أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن القناعة بوجوب حل القضايا الدولية المتنازع عليها بالسبل السياسية وليس العسكرية، مشيراً إلى أن روسيا استطاعت بفضل هذا الموقف المبدئي بالذات وضع حد للكثير من الأحداث المأساوية وتطورها الدراماتيكي بما في ذلك الأحداث المرتبطة بسورية، بينما بحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد أمس مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الوضع في المنطقة وخصوصاً الأزمة في سورية وضرورة التوصل إلى حلول سياسية لها إضافة إلى بحث سبل مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.
في غضون ذلك أكد لافروف ونظيره العراقي هوشيار زيباري أن روسيا والعراق متفقتان على أن الحل السياسي هو الوحيد للأزمة في سورية ويجب على جميع الدول دعم ذلك.
وأوضح لافروف، في مؤتمر صحفي مشترك مع زيباري عقب مباحثات أجراها الجانبان في العاصمة العراقية بغداد أمس، أن استمرار دخول السلاح إلى الإرهابيين في سورية دون أي جهد دولي لوقف ذلك يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية فيها، داعياً الحكومة السورية والمعارضة إلى الوقوف معاً لمواجهة الإرهاب المدعوم من الخارج الذي تعاني منه سورية.
ولفت لافروف إلى أن بلاده تناقش حالياً في مجلس الأمن مشروع القرار حول المسألة الإنسانية في سورية وأن الأفكار والمقترحات التي تقدمت بها إلى مجلس الأمن بهدف إدانة التهديد الإرهابي تأتي بينما تسعى إلى تأمين جلوس ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة واتفاقهما على إجراءات مكافحة الإرهابيين معاً.
وأشار لافروف إلى أن روسيا تقدمت منذ فترة إلى مجلس الأمن بمشروع قرار ووثيقة تدين الإرهاب بكل أشكاله ولا سيما فيما يتعلق بالأزمة في سورية من خلال إدانة الإرهاب من المجموعات الإرهابية بكل أنماطها وتبحث في كل المسائل المتأزمة في المنطقة.
وأكد أن السبب وراء تقدم روسيا بمشروع القرار هذا هو أن الإرهاب يمثل الشر الذي يهدد النظام العالمي كله وعلى هذا الأساس فإن روسيا لا تتوافق مع الذين يحاولون تبرير الإرهاب أو التهديد الإرهابي بقولهم: إن «النظام في سورية لا يريد أن يتنحى»، مشدداً في الإطار ذاته على أنه لا يمكن إيجاد تبرير للعمليات الإرهابية.
وتابع وزير الخارجية الروسي: إن روسيا والولايات المتحدة تتعاونان في كثير من القضايا الملحة ومن بينها قضية مكافحة الإرهاب، معرباً عن أسفه الشديد لبروز ازدواجية في المعايير من الولايات المتحدة في تعاملها مع الأزمة في سورية، حيث يقول الأمريكيون: «إنه لن يتم التغلب على الإرهاب طالما بقي الرئيس الأسد في السلطة» فهذا الموقف يمثل تشجيعاً للمتطرفين وأولئك الذين يمولون الإرهاب ويمدون التنظيمات الإرهابية بالسلاح ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم الأزمة في سورية.
وأشار لافروف إلى أن الأمريكيين ومن خلال المحادثات الشخصية معهم كانوا يعترفون أن التهديد الرئيسي لسورية يتلخص في الإرهاب وليس في «النظام»، مبيّناً أن مثل هذا الموقف والتوافق بين الجانبين الروسي والأمريكي ظهر في حزيران من عام 2013 خلال انعقاد قمة مجموعة الثماني في شمال إيرلندا، حيث تقدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون آنذاك باقتراح لإدخال فقرة في نص قرار القمة بدعوة الحكومة السورية و«المعارضة» لتضافر الجهود بغية استئصال الإرهاب من الأراضي السورية وهذا ما تسعى روسيا لتطبيقه من خلال اتصالاتها مع كل الأطراف المعنية.
وشدّد لافروف على أن عملية إرسال المساعدات إلى سورية يجب ألا تعتمد فقط على رغبة أي طرف بذلك بل أن ترتكز على القانون الإنساني العالمي والمبادئ المعمول بها في المجتمع الدولي، مبدياً رغبة روسيا بتسليم المساعدات في سورية وفق الخطوات التي وردت في مسودة مشروع القرار الذي كانت قدّمته لمجلس الأمن الدولي دون أي خروقات.
وأضاف وزير الخارجية الروسي: إن مسألة المساعدات الإنسانية يجب تنسيقها وفقاً لقوانين المجتمع الدولي، محذّراً في الوقت ذاته من إمكانية قيام الإرهابيين باستغلال مسألة إيصال المساعدات لتهريب السلاح إلى مجموعاتهم عبر الحدود مع سورية وهو ما يتم من دون أي مساءلة لأحد بهذا الخصوص.
ولفت لافروف إلى البيان الرئاسي الذي كان أصدره مجلس الأمن مؤخراً ودعا فيه كل الأطراف إلى ضمان تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة في سورية.
وقال: روسيا والعراق اتفقا على الوقوف معاً في مواجهة الإرهاب هذا الشر الكارثي الذي ينتشر في المنطقة، مبيّناً في الوقت ذاته أن روسيا تسعى إلى قيام شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتقرير مصيرها بنفسها بعيداً عن أي تدخل خارجي أو محاولات لفرض وصفات جاهزة. وأضاف لافروف: التهديد الإرهابي يقلقنا بشكل جدي فهذه الظاهرة تنتشر في المنطقة برمتها وتساعد على ذلك الأحداث المأساوية في سورية وأجمعنا الرأي اليوم على ضرورة مكافحة هذا الشر استناداً للمبادئ المبرمة في مجلس الأمن والتي تقول: إن الإرهاب لا يعرف الحدود الوطنية ولا الدين ولا الأصول القومية ولابد من تضافر الجهود لمكافحته جماعياً.
من جهته لفت وزير الخارجية العراقي إلى أن الجانبين بحثا تطورات الأزمة في سورية ونتائج مباحثات «جنيف2» الأخيرة والدور المطلوب من الدول الكبرى ودول الجوار مع سورية لمضاعفة العمل والجهد لوضع حد للمأساة الإنسانية فيها.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدأ في وقت سابق أمس زيارة عمل إلى العراق يجري خلالها محادثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وكبار المسؤولين العراقيين حول الأزمة في سورية والتعاون بين البلدين في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والإنسانية.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء “Sana” بتاريخ 20/2/2014)