بدأت الولايات المتحدة بالشعور بالخوف من أن التنظيمات الإرهابية التي مولتها ودربتها وأرسلتها إلى سورية لزعزعة الأمن والاستقرار فيها ولارتكاب أبشع الجرائم بحق السوريين ستستهدف الأراضي الأميركية وهذا ما حذر منه النائب مايكل ماككول رئيس لجنة الأمن الداخلي في الكونغرس الأميركي الذي قال إن “التنظيمات التابعة لتنظيم القاعدة في سورية وعلى رأسها جبهة النصرة ربما تتطلع لشن هجمات ضد الولايات المتحدة نفسها”.
وأضاف ماككول في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأمريكية.. إنني “أعتقد أن التهديد موجود منذ أكثر من عام إذ إن المسلحين في سورية يتدربون مع تنظيمات في القاعدة بينها جبهة النصرة وأعتقد أن بين أخطر التهديدات وجود عناصر إرهابية تتدرب الآن في سورية ويمكنها العودة إلى أميركا بوثائق سفر قانونية وتنفيذ عمليات إرهابية لدينا”.
وجاء حديث ماككول ردا على سؤال حول ما أدلى به رئيس جهاز الأمن القومي الأميركي جيمس كلابر أمام الكونغرس حول وجود رغبة لدى التنظيمات المرتبطة بالقاعدة في سورية وبينها “جبهة النصرة” بشن هجمات في الولايات المتحدة.
وإلى ذلك حذر ماككول من إمكانية أن تقوم تلك التنظيمات الإرهابية عبر عناصر شيشانية بمهاجمة الألعاب الأولمبية في سوتشي التي قال إنها “ليست بعيدة عن سورية”.
وتابع النائب الأميركي “كما أنني أعتقد أن تلك التنظيمات قد تهدد أولمبياد سوتشي إذ إن روسيا ليست بعيدة جدا عن سورية ونحن نشعر بالقلق حيال العناصر الشيشانية التي تتدرب في سورية وتخطط للعودة من أجل قتال الروس وخاصة أن عيون العالم ستكون مشخصة على هذا الحدث وما من أمر أفضل للإرهابيين من مهاجمة تلك الألعاب من أجل إحداث صدمة عالمية”.
وكان مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية جون برينان أقر بأن معسكرات التدريب التي يقيمها المتطرفون المرتبطون بتنظيم القاعدة الإرهابي في سورية والعراق تشكل تهديدا لشن هجمات ضمن المنطقة وخارجها.
كيري يقر مجدداً بأنه لا حل عسكرياً للأزمة في سورية وبتزايد مد الإرهاب القادم إليها ويدعو إلى تسريع العمل الدبلوماسي في مباحثات جنيف
من جهته جدد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التأكيد أنه لا حل عسكريا للأزمة في سورية وإن الجميع متفقون على ذلك لافتا إلى أن الحكومة السورية حققت نقاط قوة خلال الأشهر الماضية إلا أنه وصف الوضع الحالي في سورية بأنه “حالة مراوحة وجمود”.
وأشار كيري في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأمريكية إلى أن “الجهود الدبلوماسية تمكنت للمرة الأولى من جمع الحكومة السورية و/المعارضة/على طاولة المفاوضات “داعياً إلى تسريع العمل الدبلوماسي في جنيف دون أن يتوقع حدوث تقدم سريع إذ إن “الدبلوماسية آلية تعمل ببطء”.
وكانت جولة المحادثات بين وفد الجمهورية العربية السورية ووفد /الائتلاف/المسمى/المعارضة/ انتهت يوم 31 كانون الثاني دون تحقيق أي تقدم ملموس بسبب عدم نضج المعارضة وارتباطها بالخارج والجو المشحون الذي فرضته واشنطن على أعمال المؤتمر عبر تدخلها السافر فيه.
واعتبر كيري أن “الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أيلول الماضي حول إتلاف الأسلحة الكيمياوية في سورية كان نقطة مهمة بمسار الأزمة في سورية ومثل تقدما واضحا “معتبرا أن “هنالك بعض التباطؤ حصل بالفعل خلال الشهر الأخير فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق” إلا أن الولايات المتحدة أثارت هذا الأمر و”سيتم الإسراع في معالجته الآن”.
وكانت الحكومة السورية وافقت على التخلص من الأسلحة الكيمياوية لديها انطلاقا من مصالح الشعب السوري وتنفيذا للاتفاق الروسي الأمريكي الذي تم التوصل إليه في الرابع عشر من أيلول الماضي ووفقا للقرار الدولي رقم (2118) الصادر عن مجلس الأمن الدولي في السابع والعشرين من الشهر ذاته كما انضمت رسميا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية في السادس عشر من تشرين الأول الماضي وأبدت تعاونا كاملا مع بعثة الأمم المتحدة المشتركة ومع بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بهذا الخصوص.
واعترف كيري الذي حاول الدفاع عن الاستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة لحل الأزمة في سورية بتزايد مد الإرهاب القادم إلى سورية إذ أشار إلى المواجهات والاقتتال الدائر حاليا بين المجموعات المسلحة المختلفة في سورية.
وقال كيري “إن الرئيس باراك أوباما يتابع تقييم الأمور بشكل دائم وهو ينظر أيضا إلى القلق المتزايد حول عدد المقاتلين والإرهابيين الأجانب في سورية والذين يهدد بعضهم الولايات المتحدة وهذه عملية مستمرة ونحن نناقش مع فريق الأمن القومي الخطوات الإضافية التي يمكننا القيام بها”.
محاولات كيري الحديث بموضوعية والاعتراف بخطر الإرهاب على سورية والولايات المتحدة لم يمنعه من الإقرار بأن بلاده تقوم بالكثير وهي”تعمل مع حلفائها في السعودية والإمارات وتركيا وقطر والأردن على التفكير بخطوات مؤثرة”إلا أنه تجاهل أن هذه الدول هي من ترسل الإرهابيين إلى سورية وتمدهم بالمال والسلاح وتوفر لهم الملاذات الآمنة وحرية التنقل في أراضيها وأن المساعدات الإنسانية التي يزعم تقديمها ليست إلا أسلحة فتاكة يقتل بها الشعب السوري.
وكانت وسائل إعلام أكدت وصول طائرة امريكية محملة بالأسلحة الخفيفة إلى مطار المفرق شمال الأردن الأسبوع الماضي سيتم إرسالها إلى المجموعات المسلحة في جنوب سورية كما تسهم تلك الدول التي وصفها بـ “الحلفاء” في تأجيج الأزمة في سورية من خلال دعم وتمويل وتسليح المجموعات الإرهابية فضلا عن تسهيلها دخول الاف المسلحين للقيام بأعمال القتل والخطف والتخريب والتدمير في البلاد.
وعن سياسة الولايات المتحدة في سورية وإن كانت تقدم الدعم العسكري للمعارضة حاول كيري الدفاع عن هذه السياسية ووصفها بـ “الصعبة للغاية” مقرا بأن الولايات المتحدة مستمرة بتقديم الدعم لتلك المجموعات عبر مواد وصفها بـ “غير القتالية” وقال “لن أدخل في تفاصيل ولكن الرئيس أوباما يتبنى موقفا حازما.. هناك الكثير من الأمور التي تقوم بها الولايات المتحدة وهي توفر مواد غير قتالية للمعارضة بكميات كبيرة ونحن أكبر المتبرعين بالمساعدات الإنسانية للشعب السوري كما أننا نتصدر الجهود لجمع حلفائنا من أجل تنسيق العمليات الجارية”.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية نفت خلال الأسبوع الجاري معلومات تفيد بأن كيري أبلغ أعضاء في الكونغرس في لقاءات خاصة أنه حان الوقت لتغيير الاستراتيجية في سورية.
ولدى سؤاله عن حقيقة ما أدلى به لأعضاء في الكونغرس عن ضرورة القيام بالمزيد لدعم المعارضة السورية رد كيري بالقول “لدى الرئيس أوباما الرأي نفسه.. ليس سرا أننا ننظر في طرق يكون لها تأثير حاسم في سورية”.
يذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وبعض الدول الخليجية التي تعتبرها حلفاء لها تقوم بتصدير ودعم الإرهاب على الأراضي السورية ضد الشعب السوري منذ نحو ثلاث سنوات وهذا ما اتضح بعد مقتل الكثير من هؤلاء الإرهابيين من جنسيات غربية وعربية فضلا عن الكميات الكبيرة من الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية التي تمت مصادرتها في أكثر من منطقة في سورية.
من جانب آخر دافع كيري عن الاتفاق النووي مع إيران الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي قائلا “إنه أوقف برنامج ايران النووي ودفعها إلى تدمير بعض مخزونها من اليورانيوم المخصب”معتبرا أن”هذا الاتفاق جعل إسرائيل والمنطقة أكثر أمانا”.
وأوضح كيري أن الولايات المتحدة لا تخسر شيئا من خلال المفاوضات مع إيران ويمكنها إعادة فرض العقوبات عليها خلال خمس ساعات في حال امتناعها عن تنفيذ الاتفاق كما أن لديها خيارات أخرى مؤكدا أن جميع البدائل مازالت على الطاولة/حسب قوله/.
وكانت إيران ومجموعة الدول الست الكبرى الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا توصلت في تشرين الثاني الماضي في جنيف إلى اتفاق مرحلي ينص على حق إيران بتخصيب اليورانيوم والحفاظ على منشاتها النووية مقابل رفع جزئي للعقوبات الغربية عليها.
وعن تصريحاته حول إمكانية تزايد المقاطعة الدولية لإسرائيل في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين والانتقادات التي طالته بعد ذلك قال كيري”يجب توضيح إطار تعليقاتي أنا لم أقل سوى ما يقوله الناس حول المشكلة القائمة وانا شخصيا لطالما عارضت المقاطعة وقد قابلت 28 وزير خارجية في أوروبا من أجل إقناعهم بعدم اتخاذ خطوات ضد إسرائيل”مضيفا”لدي سجل من التصويت لصالح إسرائيل بواقع مئة بالمئة خلال 29 سنة من العمل في الكونغرس”.
وأوضح كيري أنه “سيواصل جهوده من إحلال السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين”.
وتؤكد تلك التصريحات الدعم الأمريكي الكبير واللامحدود المنحاز لإسرائيل رغم كل ممارساتها العدوانية بحق المنطقة وشعوبها على مدى أكثر من ستين عاما بينما يحاول كيري استمرار المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين بعد استئنافها في الصيف الماضي رغم أنها لم تؤد على غرار سابقاتها إلى أي نتائج تذكر..
(المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 7/2/2014)