أحبطت روسيا والصين أمس تمرير مشروع قرار فرنسي في مجلس الأمن الدولي يدعو لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد أن صوتتا ضده مستخدمتين حق النقض “الفيتو”.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في كلمة أمام مجلس الأمن عقب التصويت أن مشروع القرار الذي عرض هو نص سياسي تمييزي تدخلي بامتياز يهدف إلى التشويش على الانتخابات الرئاسية في سورية وخلط الأوراق وتأجيج الأزمة وتحقيق أهداف دعائية استعراضية وإقحاما لمجلس الأمن في هستيريا عداء بعض الدول لسورية دولة وشعبا مشيرا إلى أن الأزمة في سورية كشفت عن مدى عمق هيمنة المعايير المزدوجة على آليات الأمم المتحدة واستخدامها لاستهداف مناطق بعينها.
الجعفري: مشروع القرار استمرار لمحاولة بعض الدول فرض نفسها كوصية على الشعب السوري وخياراته الوطنية
ولفت الجعفري إلى أن تقديم مشروع القرار يمثل استمرارا لمحاولة بعض الدول فرض نفسها كوصية على الشعب السوري وخياراته الوطنية موضحا أن في هذا استخفافا واضحا بإرادة الشعب السوري وتناقضا صارخا مع تأكيد مجلس الأمن مرارا على التزامه القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ودعوته إلى التوصل لحل سياسي للأزمة في سورية بقيادة سورية مبينا في الوقت ذاته أن الأسانيد التي حاولت الدول المقدمة لمشروع القرار تقديمها لتبرير طلب الإحالة ما هي إلا ادعاءات مختلقة وأكاذيب مفبركة وشهود زور تضمنتها تقارير مسيسة منحازة تجافي الصواب تماما قدمتها لجان تجاهلت كل ما قدمته الحكومة السورية من معلومات وشكاوى وقرائن وبراهين وساهمت بشكل فعال في خدمة أجندات الدول المنخرطة في الحملة العدوانية على سورية.
وأشار الجعفري إلى أن بعض الدول التي قدمت المشروع تحاول القيام بالترويج لمبادئ نبيلة بينما هي تمثل في الواقع شخصية شريرة وتشترك في دعم الإرهاب في سورية وتسهم في استمرار نزيف الدم السوري لا بل تتباكي عليه موضحا أن أيادي هذه الدول ملطخة بالدم السوري وإن ادعت زيفا صداقتها لهذا الشعب.
وقال الجعفري إن الرئيس السابق لما يسمى “الائتلاف” السوري وهو الائتلاف الذي تم تصنيعه ممن يسمون أنفسهم “أصدقاء الشعب السوري” قد وصف هو نفسه قبل أيام في القاهرة هؤلاء “الأصدقاء” أي من يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري بأنهم واقتبس “نصفهم كذابون ودجالون ومنافقون وهم من أوصلوا الأوضاع في سورية إلى ما نحن عليه وإن الغرب يسعى لتقسيم سورية”. هذا ما قاله رئيس الائتلاف السابق “ائتلاف الدوحة” الذي تم تصنيعه وتعليبه وتغليفه في العواصم المعروفة.
وأضاف الجعفري “إن من مصادفات القدر أن التاريخ يسعفنا بشواهده لتثبيت هذه الحقيقة ففي مثل هذا اليوم من عام 1945 وعندما كان الوفد السوري يشارك في مؤتمر سان فرانسيسكو لوضع ميثاق الأمم المتحدة استطاع وفدنا آنذاك أن يصوغ المادة 78 من الميثاق التي ضمنت لسورية عدم تحولها إلى إقليم تحت الوصاية الفرنسية فكانت النتيجة قيام سلطات الاحتلال الفرنسية بتاريخ 29 أيار 1945 بقصف البرلمان السوري وقتل حاميته”.
نطالب مجلس الأمن بمساءلة الحكومة الفرنسية عن جرائمها بحق السوريين وشعوب الكثير من الدول التي احتلتها سابقا
وقال الجعفري “وبما أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم كما سمعنا فإننا نطالب مجلس الأمن اليوم بمساءلة الحكومة الفرنسية عن جرائمها بحق السوريين وشعوب الكثير من الدول التي احتلتها سابقا ونهبت خيراتها ونطالب الحكومة الفرنسية بالاعتذار العلني عن حقبة الاستعمار وبدفع تعويضات للشعب السوري” مؤكداً أن “الشعب السوري لن ينسى اتفاق سايكس بيكو وما تلاه من سلخ فرنسا للواء إسكندريون السوري والتنازل عنه لتركيا كيلا تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا “هكذا قالوا” كما لن يغفل عن حقيقة أن فرنسا هي من أدخل الإرهاب النووي الإسرائيلي إلى المنطقة في الخمسينيات من القرن الماضي”.
وأشار الجعفري إلى أن بنيان النظام القانوني الدولي يستند إلى ركائز أساسية من أهمها أن الدول تتولى المسؤولية الأساسية والحصرية في المساءلة وإقامة العدل وإنفاذ القانون على أراضيها مبينا أنه نتيجة للأحداث المؤسفة التي شهدتها سورية فقد اتخذت الحكومة السورية جملة من التدابير الهادفة لمساءلة المتورطين في الأحداث واتخاذ الإجراءات القانونية القضائية بحقهم أصولاً.
وقال الجعفري “لاتزال اللجنة الوطنية للتحقيق في الأحداث تمارس عملها بالتزامن مع نظر القضاء السوري منذ بدء الأزمة في آلاف الدعاوى. بالضبط ثلاثون ألف دعوى وإصداره أحكاما بحق المتورطين وتسوية أوضاع الآخرين وهو الأمر الذي يؤكد رغبة وقدرة الحكومة السورية على تحقيق العدالة وينفي أي ذريعة لإشراك أي جهة قضائية دولية تحاول ان تنازع القضاء الوطني في اختصاصاته”.
وأشار الجعفري إلى أن ” سورية تؤمن بالعدالة الجنائية الدولية وكانت من بين الدول الفاعلة في مؤتمر روما الذي اعتمد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كما كانت من أوائل الدول الموقعة على هذا النظام وكانت النظرة السورية تنطلق من وجوب أن تكون العدالة صرفة وشاملة بعيدة عن التسييس والانتقائية وازدواجية المعايير” مضيفا إنه انطلاقا من هذا الهدف دعت سورية إلى شمول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لجريمة العدوان باعتبارها الجريمة الأم لكن تم رفض ذلك ولذلك لم تصدق سورية على نظام روما.
تحقيق العدالة يقتضي مساءلة حكومات تركيا والسعودية وقطر وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول التي تقوم بالتحريض علنا على العنف والإرهاب في سورية
وبين الجعفري أن سورية تؤكد أن تحقيق العدالة يقتضي مساءلة حكومات تركيا والسعودية وقطر وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول التي تقوم بالتحريض علنا على العنف والإرهاب في سورية بما في ذلك تمويل وتسليح ورعاية وتدريب المرتزقة والإرهابيين القادمين بالآلاف من مختلف أنحاء العالم إلى سورية وبغض الطرف عن جرائمهم لا بل وصفهم بأنهم “معارضة معتدلة”.
وقال الجعفري “إن تحقيق العدالة يقتضي المساءلة عن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال العدوان والاحتلال الموثقة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة ومنها الجولان السوري المحتل على مدى ما يقارب سبعة عقود بدعم من دول دائمة العضوية في مجلس الأمن” مؤكدا أن هذا الدعم مكن مجرمي الحرب الإسرائيليين من الإفلات من العقاب حتى الآن وعرقل جميع المبادرات الهادفة لمساءلتهم.
وشدد الجعفري على أن تحقيق العدالة يقتضي الكف عن محاولات تقويض العدالة والمتمثلة في الحصانات التي خصت بعض الدول الكبرى نفسها بها للإفلات من أي مساءلة عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبتها في دول أعضاء في هذه المنظمة تنفيذا لأجندات استعمارية ومخططاتها للهيمنة والتسلط لافتا إلى أن أبوغريب وغوانتانامو وقصف السفارة الصينية في بلغراد وإغراق ليبيا بالدماء والسجون السرية الطائرة وقتل المدنيين الأبرياء بالطائرات من دون طيار وممارسات شركات المرتزقة كـ “بلاك ووتر” في العراق وغيرها أمثلة حية على الازدواجية في المعايير والإفلات الحقيقي من المساءلة والعقاب.
واعتبر الجعفري أنه لن تستقيم موازين العدالة الدولية وسيادة القانون من دون وضع حد لممارسات هذه الدول وانتهاكاتها للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لمكافحة الإرهاب مؤكدا أن الإرهاب هو جريمة أيا كان مرتكبوه وحيثما ارتكب وأيا كانت أغراضه لافتا إلى أن الإرهاب الذي تمارسه بوكو حرام في نيجيريا مدان وتجب مكافحته.
وأشار الجعفري إلى ما نشر بالأمس على لسان رئيس أركان القوات الجوية الليبية بأن تنظيم القاعدة الإرهابي وفصيل الإخوان المسلمين في ليبيا سويا أرسلا 224 رحلة جوية من ليبيا إلى تركيا ومنها إلى سورية لنقل المرتزقة الإرهابيين إلى سورية من مطار طرابلس.
وقال الجعفري “إنه لابد من مكافحة إرهاب نظرائهم الذين ترعاهم إسرائيل في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل وتسهل تدريبهم وتحركهم في المنطقة دولة عربية مجاورة كما تجندهم وتدعمهم تركيا في الشمال وتسلحهم حكومات عربية وغربية تحت سمع وبصر الأمم المتحدة”.
وأضاف الجعفري “لقد ارتكب هؤلاء الإرهابيون جرائم يندى لها ضمير البشرية وآخرها قطع إمدادات المياه عن مدينة حلب وحرمان نحو 3 ملايين سوري من مياه الشرب والصرف الصحي وكم كنا نتمنى لو أن الدول المتقدمة بمشروع القرار هذا تقدمت بمشروع قرار لمكافحة الإرهاب الذي يعانيه السوريون”.
ورأى الجعفري أنه من المثير للسخرية أن تواصل هذه الدول محاولة فرض تشريعاتها الوطنية خارج حدودها وأن تفرض مؤخرا عقوبات على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية في سورية في الوقت الذي تتشدق فيه بدعمها للشعب السوري وقال “تخيلوا أن عقوبات قد فرضت على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية وأحيلت هذه العقوبة إلى السيدة وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري أموس وهي تعرف رئيسة لجنة الإغاثة السورية حق المعرفة لعلها تفعل شيئا”.
وأضاف الجعفري “إن هذه الشواهد وغيرها تبرز أن مسألة العدالة تفصل على مقاس الدول المستهدفة فالبعض يتم تفصيل جريمة له لإحالته للمحكمة والبعض الآخر يتم تفصيل ستارة له تحجب الأنظار عن جرائمه وانتهاكاته الموثقة” مؤكدا أن مشروع القرار صيغ بطريقة تحصن مجرمي الحرب الإسرائيليين من أي إمكانية للمساءلة عن جرائم بحق الشعب السوري كما أن نصه يجعل الإرهابيين الأجانب والمرتزقة القادمين من دول أخرى في منأى عن اختصاص المحكمة مشيرا إلى أن هذه العملية بحد ذاتها كفيلة بتقويض أي مصداقية لواضعي مشروع القرار وتفضح نواياهم الخبيثة ودوافعهم العدوانية.
وقال الجعفري وطالما أننا نتحدث عن العقوبات التي فرضت على رئيسة لجنة الإغاثة الإنسانية في سورية أذكركم بفضيحة أخرى حدثت قبل عام عندما تم فرض عقوبات على وزير الكهرباء في سورية أحلنا موضوع رئيسة الإغاثة السورية الإنسانية إلى فاليري آموس ونحيل العقوبات التي فرضت على وزير الكهرباء إلى محكمة توماس أديسون.
الطريق لمساعدة الشعب السوري واضح ومعروف ويتمثل في بذل الجهود الصادقة والجدية لمكافحة الإرهاب
وشدد الجعفري على أن وفد سورية يؤكد مجددا لجميع الدول التي تدعي الحرص على سورية وشعبها أن الطريق لمساعدة الشعب السوري واضح ومعروف ويتمثل في بذل الجهود الصادقة والجدية لمكافحة الإرهاب الذي يستهدف سورية دولة وشعبا موضحا أن دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي وطني للأزمة في سورية يأخذ بعين الاعتبار عملية جنيف على أساس الحوار بين السوريين انفسهم من أجل التوافق على نبذ العنف ومكافحة الإرهاب وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعيدا عن محاولات فرض الوصاية والأجندات التدخلية التي لا تريد الخير لسورية ولا لشعبها وأن السوريين الذي سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية إنما يقومون بذلك لحماية بلدهم من الإرهاب والفوضى الخلاقة ومن محاولات تغييب مفهوم الدولة والسيادة.
وختم الجعفري بالقول “يبدو أن الحكومة الفرنسية الحالية قد فهمت بشكل مغلوط العبارة المشهورة في الأدب الفرنسي والتي تقول “بأن الآخرين هم الجحيم” من حيث اعتقادها أن الآخرين هم الجحيم دوما في حين أن ما قصده الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر في مسرحياته المشهورة الأبواب المغلقة هو أن الجحيم هو قد يكون نفسك ونظرتك للآخرين وطريقة تعاملك معهم لذا فإن على الحكومة الفرنسية أن تنظر إلى نفسها أولا فقد ترى الجحيم في تصرفاتها وليس في الآخرين”.
وكان الجعفري قدم في بداية كلمته التعازي لحكومة وشعب نيجيريا جراء الأعمال الإرهابية التي ضربت مدينتي كانو وجوس وأزهقت حياة المئات من المدنيين الأبرياء معبرا عن تعاطف سورية مع أهالي الضحايا مشيرا إلى أن ما من أحد يشعر بفداحة الإرهاب كما يشعر به السوريون.
هدف الدول الغربية من مشاريع قراراتها الوصول إلى إمكانية التدخل العسكري ضد سورية
وفي اتصال هاتفي مع قناة المنار أكد الجعفري أن هدف الدول الغربية من مشاريع القرارات المقدمة حول سورية إلى مجلس الأمن الدولي هو كسر السيادة والوصول إلى إمكانية التدخل العسكري ضد سورية.
وقال الجعفري إن الدول الغربية كانت تدرك تماما أن روسيا والصين ستستخدمان حق النقض الفيتو ضد مشرع القرار الفرنسي حول إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ولكن هذه الدول كانت وما زالت تسعى إلى إحراج روسيا والصين في مجلس الأمن وتحميل هاتين الدولتين الصديقتين مسؤولية فشل تلك الدول في الانغماس إيجابيا في المساعدة على تسوية الأزمة في سورية.
وأشار الجعفري إلى أن بريطانيا تعمل على مشروع قرار جديد يتعلق بالأوضاع الإنسانية في سورية قد يطرح للتصويت في مجلس الأمن الأسبوع القادم لأن هذه الدول الغربية مصابة بهستيريا العداء لسورية في مجلس الأمن.
وأوضح الجعفري أن تلك الدول تسعى إلى تصدير فشلها وانخراطها في سفك الدم السوري إلى الاخرين كما أن توقيت مشروع القرار الفرنسي هو محاولة لمد يد النجاة للمجموعات الإرهابية المسلحة والمرتزقة والأجانب الذين يتم التلاعب بهم من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية.
وشدد الجعفري على أن بيت القصيد من تقديم مشروع القرار الفرنسي الذي فشل اليوم كان التشويش على عملية الانتخابات الرئاسية وعلى انتصارات الجيش العربي السوري والتقدم الحاسم الذي يحققه على الأرض السورية.
وبين الجعفري إن ديدن الغرب هو النفاق والكذب فالمسألة ليست فقط أن فرنسا لديها معايير مزدوجة بل هي تكذب وتنافق حيث تدعي محاربة الإرهاب في مالي وتشاد والنيجر وغيرها من جهة بينما تساعد الإرهاب نفسه في سورية من جهة أخرى.
تشوركين: مشروع القرار الفرنسي محاولة لاستخدام المحكمة الجنائية الدولية لتأجيج المشاعر السياسية وفي نهاية المطاف للتدخل العسكري الخارجي
بدوره أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين في كلمته أمام مجلس الأمن عقب الفيتو أن مشروع القرار الفرنسي “محاولة لاستخدام المحكمة الجنائية الدولية لتأجيج المشاعر السياسية وفي نهاية المطاف للتدخل العسكري الخارجي” مشيرا إلى أنه من الصعب فهم الأسباب التي دعت فرنسا إلى تقديم هذا المشروع وطرحه على التصويت وهي تعي مسبقا بمستقبل هذا النص إذ إن هناك عددا كبيراً من الشكاوى فيما يتعلق بعدم وحدة الرأي فيما يتعلق بسورية في مجلس الأمن بين الأعضاء الخمسة.
ولفت تشوركين إلى أن الرهان تحديدا على “تغيير النظام في سورية بالقوة أضحى السبب الرئيسي لإطالة الأزمة وتقويض مفاوضات جنيف” مبيناً أن طرح مشروع آحادي الجانب أمام مجلس الأمن للتصويت يؤثر في وحدة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وقال تشوركين “عندما يكون هناك وحدة يمكن أن نتوصل إلى نتائج إيجابية وملموسة ويمكن أن نشير إلى القرار 2118 فيما يتعلق بتدمير الأسلحة الكيميائية في سورية ومن المفترض أن يتم استكمال هذا البرنامج بشكل ناجح “مضيفا إن “هناك أيضا القرار 2139 المتعلق بالقضايا الإنسانية ولذلك فإن وحدة الأعضاء الخمسة أساسية”.
وأشار تشوركين إلى أن فرنسا عززت التزام الأعضاء الخمسة للفض السياسي لهذه الأزمة لكن لم تقدم أي نتائج مضمونة إيجابية” متسائلا “لماذا ليس هناك من وحدة بين الأعضاء الخمسة. وهل علينا التوصل إلى حجة جديدة للتدخل المسلح في النزاع السوري”.
وأوضح تشوركين أن ما يقترحه زملاؤنا الغربيون وقولهم بأنهم سيقدمون أنواعا جديدة من الأسلحة “للمعارضة المعتدلة”. حتى المجموعات التي يعتبرونها معتدلة مثل الجبهة الإسلامية اعترفت بارتكابها أعمالا إرهابية ومن بينها أعمال في حلب وحصدت أرواح مئات من المدنيين.
ولفت تشوركين إلى أنه “في المرة الأخيرة التي أحال فيها مجلس الأمن الملف الليبي إلى المحكمة الجنائية الدولية بموجب القرار 1970 هذا الأمر لم يحل الأزمة بل زاد من حدتها وبعد وضع حد لأعمال القتال فإن المحكمة لم تكن بمستوى مسؤولياتها ولم تسهم في العودة إلى العدالة والوضع السلمي في ليبيا بل هناك تدهور للوضع وقتل مدنيين بعد قصف الناتو ولم يتم استعراض ذلك من المحكمة وزملائنا”.
مين: أي تدبير لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية وإحالة انتهاكات حقوق الإنسان ينبغي أن يتم استنادا إلى احترام سيادة الدولة وولايتها القضائية المحلية
بدوره أكد نائب المندوب الصيني الدائم في الأمم المتحدة وانغ مين أن بلاده تعتبر أن أي تدبير لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية وإحالة انتهاكات حقوق الإنسان ينبغي أن يتم استنادا إلى احترام سيادة الدولة وولايتها القضائية المحلية مبينا أنه كان للصين عدد كبير من التحفظات على مشروع القرار الفرنسي.
وقال نائب المندوب الصيني “لسنا دولة طرف في نظام روما الأساسي ولطالما كان لدينا تحفظات فيما يتعلق بإحالة الملف للمحكمة الجنائية الدولية وهذا موقف مبدئي” مؤكدا أن ثمة جهودا سياسية وهي تواجه مصاعب عديدة وينبغي للمجتمع الدولي أن يعزز ثقته ويتحلى بالصبر ويبقى ملتزما بفرض الحل السلمي للأزمة في سورية.
ودعا الحكومة السورية إلى أن تضع حدا للعنف وتبدأ بالجولة الثالثة للمباحثات في جنيف “لتعزيز العملية السياسية والبدء بعملية انتقالية سلمية” مبينا أن بلاده لطالما أكدت أنه ينبغي على كل الأطراف السورية أن تحترم حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والامتناع عن أذى المدنيين والأبرياء وأدانت كل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
واعتبر نائب المندوب الصيني أنه في ضوء الشروط فإن إحالة الملف السوري للمحكمة الجنائية الدولية لا يمكن أن يعزز الثقة بين الأطراف في سورية ولا يسهم في الاستئناف المبكر للمفاوضات في جنيف لأن هذا الأمر لا يمكن إلا أن يعوق جهود الأسرة الدولية للدفاع عن حل سياسي.
ورأى أن أعضاء المجلس بما في ذلك الصين بذلوا جهودا للتوفيق بين مختلف الآراء لدى الأعضاء مؤكدا أنه عندما يكون هناك تباين في الآراء فيما يتعلق بمشروع القرار ينبغي على مجلس الأمن أن يستمر في مشاوراته بدلا من أن يدفع بالتصويت على مشروع النص وذلك لكيلا تتهدد وحدة المجلس أو تتم إعاقة التعاون داخله مشيرا في الوقت ذاته إلى أن موقف الصين واضح ولا تقبل اتهامات الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى التي توجه لها.
وجدد نائب المندوب الصيني التأكيد أن موقف الصين حيادي إزاء سورية وهي ملتزمة كعضو مسؤول في الأسرة الدولية للتوصل إلى حل سلمي واتفاق سياسي للأزمة في سورية مشيراً إلى أن الصين عملت بشكل متوازن وشامل مع الحكومة السورية والمعارضة مؤكدا بقاء بلاده على تواصل وثيق مع كل الأطراف وبذل جهود فعالة للتوصل إلى حل للأزمة في سورية وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
مقدم مشروع القرار المتحيز لجرائم تنظيم إرهابيي القاعدة بفروعها مندوب فرنسا الدائم في مجلس الأمن جرار أرو أكد في كلمته أمام المجلس حقيقة الهدف من هذا المشروع غير المتوافق عليه كخطوة للضغط على الحكومة السورية والدول الداعمة لها ولتقديم الدعم للإرهابيين الذين يقوم بتقديم السلاح والمال لهم من جهة وإظهار بلاده بمظهر المدافع عن العدالة بينما هي من تقوم بالاعتداء عليها من جهة أخرى.
ودللت كلمات أرو المناقضة لواقع ما يجري في سورية على العقلية الاستعمارية التي تطبع السياسة الفرنسية تجاه سورية من خلال تنطحها بكل ما يتعلق بسورية في مجلس الأمن متخيلا نفسه مندوبا ساميا جديدا على السوريين.
وقدم المندوب الفرنسي سلسلة مكررة من الاتهامات والادعاءات الباطلة التي درج المحور الذي يعمل فيه على تقديمها في كل اجتماع ولقاء دولي والتي تعاني الانفصام عن الواقع ولا تستند إلى أي حقيقة ملموسة وتظهر الانحياز الفاضح للإرهاب والإرهابيين في سورية.
واستخدم أرو مصطلح العدالة الدولية أكثر من مرة للتهرب من مسؤولية بلاده عن انتهاك هذه العدالة من خلال دعمها للإرهابيين المرتزقة الذين يرتكبون الجرائم بحق الشعب السوري بينما كان الأجدر بمجلس الأمن لو أراد تطبيق هذه العدالة أن يحاسب المتاجرين بها والمنتهكين لها وفي مقدمتهم المندوب الفرنسي.
واستكمل المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك غرانت أكاذيب نظيره الفرنسي حول ما يجري في سورية مرددا نفس الادعاءات التي لا تصب إلا في مصلحة أعداء العدالة ولا تخدم إلا الإرهابيين المرتزقة الذين يقتلون الشعب السوري.
وتناسى غرانت مسؤولية بلاده بالشراكة مع باقي الدول الغربية في الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوري من خلال الحصار الاقتصادي اللاأخلاقي والعقوبات الأحادية المخالفة للقوانين الدولية والتي تطول قطاعات الغذاء والدواء والطاقة.
بينما استكملت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامانثا بارو مسرحية المتاجرة بالعدالة الدولية لتحقيق جملة من الأهداف الدعائية التي تظهر بلادها في موقف المدافع عن العدالة بينما تظهر الوقائع والحقائق عكس ذلك من خلال تقديمها الدعم لأفواج التكفيريين المرتزقة الذين يدخلون سورية عبر الأراضي التركية.
واهبة الصواريخ المضادة للطيران وغيرها من الأسلحة الفتاكة لإرهابيي القاعدة في سورية كررت مزاعم إدارتها التي مل العالم من سماعها وحاولت استثارة عواطف الموجودين بقصص إنسانية نجحت في انتقاء مفرداتها ببراعة لكنها فشلت في إخفاء وطمس حقيقة الالاف من قصص المعاناة في سورية والتي ساهمت في كتابتها من خلال دعم هؤلاء الإرهابيين الذين تسببوا بتلك المعاناة للسوريين. المندوبة الأمريكية الملطخة يداها بدماء السوريين حاولت المناورة والمزايدة على الموقف الروسي والصيني باعتباره يحمي أيضا من سمتهم المتطرفين بينما الحقيقة أن هؤلاء المتطرفين دخلوا سورية بمعرفتها وبإشرافها عبر حكومات السعودية وقطر وتركيا وارتكبوا جرائمهم بالأسلحة والمعلومات التي قدمتها لهم.
أكاذيب مندوبي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول التي وافقت على مشروع القرار لم تنجح في إخفاء حقيقة أن العدالة الدولية يمكن أن تتحقق عندما تبدأ بمحاسبة هؤلاء وباقي المسؤولين في إداراتهم الذين تسببوا بمعاناة السوريين من جرائم الإرهاب.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 23/5/2014)