ناقش المشاركون في ملتقى الحوار القومي الثاني الذي أقامه اليوم اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع اتحاد الصحفيين في مكتبة الأسد بدمشق تحت عنوان المشروع القومي العربي في مواجهة التفتيت عددا من القضايا المتعلقة بتحديات الدولة الوطنية ودور الأحزاب والقوى الوطنية في تعزيز الفكر القومي.
وأكد رئيس حركة الشعب في لبنان نجاح واكيم أن الحرب التي تتعرض لها سورية جاءت نتيجة دورها القومي والمقاوم في وجه مشاريع التفتيت الأمريكية والغربية معتبرا أن ما يجري في العراق ولبنان هو جزء من هذه الحرب لكن “صمود إيمان ويقين الشعب السوري والسيد الرئيس بشار الأسد في الدفاع عن وطنه هو الذي يحقق انتصار سورية على أعدائها”.
وقال “من كان يراقب مشهد المواطنين السوريين في لبنان وهم يتوجهون إلى السفارة للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية يدرك أن هذا الشعب لن يخسر الحرب بل سينتصر على أعدائه وأعداء الأمة العربية” داعيا المعارضة السورية إلى “تحديد موقفها من الحرب التي تستهدف سورية الوطن وليس النظام”.مؤتمر1 واستعرض واكيم المخططات والمؤامرات التي عملت عليها القوى الكبرى للاستيلاء على هذه المنطقة وتفتيتها منذ الحرب العالمية الأولى مرورا بالتحضير لإقامة الكيان الصهيوني وسنوات الاستقلال للدول العربية والإعلان عن قيام هذا الكيان.
وأوضح أن الولايات المتحدة استعانت في مؤامرتها على منطقة الشرق الأوسط بأدوات ودول عربية بهدف “إقامة نظام شرق أوسطي يستند إلى دولتين إقليميتين هما تركيا واسرائيل بالاستعانة بقوى وحركات كالإخوان المسلمين والوهابية السعودية”. معتبرا أن سورية تقف حجر عثرة ضد هذا المشروع بسبب موقعها ومكانتها وتوجهاتها القومية العربية لذلك كانت الحرب عليها. ورأى واكيم أن ظروف إنتاج مشروع قومي عربي جديد أصبحت مؤاتيه الآن أكثر من أي وقت مضى في ظل انتصار سورية بدورها القومي ما يتطلب السعي والعمل الجاد من قبل القوى القومية العربية لإعادة إنتاج هذا المشروع مؤكدا ضرورة “أن تعمل مصر على تحديد توجهاتها وانتزاع دورها الإقليمي الذي لن يتحقق دون سورية”.
من جهته اعتبر الباحث اليمني محمد المقالح أن ما يبث في الفضائيات العربية لا يعبر عن موقف الشعب العربي تجاه سورية فهو يقف إلى جانبها في الحرب التي تخوضها ضد أعدائها لأنها قلب العروبة النابض لافتا إلى أن اليمنيين خرجوا بمئات الألاف في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات للتعبير عن موقفهم الرافض للمؤامرة وللحرب ضد سورية. وقال المقالح “أعداء الأمة العربية أرادوا معاقبة سورية لأنها حملت لواء العروبة” لافتا إلى أن “الحرب التي تشن ضد سورية استخدمت فيها الأموال العربية والدين كغطاء لتبرير ممارسات المجموعات الإرهابية المسلحة” مبينا أن “هذه الهجمة البشعة والقذرة التي تشن عليها اصبحت اكثر بشاعة عندما ارتدت ثوب الدين المتوحش حيث لا يوجد دين يتيح قتل الأطفال وأكل الأكباد وقطع الرؤوس كما هو موجود حاليا في سورية والعراق”.
وقال إن تكوين سورية هو تكوين وحدوي ضد مشاريع التقسيم والتجزئة التي كانت قد بدأت منذ عهد العثمانيين والفرنسيين وأن السوريين اليوم الذين صمدوا خلال الأزمة يواجهون مجددا المشروع التفتيتي. وذكر المقالح ان المتآمرين يسعون الى نشر المشروع الديني كبديل عن المشروع القومي الوحدوي معتبرا “أن الأول مشروع فاشل لأنه طائفي بالضرورة” مؤكدا أن مشروع الدولة الوطنية يجب أن يكون مكرسا وليس بديلا للقومية العربية لأن الوطنية هي أحد مكونات القومية. وحذر من “التشجيع أو الترويج للدولة الدينية التي ستحكم بالنهاية وفق مذهب محدد ما يعني إقصاء باقي المواطنين عن اتباع المذاهب الأخرى ما يتطلب التأكيد على قيام الدولة المدنية والعلمانية”.مؤتمر2 وأشار إلى أهمية التنمية في كل القطاعات وكل البلدان العربية مبينا أن هذه الهجمة التي استهدفت مقومات الاقتصاد والصناعة السورية هدفها اضعاف النمو الذي أخذ يتزايد ويكتسب قوته وتواجده على مستوى الدول العربية.
من جهته أكد الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي صفوان قدسي أن قيمة سورية الحقيقية في الدور القومي الذي تؤديه ويفرضه علم الموقع والموضع والجغرافيا السياسية مشيرا إلى المؤامرات المتكررة التي تستهدف سورية ودورها القومي. وحذر من أشكال التفتيت التي تستهدف الامة العربية منها النعرات الطائفية والمذهبية الضيقة حتى وصل الأمر إلى حد التشكيك بوجود الأمة العربية إضافة لمحاولات تغييب العقل والوعي العربي بهدف استلاب الإرادة القادرة على الفعل والتأثير. ورأى “أن ما تمتلكه الأمة العربية من مقومات لا يتوفر لدى الكثير من الأمم لكن وجود عرب أغنياء وفقراء ساهم في إضعاف المشروع القومي العربي لأن الأغنياء يخافون الفقراء وما دام هناك نفط عربي يملأ خزائن الأغنياء فإن مشروع الوحدة العربية سيبقى مؤجلا لكن هذا لا يعني ألا نعمل من أجل تحقيق هذا المشروع”.
وأكد أن التيار القومي العربي وقف إلى جانب سورية خلال السنوات الثلاث الماضية وأن القوميين العرب كانوا اكثر فهما لحقيقة ما يجري فيها.
وتركزت المداخلات خلال الملتقى الذي أداره رئيس تحرير صحيفة البعث الدكتور عبد اللطيف عمران حول منعكسات الظروف المستجدة على المشروع القومي العربي ودور المفكرين القوميين والأحزاب العربية في إعادة إحياء هذا المشروع ومدى إمكانية تحويله إلى واقع في ظل الانقسام بين الدول العربية وانتشار الأفكار المعادية لهذا المشروع. حضر الملتقى الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي هلال الهلال والأمين العام لحركة الاشتراكيين العرب أحمد الأحمد وعدد من أعضاء القيادة القطرية ومن مجلس الشعب ورئيس اتحاد الصحفيين الياس مراد وعدد من الباحثين والكتاب والأكاديميين وحشد من المهتمين.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 27/6/2014)