استمع مجلس الشعب في جلسته الختامية من الدورة العادية الثامنة للدور التشريعي الأول التي عقدها اليوم برئاسة محمد جهاد اللحام رئيس المجلس إلى عرض قدمه رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي حول أداء الحكومة وإجراءاتها للحد من تداعيات الأزمة ومعالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين وتوفير الخدمات والاحتياجات الأساسية لهم.
وأكد اللحام في كلمة له بداية الجلسة التي حضرها معظم أعضاء الحكومة أن التحديات والمخاطر التي يتعرض لها الشعب السوري كبيرة وصعبة وبالتالي فإن المهام الملقاة على عاتق الحكومة ومجلس الشعب كبيرة ويجب أن يكونا على قدر المسؤولية.
ودعا اللحام إلى وجوب أن “نعيش هم المواطن ونتحسس الصعوبات التي يواجهها يوميا لنكون عونا وسندا له ونمد يد المساعدة له عندما يطلب ونوفر له سبل الحياة الحرة والكريمة قدر المستطاع” مبيناً أن هذا لن يكون إلا من خلال توفير مقومات الصمود وتأمين احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء ووقود التدفئة والكهرباء.
وأضاف اللحام “إننا وإياكم مسؤولون أمام هذا الشعب فلنعمل معا لتحقيق أفضل ما نستطيع عملا وفعلا لا قولا وتصريحا فقد قطعنا معا أشواطا كبيرة في المواجهة فلنكمل الطريق نتعلم من أخطائنا ونتدارك التقصير في بعض الجوانب ونطور الأداء حسب المتطلبات”.
وأشار اللحام إلى أن جلسة اليوم ستتضمن استعراضا للخطوات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطن وتقييم جدواها ومدى تلبيتها لاحتياجات المواطنين ودعم صمودهم وتعزيز قدراتهم على تحمل الأعباء التي أفرزتها الحرب الإرهابية ضد سورية.
وقال اللحام إن سورية تعيش حربا غير مسبوقة انخرطت فيها دول وحكومات وجماعات إرهابية تكفيرية لم يسبق أن عرفها التاريخ مشيراً إلى أن الجميع يعلم حجم الحصار الذي تمارسه قوى الاستعمار الغربي ودول الرجعية العربية لمنع الدولة السورية من تلبية احتياجات مواطنيها كما يعلم جيدا أن هذا الإرهاب القاتل والحصار الظالم ضد شعبنا هما عنصرا الحرب ضد بلدنا.
وأشار رئيس مجلس الشعب إلى صمود الشعب السوري ومقاومته وقهره للإرهاب وداعميه وذلك بفضل تضحيات الجيش العربي السوري الباسل والتفاف الشعب حوله وحول قيادته مطالبا بأن يكون الشعب على قدر هذه التضحيات كل من موقعه.
وتطرق اللحام إلى اختيار الدولة الحوار بين السوريين من دون تدخل خارجي كسبيل للخروج من الأزمة التي تعيشها سورية وفتحها باب الحوار لمن يؤمن بالحوار سبيلا للحل إضافة إلى بدء عمليات المصالحة الوطنية التي حققت إنجازات طيبة داعيا إلى تسريع خطوات المصالحة وتوسيع مساحاتها الجغرافية قدر المستطاع وتشبيك الجهود الرسمية والأهلية لتحقيق أفضل النتائج باستعادة الحياة واللحمة بين السوريين بمختلف توجهاتهم السياسية.
وفي بداية كلمته هنأ اللحام أبناء سورية والأمة العربية من مسلمين ومسيحيين بحلول عيد الميلاد المجيد والمولد النبوي الشريف راجيا من الله أن يحفظ سورية وشعبها ويؤيدها بالنصر على أعداء البشرية والحضارة وتجار الدماء وتطهير البلاد من رجس الإرهاب القاتل الذي يقتات على دماء السوريين الأبرياء.
ووجه اللحام التحية لأرواح شهداء سورية الأبرار الذين ضحوا ليبقى الوطن عزيزا مستقلا وللجرحى الذين يضمدون بجراحهم جراح الوطن لافتا إلى بطولات الجيش العربي السوري الذي يذود عن الأرض والسماء وإرادة الشعب التي كسرت إرادة المراهنين في الداخل والخارج.
بدوره أكد رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة ماضية في مكافحة الإرهاب أينما وجد على الأرض السورية وهو يحتل المرتبة الأولى في سلم أولوياتها لما يوفره من بيئة آمنة ومستقرة لحماية المواطنين وتأمين عودتهم لمكان سكنهم الأصلي واستقرار الخدمات والنشاط الاقتصادي.
وأشار الحلقي إلى أن الحكومة مستمرة بتوفير الدعم اللازم لقواتنا المسلحة وقوى الأمن الداخلي وتعزيز قدراتها القتالية ورفع جاهزيتها ورفدها بالكادر البشري المؤهل مشدداً على أن الحكومة ستستمر بالالتزام باستحقاقات الشهداء وتقديم المساعدة لذويهم ولجرحى الحرب.
وأوضح الحلقي أن الحكومة ستمضي بتعزيز المصالحات المحلية وباستثمار كل الجهود الخيرة من الحكومة ومجلس الشعب وهيئات المجتمع المدني والمبادرات الأهلية وصولا إلى المصالحة الوطنية الشاملة للتغلب على المؤامرة التي تتعرض لها سورية ووقف نزيف الدم والموارد ودعوة جميع المواطنين للدخول في العملية السياسية عبر أجواء المصالحة والنهوض بالواقع الاجتماعي والمتمثل بتأمين متطلبات العمل الإغاثي وتكثيف عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق السورية.
وأشار الحلقي إلى أن الحكومة تعمل على وضع نظام حماية للفئات الأكثر تضررا من الحرب وتوفير حلول عملية وملائمة لمراكز الإقامة المؤقتة وتوفير سبل العيش والتعويض على المتضررين مبيناً أنه تم صرف مبلغ وقدره 8ر12 مليار ليرة سورية لتنفيذ وتأهيل مشاريع ضمن الخطة الإسعافية للوزارات ومبلغ قدره 1ر13 مليار ليرة سورية للتعويض عن الأضرار الخاصة في المحافظات كما تم رصد مبلغ وقدره 50 مليار ليرة سورية في موازنة عام 2015 لإعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية والتعويض على المتضررين.
ولفت الحلقي إلى أن الحكومة تتابع تركيزها على تحسين الوضع المعيشي للمواطنين بمختلف شرائحهم رغم اشتداد العقوبات الاقتصادية ونقص الموارد من خلال الاستمرار في توفير احتياجاتهم من السلع الأساسية بالكميات والأسعار المناسبة ما أمكن وتطوير برامج دعم الصادرات بهدف زيادة حجم الصادرات الوطنية وتنويعها وتخفيض أعبائها وتعزيز المركز التنافسي للمنتجات السورية أمام السلع الأجنبية المماثلة وتمكينها من ولوج الأسواق الخارجية والاستمرار بتقديم الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وماء وكهرباء واتصالات وغيرها بأفضل السبل وضمن الإمكانيات المتاحة.
وأكد الحلقي أن الحكومة ستستمر بتقديم الدعم للسلع والخدمات الأساسية وحوامل الطاقة والعمل على الاستمرار بعقلنة هذا الدعم وضبطه وتوجيهه نحو الفئات الأكثر فقرا والشرائح المستحقة وتوظيف مخرجات الوفر من هذا الدعم لتحسين المستوى المعاشي والخدمات الأساسية للمواطنين كما أنها ستواصل أيضاً تقديم الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال توحيد الجهة المشرفة عليها وتطوير نظام تمويلها واتخاذ حزمة من الإجراءات لحماية المنتجين الصغار من خلال إقامة حاضنات أعمال للمشاريع الصغيرة والمحافظة على القطاع العام الوطني وتعميق البنية الارتكازية والتنموية للإنتاج الصناعي والخدمي الزراعي من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائي.
وبين الحلقي أن الحكومة ستتابع مشروع الإصلاح الإداري واعتبار التنمية الإدارية وسيلة أساسية للتنمية المجتمعية الشاملة وستستمر بمكافحة أسباب الفساد باستخدام الإمكانيات المتاحة كافة والعمل على إطلاق حزمة من المراسيم والقوانين والقرارات ضمن مشروع الإصلاح القضائي مبيناً أنها ستواصل التهيئة لعملية إعادة الإعمار في المناطق الآمنة التي حررها الجيش العربي والانطلاق من المرسوم رقم 66 لعام 2012 في منطقة كفرسوسة وبساتين الرازي واللوان بدءا من عام 2015 لتشمل باقي المناطق السورية في المحافظات.
وأشار الحلقي إلى أن الحكومة ستعزز دور المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية وبناء منظومة المسؤولية المجتمعية وستواصل دعم حركة الإبداع الثقافي لمواجهة الفكر الظلامي وتعميم ثقافة الحوار والمصالحة الوطنية وتعزيز حماية التراث الثقافي وتطوير منظومة الإعلام الوطني بما يعزز الحرية الإعلامية والإعلام المسؤول والمقاوم وتطوير بنية خطاب إعلامي معاصر ورفع سقف الحرية الإعلامية مع الأخذ بعين الاعتبار عدم المساس بالسيادة الوطنية والحقوق الشخصية والقيم الأخلاقية.
وقال الحلقي إن وزارة الأوقاف ستستمر أيضاً بتطوير الخطاب الديني المستمد من القيم الثابتة ومصادره الصحيحة والتصدي للفكر المنحرف والمتشدد والتيارات الفكرية الضالة والمضللة والوقوف في وجه محاولات التشويه والتضليل المستمرة من قوى التكفير والظلام مبيناً أن الوزارة أطلقت أيضا مشروع “فضيلة” لتكريس القيم الوطنية والأخلاقية الحميدة ونشر الفضيلة ومنع الرذيلة بالكلمة الطيبة.
وأوضح الحلقي أن الحكومة مستمرة بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد بتعزيز وترسيخ علاقات التعاون السياسي والاقتصادي مع الدول الصديقة ولا سيما الاتحاد الروسي والصين وباقي دول “بريكس” والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة مشيراً إلى أن هذه العلاقة تطورت بعدما تكشفت حقيقة الحرب التي تتعرض لها سورية لتصل إلى تنسيق تام في المواقف ولا سيما المحافل والمؤتمرات الدولية والإقليمية.
وأوضح الحلقي أن الدولة السورية أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية وقانونية للدفاع عن وحدة الأرض والشعب وبالتالي كان على الحكومة ترسيخ هذه العلاقات التاريخية والتنسيق مع الأصدقاء في العالم والتعاطي لاستخدام أساليب الدعم التي تعزز صمود الدولة السورية والتعاطي بإيجابية مع كل المبادرات الدولية والتي كان آخرها مبادرة مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا بما يتماشى مع المصلحة الوطنية ووفق المواثيق الدولية وخاصة قراري مجلس الأمن 2170-2178 وأيضا القبول بالمبادرة الروسية بعقد اللقاء التشاوري بين الحكومة السورية والمعارضة الوطنية في موسكو في إطار البحث عن الحل السياسي للأزمة في سورية بعيدا عن التدخل الخارجي وبما يحقق طموحات وآمال الشعب السوري.
ولفت الحلقي إلى أن هذه المرحلة من تاريخ سورية حساسة وتتطلب من الجميع أن يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية والإنسانية مشيراً إلى أن السنة الجديدة تطل والتآمر الإمبريالي على سورية يزداد شراسة وبأساليب عديدة بغية اغتيال الدولة السورية بكل ما تحمله من معنى سياسي واقتصادي واجتماعي وديني وتراثي وأمني تحت مزاعم شعار الحرية والديمقراطية.
وقال الحلقي نحن اليوم ننظر إلى المستقبل بتفاؤل وبمزيد من التصميم والثقة بأن المستقبل ملك الشعب السوري انطلاقا من أن الإنسان هو القيمة المطلقة وأن النظم السياسية وجدت لخدمته ولا تزال سورية قادرة على الصمود والبناء وإعادة استنباط الحياة من رحم المصائب والأزمات مشيراً إلى أنه ورغم اشتداد الحرب وأزماتها وتصاعد حدة العقوبات الاقتصادية المفروضة على مختلف القطاعات الاقتصادية والحيوية في الدولة واستهداف المنشآت الخدمية والبنى التحتية والاقتصادية المستمرة من قبل عصابات الإجرام الإرهابية تستمر المؤسسات الوطنية بتأدية أدوارها وانسجامها وتكاملها في ظل قيادة حكيمة للرئيس الأسد.
ونوه الحلقي بدور مجلس الشعب وأعضائه وتواصله مع البرلمانات الإقليمية والدولية الصديقة في الجزائر وباكستان وإيران لحشد الجهود البرلمانية لمواجهة الفكر الإرهابي الوهابي المتطرف دفاعاً عن الدولة السورية وثوابتها ودورها في مواجهة الإرهاب العالمي ودوره في ترسيخ الوحدة الوطنية وتعميق وانتشار ثقافة المصالحات المحلية والمناطقية في كثير من المحافظات السورية.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 29/12/2014)