بَيَّن السفير الروسي في بخارست، السيد أوليغ مالغينوف في مقابلة أجرته معه صحيفة “غندول”، موقف الدبلوماسية الروسية بشأن ترانسنيستريا، جمهورية مولدوفا، رومانيا والحكومة الجديدة في أوكرانيا.
وكتبت الصحيفة: (في واحدة من قاعات السفارة الروسية الكائنة في شارع كيسيليف في العاصمة بخارست، شهدنا يوم الثلاثاء (1/4/2014) نوع آخر من دروس التاريخ، وهو قراءة لنشرات الأخبار في الاتحاد الروسي والتي ربما سيتم تدريسها غداً في مدارس هذا البلد بشأن أحداث اليوم، ففي فصل “القرم 2014” تختفي كلمتين أساسيتين وهما: “التدخل” و”الضم”).
وقال ماليغوف مبتسماً “الضم؟ تم مسح هذه الكلمة“، “محذوفة. حسناً؟ بالنسبة لنا ليس ضماً“، وتابع منزعجاً من كلمة أخرى هي “التدخل“، وقال “أختلف معك تماماً بشأن كلمة “التدخل” التي تستخدموها بشأن أوكرانيا، لأنه لم يكن هناك أي تدخل في أوكرانيا”.
ويؤكد مالغينوف أن “السبب الحقيقي من ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا هو رغبة الروس الموجودين في شبة الجزيرة في حمايتهم من العناصر النازية في أوكرانيا، فقد أدركوا أن لا مستقبل لهم في أوكرانيا، وما فعلوه هو أن تكون لهم حماية ذاتية. أما ما وصف من قبل الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي على أنه ضم لأراضي دولة ذات سيادة، فهو من وجهة نظر موسكو معركة ضد التمييز وضد قمع التطلعات المشروعة للأقليات الروسية“.
في المقابلة أدناه، يمكن قراءة مواقف الدبلوماسي الروسي من ترانسنيستريا، جمهورية مولدوفا، رومانيا والحكومة الجديدة في أوكرانيا.
المقابلة مع السفير أوليغ مالغينوف :
– تحت أي ظروف يمكن لروسيا الشروع بالتدخل في مناطق أخرى حيث يعيش عدد كبير من السكان الروس؟
– افترض أنك تريد الحديث عن أوكرانيا. لا يمكن أن أوافق على المصطلح الذي استخدمته، “التدخل”. لأنه لم يكن هناك أي تدخل في أوكرانيا ولأن الوضع هناك أكثر تعقيداً.
لقد بدأت الأحداث باحتجاجات قام بها أشخاص ضد السلطات وضد الفساد في الدولة، وسببها هو التوقيع أو عدم التوقيع، أو تأجيل التوقيع على وثيقة الشراكة الشرقية. ومنذ البداية، كانت هناك محاولة لإجراء مفاوضات بين شرائح مختلفة من المجتمع مع الدولة. وكان لها نتائج إلى حد ما. ولكن هذا الأمر لم يرق لبعض القوى السياسية في أوكرانيا ولم ترق لبعض الدوائر خارج أوكرانيا. واعتباراً من كانون الثاني، تفاقم الوضع وبشكل مصطنع إلى حد كبير. نحن لا نعرف ما حدث في النصف الثاني من شهر كانون الثاني وبداية شهر شباط. هناك تحقيقات ماتزال جارية ربما ستوضح الأمور بشكل أكثر. في المرحلة الثانية، غيرت الاحتجاجات من طبيعتها فكانت أكثر عنفاً، وكان هناك قتال في الشوارع، وللأسف، سقط ضحايا بسبب القنص، وليس معروفا حتى الآن من كان هؤلاء القناصة. هناك بعض المصادر تقول أن القناصة كانوا يعملون لصالح اليمين لتأجيج الأوضاع.
لقد رأيت شخصيات أو زوار أجانب جاؤوا إلى ساحة /Euromaidan/، وكانوا يدعمون، ويحرضون على مواصلة القتال، والذهاب حتى النهاية، والكسر، والتدمير. هذا ما حدث وقد أظهرت جميع المحطات ذلك.
– ولكن كان هناك جزء آخر…
– أنا أعلم أن لديك رأيك الخاص، ولديك رؤيتك الخاصة.
– لا، أردت أن أوضح …
– إنها قصص…
– كان هناك طرف متورط في الاحتجاجات. كانت هناك متظاهرون، من جهة، ومسؤولون حكوميون من جهة أخرى. ربما بإمكانكم الحديث عن كلا الجانبين.
– أتحدث عن رؤيتنا للوضع. في مرحلة ما، كان العنصر القوي في الاحتجاجات هو مكافحة الفساد، ولكن هذا الأمر اختطف، ليس من طرف أكبر، بل من قبل شريحة قوية جداً هي اليمين الذي لديه أيديولوجية النازيين الجدد، وهم جماعات جاءت أساساً من الأجزاء الغربية من أوكرانيا ومعهم الأسلحة النارية، وعندها اتضحت الأمور والمشكلة، فقد هيمنوا على الاحتجاجات، وتحول الاحتجاج السلمي شيئاً فشيئاً إلى احتجاج مسلح.
لقد حاولت السلطات في مرحلة ما اتخاذ تدابير معينة، ولكنها فشلت، وتحول الصراع إلى قتال في الشوارع. لم يكن من السهل جداً إيقاف العنف. في 21 شباط، جاء ثلاثة وزراء خارجية من فرنسا وألمانيا وبولندا والتقوا بزعماء المعارضة والسلطة، وتم إعلان تفاهم مشترك يقول، لا أكثر ولا أقل، بضرورة وقف الاحتجاجات العنيفة، وسحب الجماعات المسلحة من كلا الطرفين، ونزع سلاح الجماعات المسلحة بشكل غير قانوني، وإصلاح الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية، وأخرى برلمانية، وما إلى ذلك. للتوصل إلى فهم جديد . ولم تمض 12 ساعة على ذلك التفاهم، وبعد أن رأت قوى المعارضة بأن الحكومة سحبت قواتها من الشارع، استغلت الفرصة واستولت على السلطة. لقد كان هذا من وجهة نظرنا انقلاب عسكري لا غبار عليه. أما المجموعة التي جاءت إلى السلطة فهي تفتقر إلى الشرعية .
– هل يمكن أن يتكرر السيناريو الذي حدث في شبه جزيرة القرم في المناطق التي يعيش فيها عدد كبير من الروس مثل شرق أوكرانيا أو ترانسنيستريا؟
– لقد قلت لك رؤيتنا. هل تريد أن تقول “أن بإمكان سكان المناطق التي ذكرتها أنت لا أنا قد تتمرد على السلطات المركزية للبلاد؟ ” أنا لا أعرف، هذا لا يعتمد علينا. ذلك يعتمد على سياسة السلطات. إذا كانت سياستهم تتجه نحو التمييز, ونحو قمع التطلعات المشروعة في حماية لغتهم وثقافتهم الخ..، أنا لا أعرف ما سيكون عليه الوضع. ولكن أؤكد لك أن روسيا لا تحرض أبداً على مثل هذه الأحداث، لأننا غير مهتمين بوجود نزاعات حدودية. وبغض النظر عن ما يقوله الآخرون، لا نريد ذلك، فهو مكلف وينضوي على مشاكل سياسية ودبلوماسية مع الدول الأخرى. نريد من سلطات هذه البلدان، كييف و كيشيناو، تحمل مسؤولية هؤلاء السكان، وأن يكون لديك الحكمة، عليك أن تكون منفتحاً وأن تجد الحل الطبيعي لمشاكل حساسة في العلاقات بين الأعراق. نأمل ألا تكرر السلطات في كييف وكيشيناو هذا الوضع. ليس في مصلحتنا. صدقوني.
(المصدر: وكالة ميديا فاكس للأنباء “MediaFax” بتاريخ 3/4/2014)