سورية كانت دوما بلدا للعيش المشترك والأخوة الحقة وما يجري فيها الآن غريب على تاريخها القريب والبعيد مشددا على أنها لم تكن يوما مستعبدة لأحد ولن تكون مستعبدة للإرهاب والتكفير ولا لأي تطرف أيديولوجي.
يذكر أن البطريرك يازجي يقوم بزيارة رسمية لموسكو هي الأولى من نوعها وتستغرق خمسة أيام يجري خلالها مباحثات مع الهيئات الدينية والرسمية والبرلمانية الروسية.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 30/1/2014)