بدأت في العاصمة العراقية بغداد أمس أعمال مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة الإرهاب بمشاركة وفود من 56 دولة عربية وأجنبية.
وأوضح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكى فى كلمة له خلال افتتاح المؤتمر أن ما يهدف إليه المؤتمر هو”حشد العالم ضد الإرهاب وعزله من أجل أن تكون العواصم والمدن آمنة وليذهب الأطفال الى مدارسهم بسلام فى بغداد وفى كل مكان فى العالم” مضيفا “إن الأمن والأمان لا يتجزأ”.
و اعتبر المالكى أن المؤتمر محطة أساسية للتعاون وتبادل الخبرات فى مواجهة أخطر ظاهرة يشهدها العالم حاليا لافتا إلى أهمية انعقاد المؤتمر في مدينة بغداد باعتباره رسالة قوية داخل العراق وخارجه مشددا على أن “هذه المدينة العظيمة التي أراد لها الإرهاب أن تموت تحدت ونهضت وانتصرت وأصبحت نقطة التقاء كل العالم بعد أن تحطمت على أسوارها أحلام قوى الشر الظلام”.
وحذر رئيس الوزراء العراقي من “تمدد الفكر الإرهابى من سورية إلى كل دول المنطقة والعالم” معتبرا أن العالم لم يكن موحدا ضد الارهاب كما هو عليه اليوم ما يتطلب اجراءات عملية لتجفيف منابع الإرهاب وملاحقة العناصر والتنظيمات الإرهابية التكفيرية”.
ورأى المالكي أن “العراق هو الدولة الأولى التى قاتلت الإرهاب نيابة عن جميع دول العالم” مشيرا إلى التضحيات الكبيرة في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة اضافة للدمار الهائل في البنى التحتية فى موءسسات الدولة المختلفة والتى قدمها العراقيون من كل مكوناتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية فى هذه الحرب التى استمرت سنوات طويلة.
ونوه المالكى بوقوف العراقيين صفا واحدا إلى جانب القوات الأمنية فى مواجهة الإرهاب مؤكدا أن العمق الحضارى والتاريخى وموقف العراقيين ساهم بدرجة كبيرة في إحباط مخططات التنظيمات الارهابية والميلشيات التى كانت ولا تزال تعمل على اثارة الفتنة الطائفية واسقاط العملية السياسية والتجربة الديمقراطية.
وقال المالكي “إن تحذيرات العراق لم تؤخذ بعين الاعتبار والجدية المطلوبة رغم أنه كان بالإمكان تحاشى انزلاق عدد من دول المنطقة فى فتنة التطرف والتكفير لو تم التعاون باهتمام”.
معربا عن أسفه تجاه بعض الدول التى تحولت بعض مؤسساتها “من حيث لا تشعر أو لا تريد” إلى حاضنة حقيقية للإرهاب وفتاوى التكفير والحقد والكراهية وتجميع الأموال للانتحاريين الذين ينطلقون من أكثر من أرض ويتدفقون باتجاه مدن العراق وغيره من دول المنطقة ليزرعوا فيها الموت والدمار.
وجدد المالكى الدعوة لمكافحة الإرهاب وأخطار الفتنة الطائفية ومواجهة ثقافة التكفير والكراهية التى من المؤكد أنها ستحرق عاجلا أم اجلا البلدان العربية كافة فحين “تضرم النار فى بيت جار وشقيق ستلتهب في دارنا أيضا”.
واعتبر المالكى أن بعض دول المنطقة وبعض الدول بشكل عام تتحمل المسؤولية عن اعتمادها منطقا يمنح الحق لمنظمة القاعدة وتنظيم “دولة الاسلام فى العراق والشام” الإرهابى بما ترتكبه من جرائم ضد من تكفرهم لافتا إلى أن “من يقتل فى العراق لا يقتل لدين أو لطائفة بل لاجل أجندة ممنهجة”.
ورأى رئيس الوزراء العراقى أن سورية تحولت الى أكبر ساحة نشاط للإرهاب وتوسعت بدخول الإرهابيين الى العراق وباقى دول الجوار والعالم مضيفا “إن أي تأجيل أو تأخير للصراع الدامى في سورية يعنى أمرين أساسيين.. أولهما أن سورية سيتم تدميرها بالكامل أو تفكيكها وهذه جريمة بحق بلد محورى فى المنطقة وثانيهما أن عاصفة الدمار ستهب على جميع دول المنطقة دون استثناء” مؤكدا أن “كل من يظن أنه سيكون فى مأمن من طوفان الارهاب يرتكب خطأ فادحا”.
وحذر المالكي من تحول “كل دول المنطقة إلى معسكرات للأشرار وشذاذ الآفاق فى حال لم تتوقف الحرب فى سورية ما يتسبب بسقوط القتلى فى دول العالم بدلا من أن تكون شريكا فاعلا وقويا في النهضة الاقتصادية والتنمية والتقدم مع أن هذه المنطقة كانت مهدا لأولى الحضارات في العالم”.
وتطرق المالكي إلى الإرهاب التكفيرى الذى طال الجزائر في منتصف التسعينيات من القرن الماضى والى الجرائم التى ترتكبها التنظيمات الارهابية بحق الانسانية والدمار الذى تعاني منه الشعوب بسبب أعمالها الوحشية اضافة الى أن هذه التنظيمات تتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية عن الإساءة البالغة التي يتعرض لها الدين الاسلامى وكل الشرائع السماوية والأديان وحقوق الانسان وأسس الديمقراطيات والحريات فى العالم.
وطالب رئيس الوزراء العراقي المجتمع الدولى بالتعاون مع دول المنطقة عبر اتخاذ اجراءات رادعة وسريعة لحماية الدول والشعوب والمصالح معربا عن الأمل بأن يخرج هذا المؤتمر بتوصيات عملية تنفيذية لها من يتابعها داعيا إلى التنسيق والتعاون الأمني والاستخبارى وتبادل المعلومات لملاحقة التنظيمات الإرهابية وتفكيك شبكاتها التخريبية وتفعيل مذكرات القاء القبض بحق قادة وعناصر هذه التنظيمات.
كما حث المالكى الدول التى تنطلق من أراضيها فتاوى التكفير والقتل على اتخاذ مواقف حاسمة لحرف وتصحيح الكثير من الثقافات والمناهج فى المؤسسات التعليمية التى تروج للعنف وتجفيف منابع الإرهاب ماليا اضافة الى ضرورة فرض عقوبات على الدول والشركات والأشخاص الذين يدعمون المنظمات الإرهابية وحظر الأنشطة الدعائية لمن يدعمهم وايقاف بث القنوات التي تحرض على ثقافة التكفير وإشاعة الطائفية مبينا أن “من يحتضن الإرهاب أو يسكت عنه سيجد نفسه شريكا أساسيا في الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية جمعاء”.
واقترح المالكي تأسيس أمانة عامة تكون بغداد مقرا دائما لها لتضع استراتيجية كاملة لمحاربة الإرهاب على الصعيدين الاقليمي والدولي لمتابعة مقررات المؤتمر.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 13/3/2014)