ردّاً على دعوات أصحاب الرؤوس الحامية وأضغاث أحلام السيطرة والاستعمار بشأن إقامة ما يسمى «منطقة عازلة» في شمال سورية أكدت الخارجية الروسية أن مجلس الأمن الدولي وحده الذي يتخذ القرارات حول إقامة هذه المناطق، مشدّدة على أن أي قرارات أحادية أو حتى تحالفات بهذا الخصوص على غرار ما جرى في ليبيا ليست قانونية.

وقال ألكسندر لوكاشيفيتش المتحدث الرسمي باسم الوزارة في مؤتمر صحفي عقده في موسكو أمس: مجلس الأمن هو الذي يتخذ القرارات حول إقامة مثل هذه «المناطق العازلة» وإن أي قرارات دول أحادية أو حتى تحالفات ما ليست قانونية في هذا المجال، مشيراً إلى ما جرى في ليبيا وما أسفر عنه.

وجدّد لوكاشيفيتش دعوة بلاده للولايات المتحدة إلى ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية في العمليات العسكرية التي تقوم بها في أماكن وجود تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية، منبهاً إلى أن عدم التنسيق بهذا الصدد يؤثر في فاعلية ضربات «التحالف الدولي» فيها.

ونقلت «سانا» عن لوكاشيفيتش قوله: نلفت انتباه المجتمع الدولي من جديد إلى أن مكافحة الإرهاب الذي يعدّ شر العصر لا يمكن أن تكون فاعلة إلا بتوحيد جهود الأطراف كلها على أساس القانون الدولي، محذّراً من أن العمليات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة وشركاؤها ضد التنظيم الإرهابي والتي لم يتم التصديق القانوني عليها يستخدمها الإرهابيون المتطرفون لتصعيد التطرف في المنطقة وتأجيجه عبر استخدام روايات أسطورية قديمة للتأثير في الآخرين.

وانتقد لوكاشيفيتش استغلال تلك العمليات لخدمة مصالح دول الغرب الضيقة مثل «تغيير النظام» وقال: إن ذلك سيجلب مزيداً من المعاناة للسكان المدنيين وهذا ما نراه الآن.

وأشار لوكاشيفيتش إلى أن موسكو تساعد بعض الدول على مكافحة الإرهاب عبر سبل شرعية ولكن ذلك لا يعني استعدادها للانضمام إلى أي تحالفات من أجل التصدي لهذا الخطر، مذكراً بأن ممثلي السلطات الروسية أشاروا مراراً إلى أن موسكو لا تسعى للعمل ضمن أطر تحالفات ما.

ولفت لوكاشيفيتش إلى المخاطر الناجمة عن ظاهرة الإرهاب وإلى قيام بلاده بالمساعدة الفاعلة للدول التي تواجه هذا الخطر كسورية والعراق وغيرهما عبر إرسال معدات تقنية متخصصة وتدريب كوادرهما.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد أمس أن أي إجراءات أو خطوات يتم اتخاذها من أجل مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية يجب أن تستند إلى القانون الدولي وأن تتم بعد موافقة سلطات الدول التي تعاني من الخطر الإرهابي.

وأكد الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط- نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف خلال لقائه النائب الأول لوزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أوغلو ضرورة أن تكون محاربة التهديدات الإرهابية مبنية على الالتزام الصارم بالقانون الدولي وعلى احترام سيادة الدول.

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أمس: إن جولة جديدة من المشاورات حول قضايا الشرق الأوسط أجراها بوغدانوف أمس في أنقرة مع النائب الأول لوزير الخارجية التركي، مضيفة: إن مناقشة مستفيضة للوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جرت خلال اللقاء مع التركيز على تطور الوضع في سورية والعراق في إطار الجهود المبذولة للتصدي للمخاطر التي تمثلها المجموعات الإرهابية.

وأضافت الخارجية الروسية: الجانب الروسي أكد ضرورة أن تكون محاربة التهديدات الإرهابية مبنية على الالتزام الصارم بالقانون الدولي وعلى احترام سيادة الدول، مشيرة إلى أن بوغدانوف وسينيرلي أوغلو اتفقا معاً على أن يجري حل النزاعات القديمة والجديدة حصراً بالوسائل السياسية والدبلوماسية ومن خلال حوار وطني شامل.

وقال البيان: إن الجانبين أكدا في ختام المشاورات النية المتبادلة في الحفاظ على الحوار الروسي- التركي حول المسائل المهمة في ملف الشرق الأوسط.

وبالتزامن مع الموقف الروسي وردّاً على التصريحات الفرنسية والتركية أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو» ينس ستولتنبرغ أن إقامة ما يسمى «منطقة عازلة» شمال سورية التي تطالب بها أنقرة ليست مدرجة على جدول أعمال الحلف وشركائه.

وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن ستولتنبرغ قوله أمام الصحفيين في أنقرة أمس في ختام لقاء مع وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو: إن ذلك ليس مدرجاً بعد على جدول مباحثات «الأطلسي»، مضيفاً: إنها ليست مسألة تبحث في «الحلف».

وفي هذا الصدد نفى البيت الأبيض أمس الأول بحث إقامة «منطقة عازلة» على الحدود بين سورية وتركيا ليضع بذلك حداً للتصريحات الاستفزازية التي أطلقها بعض الدبلوماسيين الغربيين بهذا الخصوص.

 (المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 10/10/2014)