أكد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أن المشروع الذي استهدف سورية والمنطقة تراجع بدرجة كبيرة ومني بهزائم عديدة ساهمت بها عوامل كثيرة داخلية وإقليمية ودولية كان أهمها الميدان وصمود سورية قيادة وشعبا وجيشا.
وقال السيد نصر الله في كلمة له أمس خلال احتفال بذكرى عيد المقاومة والتحرير في مدينة بنت جبيل تحت عنوان “وطن هويته مقاومة” إن مواقف الحلفاء والأصدقاء في المواقع السياسية والإعلامية والشعبية والعسكرية والأمنية ما كان لها أن تكون حاسمة وأساسية لو لم تصمد سورية نفسها. قيادتها وجيشها وشعبها في مواجهة هذه الحرب الكونية.
وأوضح السيد نصر الله أن من أهم العوامل انكشاف حقيقة أغلبية الجماعات المقاتلة في سورية وأفكارها وسلوكها وصراعاتها ما أحدث تحولا كبيرا في الرأي العام السوري نفسه والعربي والدولي حيث تبين بوضوح أن الذين جيء بهم لتهديد سورية أصبحوا يهددون الجميع بما فيها الدول التي أرسلتهم ودعمتهم وسلحتهم والتي بدأت تتحدث عن قضية اسمها “المقاتلون العائدون” من سورية كتهديد للأمن الأوروبي والدولي.
وأشار نصر الله إلى أن انكشاف الدور الإسرائيلي في الأحداث داخل سورية كان أيضا من العوامل المهمة التي يجب التوقف عندها حيث أصبح الدعم الإسرائيلي للإرهابيين علنيا وصريحا ولم يعد موضوع جدال ولا يقتصر على معالجة الإرهابيين المصابين بل تحول إلى علاقات ولقاءات سياسية وتعاون لوجستي وعسكري على حدود الجولان.
وبين الأمين العام لحزب الله أن الكيان الصهيوني أصبح يعتدي عسكريا على أهداف للجيش العربي السوري لمصلحة الجماعات المسلحة كما أن هناك مشروع شريط حدودي جديدا في الجولان لن يعود على السوريين والفلسطينيين وعلى الجميع إلا بالخيبة والخسائر والعار كما حصل في تجربة الشريط الحدودي في لبنان.
وشدد نصر الله على أن سورية صمدت وتماسكت ومحور المقاومة صمد وتماسك واحتمال أن يحقق المشروع المعادي الآخر انتصارا حقيقيا أو حاسما انتهى فسورية تتقدم ومحور المقاومة يتقدم أيضا.
وأكد السيد نصرالله أن زمن الانتصارات مستمر وأن المشروع الأمريكي المعادي لسورية والمنطقة سيسقط وستنتصر سورية وسينتصر محور المقاومة لأن هذه الأمة لن تسمح لهذا المشروع الأمريكي أن يفرض أجنداته وأفكاره وأهدافه عليها مشيرا إلى أنه سيأتي يوم تنكشف فيه كل الحقائق وستتوجه شعوب المنطقة وحكوماتها ودولها والكثير من دول العالم ليشكروا سورية وقيادتها وجيشها وشعبها على صمودهم وانتصارهم لأنهم سيكتشفون أن سورية بصمودها أبعدت عنهم مصائب وأخطارا ومنعت تداعيات كثيرة على مستوى المنطقة كلها وفي مقدمتها فلسطين وقضيتها ومقدساتها.
وقال السيد نصر الله إن سورية تتقدم في الميدان وفي المصالحات الشعبية وفي تبدل المزاج العام والمراجعة الداخلية للكثير من القوى السياسية والجماعات الشعبية وهي تتقدم أيضا نحو الانتخابات الرئاسية التي لم يستطع كل التهويل والاستهزاء ممن يسمون “أصدقاء سورية” أن يعطلها أو يمنعها أو يوقفها.
وأضاف الأمين العام لحزب الله إن التحدي الحقيقي هو أن يسمحوا للشعب السوري وخصوصا في المناطق التي تطولها نار الجماعات المسلحة أن يعبر عن رأيه وأن يذهب إلى صناديق الاقتراع وينتخب.
ولفت السيد نصر الله إلى أن المشروع الأمريكي الذي سقط عام 2006 بفضل وقوف المقاومة والجيش والشعب اللبناني ومعهم سورية وإيران والكثير من شرفاء العالم يتكرر اليوم بنسخة جديدة ساحة قتالها سورية.
وشدد نصر الله على أن من يقاتل هذا المشروع المعتدي على الساحة السورية هو الجيش والشعب والقيادة السورية بينما يقدم الأصدقاء نوعا من المساعدة التي تتفاوت بين مكان وآخر وهذا هو الواقع بعيدا عن كل المبالغات خلال الفترة الماضية.
وقال الأمين العام لحزب الله إن الأحداث في سورية تؤكد صحة كل مواقف المقاومة الوطنية التي أعلنت عنها في كل المناسبات فنحن نقف مع سورية وإلى جانبها وندافع عنها لأنها كانت ومازالت قلب العروبة ووقفت في وجه التمدد الإسرائيلي وحمت كل المشرق العربي بما فيه دول الخليج من أن تصل إليها يد إسرائيل الساعية إلى “إسرائيل كبرى” من النيل إلى الفرات والتي لا حدود لسعيها أصلا وهي التي وقفت وحيدة إلى جانب مصر وهي التي كانت ومازالت قلعة للصمود والتصدي وهي التي صدحت بالعروبة هنا القاهرة وهي التي مازالت تحمل وحيدة شرف عدم التواصل مع العدو أو التوقيع له أو إقامة علاقات بأي شكل من الأشكال معه وهي التي حمت وغذت ودعمت ومازالت المقاومة اللبنانية والفلسطينية ودفعت الأثمان من أجل ذلك ومازالت تحارب من أجل ذلك.
وتساءل السيد نصر الله “لماذا لا يحق لنا أن ندافع عن مواطن قوتنا وظهرنا وسندنا وموقع العزة في هذه الأمة والمنارة العربية الصامدة بوجه التطبيع والاستسلام في الوقت الذي نجد فيه أن الكيان الغاصب لفلسطين يأتي بشذاذ الآفاق الصهاينة من كل أنحاء العالم ومازال ليدافعوا عن خرافة بنوها في عقولهم المريضة بالإجرام والقتل والعنصرية”.
ولفت نصر الله إلى أن مشروع التقسيم الذي تتعرض له المنطقة يتضح أكثر فأكثر فهو لا يريد تجزئة وتقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي ومذهبي فقط بل “عندما نشاهد ما يجري في سورية وغيرها من البلدان العربية نرى أنه يريد تقسيم المنطقة على أساس إمارات ومقاطعات ودول بعدد الجماعات المسلحة”.
وقال السيد نصر الله إننا عندما نواجه هذا المشروع الذي ينتج أبشع أشكال الفوضى والتدمير للمنطقة نتذكر أيضا الحركة الصهيونية التي اغتصبت فلسطين بعد أن جاء بها الاستعمار الدولي والاستكبار العالمي بقيادة البريطانيين لتكون الثكنة العسكرية الأمنية المتقدمة في قلب منطقتنا لتمزقها وتدمرها وتضيع عليها كل فرص النهضة والتنمية البشرية والاقتصادية وكل فرص الوحدة وحتى تبقى هذه المنطقة مشغولة بحروبها وخلافاتها وتستنزف ثم تلجأ إلى صانع عدوها لتستمد منه القوة والحماية.
وأضاف الأمين العام لحزب الله إن الدول الغربية والولايات المتحدة الذين جاؤوا بالمشروع الصهيوني والصهاينة إلى فلسطين من كل أنحاء العالم بدعم عربي وتوقيعات عربية وبغض نظر من حكام عرب لتكون لهم عروشهم ارتكبوا خطيئة تاريخية وهم اليوم يكررونها بخطيئة كبرى معاصرة من خلال الإتيان بالإرهابيين والجماعات التكفيرية من كل أنحاء العالم وتقديم التسهيلات والتمويل والتسليح والدعم والنفقات والتغطية والإعلام والقرار الدولي لهم من أجل أن يدمروا سورية ومحور المقاومة الذي بات يهدد أصل المشروع الصهيوني وبقاء إسرائيل في المنطقة.
وأشار نصر الله إلى أن الفهم لما يجري بدأ يتسع داخل سورية وفي البلدان العربية والعالم حيث يتم بشكل واسع وكثيف طرح الكثير من الأسئلة التي لم تكن تطرح في البداية ومن هنا تحملت المقاومة مسؤوليتها وذهبت الى حيث ذهبت علنا وفي وضح النهار.
وأكد نصر الله أن انتصار 25 أيار عام 2000 هو إنجاز لبناني وطني عربي قومي إسلامي لا يمكن اختصاره بحزب أو حركة أو فصيل أو طائفة أو منطقة وحتى بوطن وإنما هو ملك الأمة التي تخوض معركة واحدة بمواجهة المشروع الصهيوني ومشروع الهيمنة الأمريكية على المقدسات والمنطقة والمقدرات.
وقال السيد نصر الله إننا نؤكد عاما بعد عام وجيلا بعد جيل على المعاني التاريخية والعظيمة لهذا الانتصار ودلالاته ومعانيه التي كتبت حولها دراسات وأبحاث كثيرة وأهمها سقوط مشروع إسرائيل الكبرى لافتا إلى أن ذلك كان بسبب التضحيات الجسام التي قدمها الشعب اللبناني وحركات المقاومة بكل فصائلها والجيش والقوى الأمنية اللبنانية والجيش العربي السوري والفصائل الفلسطينية.
ولفت السيد نصر الله إلى أن إحياء هذه المناسبة يعزز ثقافة الأمل بالمستقبل والثقة بالانتصار والقدرة على مواجهة أعتى جيوش الاحتلال وأعظم التحديات معتبرا أن العدو ومهما كان جبارا ومقتدرا ويملك أقوى الأسلحة والجيوش يمكن أن يهزم أمام إرادة المقاومة.
وأوضح نصر الله أن هناك من يحاول أن يربط بين الإسلام والحركات الإسلامية وبين القتل العشوائي والذبح والتدمير والحرق والمجازر وأعمال الإبادة الجماعية وتدمير أماكن العبادة وقطع الرؤوس ونبش القبور وشق الصدور وإصدار إحكام الإعدام على الآخرين لمجرد الاختلاف معهم فقط في الموقف السياسي وليس لأسباب دينية وعقائدية مؤكدا أن هذا الربط هو جريمة بحق الإسلام وخيانة من الذين يقومون به.
وجدد الأمين العام لحزب الله التأكيد على التمسك بالمعادلة الذهبية “الجيش والشعب والمقاومة” سواء كتبت في البيان الوزاري أو لم تكتب وعلى أهمية امتلاك لبنان قوة ردع العدو لأنها الوحيدة الكفيلة بحمايته أرضا وشعبا ومؤسسات ودولة ووجودا ومستقبلا وكرامة وسيادة.
وقال السيد نصر الله إن المقاومة ورغم التطورات والأحداث في المنطقة تحافظ على قدرة الردع وهذا ما يعترف به العدو ويحسب له كل حساب كما أنها تعمل في الليل والنهار على تطوير هذه القدرة وهو ما يقلق العدو أيضا ويتحدث عنه دائما ويتطلع إلى سورية وإيران وكل الأصدقاء وما يمكن أن يقدموه أو قدموه للمقاومة.
وأشار السيد نصر الله إلى أن هناك تجاوزات ارتفعت وتيرتها من العدو الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة من تهديد للمزارعين وإطلاق للنار عليهم وعمليات الخطف والاعتداء على رعاة الأغنام مشددا على أهمية معالجة هذه الخروقات من الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل ومؤكدا أن المقاومة وفي اللحظة التي تستدعي أن تتدخل فهي ستتدخل ولن تسكت على أي اعتداء.
وأضاف نصر الله إن جيش الاحتلال الإسرائيلي القائم على أساس الإذلال والإهانة والاعتداء لا يتحمل أن يرى أهل الجنوب في حقولهم ومزارعهم يشعرون بالأمن ويتجولون في الليل والنهار ولذلك فهو اليوم خائف منهم أكثر مما يخيفهم.
وفي الملف الداخلي اللبناني دعا السيد نصر الله إلى الجدية وبذل الجهد لتقصير المسافة الزمنية من أجل انتخاب رئيس جديد للبنان في أقرب مدة ممكنة وعدم تقطيع الوقت بانتظار متغيرات إقليمية ودولية.
وقال السيد نصر الله إن الفرصة الحقيقية والداخلية مازالت من أجل انتخاب رئيس قوي وقادر على حفظ الاستقرار والسلام ويتمتع بشعبية حقيقية في بيئته وعلى المستوى الوطني وقادر أيضا على طمأنة القوى السياسية والأطراف المختلفة والمساعدة الحقيقية ليتجاوز لبنان هذه المرحلة الصعبة محليا وإقليميا ودوليا.
واعتبر نصر الله أن هدف ترشح البعض لانتخابات الرئاسة ليس الوصول إليها أو إنجاز انتخابات رئاسية بل هو تحد لقطع الطريق على ترشيح جدي تجري مناقشته في الأروقة الوطنية لافتا إلى أن مشروع الفريق الآخر لم يكن انتخاب رئيس قبل 25 أيار بل كان التمديد لرئيس الجمهورية.
وقال الأمين العام لحزب الله إننا متواضعون بالهدف ولا نقول إننا نريد رئيسا يحمي المقاومة بل نريد رئيسا لا يتآمر على المقاومة ولا يطعنها في ظهرها ويثبت على موقفه منها وهذا ليس بشرط صعب بل هو خيار متاح بكل الأحوال.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 26/5/2014)