منذ تأسيسه قبل نحو 69 عاما وحتى اليوم أثبت الجيش العربي السوري التزامه المطلق بقضايا الأمة العربية العادلة وإصراره على الدفاع عن كرامتها وعزتها وتصديه لجميع المؤامرات الاستعمارية التي استهدفت وجودها وكيانها منطلقا من القيم والمبادئ التي حملها رجالاته في وجدانهم وضمائرهم وناضلوا لأجلها سنوات طويلة.
فعلى مدى أكثر من ستة عقود آمن الجيش العربي السوري بالقومية العربية نهجا وشارك في جميع المعارك التي خاضتها الأمة العربية وسطر رجالاته ملاحم في البطولة والتضحية والفداء ابتداء بحرب إنقاذ فلسطين عام 1948 مرورا بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وحرب الاستنزاف التي استمرت نحو ست سنوات عقب عدوان حزيران عام 1967 وصولا الى حرب تشرين التحريرية عام 1973 والدفاع عن لبنان الشقيق ووحدته في الفترة 1976-1982.
ويرى مراقبون أن المعركة التي يخوضها الجيش العربي السوري اليوم ضد المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض الدول الإقليمية والعربية لا تختلف في جوهرها ومضمونها عن معاركه السابقة ضد قوى الاستعمار كافة وإن اختلفت الأشكال وتعددت الأساليب، كما أن مواجهته لهذه الحرب الإرهابية الظالمة هو في صلب عقيدته القتالية التي أثبتت صمودها في وجه حملات التحريض والتضليل الإعلامي التي استهدفت تماسكه ووحدته منذ بدء الأزمة في سورية.
وعلى مدى السنين الماضية عمد الجيش العربي السوري إلى تطوير قدراته القتالية بما يتناسب مع حجم الانقلاب في مواقف عدد من الجيوش العربية التي انخرطت في تحالفات واهية تستنزف إرث الأمة العربية النضالي وتاريخها البطولي المشرف واستطاع من خلال توطيد وتطوير التعاون مع جيوش الدول الصديقة ذات التوجه المعادي لسياسات الغرب الاستعماري التزود بمختلف صنوف الأسلحة الحديثة والمتطورة رغم محاولات منع سورية المستمرة من التزود بالسلاح وخوف بعض الدول من الإخلال بالتوازن العسكري ضد مصلحة إسرائيل.
كما أدرك الجيش العربي السوري باكرا أن الإنسان هو العامل الحاسم في أي معركة فانصب تركيزه على بناء الإنسان وتأهيله نفسيا وجسديا وعقائديا بما يمنحه القناعة والإيمان بعدالة القضية التي يقاتل ويضحي من أجلها وهو ما شهدته برامج التأهيل المعتمدة في المنشآت التعليمية والتشكيلات المقاتلة والتطوير المستمر للمناهج التدريبية والتعليمية العسكرية.
وانطلاقا من ثوابته العروبية وإيمانه بوحدة الأمة العربية وسلامة أراضيها اختار الجيش العربي السوري كقوة عسكرية عقائدية خيار دعم قوى المقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق سبيلاً لتحرير الأراضي العربية المحتلة متحدياً جميع الضغوطات الدولية وإرهاصات هذا القرار الوطني ولعب دورا فاعلا ومؤثرا في مسيرة دعمها واستمراريتها سياسيا وعسكريا وميدانيا حتى تمكنت المقاومة من إجبار العالم على الاعتراف بدولة فلسطين وتحرير جنوب لبنان وضرب عمق الكيان الصهيوني بأسلحة نوعية غيرت تكتيكه القتالي وأثرت بمنظومة أمن مستعمراته التي كان يعمل عليها على الدوام.
وتشكل الانتصارات الميدانية المتلاحقة التي يحققها الجيش العربي السوري في أكثر من منطقة نقطة انعطاف هامة في سجل الجيوش العربية وجيوش المنطقة بعد أن عملت الدول المتآمرة على تجنيد آلاف الإرهابيين من شتى بقاع الأرض للنيل من صموده ورصدت مليارات الدولارات في سعي منها لإضعاف الروح المعنوية للجندي العربي السوري وتشويه صورته لكنها عبثا تحاول، فهو جيش الشعب الذي ضم تحت رايته جميع أبناء الوطن بغناه الانساني وتنوعه الحضاري.
لقد استطاعت عبقرية الجيش العربي السوري العسكرية التأقلم سريعاً مع ظروف المعركة الحالية التي يخوضها ضد العصابات الإجرامية المسلحة والانتشار في مختلف المناطق على امتداد مساحة الوطن لحماية المنشآت العامة والخاصة من أعمال السرقة والنهب والتخريب والتعامل مع مختلف صنوف الأسلحة التقليدية والحديثة، كما تمكنت وحداته القتالية من أخذ زمام المبادرة في أكثر من منطقة وتحقيق انتصارات خاطفة وسريعة على الإرهابيين كما جرى في القصير والخالدية ويبرود ومناطق أخرى بريف دمشق.
وتؤكد الوقائع أن الجيش العربي السوري بأدائه المتماسك وجاهزيته العالية وإصراره على إعادة الأمن والاستقرار إلى كل شبر من أرض الوطن ومنع الإرهابيين المأجورين من تحقيق مآربهم فانه يواصل سيره على نهج الأجداد والقادة الأوائل ويعيد أمجاد الانتصارات التي حققها رجالاته، وان دماء شهدائه الطاهرة التي روت أرض الوطن لن تذهب سدى بل ستكتب قصة نصر جديدة وحكاية شعب يأبى الضيم ويرفض الهزيمة والخذلان.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 1/8/2014)