صرح الرئيس الروماني السيد ترايان باسيسكو يوم أمس الثلاثاء (25/3/2014) خلاله مشاركته في قمة الأمن النووي في لاهاي والذي حضره أكثر من 50 رئيس دولة أن رومانيا استوفت جميع الالتزامات التي اتخذت في القمة السابقة والمتعلقة السلامة النووية، فهي الدولة الثالثة التي تعيد ومنذ عام 2009 الوقود النووي المستخدم إلى الفيدرالية الروسية.
وقال باسيسكو إن رومانيا من بين الدول الـ 34 في العالم التي لديها دورة نووية كاملة وهي الأنظف لأن النظام الروماني لا يستخدم اليورانيوم المخصب.
وأعرب ترايان باسيسكو عن قلقه من هجمات الانترنت ضد المنشآت النووية، دون الإشارة إلى هجمات بفيروس ستكسنت “Stuxnet” على روسيا وإيران، والمشتبه الرئيسي فيها هي دولة إسرائيل.
وقال الرئيس الروماني “أمن المنشآت النووية السيبراني هو موضوع ذو أهمية كبيرة. تصورا مفاعلات نووية تعمل في نظام سيبراني مصاب بفيروس! سيكون كارثة. خطر هجوم عبر الانترنت على أنظمة التحكم النووي هو خطر قائم وحقيقي. وينبغي على جميع الدول التركيز على منع الهجمات السيبرانية على أنظمة التحكم النووي“.
وتابع باسيسكو “رومانيا واحدة من أهم الدول المعنية بمنع العبور غير المشروع للآليات والمعدات التي يمكن استخدامها في المنشآت النووية غير المرخصة أو المخفية من قبل دولة أو مجموعة من المواطنين. اليورانيوم المستخدم في مفاعلاتنا في تشيرنافودا، يصبح مشعا للغاية. وإذا لم يكن لدينا الأمن اللازم فإن هذا اليورانيوم قد يقع في أيدي الإرهابيين الذين قد يستخدموه في صناعة قنابل نووية صغيرة أو كبيرة“.
على الرغم من صحة القول بأن تصنيع القنبلة النووية انطلاقا من الدورة التكنولوجية النووية في رومانيا، جائزٌ في حال عدم توفر “أمن هذه التكنولوجيا”، فإن لجهاز الاستخبارات الرومانية (SRI) رأياً مختلفاً عن رأي الرئيس، ووفقا لوثيقة أرسلها جهاز الاستخبارات إلى صحيفة “ليبرتاتيا”، حيث فقدت رومانيا والى غير رجعة “مجموعة من الوثائق السرية التي تتضمن معلومات عن وصفة رومانية لتصنيع الوقود النووي. ووفقا للتحقيقات التي أجريت في أيار 2011، فإن ما مجموعه 75 وثيقة من سجل كشوف المواد التي تمثل معلومات سرية قد اختفت من “الشركة الوطنية المستقلة للنشاطات النووية – فرع البحوث النووية في بيتيشت (SCN)”، وأنه بعد الإعلان عن فقدان الوثائق ودون أي أثر، تم إغلاق ملف التحقيق بشكل غير معقول.
وفقا للقانون رقم 111/1996 المتعلق بمراقبة الأنشطة النووية في رومانيا، فإن المعلومات بشأن الوقود النووي هي جزء من قائمة “المواد والأجهزة والمعلومات المتعلقة بانتشار الأسلحة النووية“، بمعنى أن البيانات التكنولوجية المفقودة من مدينة بيتشيت يمكن استخدامها في تصنيع الأسلحة النووية.
كذلك في عام 2011، ولكن في شهر تشرين الثاني، قامت الشركة الوطنية لليورانيوم بإعلام اللجنة الوطنية للرقابة على الأنشطة النووية (CNCAN) باختفاء ثمانية أنابيب ملحومة في نهاياتها ودون أثر من منجم “شتي” (Mina Ştei)، تحتوي على حوالي 73.5 كغ من خام اليورانيوم.
إن من يمتلك اليورانيوم وتكنولوجيا تصنيع الوقود النووي ليس بحاجة إلا إلى المفاعل لصناعة القنبلة النووية. المفاعل يمكن إنشاءه حتى في المطبخ، وهذا ما فعله في عام 2011، مواطن سويدي تم توقيفه من قبل السلطات فقط عندما تساءل ببراءة عن إمكانية الترخيص لمفاعله.
ووفقا للخط التكنولوجي، فإن فإن فلز اليورانيوم المستخرج من المناجم الموجودة في قضاء بيهور /Bihor/ وقضاء بيستريتا /Bistriţa/، ينقل إلى مصنع فيلديوارا /Feldioara/ حيث يتم منه الحصول على ثنائي أكسيد اليورانيوم /Uranium dioxide/، ليؤخذ بعدها إلى المصنع في بيتيشت /Piteşti/، وبعدها يتم تصنيع الوقود النووي لتشغيل المفاعلات في تشيرنافودا /Cernavodă/. وبعد احتراق هذا الوقود الذي يشغل التوربينات الكهربائية، تنتج مادة مشعة هي البلوتونيوم وهي تعتبر الأساس في صناعة القنابل النووية “الصغيرة أو الكبيرة، وفقا للرئيس”..
رسميا في العالم، هناك عدد قليل من القوى العظمى إلي تمتلك أسلحة نووية، وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، يضاف إليها دول لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وهي الهند وباكستان وكوريا الشمالية، إضافة إلى إسرائيل التي تنفي رسميا امتلاكها للسلاح النووي.
تعتبر إسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط. وهذه الدولة عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، ولكنها لم توقع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).
وفقا لمقال نشر في شهر حزيران 2012 من قبل مجموعة من الخبراء من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن (IISS) تمتلك إسرائيل عدة مئات من الرؤوس النووية.
ووفقا لخبراء بريطانيين، يمكن تحميل هذه الرؤوس النووية على صواريخ باليستية عابرة للقارات أريحا 1 /Jericho I/، أو على صواريخ متوسطة المدى أريحا 2 /Jericho II/.
ووفقا لفريق الأبحاث في /IHS Jane’s/، المتخصص في جمع المعلومات الاستخباراتية العسكرية، تمتلك إسرائيل ما بين 100 و 300 رأس نووي، وهو ما يضع هذه الدولة على قدم المساواة مع فرنسا وبريطانيا، متجاوزة الصين.
أطلق البرنامج النووي الإسرائيلي في أواخر الخمسينات بالتعاون مع فرنسا. ووقعت إسرائيل تفاهماً مع الولايات المتحدة في عام 1969، تعهدت فيه بالامتناع عن إجراء أي تجربة نووية، وعدم الإدلاء بأي تصريح علني بشأن هذه المسألة، مقابل تعهد من واشنطن بعدم ممارسة الضغط على إسرائيل بالشأن النووي، وعليه فإن البرنامج النووي الإسرائيلي محمي بالكامل من قبل الرقابة العسكرية الإسرائيلية.
من ناحية أخرى، تتهم إيران من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بأنها تنوي تصنيع أسلحة نووية، في حين يدعي النظام في طهران بأنه لا يسعى إلا إلى تطوير برنامج نووي مدني لتغطية العجز في الطاقة الكهربائية في البلاد وبمساعدة روسيا.
قبل أحداث عام 1989، يبدو أنه كان لرومانيا برنامج وطني لتصنيع القنبلة الذرية لضمان الاستقلال العسكري، وتم اتخاذ الخطوة الأولى في 1 تموز عام 1965، عندما توقفت السلطات الرومانية عن تصدير خام اليورانيوم إلى الاتحاد السوفييتي السابق لأنها أرادت توفير اللازم الداخلي من الوقود للبرنامج النووي الروماني الذي سيتم تطويره على مدى 15-20 عاما. وتم أيضا وضع برنامج حديث للأبحاث النووية وإعداد الكوادر المختصة. وفي النصف الثاني من السبعينات بدأت رومانيا بالتوازي تنفيذ برنامج لتصنيع الأسلحة النووية، على الرغم من انضمامها رسميا إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، ولكن إنجاز القنبلة الذرية الرومانية لم يتحقق أبدا وتم التخلي عن تلك الطموحات بالكامل بعد سقوط الشيوعية.
(المصدر: وكالة فرونت برس للأنباء “Frontpres” بتاريخ 26/3/2014)