استمع مجلس الشعب في جلسته التي عقدها أمس برئاسة محمد جهاد اللحام رئيس المجلس إلى عرض سياسي قدمه وليد المعلم نائب رئيس مجلس الوزراء ـ وزير الخارجية والمغتربين حول آخر المستجدات السياسية والأزمة في سورية.
وأكد اللحام أن الدبلوماسية السورية استطاعت على مدى عقود تجاوز العديد من حلقات التآمر وبرهنت قدرتها على إفشال المخططات التي يحوكها الغرب والعرب ضد سورية في دفاعها عن الأمة العربية وحقوقها وسيادتها وقضيتها الأساسية فلسطين.
وأشار إلى أن وفد الجمهورية العربية السورية إلى مؤتمر جنيف عبّر بشكل لافت عن إرادة الشعب السوري وكبريائه وصموده ودافع عن سورية ورمزها وسيادتها ما لاقى صداه الطيب في الداخل والخارج.
بدوره قال وزير الخارجية والمغتربين: ما قمنا به كوفد للجمهورية العربية السورية إلى مؤتمر «جنيف2» جزء من واجبنا الوطني لكنه لا يعادل ما يقوم به كل جندي في الجيش العربي السوري مُرابط على حماية الوطن ومكافحة الإرهاب.
وأضاف المعلم: لم نشارك في صياغة «جنيف1» أو التحضير لـ«جنيف2» لكن من شارك لفترات طويلة واجتماعات متعددة هم وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والمبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي وهذه الأطراف اتفقت على دعوة عدد من الدول لحضور المؤتمر، لكننا فوجئنا أن لائحة الدول المدعوة 40 دولة معظمها من الدول المتآمرة على سورية.
ولفت الوزير المعلم إلى أن موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من سحب دعوته لإيران لحضور المؤتمر بعد نحو 12 ساعة من توجيهه الدعوة لها مخجل وأساء بهذا التصرف لنفسه كما أساء للأمم المتحدة مؤكداً إصرار الوفد السوري على الاستفادة من المشاركة في «جنيف2» وإسماع صوت سورية ومعاناة شعبها وما تقوم به المجموعات الإرهابية من جرائم بحق المواطنين إلى جميع الدول التي حضرت المؤتمر وخاصة أننا أدركنا أننا في ساحة معادية مرتبة لتكون كذلك من خلال حشدهم أكثر من 100 قناة فضائية وأكثر من ألف صحفي في المركز الإعلامي لمساندة ما يسمى «وفد الائتلاف» مشيراً إلى الجهود التي بذلتها وزارة الإعلام بمؤسساتها في مواكبة المؤتمر ونقل تطلعات الشعب السوري.
وأوضح وزير الخارجية والمغتربين أن وفد «الائتلاف» جاء ولديه تعليمات واضحة ووعود وصلت إلى درجة الأوهام بأنه سيتمكن من خلال مؤتمر «جنيف2» من «استلام السلطة» لذلك فهو لم يقبل مناقشة أي موضوع على الإطلاق سوى ما يسمى «هيئة الحكم الانتقالي».
وأشار إلى أن ورقة المبادئ السياسية التي أعدها الوفد السوري لا يختلف حول مضمونها أي سوري في الوطن أو خارجه بما تتضمنه من مطالب السوريين بإقامة دولة مستقلة ذات سيادة فيها نظام ديمقراطي متعدد مع ضمان حرية الرأي والمعتقد والحفاظ على النسيج الاجتماعي ورفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي وتحرير جميع الأراضي العربية السورية المحتلة لكننا فوجئنا أن الطرف الآخر رفض هذه الورقة وأصر على مناقشة هيئة الحكم الانتقالي كما رفض ورقة عمل أخرى تتضمن خطوطاً عريضة حول الالتزام بمكافحة الإرهاب ومنع تمويل وتسليح وإيواء الإرهابيين ومشروع بيان لإدانة موافقة الكونغرس الأمريكي على تمويل ما يسمى «المعارضة المعتدلة» رغم أن ما يهم الشعب السوري هو عودة الأمن والأمان ومكافحة الإرهاب.
ولفت وزير الخارجية والمغتربين إلى أن وفد «الائتلاف» جاء إلى المؤتمر بفكرة إلغاء الدستور واستبداله بإعلان دستوري متجاهلاً آلية إلغاء الدستور أو تعديله أو وضع دستور جديد مبيناً أن الوفد السوري كان يريد إلزام وفد «الائتلاف» بمكافحة الإرهاب الذي يتعرض له الشعب السوري من خلال مخاطبته للدول الداعمة له لوقف تمويل هذه المجموعات والتنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع الإرهاب ولم يكن يخشى مناقشة بند الحكومة الانتقالية وخاصة أن لدينا دراسة قانونية حول هذا البند.
ورأى وزير الخارجية والمغتربين أنه في حال استقال الإبراهيمي ولم توجه الدعوة إلى جنيف جديد فالمنطق يقود إلى شيئين هما الاستمرار بإنجازات قواتنا المسلحة التي تدعو إلى الفخر ومواصلة الحوار مع مختلف مكونات المجتمع السوري والمعارضة الوطنية والجبهة الوطنية التقدمية لإطلاق حوار وطني واسع تحت سماء الوطن وتشجيع المصالحات الوطنية التي تجري في أكثر من منطقة وتعميمها على بقية أرجاء الوطن لأن من شأنها التخفيف من نزيف الدم السوري.
وقدّم عدد من أعضاء المجلس مداخلات تمحورت بمجملها حول تطورات الأزمة في سورية ومجريات مؤتمر «جنيف2» وحقيقة المساعدات الإنسانية التي تقدمها بعض المنظمات الدولية.
وفي معرض رده على أسئلة واستفسارات أعضاء المجلس أشار وزير الخارجية والمغتربين إلى أن تحول مواقف بعض دول مجلس التعاون الخليجي من قطر جاء نتيجة تبنيها لحركة الإخوان المسلمين وتخوف هذه الدول من هذا التنظيم الإرهابي لافتاً إلى وجود محاولات من قطر لتحسين موقفها تجاه سورية لكن هذا الموضوع يحتاج إلى رأي الشعب السوري وخاصة أن قطر أسهمت في سفك دماء السوريين وعملت على تدمير البنية التحتية.
وحول وجود اتصالات بشأن عودة بعض السفارات إلى سورية، أشار المعلم إلى أن بولونيا قررت عودة سفارتها وننتظر ونرحب بقرار عودة سفارات الدول التي لم تتلطخ أيديها بالدم السوري لافتاً إلى أن سورية لا تواجه مؤامرة كونية فقط بل إن دولاً بأكملها تخشى أن تعاقب إذا اتصلت بنا.
ونفى المعلم وجود أي اتصالات دبلوماسية خفية مع الولايات المتحدة مشدداً على أن سورية لا تميل إلى هذه الاتصالات بل تبحث عن علاقات علنية حتى يعرف شعبنا ماذا نفعل.
ونقلت «سانا» عن المعلم تأكيده أن المستفيد الأول مما يجري في سورية والمنطقة العربية هي «إسرائيل» التي تعيش اليوم ربيعاً فعلياً وتقطف ثماره لتصفية القضية الفلسطينية وأن الولايات المتحدة تشعر أن هذا هو الوقت المناسب لترسيخ «يهودية إسرائيل» مشيراً إلى أن ما يجري في المنطقة العربية اليوم هو مخطط له منذ زمن وإن كانت أنظمة الخليج اليوم بمنأى عما يجري فإنها ستتأثر بهذا المخطط إذ إن الولايات المتحدة تريد الانسحاب من المنطقة وتسليمها «لإسرائيل» والالتفات إلى بلدان شرق آسيا وخاصة بعد صعود الصين كقطب عالمي.
وبيّن أن نقل «إسرائيل» لمئات الجرحى من الإرهابيين إلى مشافيها يؤكد أن هؤلاء عملاء حقيقيون لها وأنها تتدخل بشكل مباشر في الأزمة عندما تشعر أن الجيش السوري يحقق إنجازات ميدانية موضحاً أن القضاء على الإرهابيين هو رد مباشر على تدخل «إسرائيل» في الأزمة بسورية مؤكداً أن الاعتداء الإسرائيلي على الحميدية صباح اليوم «أمس» في الجولان جاء بعد أن شعرت «إسرائيل» بأن قواتنا الباسلة قامت بعملية استباقية من شمال الجولان وصولاً إلى درعا والحدود الأردنية لنسف أي تفكير بإقامة حزام آمن في الجولان هدفه حفظ أمن «إسرائيل».
وفي رده على سؤال حول التهديدات بفتح جبهة في جنوب سورية أوضح المعلم أن هذه التهديدات هدفها التهويل وأن جبهة الجنوب مفتوحة بالأساس حيث يتم يومياً إدخال السلاح والإرهابيين، معتبراً أن نفي الأردن عمليات تدريب وتسليح الإرهابيين على أراضيها لا يقدم ولا يؤخر لأن من يقوم بالتدريب هناك هم الأمريكيون من خلال غرفة عمليات مشتركة مع جهاز الموساد الإسرائيلي والأردن والسعودية، منوهاً بانتصارات الجيش العربي السوري وقضائه على أعداد كبيرة من الإرهابيين ومنع وصولهم إلى منطقة الغوطة ما جعل هذه الدول مترددة في تكرار إرسال الإرهابيين والتسلل إليها مجدداً.
وأضاف المعلم: الدول الغربية بدأت تتخوف من عودة الإرهابيين إلى بلدانها لافتاً إلى إصدار السعودية تشريعات تمنع الإرهابيين السعوديين من العودة وكأنها تريد منا أن نقتلهم قبل أن يعودوا، أما ما يتعلق بتكاليف تفكيك السلاح الكيميائي فأوضح المعلم أنه تم إنشاء صندوق في لاهاي للإنفاق على هذه العملية.
ورأى وزير الخارجية والمغتربين أن الشعب السوري بأغلبيته لا يريد من الدبلوماسية السورية وإعلامه الوطني أن يكونا في جنيف ولكن ما يريده أن نتمسك بالثوابت الوطنية والبحث في كل ركن عن الحل السياسي الذي ينهي الإرهاب ويعيد الأمن والأمان للبلد وأن الشعب السوري يحترم كل معارضة وطنية لكن أن يصل الأمر إلى الخيانة والمطالبة بالعدوان الخارجي فإن هذا الأمر مرفوض بالنسبة للشعب السوري لكونه وحده من يمنح الشرعية.
وحذر المعلم من مخاطر منح مقعد سورية في الجامعة العربية «للائتلاف» علماً أن عدداً من الدول العربية مترددة بهذا الإجراء بعد الموقف المخزي لوفد «الائتلاف» في «جنيف2» من بينها مصر التي لم تتخذ الموقف القومي المطلوب منها حتى الآن منوهاً بدور الدبلوماسية البرلمانية في تقريب وجهات النظر وهو ما ظهر جلياً أثناء التهديد بالعدوان الأمريكي على سورية مؤكداً أن تمسك الشعب السوري بوحدته الوطنية أسقط أيضاً خيار التدخل الخارجي.
وأوضح المعلم أن سورية لن تخضع للضغوطات الخارجية التي تستخدمها بعض الدول تحت ذرائع وعناوين إنسانية بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها علماً أن هذه الضغوط كانت قبل الأزمة وخلالها وحتى الآن مشيراً إلى أن القرار 2139 الصادر عن مجلس الأمن الدولي والقاضي بإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق السورية تمت مناقشته مع الأمم المتحدة لتنفيذه عبر آليات تضمن احترام السيادة الوطنية.
(المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 6/3/2014)