رفض مجلس الأمن الدولي أمس مشروع قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعد معارضة الولايات المتحدة واستراليا وامتناع خمس دول أخرى عن التصويت بينما صوتت لمصلحة القرار ثماني دول.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن روسيا والصين والأرجنتين وتشيلي وتشاد ولوكسمبورغ وفرنسا والأردن هي الدول التي صوتت لصالح مشروع القرار الذي يطالب بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي المحتلة قبل نهاية العام 2017 بينما امتنعت بريطانيا إضافة إلى أربع دول أخرى عن التصويت هي ليتوانيا وكوريا الجنوبية ورواندا ونيجيريا.
منصور: مجلس الأمن لا يتماشى مع توافق الآراء العالمي الفائق الذي يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي
وأعرب مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور في كلمة له بعد عملية التصويت على مشروع القرار عن أسفه العميق لعدم تمكن مجلس الأمن من اعتماد مشروع القرار الفلسطيني رغم أنه “يعكس توافق آراء عالمي من زمن بعيد بخصوص حل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي وهو بشكل واضح يقوم على قرارات مجلس الامن والجمعية العامة ذات الصلة واعاد تأكيد المعايير المعروفة لحل دائم وعادل” مبينا أن مشروع القرار أوضح خطا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع وتحقيق استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حدود ما قبل 1967.
وأضاف منصور: “نتائج تصويتنا اليوم تبين أن مجلس الأمن ككل وبشكل واضح ليس جاهزا ومستعدا لتحمل مسؤولياته بشكل يسمح باعتماد حل شامل وبفتح الابواب أمام السلم وأمام حل عادل ودائم بناء على القانون الدولي كما يبين أن مجلس الأمن لا يتماشى مع توافق الآراء العالمي الفائق الذي يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء هذا النزاع الذي طال أمده وتحقيق الاستقلال للشعب الفلسطيني الذي طال انتظاره”.
ولفت منصور إلى أن الشعب الفلسطيني عانى تحت الاحتلال الإسرائيلي خلال العام الفائت من مزيد من سرقة الأراضي والاستيطان وتدمير المنازل والغارات اليومية واعتقال واحتجاز الاف المدنيين ومن بينهم الاطفال إضافة إلى الإرهاب المستشري من جانب المستوطنين وأعمالهم الاستفزازية لافتا ايضا إلى أن الاعمال الوحشية بلغت ذروة جديدة من الهمجية مع العدوان الاسرائيلي الذي شن ضد قطاع غزة المحاصر في تموز وآب الماضيين.
وأضاف منصور إن كل هذا جرى “بشكل متعمد وعشوائي من جانب /إسرائيل/ ما خلق الدمار المنتشر والمعاناة الانسانية والكارثة البشرية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي أي جرائم الحرب وهي أمور ارتكبتها /إسرائيل/ من دون شك”.
وشكر منصور كل الدول التي اتخذت موقفا مبدئيا وصوتت لصالح مشروع القرار مجددا الدعوة إلى مساءلة /إسرائيل/ حول انتهاكاتها للقانون الدولي بما في ذلك القانون الانساني وقانون حقوق الانسان الدولي ولقرارات الامم المتحدة.
من جهتها قالت ممثلة الأردن لدى الأمم المتحدة دينا قعوار في كلمة لها بعد التصويت. “كنا نأمل بأن يتبنى مجلس الأمن مشروع القرار العربي حيث تقع على المجلس المسؤولية القانونية والأخلاقية في العمل على حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الذي هو جوهر الصراع في الشرق الأوسط”.
وأشارت قعوار الى ان جميع المحاور في مشروع القرار هي محل قبول ليس فقط لجميع أعضاء المجلس وإنما في المجتمع الدولي ككل موضحة ان هذه المحاور “تشمل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والوصول إلى حل سلمي ينهي الاحتلال للأراضي الفلسطينية ويحقق رؤية الدولتين ويحل قضية اللاجئين الفلسطينيين والقضايا الأخرى بعدالة ويؤدي لأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية”.
ودعت مندوبة الأردن المجتمع الدولي إلى الالتفات إلى جسامة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمعاناة المتزايدة للفلسطينيين في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي.
تشوركين: انسحاب الولايات المتحدة من الرباعية الدولية خطأ استراتيجي
بدوره قال مندوب روسيا في مجلس الأمن فيتالي تشوركين إن مشروع القرار الذي لم يعتمده مجلس الأمن “كان يهدف لتعزيز أساس قانوني يعترف به العالم برمته لكي يكون أساسا لعملية السلام”.
وأوضح تشوركين أن عدم حل مشكلة الصراع في الشرق الاوسط يؤدي الى زعزعة الاستقرار في المنطقة برمتها وانتشار التطرف داعيا مجلس الأمن إلى الضلوع بدور إيجابي لجعل الأطراف تركز على خطوات أكثر ايجابية تجاه السلام العادل والشامل.
وأضاف تشوركين: “إن مشروع القرار لم يكن تقويضا لعملية التفاوض في واقع الامر فالعام الماضي اكتشفنا أن هذه العملية قد وصلت لطريق مسدود وذلك بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الرباعية الدولية فهذا خطأ استراتيجي. كما تم تجاهل مقترحاتنا” مبينا أن هناك تزايدا للعنف وان بناء المستوطنات مستمر في القدس الشرقية “ما يقوض من فرص تنفيذ مفهوم حل الدولتين”.
مندوب الصين: مشروع القرار يعكس المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني
من جهته أعرب المندوب الصيني عن أسفه إزاء عدم اعتماد مشروع القرار مؤكدا انه يعكس المطالب المشروعة للشعوب العربية وكذلك الشعب الفلسطيني ويتفق مع قرارات الامم المتحدة ذات الصلة ومبدأ الأرض مقابل السلام.
وأوضح المندوب الصيني أن بكين “تدعم الحق الخاص بالشعب الفلسطيني وهو حق مشروع يتصل بتأسيس دولة فلسطينية ذات سيادة واستقلال على اساس حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية” معربا عن دعم بلاده انضمام فلسطين للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
وقال المندوب الصيني: “إن عملية السلام بالشرق الاوسط حاليا تعاني من الجمود ووصلت الى طريق مسدود” مضيفا: “نطالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته إزاء القضية الفلسطينية ونحن مستعدون للانضمام إلى الأطراف ذات الصلة فيما يتصل بلعب دور بناء حتى تتم تسوية النزاع الفلسطيني الاسرائيلي بشكل دائم وعادل”.
من ناحيته قال المندوب البريطاني الذي امتنعت بلاده عن التصويت: “نحن نفهم أن القيادة الفلسطينية وجدت أنها مضطرة للتصرف وتشعر بالإحباط ازاء عدم تحقيق تقدم ولكن نشعر بخيبة الامل بأن المفاوضات العادية والضرورية لم تنعقد في هذه الحالة” على حد قوله مضيفا إن بلاده “تدعم معظم محتوى مشروع القرار المقدم ولذا بكل اسف امتنعنا عن التصويت بشأنه”.
وبالنسبة للمستوطنات أكد المندوب البريطاني أنها “غير قانونية وعقبة أمام السلام وتضر باحتمالات التوصل إلى حل الدولتين” مضيفا إن “كل انشطة الاستيطان وبما في ذلك تلك التي بالقدس الشرقية يجب أن تتوقف فورا”.
من جهتها واصلت سامنتا باور مندوبة الولايات المتحدة الامريكية التي صوتت بلادها ضد مشروع القرار سياسة بلادها المنحازة لكيان الاحتلال الاسرائيلي معتبرة أن قرار مجلس الأمن المطروح “ليس من بين تلك الخطوات البناءة”.
وزعمت باور أن القرار “يقوض الجهود التي ترمي الى العودة لمناخ يمكن من تحقيق حل الدولتين” واصفة إياه بأنه قرار “غير متوازن ويتضمن عناصر لا تؤدي إلى مفاوضات بين الطرفين بما في ذلك حلول مواعيد زمنية غير بناءة لا تأخذ بعين الاعتبار شواغل إسرائيل الأمنية” على حد تعبيرها.
من جهته قال مندوب استراليا الذي حذت بلاده حذو الولايات المتحدة في رفض مشروع القرار إن المشروع المطروح “غير متوازن ويسعى إلى فرض حل احادي” على حد تعبيره معتبرا أن “المسائل الخاصة بالوضع النهائي لا يمكن تسويتها إلا من خلال الاتفاق بين الطرفين”.
يشار إلى أن الولايات المتحدة أعلنت مرارا رفضها لمشروع القرار الفلسطيني وكان اخرها منذ ساعات على لسان جيفرى راثكي المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية الذي أشار إلى تحفظات لواشنطن حول ما سماه “الحاجات المشروعة لإسرائيل في المجال الأمني” في استمرار للانحياز السافر للإدارة الاميركية إلى جانب كيان الاحتلال.
وكانت المجموعة العربية في الأمم المتحدة صدقت في وقت سابق الثلاثاء على تعديلات أدخلها الفلسطينيون على مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بغضون عامين رغم تلويح الولايات المتحدة مجددا باستخدام الفيتو لإحباطه.
وتنص التعديلات على ان القدس الشرقية المحتلة هي عاصمة الدولة الفلسطينية المقبلة وعلى حل قضية الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال ووقف الاستيطان الاسرائيلي كما تتضمن تذكيرا بعدم قانونية جدار الفصل العنصري الذي تقيمه سلطات الاحتلال على حساب الأراضي المحتلة وعلى وجوب انسحاب قوات الاحتلال من الاراضي المحتلة قبل نهاية العام 2017.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء تاريخ: 31/12/2014)