أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن على المجتمع الدولي مواجهة تنظيم داعش الارهابي وغيره من التنظيمات المتطرفة “بحزم”.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الهنغاري بيتر سيارتو في موسكو اليوم “تتطابق مواقفنا من أن تنظيمات مثل داعش وغيره من الكيانات المتطرفة في هذه المنطقة يجب أن يواجهها المجتمع الدولي بحزم من ناحية ملاحقة المسؤولين عن تأسيس هذه التنظيمات الإرهابية”.
وبشأن الأزمة الأوكرانية شدد لافروف على ضرورة التزام كل الأطراف في تطبيق بنود اتفاقية مينسك لحل هذه الأزمة داعيا إلى استخلاص الدروس والعبر من الأزمة الأوكرانية والى عدم السماح بفقدان فرصة العودة إلى الحل السلمي من خلال الحوار المباشر والشامل بين كييف ومن وقع على اتفاقية مينسك.
ولفت وزير الخارجية الروسي إلى وجوب البدء بالحوار بين روسيا والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات موضحا أن علاقة روسيا بهنغاريا تاريخية وتتصف بالثقة والاحترام المتبادل وأن المباحثات شملت الأزمة الأوكرانية بغض النظر عن مواقف الاتحاد الأوروبي.
من جانبه شدد وزير خارجية هنغاريا على “عدم العودة إلى الحرب الباردة لأن العودة إليها تعني خسارة الجميع” مؤكدا في الوقت ذاته أن وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي يريدون تطوير العلاقات مع روسيا.
وأوضح سيارتو أن بلاده مع وحدة أراضي أوكرانيا وحل الأزمة انطلاقا من اتفاقية مينسك وأن الحل لا يكون إلا بالحوار بين طرفي الأزمة كما أن بلاده معنية بإنشاء علاقات مبنية على الاحترام المتبادل مع روسيا وتطوير العلاقات بين البلدين في مجالات مختلفة ومنها الطاقة النووية مشيرا إلى أنه ناقش ووزير الخارجية الروسي طرق وأساليب محاربة الإرهاب.
لافروف: روسيا تعمل على إيجاد الحلول للأزمات على أساس القوانين الدولية
وكان لافروف أكد أن روسيا تعمل على ايجاد الحلول للأزمات المختلفة ولاسيما في أوكرانيا والشرق الأوسط وشمال افريقيا وتنطلق من أهمية الجهود الدولية في المساعدة على الحل على أساس القوانين والاعراف الدولية.
وقال لافروف في كلمة له اليوم أمام مجلس الدوما الروسي حول السياسة الخارجية الروسية “إن روسيا لا تزال تقدم المساعدة لحكومات العراق وسورية والدول الأخرى في المنطقة من أجل مواجهة أزماتها الداخلية وهي اقترحت بحث كل الاخطار الناجمة عن هذه الأزمات في إطار الأمم المتحدة من أجل وضع استراتيجية شاملة متكاملة لاحتوائها”.
وأشار لافروف إلى أن روسيا قدمت مبادرات فيما يتعلق بالملف النووي الايراني الذي تتواصل المفاوضات حوله مع طهران لافتا الى أن التقدم في هذا الملف سيساعد على تحسين الاوضاع في الشرق الاوسط والتقدم بالمبادرة المتعلقة بإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الاوسط.
وأوضح لافروف أن الازمة الاوكرانية هي “نتاج سياسة بعض الدول الغربية الساعية إلى تعزيز أمنها على حساب أمن ومصالح الدول الأخرى وتوسيع الفضاء الجيوسياسي الخاضع لسيطرتها ومطامح حلف الناتو بالتوسع شرقا على حساب المشاركة في تشكيل منظومة الامن المتكاملة وهو ما أدى الى تحقيق انقلاب غير دستوري وغير شرعي في أوكرانيا”.
وبين لافروف أن الدول الغربية تقوم بدعم كل ما يفعله فريق الحرب في كييف بما في ذلك الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان وعدم العمل على دفع الطرفين الى الحوار وتطبيق الاتفاقات الموقعة وخاصة اتفاق مينسك واتفاق جنيف لحل الازمة والتي نصت على ضرورة اجراء اصلاح دستوري بمشاركة كل القوى السياسية واقامة حوار مباشر بين ممثلي سلطات كييف واقليم دونباس.
وأعلن لافروف ان الدول الغربية تحاول استبعاد جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين من المفاوضات حول الأزمة في جنوب شرق أوكرانيا وتصوير روسيا كطرف في النزاع مشددا على أهمية المحافظة على اتفاقات مينسك لما لها من قيمة حيوية.
ودعا لافروف الى ضرورة التنسيق بين كييف ورجال المقاومة بشأن هذه الاتفاقات ودعمها من قبل اللاعبين الخارجيين روسيا وأوروبا والولايات المتحدة ومجلس أوروبا.
وقال لافروف “لا يجري في الواقع تطبيق القسم الأكبر من اتفاقات مينسك حول أوكرانيا لأن تطبيقها يتطلب التعاون من الجانبين بينما تجري حاليا عملية تنسيق خطوط الفصل وسيتم إنجازها قريبا وسيسمح ذلك بالبدء في سحب الاسلحة الثقيلة فورا وفق المسافات التي تم الاتفاق عليها وبعد ذلك سيتم نشر مراقبين تابعين لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا بين جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين من جهة والقوات الاوكرانية من جهة أخرى” مشيرا إلى أن ذلك من شأنه ان يسمح بفرض نظام وقف إطلاق نار مستقر.
وأشار لافروف الى أن الدول الغربية تحاول تزوير الحقائق من خلال اتهام روسيا ببعض ما يجرى وهو ما يؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي ولا يساعد على احتواء الازمة الاوكرانية لأن مثل هذه الاتهامات لا أفق لها.
وقال لافروف إن الحصار الاقتصادي الذي تفرضه سلطات كييف على مناطق شرق البلاد “يدخل في إطار مساعيها لتمهيد الطريق نحو غزو عسكري آخر وحل الازمة عن طريق العنف وليس فقط خنق المنطقة اقتصاديا واجتماعيا”.
وأكد لافروف استعداد روسيا للحوار مع الغرب والعمل في جميع الظروف القائمة لافتا الى أن العقوبات أحادية الجانب وغير الشرعية لا تساعد على الاطلاق على حل الازمة الاوكرانية والى أنه لا بديل من التعاون المتكافئ بين روسيا والاتحاد الاوروبي بسبب الروابط الوثيقة بينهما في المجال الاقتصادي والسياسي والثقافي.
وشدد لافروف على أن من أولويات السياسة الخارجية الروسية في ظروف الازمة الاوكرانية والضغوط الغربية تعزيز الموقف الروسي في إطار النظام العالمي الجديد الذي يتميز بالتعددية القطبية مبينا أن روسيا مستعدة لتطوير العلاقات مع كل الدول التي تريد التعاون على أساس الاحترام المتبادل وتعترف بالدور القيادي للأمم المتحدة.
وقال لافروف “إن روسيا تحاول أن تعزز ثقافة الاحترام المتبادل في العلاقات الدولية ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون الضغط على الدول الاخرى وبالتالي عندما تحاول دولة ما أن تدافع عن مصالحها على حساب مصالح الاخرين فهذا سيؤدي الى نتائج سلبية على الصعيد العالمي”.
وأوضح لافروف أن روسيا تولي اهتماما لتطوير التعاون في إطار مجموعة /بريكس/ و/منظمة شنغهاى للتعاون/ حيث يتم الآن العمل على إطلاق /بنك بريكس المشترك/ بحجم 100 مليار دولار لافتا إلى أن دور /بريكس/ يزداد على الصعيد الدولي وهو ما أكدته الاحداث الاخيرة وخاصة ما جرى في إطار قمة العشرين قبل أيام في أستراليا.
وحول موضوع انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون أكد لافروف أن مسألة انضمام إيران إلى صفوفها تصبح أكثر واقعية تبعا لمسيرة تسوية الملف النووي الإيراني معتبرا ان احتمال انضمام الهند وباكستان إلى المنظمة لن يضعف دور روسيا والصين في هذه المنظمة.
وقال “ان الدول المذكورة لا تسعى إلى الهيمنة في السياسة العالمية والتي انتهجها الغرب تاريخيا كما أنها لا تتبع نظام الأحلاف وإنما تسعى لحماية مصالحها القومية كما تفعل روسيا”.
وأشار لافروف إلى اهتمام روسيا “بمنح دينامية إضافية لنشاط منظمة شنغهاي للتعاون على كل الاتجاهات وكذلك بزيادة فعاليتها وقدراتها في مجالي مكافحة الإرهاب ومكافحة تجارة المخدرات”.
وفي سياق متصل أكد لافروف أن وزير الخارجية الامريكي جون كيري نصحه بعدم الاكتراث بتصريحات الرئيس باراك أوباما التي قال فيها “إن روسيا تشكل واحدة من التهديدات العالمية”.
وقال لافروف لقد أثارت انتباهي قائمة التهديدات التي سمح الرئيس أوباما لنفسه بذكرها منذ بدء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم بعد ذلك وليس من وقت بعيد عندما كنت أتحدث مع جون كيري سألته عما يعنيه أوباما فرد بالقول “لا تكترث” لافتا إلى أن كيري قال له ذلك لأنه كان يريد في هذه الفترة مناقشة كيفية التنسيق مع روسيا فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني والوضع في شبه الجزيرة الكورية.
وشدد لافروف على انه من غير اللائق بدولة عظمى كبيرة وقوية كأمريكا أن تتبع مثل هذا النهج الاستهلاكي مع شركائها والذي يتمثل في أنه “عندما أكون بحاجة لكم أطلب المساعدة بلطف وعندما أريد أن أنزل العقاب بكم فعليكم أن تصغوا إلي”.
وقال لافروف “إننا نعمل في الشأن الإيراني وشبه الجزيرة الكورية ليس من منطلق أننا نريد فعل جميل لاحد ما وانما وبالدرجة الاولى لان هذين البلدين قريبان جدا من روسيا”.
وحول موقف روسيا الرافض لأي تهديد لنظام عدم انتشار الأسلحة النووية قال لافروف. إنه ينبغي لحل هذه المشكلة العمل بطريقة لا تضع أمام البلدان المعنية عقبات مصطنعة تمنعها من التعاون الدائم والتام معنا.
وذكر مجددا بأن المصالح الرئيسية لروسيا تدفعها للمشاركة بفعالية في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني وفى حل القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية.
وشدد لافروف على أن روسيا تتعاون مع شركائها من منطلق التوافق في المصالح الرئيسية وقال “إن هذا هو نهجنا أما أن أطلب المساعدة بلطف عندما تكون لي مصلحة فيها وأن أتعامل معكم كما أشاء ووفق الرأي العام الذي رتبته مسبقا لهذا الغرض فذلك أمر غير جدي” في اشارة منه الى /التحالف/ الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية لمكافحة الارهاب ومواجهة تنظيم /داعش/ وغيره من التنظيمات الارهابية في منطقة الشرق الاوسط.
وفي سياق آخر أكد وزير الخارجية الروسي أن الغرب يقوم بكل ما بوسعه لوقف التعاون بموجب معاهدة فيينا حول إجراءات الثقة التي لا تتطلب مصادقة لأنها تتعلق فقط بتقديم معلومات حول التدريبات المرتقبة تشمل عدد العسكريين وأنواع الأسلحة.
وأشار إلى أن هناك أسرارا كثيرة في المعلومات المتعلقة بوضع القوات المسلحة الروسية ولكن ليس هناك ما يتم إخفاؤه فيما يتعلق بمواقع المرابطة وبشفافية تبادل المعلومات لأننا لا ننوي الذهاب أبعد من شركائنا الغربيين.
وأوضح لافروف أن معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية /ستارت3/ تلبي المصالح الاستراتيجية الجوهرية الروسية وقال “نحن مهتمون بتطبيق المعاهدة على أكمل وجه شريطة التزام الجانب الأمريكي وهذا سيزيد من الاستقرار في العالم من دون أي مساس بقدراتنا على ضمان أمننا”.
وحول مشروع مد خط أنابيب الغاز العابر لبحر قزوين وما إذا يمس بالمصالح المشروعة لروسيا قال وزير الخارجية الروسي “إن مشروع توريد الغاز التركماني إلى أوكرانيا يأتي من بين المشاريع الاقتصادية التي تمس بمصالح روسيا وننطلق من أن كل بلد يحق له اختيار شركائه الاقتصاديين شريطة ألا ينتهك في هذه العملية المصالح المشروعة لجيرانه”.
وأشار لافروف إلى أن مشروع خط أنابيب الغاز العابر لبحر قزوين يمس بمصالح الدول غير المشاركة في المفاوضات بشأن إنشائه وقال “إن المفوضية الأوروبية كانت أصلا محركا لهذا المشروع وان روسيا احتجت بضع مرات لدى بروكسل” مشددا على أن قضايا استثمار بحر قزوين تقع في اختصاص دول قزوين دون غيرها.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 20/11/2014)