لم تتوصل روسيا والولايات المتحدة إلى تفاهم نهائي حول أوكرانيا، فالمواقف متباعدة بين موسكو التي تسعى إلى حل الأزمة الأوكرانية مع شركائها الغربيين بما يضمن عدم سفك دماء الأوكرانيين، وبين واشنطن التي تنوي مضاعفة تدخلاتها وزيادة عدد مقاتلاتها في بحر البلطيق وتسعيرها للأزمة التي تعصف في البلاد.
وفي موسكو بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع طارئ مع أعضاء مجلس الأمن الروسي الوضع في أوكرانيا بما في ذلك القرار المبدئي الذي اتخذه أمس المجلس الأعلى لجمهورية القرم بشأن انضمام الجمهورية إلى روسيا.
بالتزامن، أعلن رئيس لجنة مجلس «الدوما» لشؤون رابطة الدول المستقلة ليونيد سلوتسكي أن موقف روسيا بشأن القرم سيتحدد نهائياً بعد إجراء الاستفتاء العام هناك، مؤكداً أن مجلس «الدوما» سيرسل مراقبين يمثلون جميع الكتل النيابية إلى الاستفتاء الذي سيجرى في القرم في 16 آذار الجاري.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن سلوتسكي قوله أمس: البرلمان الروسي سينظر بعد الاستفتاء في القرم وتحديد موقف القيادة الروسية بهذا الشأن في مشروع قانون يسمح لشبه الجزيرة بالانضمام إلى روسيا الاتحادية، مشيراً إلى أن وفداً من المجلس الأعلى للقرم برئاسة رئيسه فلاديمير قسطنطينوف سيزور موسكو في القريب العاجل وأن النواب الروس أقاموا اتصالات وثيقة مع زملائهم من القرم بما في ذلك مسائل التعاون الإنساني.
وفي وقت سابق أعلن المركز الصحفي لبرلمان القرم أن المجلس الأعلى للجمهورية اتخذ قراراً مبدئياً بانضمامها إلى روسيا واقترح على الرئيس بوتين ومجلس الدوما الروسي البدء في عملية الانضمام بينما أعلن رستام تيميرغالييف النائب الأول لرئيس وزراء جمهورية القرم أمس أن تاريخ إجراء الاستفتاء على مستقبل الجمهورية جرى تقديمه إلى تاريخ السادس عشر من شهر آذار الحالي، مشيراً إلى أن الاستفتاء سيطرح على المواطنين سؤالين أولهما حول انضمام القرم إلى روسيا والثاني حول إمكانية الرجوع إلى دستور القرم لعام 1992 الذي ينص على أن القرم جزء من أوكرانيا مع تحديد العلاقات بينهما على أساس المعاهدات والاتفاقات.
وفي رد روسي على محاولات رفض عقوبات دبلوماسية وغير دبلوماسية على موسكو، أكدت وزارة الخارجية الروسية أمس أن موسكو سترد فوراً في حال أقدمت قنصليات دول الاتحاد الأوروبي على تشديد الإجراءات الخاصة بمنح تأشيرات الدخول لمواطني روسيا.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن المتحدث باسم الوزارة الكسندر لوكاشيفيتش قوله: إذا قامت أقسام قنصلية لدول من أعضاء الاتحاد الأوروبي بتشديد إجراءات خاصة بالنظر في طلبات منح التأشيرات فإننا سنرد على ذلك فوراً.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن في أعقاب محادثاته مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في روما انه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول أوكرانيا، حسبما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية، مشيراً إلى أن نيات الولايات المتحدة فرض عقوبات على روسيا تؤجج الأجواء، واصفاً تهديداتها بغير البناءة.
وقال لافروف: لا يمكننا أن نعلن في الوقت الراهن للمجتمع الدولي أننا توصلنا إلى اتفاق، مضيفاً: لقد اتفقنا على درس الأفكار التي طرحها جون كيري بخصوص إجراءات ملموسة يجب اتخاذها.
وأوضح وزير الخارجية الروسي أنه من المهم بالنسبة لموسكو احترام اتفاقات 21 شباط المتعلقة قبل كل شيء بإصلاح الدستور وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتنظيم انتخابات بعد الإصلاح الدستوري، كما أكد أن روسيا ستستمر في مناقشة الوضع في أوكرانيا مع الشركاء الغربيين.
وبينما تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على تأجيج الاضطرابات في هذا البلد من خلال دعم المعارضة اليمينية المتطرفة، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي فاسيلي نبينزيا عن أمل بلاده بأن تكون القوى العقلانية في أوكرانيا قادرة على توحيد البلاد.
إلى ذلك حذر فلاديمير تشيخوف الممثل الدائم لروسيا في مجلس الاتحاد الأوروبي من التورط بفرض عقوبات على روسيا، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي سيضطر لدفع ثمن كل ما يقوم به وسترتد عليه العقوبات بالثمن ذاته.
وفي استطلاع للرأي أجراه معهد «فتسيوم» عبّر المواطنون الروس للأسبوع الثاني على التوالي عن رأي ايجابي بصدد نشاط الرئيس بوتين بخصوص القضايا السياسية وغير السياسية ووصلت نسبة المؤيدين له إلى أعلى مستوى لها إذ تفيد نتائج الاستطلاع أن نسبة 67,8 بالمئة من المواطنين الروس تؤيد نشاط الرئيس بوتين على خلفية اشتداد الأزمة السياسية الحالية في أوكرانيا والتنظيم الناجح للألعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي التي جرت الشهر الماضي.
وفي الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الحالية التي تشهدها أوكرانيا، أعلنت هيئة الأركان المشتركة الأمريكية عزم واشنطن مضاعفة عدد مقاتلاتها في بحر البلطيق.
(المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 7/3/2014)