أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم أن سورية وإيران هما حليفتانا الطبيعيتان في الحرب ضد تنظيم “داعش” الإرهابي وأن توجيه ضربات لقواعد التنظيم الإرهابي في سورية دون موافقة حكومتها يحمل أخطر العواقب داعيا إلى ضرورة العمل على صياغة استراتيجية متكاملة مناسبة من أجل التصدى بفعالية لتحديات الإرهاب في المنطقة عبر فهم أصول منابعه وحجمه الحقيقي.
وقال لافروف على هامش مؤتمر السلام والأمن في العراق عقد في العاصمة الفرنسية باريس اليوم “إن جوهر الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب كانت دائما في مبدأ الاستعداد الصارم لمحاربة جميع أشكاله ومظاهره وليس بتقسيم الإرهابيين إلى “سيئين” و”جيدين” ولكن للأسف بدأ هذا المبدأ الأساسي يتعثر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقدم مرات عديدة كضحية لتطلعات إسقاط النظام في هذا البلد أو ذاك”.
مشاريع توجيه ضربات لقواعد تنظيم داعش الإرهابي في سورية دون موافقة حكومتها يحمل أخطر العواقب
ولفت لافروف إلى أن “مشاريع توجيه ضربات لقواعد تنظيم داعش الإرهابي في سورية دون موافقة حكومتها يحمل أخطر العواقب” مؤكدا أن سورية وإيران هم حلفاؤنا الطبيعيون في الحرب ضد داعش ومشاركتهما في هذا اللقاء كان بامكانه اغناء عملنا بشكل فعال لذلك فان المقاييس الاخلاقية التي يجب اعتمادها في مواجهة الإرهاب لابد أن تكون واضحة وغير ملتبسة”.
ولفت لافروف إلى أن الإعلان المتسرع عن عدم شرعية “النظام في سورية” منذ أكثر من ثلاث سنوات “منعت تقديم الدعم المناسب والتام لردع التنظيمات الإرهابية في سورية” وقال “كان يمكن للوضع أن يتغير مباشرة بعد قمة الثمانية في /لوخ أرني/ في حزيران العام الماضي” عندما برزت هناك دعوة للحكومة السورية والمعارضة إلى توحيد الجهود ضد الإرهابيين وطردهم من البلاد”.
ولفت وزير الخارجية الروسي إلى أن “هذه الدعوة بقيت حبرا على الورق فقط واقتراحنا المتفق عليه في القمة لم يلق الدعم عندما نقلناه إلى مجلس الأمن الدولي ونتيجة لكل ذلك جرى العديد من الحوادث والأحداث بما فيها تمكن تنظيم داعش الإرهابي من تعزيز سلطته وتوسيع أنشطته في العراق وسورية”.
وضع حد للدعم الخارجي للإرهاب
ودعا لافروف لوضع حد للدعم الخارجي للإرهاب و”الذي من دونه تنظيم داعش الإرهابي لم يتمكن من تحقيق أي نجاح عبر سد جميع القنوات المغذية للإرهابيين” وقال إن “النجاحات التي حققها تنظيم داعش الارهابي وغيره العديد من التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية وغيرها من البلدان لما كان لها أن تتحقق من دون الدعم المالي والمادي الأجنبي من الخارج بما في ذلك توريد الأسلحة وشراء النفط الخام من حقول النفط التي يسيطر عليها الإرهابيون”.
وأكد وزير الخارجية الروسي أن “التهديد الإرهابي خطير جدا وأخطر مما يكون رد الفعل عليه مبنيا على اعتبارات إيديولوجية على هذا النمط أو ذاك وعلى عدم التقيد بقواعد القانون الدولي” وقال “ينبغي على الدول المشاركة في التحالف المعادي للإرهاب أن تبرهن على حقيقة الوحدة وعلى عدم السماح بالخلافات بينها حول قضايا أخرى تضر بفعالية التدابير المشتركة في عمليات مكافحة الإرهاب كما أن المتطرفين سوف يحاولون استغلال أي خلافات في مواقفنا لتقويض الجبهة الموحدة للدول المناهضة لهم”.
وتابع لافروف “إنه من الضروري وضع نهج تعاوني حقيقي من خلال الجمع بين عقولنا وقدراتنا لأنه لا أحد يستطيع أن يعرف أفضل من غيره بنوع الاستراتيجية التي نحتاج إليها جميعا في تقديم المساعدة لدول المنطقة كما ينبغي أن تكون تصرفاتنا مبنية على أساس متين بالاستناد إلى ميثاق الأمم المتحدة وغيره من صكوك وآليات أممية أخرى خاصة بمكافحة الإرهاب وبما أننا كما في العراق وكذلك في سورية وفي أماكن أخرى نواجه العدو ذاته ونتعامل مع الخصم نفسه لذلك لا يمكن أن يكون حول هذه النقطة أي مجال لازدواجية المعايير”.
المتطرفون يزرعون الدمار في سورية وهم يصرحون علنا عن نواياهم في دفع مجمل المنطقة إلى هاوية الحروب الدينية
وذكر لافروف بما أدت إليه هذه “السياسة الرعناء” من قبل بعض الدول الحاضرة لهذا الموءتمر في ليبيا ومالي المجاورة لها ولبلدان أخرى كثيرة عندما غضت الطرف عن تعزيز قوة “المتطرفين” في المعركة لإسقاط الدولة الليبية لا بل قامت حتى بمدهم بالسلاح ودخلت الحرب إلى جانبهم.
وأكد وزير الخارجية الروسية أن “المتطرفين يزرعون الموت والدمار في سورية وهم يصرحون علنا عن نواياهم في دفع مجمل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى هاوية الحروب الدينية ويحاولون إجبار المسلمين اتباع نهج عدائي مكروه تجاه معتنقي المذاهب الأخرى والعالم الخارجي ويقومون بقتل وإذلال المسيحيين وبحملات إعدام شنيعة للصحفيين وهذا ما لا يتطابق مع القيم الأصيلة للإسلام كأحد الأديان الرئيسية في العالم” مشيرا في الوقت ذاته إلى أن مستقبل العراق اليوم مهدد من قبل تنظيم داعش الإرهابي الذي يجب على قياداته “ألا تتوهم بأنهم يمثلون الإسلام أو يسمح لهم هذا بإنشاء الدولة الخاصة بهم” .
وأشار لافروف إلى أن “تصرفات المسؤولين في العراق بعد سقوط بغداد كانت خاطئة للغاية حيث تم تجاهل واقع الحقائق وتقاليد هذا البلد العريق ما دفع به نحو الفوضى والحرب الطويلة الأمد وخلق تهديدا أكبر لانهياره” منوها في الوقت ذاته بالالتزام القوي لدى القادة العراقيين في التصميم على التغلب على عواقب هذا التأثير وفي تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية .
ودعا وزير الخارجية الروسي إلى ردع صعود موجة التطرف الذي يشكل تهديدا كبيرا على المنطقة برمتها ليكون من الاولويات الرئيسية بصرف النظر عن أي خطط وطنية أخرى لدول ما في المنطقة وتوحيد الجهود فعلا لا قولا لجميع الدول الواقعة في المنطقة أو في خارجها والملتزمة حقا في مواجهة الإرهابيين وقال “إننا نجتمع هنا اليوم ليس من أجل معرفة من هو المذنب ولماذا وانني اذكر بكل ذلك فقط لانه من المهم جدا التوصل إلى الاستنتاجات الصحيحة عن أخطاء الماضي إذا مأ أردنا تحقيق النجاح وأن تستند جميع أعمالنا إلى فهم عميق وواضح لصعود موجة التطرف”.
روسيا عرضت مبادرة لعقد مؤتمر دولى لدراسة شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط وشمال افريقيا في إطار مجلس الأمن الدولي
وأعلن لافروف بناء على ما سبق أن روسيا عرضت مبادرة لعقد مؤتمر دولى لدراسة شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب في الشرق الأوسط وشمال افريقيا في إطار مجلس الأمن الدولي.
وقال لافروف “قدمنا مبادرة حتى يصار إلى دراستها من قبل جميع القوى الإقليمية والدولية تقوم على عقد مؤتمر دولى للاستعداد جيدا لدراسة عميقة وشاملة لمشاكل التطرف والارهاب فى الشرق الاوسط وشمال افريقيا الذي سيعقد من خلال مجلس الأمن الدولي”.
وتابع لافروف “تحدثنا بشأن إعداد تحليل موضوعى وعميق وشامل من قبل مجلس الأمن الدولى” مضيفا “آمل أنه سيتم الاستماع إلينا جميعا” مؤكدا أنه “ينبغى أن تتم دراسة الأسباب الكامنة وليس فقط أعراض ظهور التطرف”.
ودعا لافروف إلى بدء مناقشة مكافحة الإرهاب فى الشرق الأوسط بشكل شامل في مجلس الأمن الدولي دون استبعاد عوامل مهمة تؤثر فى تفاقم المشكلة بما في ذلك تمويل النشاط الإرهابي وتدفق الأسلحة ومناقشة قضية بيع المنظمات الإرهابية النفط من الحقول التي تسيطر عليها لتمويل نشاطها.
وشدد لافروف على العمل للحيلولة دون انضمام الشباب الى صفوف التنظيمات الإرهابية الدولية بسبب سوء الظروف الاقتصادية والاجتماعية مطالبا المجتمع الدولى بأن يستخلص دروسا من الماضى ويتخلى عن استخدام أي معايير مزدوجة في مكافحة الإرهاب لأنه لا يمكن أن تكون أي خطط سياسية أهم من المهمة المشتركة المتمثلة في مكافحة الإرهاب.
روسيا ستقدم المساعدات العسكرية وغيرها من المساعدات إلى سورية والعراق في حربهما ضد الإرهاب
كما أكد لافروف أن روسيا ستقدم المساعدات العسكرية وغيرها من المساعدات إلى سورية والعراق في حربهما ضد الإرهاب.
وقال لافروف “لقد تحدثنا بشأن مساهمتنا فى دعم الحكومة العراقية في حربها ضد الإرهابيين وضمان أمن دولتهم”.
وتابع لافروف “إننا وبنفس الطريقة نقدم المساعدات العسكرية وغيرها من المساعدات إلى سورية التي تواجه أيضا تهديدا إرهابيا خطيرا وربما بدرجة أقل”.
وأردف لافروف “إننا نقوم أيضا بتوفير المساعدة لشركائنا في مصر ولبنان واليمن والأردن” مضيفا “لذلك لدينا شيء للمساهمة في الجهود المشتركة”.
وأضاف لافروف “إننا نعتبر أنه من الضروري دراسة الأسباب الكامنة وراء تصاعد موجات التطرف وليس أعراضه فقط “مؤكدا على أنه يجب أن نكون “قادرين على مناقشة عواقب حروب وغزوات الماضي بصراحة وكذلك أسباب وصول المفاوضات حول مسائل صراعات طويلة الأمد إلى طريق مسدود” لافتا إلى أن “الجميع يشترك في الاعتقاد بأن عدم حل القضية الفلسطينية على سبيل المثال يساعد المتطرفين في غسل أدمغة الأطفال والشباب وتجنيد المزيد من الأعضاء الجدد في داعش والنصرة وغيرها من المجموعات الإرهابية المسلحة”.
وأعرب وزير الخارجية الروسية عن أمله في يكون اجتماع اليوم مفيدا في تلبية احتياجات الحكومة العراقية الماسة وكذلك في المساهمة بحشد الدعم العملي لجهود دولية أكثر تنسيقا لمكافحة الإرهاب تحت رعاية الأمم المتحدة.
يشار إلى أن المشاركين في المؤتمر الدولي حول أمن واستقرار العراق الذي عقد في باريس اليوم تعهدوا بدعم العراق في حربه ضد تنظيم دولة العراق والشام الارهابي بـ “كل الوسائل الضرورية” وضمنها العسكرية وفق البيان الختامي.
وجاء في البيان الذي أوردته وكالة الصحافة الفرنسية أن المشاركين في “مؤتمر باريس يؤكدون أن داعش تشكل تهديدا للعراق ولمجموع الأسرة الدولية”.
سوكولوف: الولايات المتحدة هي التي خططت لكل الأزمات في الشرق الأوسط لغايات ومصالح لها في المنطقة
من جهته أكد رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي قسطنطين سوكولوف أن الولايات المتحدة هي التي خططت لكل الأزمات في الشرق الأوسط وهي تخطط لإعادة احتلال جزء من العراق من جديد وإسقاط “الدولة السورية” ومن ثم بناء أنابيب الغاز من قطر إلى تركيا.
وأشار سوكولوف في مقابلة مع قناة آر تي الروسية إلى أن غياب سورية وايران والممثلين الآخرين ل دول المنطقة المعنية بمكافحة الإرهاب عن مؤتمر باريس يجعل من هذا المؤتمر مكانا لحل مشاكل الولايات المتحدة وأوروبا.
وحذر سوكولوف من أن الولايات المتحدة تطبق خطة نمطية أولا بتفجير الوضع في المنطقة بواسطة تنظيم القاعدة الإرهابي وثم تقوم بترتيب الأمور مثلما أنشأت القاعدة ثم تدخلت في أفغانستان والعراق والآن تنفذ نفس السيناريو وقد شكلت تنظيمات مختلفة في المنطقة وتدعي في الوقت ذاته أنها تحارب الإرهاب.
وقال سوكولوف إن ما تقوم به الولايات المتحدة هو بهدف بناء أنابيب الغاز من قطر إلى تركيا من أجل إزاحة الغاز الروسي من أوروبا ولتكون أوروبا تحت سيطرة كاملة من قبل الولايات المتحدة.
وأعرب سوكولوف عن اعتقاده بأن أي دعم روسي للتحالف الدولي في مواجهة الإرهاب يتوقف على الوضع في المنطقة وعلى “ما إذا كانت الدول المجاورة للعراق ترى في هذا التحالف خطوة جيدة.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 15/9/2014)