يدخل الصراع في سورية سنته الرابعة دون التوصل إلى حل دبلوماسي أو عسكري، أما اللاعبون الدوليون فقد استنفذوا كافة استراتيجياتهم، ويبقى بشار الأسد في السلطة، بينما المتمردون مهددون من قبل الجماعات المتطرفة.
أكثر من 140.000 قتيل، وملايين من اللاجئين، ومنطقة بأسرها تزعزع استقرارها، هذه هي الصورة المروعة للصراع، ولكن، وعلى عكس السودان أو الصومال، فإن الفكرة السائدة هي أن سورية دخلت في قائمة الدول التي يستحيل حل النزاع فيه، هذا ما يقوله كريستوفر فيليبس، خبير مركز التفكير تشاتمان هاوس /Chatman House/ في لندن .
بالإضافة إلى ذلك، تحول اهتمام المجتمع الدولي الآن إلى أوكرانيا، حيث هناك أزمة كبيرة بين روسيا والغرب اللذين هما بالفعل في نزاع بشأن الملف السوري. “إنه لأمرٌ مأساوي بالنسبة لسورية أن تندلع الآن الأزمة الأوكرانية“، يقول فيليبس الذي يعتقد أن تدهور العلاقات بين الغرب وروسيا لن يشجع موسكو الداعمة للرئيس الأسد على تغيير موقفها من الملف السوري.
وحذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أن فشل مفاوضات جنيف (كانون الثاني وشباط من العام الحالي) التي جمعت ولأول مرة على مدى ثلاث سنوات من الصراع إلى طاولة واحدة كل من النظام والمعارضة، قد أعطت الأمل بإيجاد حل للأزمة رغم التحفظات الغربية. وقال “كم استمرت مفاوضات السلام من أجل فيتنام؟ أو تلك المتعلقة باتفاقات دايتون بشأن يوغوسلافيا السابقة؟ هذه الأمور لا تحل في شهر واحد”. من ناحية أخرى، يبين مصدر أوروبي أن تزايد نفوذ الجماعات المتطرفة بين صفوف المعارضة “المعتدلة” والتي تعاني أصلا من الخلافات وفقدان المصداقية، قلَّص دعم المتمردين السوريين من قبل الغرب الذي لم يعد “يريد الإسلاميين ولا الحكومة السورية”. وعليه، الغرب قلق جدا لأن مئات من الأجانب انضموا إلى المتمردين في سورية، وخصوصا إلى المتطرفين. ويرى الخبير فيليبس “اعتُبِرت سورية وعلى مدى عامين أزمة سياسية، ولذلك كان الخطاب عن أن الرئيس فقد شرعيته، وعليه التخلي عن السلطة، ولكن مع استمرار الحرب، تزايدت الجماعات المقربة من تنظيم القاعدة وأصبحت سورية مسألة أمنية“.
وقال دبلوماسي غربي “وجود آلاف المقاتلين المتطرفين القادمين من أوروبا في سورية تسبب بمخاوف جدية لدى الدول التي قدموا منها. وفي هذا السياق، ترغب أجهزة الاستخبارات في تلك الدول باستئناف التعاون مع سوريا. وأكد مسؤول فرنسي أن “الأسد شريك في الحرب ضد الإرهاب“. إن رحيل الرئيس السوري عن السلطة والذي طالب به الغربيون في بداية الصراع، لم يعد مدرج على جدول أعمال تلك الدول. فاتفاقية الأسلحة الكيميائية التي تم التفاوض بشأنها في أيلول من العام الماضي بين الأمريكيين والروس لتجنب العمليات العسكرية الغربية ضد سورية، أعادت الشرعية للأسد الذي أعلن أنه على الأرجح سيترشح لفترة رئاسية ثالثة في الانتخابات الرئاسية في حزيران القادم.
وقال الخبير دافيد غاردنشتاين حول هذا الموضوع أمام لجنة برلمانية في الولايات المتحدة “من الواضح الآن أن إبعاد الأسد عن السلطة غير وارد كما كان يعتقد الخبراء قبل عام”.
وحذر الخبير آدم باكسكو الخبير في مركز نوريا الدولي في باريس من أن عدم إشراك الغرب وترك مفاتيح حل هذه القضية سيكون له ثمنا باهظاً، مشيراً إلى تأثير الأزمة في زعزعة الاستقرار في المنطقة بسبب ملايين اللاجئين والشباب الغربيين الذين ينضمون إلى الجماعات المتطرفة في سورية، وقال “إذا كانت سورية بعيدة عن الولايات المتحدة، فهي بالنسبة لنا نحن الأوروبيون على حدودنا، والتفكير بالمصالح الاستراتيجية غير عقلاني ويجب حل الأزمة السورية”.
(المصدر: وكالة ميديا فاكس للأنباء “MediaFax” بتاريخ 15/3/2014)