أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن الوفد السوري الرسمي لا يمكن أن يمارس سياسة العمل من تحت الطاولة عندما يتعلق الأمر بمصير سورية والشعب السوري هو العامل الأساسي الذي تعول عليه القيادة السورية في كل خطوة وهذا هو البعد الأخلاقي في السياسة الخارجية السورية.
وقال المقداد في حديث للتلفزيون العربي السوري الليلة الماضية: “إن القيادة السورية تعي مسبقا حجم المؤامرة ضد سورية وخاصة البعد الإعلامي التضليلي لها موضحا أن الحملات الإعلامية التي كشف العالم أنها كانت غبية جدا لم تنجح في تضليل الشعب السوري والقيادة والدبلوماسية السورية”.
وأضاف المقداد إننا منذ بداية الأحداث في سورية كنا جبهة واحدة متراصة لأن ما يسجله شهداء سورية بدمائهم على هذه الأرض الطاهرة سيؤدي إلى التأثير علينا في الدبلوماسية السورية إيجابا وعلى الآخرين سلبا وهذا هو النهج الذي تسير به سورية.
وتابع المقداد ان التغيير الذي أحدثوه في عدة أقطار عربية لم يكن هدفه إلا الوصول إلى سورية لأنها الدولة المقاومة الوحيدة التي بقيت على الساحة العربية في وجه المخططات الإسرائيلية ومحاولات الهيمنة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وتنفذها دول لديها رغبة في العودة إلى عهود الاستعمار كما هو الحال بالنسبة لفرنسا وبريطانيا ودول تابعة لهم في المنطقة العربية لتنفيذ مخططات الآخرين.
وقال نائب وزير الخارجية والمغتربين: “لقد أجرينا بعض الجلسات من أجل دراسة وتقييم ما تم إنجازه ونعد بشكل يومي ملفاتنا لما هو قادم من الحوارات فعندما ذهبنا إلى مؤتمر جنيف ذهبنا بقرار من سيادة الرئيس بشار الأسد ونفذنا تعليماته وسنعقد مزيدا من هذه الجلسات للتقييم وتلقي توجيهاته وتعليماته وهو صاحب القرار النهائي في ذلك”.
وأضاف المقداد: “إننا ذهبنا إلى جنيف بتعليمات واضحة لإنجاح الحوار ولوقف الإرهاب وسفك الدماء في سورية ولإعادة الأمل للسوريين ولكي نكون سندا لجيشنا في معاركه وبطولاته وكي نضع حدا لهذه المأساة والتدخل الأجنبي الخارجي في الشؤون الداخلية لسورية”.
وتابع المقداد.. “إنني أؤكد أن هذه النية لم تكن لدى الطرف الآخر الذي كانت لديه أجندة واحدة وهو يعتقد واهما وبطريقة أكثر من دنيئة بأنه قادم إلى هذه الحوارات من أجل استلام السلطة وهذا ما لم نقدمه ونتنازل عنه طيلة السنوات الماضية ونؤكد أننا لم نذهب إلى جنيف لكي نقدمه على طبق من فضة بل ذهبنا لإيجاد حل لوقف سفك الدماء ولوقف الإرهاب والتدخل الخارجي وفي هذا المجال كل ما لم يتحقق كان المسؤول عنه هو الطرف الآخر ومن يدعمه”.
وبين نائب وزير الخارجية والمغتربين أن موقف الاتحاد الروسي من الأزمة في سورية كان دائما موقفا مسؤولا هاجسه الأساسي إعادة الأمن والاستقرار إلى سورية وإقناع من لم يقتنع بعد بأهمية التوصل إلى إنهاء الإرهاب والعنف في سورية وإقناع من يقف خلف هؤلاء الإرهابيين وأسيادهم سواء كانوا في المنطقة العربية أو دوليا بأنهم عمليا لا يمثلون أحدا في الجمهورية العربية السورية.
وأشار المقداد إلى أن سورية تعرف أن الهم الأساسي للروس هو وقف الإرهاب في سورية وتقدر الجهود الحثيثة التي تبذلها القيادة الروسية في متابعة الأحداث فيها وإنجاح مؤتمر جنيف بشكل خاص وهي التقت بكل الأطراف الأخرى من المعارضة السورية والآن تلتقي بالفصيل الذي فرضته أنقرة والدوحة لكي يدعي تمثيلا ما لبعض المواطنين في سورية والكل يعي أن هذا الفصيل انشقت عنه مجموعات كبيرة جدا ولم يبق منه إلا جزء صغير.
وأوضح المقداد أن ما يسمى “وفد المعارضة” كان يخضع لإدارة مباشرة وتلقين ليقول ما يؤمر به وهذه هي حقيقة “المعارضة” التي يدعون أنها “معارضة سورية” في حين أنها معلبة خارجيا في اسطنبول والدوحة وتل أبيب وواشنطن وباريس وفي كل مكان يساء فيه لسورية.
وقال المقداد: “إنه في إطار توزيع المهام بين الدول الراعية لمؤتمر جنيف تم تكليف الولايات المتحدة الأمريكية بالتعامل مع المعارضة وهي بالطبع فشلت فشلا ذريعا غير مسبوق في ذلك وكنا نتوقع منها عندما يفشل أحد مسؤوليها أن تقوم بعزله وروبرت فورد يتحمل المسؤولية بشكل مباشر في هذا المجال”.
ليس المطلوب فقط من النظام السعودي أن لا يدفع بمواطنيه إلى القتل وممارسة الإرهاب بل المهم أن يتوقف عن دعم وتمويل وتسليح الإرهابيين ودعم الإرهاب العالمي
وحول القرار الذي اتخذه نظام آل سعود بمعاقبة المواطنين السعوديين الذين يتطوعون للعمل في منظمات إرهابية قال المقداد: “إنه ليس خطوة هامة وهو قرار صغير جدا ومتأخر جدا لأنه ليس المطلوب فقط من النظام السعودي أن لا يدفع بمواطنيه من السعوديين إلى القتل وممارسة الإرهاب بل المهم أن يتوقف عن دعم وتمويل وتسليح الإرهابيين وعن دعم الإرهاب العالمي ودعم الجبهة الإسلامية التي أنشأها لقتل المواطنين الأبرياء في سورية وعن تمويل الإرهاب والتحريض عليه من خلال عشرات المحطات التلفزيونية المتطرفة التي أنشأها من أجل الترويج للإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر” مؤكدا أن هذا النظام أصبح راعيا حقيقيا للإرهاب ليس فقط في المنطقة العربية بل خارجها أيضا.
ولفت نائب وزير الخارجية والمغتربين إلى أن تركيا تريد البحث عن دور لها في المنطقة بأي شكل من الأشكال لأنها فشلت في التعامل مع الوضع في سورية حيث كانت تعتقد أن الوضع سينتهي خلال عدة أيام وأن “الإخوان المسلمين” الذين ينتمي إليهم رجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو بدعم أمريكي إسرائيلي سينتصرون ويحققون ما يريدون.
وقال المقداد: “إن الدول التي شاركت في افتتاح مؤتمر جنيف بضغط أمريكي ذهبت لكن الدول التي تخطط للغدر بسورية ولقتل الشعب السوري كانت قد أعدت نفسها مسبقا وبقيت موجودة إضافة إلى الدول التي تبنت ما سمي بإعلان لندن وباريس وقد وافقنا على حضور تلك الدول في جنيف لكي يكونوا شهودا على هزيمتهم ونقول لهم التزموا بوقف العنف والإرهاب ضد سورية وانكم مسؤولون عن هذا القتل وسفك الدماء في سورية وإذا كانوا يعتقدون أنهم أخذوا ميزة بالحضور فهم مخطئون”.
وأضاف المقداد.. “إن دول الخليج غير متفقة مع السعودية على نهجها في التعامل مع سورية لكنها مغلوبة على أمرها وقد علمت من مسؤولين خليجيين أن السعودية كانت تأمر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بإصدار بيانات لا تعرف عنها بقية دول الخليج ولا يسمعون بها إلا بعد صدورها وعندما نسألهم فيما إذا كانوا يعرفون بذلك كانوا يجيبون بالنفي”.
وبين المقداد أن العالم سيرى قريبا انفراط العقد المعادي لسورية لأن الكثير من الدول الأوروبية بدأت تحتج على السياسات الغبية التي تمارسها فرنسا وبريطانيا ضد سورية.
وأكد المقداد أنه يجب على الاتحاد الأوروبي إن كان يرغب بالاستمرار في إظهار الوجه الحضاري والإنساني الذي تحدثت عنه كاثرين أشتون ممثلة الاتحاد في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف أن يلغي العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري وليس على الدولة السورية مشيرا إلى أن هذه العقوبات هي المسؤولة بشكل أساسي عمن يدعون أنه يموت جوعاً وهي التي تؤدي إلى استمرار هذه الكارثة في سورية.
وفيما يتعلق بالجولة الثانية من الحوار قال المقداد: “إننا سنتلقى تعليمات سيادة الرئيس لتحديد موقف سورية من هذه الجولة وسنعلن هذا الموقف قريبا” مضيفا: “إن الطرف الآخر هو الذي كان مسؤولا عن إعاقة هذا الحوار لأنه أتى لإفشال هذا الحوار وأتى لقتل سورية وهو يتشبث بحبال في الهواء ويعتقد أن الولايات المتحدة وأسيادهم في الدول الغربية وفي الممالك المعروفة يريدون تسليمهم مفاتيح دمشق لذلك سوف لن يجدوا الآن ولا غدا ولا في المستقبل أي تجاوب مع هذه التوجهات لأننا صامدون ولن تقبل دماء شهدائنا وآلام أطفالنا ونسائنا وشيوخنا أن نتنازل ولو قيد أنملة عن حقوقهم لصالح مؤامرات خارجية.
وحول الحملة التي شنت على سورية من أجل الضغط عليها بخصوص مسألة السلاح الكيميائي قال المقداد: “إن هذه الحملة ظالمة وكاذبة ونحن مقتنعون بما قمنا به ونفذنا الكثير من التزاماتنا قبل موعدها بوقت طويل ولا نزال ملتزمين بتنفيذ كل الالتزامات التي توافقنا عليها مع الأمم المتحدة ومع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.
وأشار المقداد إلى أن بعض الدول التي تدعي أننا لم نف بالتزاماتنا في المواعيد المحددة هي التي تعيق الآن تنفيذ هذه الجداول الزمنية مبينا أنها لم تف حتى هذه اللحظة بالتعهدات التي تقدمت بها لمساعدة سورية في هذا الشأن وتتناسى أنها تدعم الإرهاب الذي يهدد نقل هذه المواد من مواقعها إلى الشاطئ السوري لترحيلها خارج سورية.
وقال المقداد: “إن الحكومة السورية ستتابع التنسيق مع بعثة الأمم المتحدة ومنظمة الأسلحة الكيميائية المشتركة في سورية من أجل تنفيذ كل هذه الالتزامات وضمن الحدود الزمنية المتفق عليها ولكن عليهم أن يوقفوا كلابهم عن النباح وأن يتوقفوا عن التحريض على سورية وتسريب معلومات للمجموعات الإرهابية عن أماكن تخزين ومرور هذه الشحنات”..
(المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 5/2/2014)