استمع مجلس الشعب في جلسته التي عقدها اليوم برئاسة محمد جهاد اللحام رئيس المجلس إلى عرض لوزيري السياحة والثقافة حول الأضرار التي لحقت بالقطاع السياحي والآثار السورية والإجراءات المتخذة للحفاظ على الأوابد التاريخية والإرث الثقافي والحضاري الذي يتعرض للنهب والسرقة والتخريب من قبل المجموعات الإرهابية.
وتركزت مداخلات أعضاء المجلس حول ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لحماية المواقع والأوابد التاريخية والأثرية والحفاظ عليها بالتعاون مع كل الجهات المعنية وصيانة المتاحف الوطنية والعمل لتجاوز آثار الأزمة على القطاع السياحي وتأمين مستلزماته بالاعتماد على ما تمتلكه سورية من مقومات وإصدار الخارطة السياحية والترويج للمواقع الأثرية.
ودعا الأعضاء الى اعادة تأهيل المدن المنسية في البادية ودراسة وضع المشروعات السياحية والفنادق والمطاعم القائمة وتصنيفاتها وأسعارها والاهتمام بمنطقة رأس البسيط على الشاطئ السوري ومتابعة المشروعات السياحية في إرواد وقلعة الكهف في الشيخ بدر بمحافظة طرطوس.
وأشار بعض الأعضاء إلى ضرورة حماية آثار تدمر وبصرى وماري والتلال والمدافن الأثرية في الحسكة وإدلب من إرهاب المجموعات المسلحة وأعمال السرقة والنهب ومتابعة وضع متحف معرة النعمان وتعقب أثر اللقى الأثرية المسروقة وتوثيق كل الانتهاكات بحق الإرث الحضاري الوطني ونشرها للعالم.
ودعا بعض الأعضاء إلى إحداث كلية للسياحة لتخريج كوادر كفوءة ومدربة والاهتمام بتأهيل الأدلاء السياحيين والتعاون مع وزارتي التربية والتعليم العالي لإدراج دراسة المواقع الأثرية في المناهج مع الاهتمام بالسياحة الشعبية والدينية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة ترميم ما تم تخريبه وتهديمه من دور العبادة والمقدسات الدينية والتماثيل على أيدي الإرهابيين التكفيريين.
ورأى عدد من الأعضاء أهمية إعادة النظر بصيغ الاستثمار على أساس عقود الـ “بي او تي” والتركيز على السياحة الداخلية وحل الإشكاليات التي تعيق إقامة فندق الحسكة واستثمار مخيم بانياس السياحي وإعادة النظر ببعض التشريعات التي تنظم العمل السياحي.
وفيما يخص وزارة الثقافة لفت الأعضاء إلى ضرورة وجود برنامج عمل واضح للوزارة لإظهار التنوع الثقافي واعتماد استراتيجية عمل تأخذ بعين الاعتبار كل الشرائح بدءا من الطفولة حتى الشيخوخة وتفعيل المراكز الثقافية ومسرح الطفل والنهوض بالسينما السورية وزيادة الموازنة المخصصة للوزارة والاستمرار
بتعزيز القيم الثقافية والحوارية وإقامة ندوات ثقافية عبر وسائل الإعلام واستقطاب المثقفين وتوظيف آرائهم لخدمة سورية ودعم موقفها وبناء المكون الفكري السليم للمواطن لإرساء حالة فكرية وطنية.
من جانبه استعرض وزير السياحة المهندس بشر يازجي الأضرار التي لحقت بالقطاع السياحي وخطط الوزارة لتجاوز الأزمة مشيرا إلى توقف 371 منشأة فندقية ونحو 400 مشروع سياحي منها 17 بصيغة “بي او تي” و أكثر من 258 ألف عامل عن العمل منهم 86 ألف عامل من فنادق ومطاعم ومكاتب سياحة وسفر و172 ألف عامل كانوا يعملون في قطاعات تابعة للسياحة وذلك نتيجة الأوضاع الراهنة.
وبين الوزير أن قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاع السياحي وصلت إلى نحو 330 مليار ليرة سورية بواقع 25 مليار ليرة شهريا منها 165 مليار ليرة أضرار مباشرة طالت الفنادق والمطاعم ومكاتب السياحة والسفر و135 مليارا أضرار غير مباشرة للقطاعات المتعلقة بقدوم السياح كقطاعات النقل والزراعة والصناعة إلى جانب 20 شهيدا قدمتهم الوزارة.
وأكد الوزير يازجي بذل كل الجهود ليكون القطاع السياحي من اوائل القطاعات المتعافية من الأزمة من خلال وضع استراتيجية عمل على المدى القريب والبعيد تعتمد تحليل الواقع السياحي في الفترة الماضية ومواطن الخلل والتحديات القادمة والفرص المتاحة للانطلاق بخطوات محددة لتصحيح الخلل وتهيئة البيئة الحاضنة والمناسبة للتطوير والاستثمار السياحي بالاعتماد على المشاركة الواسعة بالرأي ضمن الوزارة وخارجها لوضع خطط ومحاور عمل قابلة للتنفيذ.
ولفت الوزير يازجي الى تشكيل فريق عمل من الكوادر المختصة لتقييم التشريعات السابقة ومدى انعكاسها على المشروعات والمستثمرين والمباشرة بتعديلها وتطويرها بما يتناسب مع المرحلة القادمة لتقديم حوافز استثمارية وإجرائية تساعد على النهوض بالقطاع السياحي حيث تم الانتهاء حاليا من التعديلات الخاصة بالمرسوم 198 لعام 1961 وتحديث أحكام القرار رقم 198 الصادر عن المجلس الأعلى للسياحة وتطوير القرار 383 لعام 2013 الناظم لعمل الجمعيات السياحية.
وأشار وزير السياحة إلى أن الوزارة قامت بدراسة جميع الجوانب الإيجابية والسلبية لكل العلاقات التشاركية السابقة وصيغ الاستثمار المعتمدة في القطاع السياحي بغية تحسينها بوصفها إحدى النقاط التي يمكن أن تدفع باتجاه توفير الظروف الملائمة لإعادة إنعاش الصناعة السياحية بعد ما تعرضت له من أضرار وخسائر جراء الأزمة.
وفيما يتعلق بنظام الاستثمار الـ “بي او تي” رأى وزير السياحة أن عددا من المشاريع الموضوعة بالخدمة والمطروحة في ملتقيات الاستثمار لم تحقق فرص التوازن الاستثماري بكل المناطق لتركزها في مراكز المدن الكبرى وضعف الإقبال على المناطق التنموية الأخرى معتبرا أن من إيجابيات هذه الصيغة المحافظة على أراضي الدولة دون زيادة العبء على الموازنة العامة.
وأكد الوزير يازجي ضرورة المضي بتغيير بعض نظم الاستثمار في القطاع السياحي حيث هناك حاجة في هذه المرحلة لوضع نظام تشاركي جديد للمشاريع الاستثمارية مع باقي الجهات الحكومية والتعاون مع المنظمات والنقابات والمصارف وكل القطاعات الوطنية المعنية بما فيها القطاع الخاص وذلك من خلال طرق الاستثمار التي تراعي خصوصية كل حالة ومنطقة.
ولفت الوزير يازجي إلى أهمية التفكير بالنهوض بالقطاع العام من خلال تطوير دوره كمطور ومستثمر عوضا عن الاعتماد الكلي على القطاع الخاص حيث هناك فكرة لإنشاء شركة حكومية لها استقلالية إدارية ومالية تتبع لوزارة السياحة وتدير أصولها وممتلكاتها لتكون بمثابة المطور الرئيسي لأبرز الوجهات السياحية والمجمعات والضواحي الاصطيافية في سورية.
وأشار وزير السياحة إلى أن الوزارة تقوم بإعداد الخارطة الاستثمارية السياحية المتكاملة لأغلب المناطق والتي شملت جميع مقومات الجذب السياحي الطبيعي والأثري إضافة إلى تحديد مناطق التطوير السياحي والتنمية السياحية حيث تم إنجاز نحو 70 بالمئة منها والبدء بالتنسيق مع هيئة التخطيط الإقليمي ليتم إسقاط الدراسات التخطيطية والتنظيمية ومناطق التطوير المستقبلية في الإطار العام لسياسة التخطيط الإقليمي.
وأكد الوزير يازجي أن ملف استملاكات الوزارة في منطقة الساحل يشكل اولوية وتتم دراسته بجدية لتقديم حلول منطقية تنطلق من مبدأ المضي بمشروع تطويري للساحل بشكل عام والأراضي المستملكة بشكل خاص حيث تم وضع تصور لإستراتيجية تشمل تطوير واستثمار الساحل السوري ضمن برنامج إدارة التطوير السياحي برؤية جديدة لم تتبع سابقا والاستفادة من الدراسات التخطيطية السابقة وتقييمها والأخذ بالجوانب الإيجابية.
وبين الوزير أن الوزارة تعمل حاليا على إعادة إظهار الصورة الحقيقية لسورية وحضارتها بالتعاون مع المغتربين الوطنيين ليكونوا سفراء حقيقيين لنشر الثقافة والهوية التراثية إضافة إلى العمل في مجال التدريب وتاهيل الكوادر العاملة في القطاع السياحي والاهتمام بتطوير أداء الدليل السياحي وزيادة خبراته المختلفة.
وفيما يتعلق باسعار المطاعم والفنادق تطرق الوزير إلى إجراء عدة اجتماعات مع مندوبي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك واتحاد غرف السياحة لتحديد أسس التسعيرة في المنشات السياحية حيث تم تسعير نحو 700 صنف وسيتم العمل على مراقبتها الى جانب ضبط أكثر من 25 مخالفة تتعلق بالتسعيرة لافتا إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الجمعيات السياحية في إنشاء قرى سياحية وخلق مجتمعات جديدة في المناطق التي تحتاج الى تسويق سياحي.
من جانبها أكدت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح أن الوطن مستهدف بتطوره وإنسانه وفكره وتاريخه وآثاره وتراثه الثقافي والحضاري بهجمة بربرية معادية في ممارستها لكل فكر ثقافي وحضاري.
ولفتت الوزيرة مشوح إلى العمل على تحصين جميع المتاحف الأثرية في سورية حيث لم يتضرر منها سوى متحف الرقة إلى جانب التواصل وبشكل يومي مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونيسكو” بالتعاون مع وزارة الخارجية والانتربول الدولي والجمارك الدولية والجهات المعنية في لبنان للتعرف على مكان القطع الأثرية المسروقة واستعادتها إلى أرض الوطن.
ونوهت وزيرة الثقافة بجهود المجتمع المحلي الذي أثبت وطنيته وولاءه لسورية وساهم في حماية الكثير من المواقع الأثرية على امتداد رقعة الوطن.
وأوضحت الوزيرة أنه لدى سورية نحو 10 آلاف موقع أثري على امتداد رقعة الوطن تختلف في أهميتها التاريخية منها ما هو منقب بشكل كامل وأخرى تم نقل مقتنياتها إلى المتاحف أو تم وضعها في عهدة السلطات الأثرية مبينة أن أكثر من 700 تل أثري جنوب مدينة الحسكة تم تخريبها وهدمها ونبشها من قبل الإرهابيين إضافة إلى نحو 50 حفرة غير علمية في موقع ماري تم إحداثها بهدف سرقة اللقى الأثرية الموجودة فيه.
وأشارت إلى أن الوزارة ركزت عملها خلال هذه المرحلة على تحصين المتاحف الأثرية التي تحتضن لقى أثرية تعود لآلاف السنين ولا تقدر بثمن موضحة أن نحو 9 صناديق تحوي قطعا ولقى أثرية تم نقلها من متحف الرقة الأثري ومن المواقع الأثرية القريبة إلى أماكن مجهولة وأن نحو 31 صندوقا تم إخراجها أمس من أحد المتاحف الأثرية بإحدى المناطق وأصبحت الآن في عهدة أناس وطنيين أقسموا يمين الولاء للوطن وتاريخه وكنوزه.
ولفتت وزيرة الثقافة إلى أن جميع محتويات متحف دير الزور بأمان وأن الوزارة قامت بنقل عدد من القطع الأثرية من متحف القنيطرة وأن ما تهدم من جميع المتاحف الأثرية هي المكاتب والنوافذ وبعض الأضرار المادية مؤكدة أن ما تردد حول سرقة 200 لوحة فسيفساء هي الأندر في العالم كلام عار عن الصحة حيث تم تصوير مقاطع فيديو مفبركة على أنها في سورية بغية بيع لوحات فسيفساء مزيفة على أنها أصلية.
وأشارت إلى تضرر إحدى نوافذ معبد بل التدمري وإصابة الجزء الأعلى منه بحروق بفعل إرهاب المجموعات المسلحة وهي أضرار يمكن ترميمها لكن أكبر الأخطار التي أصابت المدن القديمة والمواقع الأثرية هو ما تعرضت له مدينة حلب القديمة من حرق وتخريب على أيدي الظلاميين والتكفيريين الذين قاموا بتفخيخ الأسواق وتفجيرها مؤكدة أن الشعب السوري بصموده وتضحياته قادر على إعادة بناء ما تم هدمه بهمة المواطنين الشرفاء لكن الأهم هو العمل على بناء الإنسان والارتقاء بمستواه الفكري كونه الأساس لبناء الأوطان.
وأوضحت مشوح أن منظمة اليونيسكو خصصت في آخر اجتماع لها نحو 5ر2 مليون يورو لترميم الآثار السورية وتم إدراج هذه المبالغ ضمن خطط الوزارة التي تعمل حاليا على إعداد مشروع قانون لإحداث الهيئة العامة لحماية التراث الأثري والتي من الممكن أن تحل مكان المديرية العامة للآثار والمتاحف.
ولفتت إلى التعاون الوثيق مع وزارة الإعلام في مجال التركيز على تغطية الشأن الثقافي في سورية والحملة التنويرية التي تقوم بها وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة الأوقاف وأي جهة راغبة بنشر ثقافة المواطنة والإسهام في البناء الفكري مبينة أن نحو 55 بالمئة من التغطية الإخبارية في وسائل الإعلام الوطنية المختلفة كانت تركز على النشاطات الثقافية والنوعية التي تقوم بها وزارة الثقافة.
وأكدت وزيرة الثقافة أن الوزارة لديها خطة للاهتمام بثقافة الطفل حيث قامت بإعداد مشروع وطني استراتيجي لهذه الغاية ونظمت عددا من ورشات العمل بالتعاون مع وزارات التربية والإعلام والتعليم العالي إضافة إلى خطتها للنهوض بالمراكز الثقافية من خلال إخضاع مدرائها لدورات تدريبية وتأهيلية تمكنهم من جذب الجمهور إلى هذه المراكز بطرق غير تقليدية لإيصال الأفكار المرغوبة.
وأوضحت أن وزارة الثقافة وبالتعاون مع وزارة التربية قامت باستبدال بعض المراكز الثقافية التي خرجت من الخدمة بقاعات دراسية في عدد من المدارس وتم من خلالها افتتاح دورات ثقافية في أكثر من 200 شعبة صفية كما أن مديرية تعليم الكبار في وزارة الثقافة تقوم حاليا بدورات على القراءة والكتابة في مراكز الإقامة المؤقتة إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الداخلية لتنظيم عدد من الأنشطة الثقافية في بعض المؤسسات التابعة لها ضمن خطة الوزارة لبناء الإنسان.
وأشارت إلى أن المؤسسة العامة للسينما أحرزت مؤخرا 4 جوائز ذهبية ضمن مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة في عدد من المهرجانات حول العالم وقامت بانتاج عشرات الأفلام القصيرة في إطار مشروعها لدعم سينما الشباب مبينة أن مطبوعات الوزارة لم تتوقف طيلة فترة الأزمة حيث قامت الهيئة العامة للكتاب
بطباعة نحو 107 عناوين في مختلف المجالات إضافة إلى إصدارات الوزارة الأخرى كمجلة “المعرفة وأسامة” وغيرها من المطبوعات الدورية نصف السنوية والربعية إضافة إلى عملها في إطار الخطة الوطنية للترجمة التي تم إطلاقها نهاية العام 2012 حيث سيتم قريبا إصدار نحو 60 كتابا مترجما ضمن هذه الخطة.
وأوضحت الوزيرة مشوح أن الوزارة قامت مؤخرا بعرض خطة مع محافظة دمشق تقوم على تخصيص إحدى الحدائق العامة في مدينة دمشق لنصب عدد من التماثيل التي تخلد شخصيات فكرية ووطنية ساهمت في نهضة الوطن وبنائه.
وأحال المجلس أسئلة الأعضاء الخطية إلى مراجعها المختصة.
ورفعت الجلسة إلى الساعة الثانية عشرة من يوم الأحد الواقع في 30 آذار الجاري.
حضر الجلسة وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب الدكتور حسيب شماس.