أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا مهتمة بحل الأزمة في سورية وستواصل تقديم كل أشكال العون لمساعدة السوريين في تحقيق وحدتهم وصمود الدولة السورية أمام الإرهاب وبناء المستقبل الجيد لسورية مشدداً على انفتاح بلاده أمام جميع الأطراف التي تسعى إلى المساعدة لإطلاق عملية سياسية وذلك على أساس ميثاق الأمم المتحدة.
موقف روسيا مما يجري في سورية مبدئي وثابت
وجدد لافروف التأكيد على أن موقف روسيا مما يجري في سورية “مبدئي وثابت” وهي تدعم إيجاد حل للأزمة من قبل السوريين أنفسهم وعلى أساس بيان جنيف الأول مبيناً أن بلاده على يقين من أن سورية بعد تجاوز الأزمة ستستقر كدولة ذات سيادة وبوحدة ترابية وذات طابع علماني وستكون مزدهرة.
وقال لافروف أمام وفدي الجمهورية العربية السورية وشخصيات المعارضة أمس الأربعاء “سورية تمر حاليا بمرحلة صعبة جدا وقد سقط آلاف المواطنين فيها والعدد لا يزال يرتفع كما هاجر ملايين السوريين إلى خارج بلادهم فيما احتشد داخل سورية الإرهابيون والمتطرفون من كل الأنحاء ولكوننا أصدقاء سورية المخلصين فإننا على يقين أنها بعد تجاوز كل هذه المآسي ستستقر كدولة ذات سيادة وأراض موحدة وطابع علماني وستكون مزدهرة وسيعيش مواطنوها بكل أطيافهم في رخاء وأمان وسيتمتعون بحقوقهم”.
السوريون يدركون خطورة فرض الحلول الخارجية التي تعكس المطامع الجيوسياسية للدول الخارجية
وأوضح لافروف أن “الوصول إلى تحقيق هذا الهدف يكون فقط اعتمادا على الحل السياسي أما مهمة تحديد ملامحها وسبل التوصل إليها فهي للسوريين فقط” مشيرا إلى أن جميع السوريين يدركون جيدا “خطورة فرض الحلول الخارجية التي تعكس المطامع الجيوسياسية للدول الخارجية”.
وخاطب لافروف الوفدين بالقول “إن السمعة التي تملكونها في روسيا هي أنكم المحبون الحقيقيون لوطنكم فأنتم قد وضعتم مصالح سورية فوق اعتباراتكم الشخصية والمكاسب الذاتية واجتمعتم اليوم للبحث عن سبل استعادة السلام إلى وطنكم”.
وعبر وزير الخارجية الروسي عن سعادته لنجاح بلاده “في خلق الظروف المواتية لمثل هذا العمل”.. وقال “أرحب بكم جميعا في بلادنا وقد اجتمعتم هنا لإجراء اللقاء التشاوري السوري في إطار ساحة موسكو ونعتبر مجيئكم إلى روسيا دليلا على الثقة التي يمنحها سكان سورية بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية إضافة لما يربط بلدينا من علاقات الصداقة والتعاون التقليدية ونحن معنيون بالحفاظ عليها وتعزيزها”.
الانتقال إلى الحوار من أجل حل القضايا الملحة من الأجندة الوطنية يتطلب جهودا جبارة
وشدد لافروف على أن “هدف الانتقال إلى الحوار من أجل حل القضايا العديدة الملحة من الأجندة الوطنية يتطلب جهودا جبارة بما في ذلك الاستعداد للإقدام على تنازلات لا مفر منها وإيجاد حلول وسط” لافتا إلى أن “هذا هو الطريق الوحيد لإنقاذ سورية والتغلب على القوى التي تسعى للاعتداء على الشعب السوري تقويض سيادتها وانتشار الإرهاب الدولي والتطرف في أراضيها”.
وبين لافروف أن إدراك الجميع ضرورة توحيد الصفوف أمام الخطر المشترك هو مفتاح الحل الذي سيسمح باستعادة وحدة سورية واستقلالها لافتاً إلى “أن ضرورة العمل المشترك من أجل محاربة الإرهاب تمت الإشارة إليه كأحد أهم الأهداف خلال اجتماع القاهرة”.
وأضاف لافروف ليس لدى الحضور أي أوهام بشأن إمكانية التوصل إلى حل لكل المشاكل خلال بضعة أيام تمثل فترة إجراء المحادثات في موسكو ولكن لابد من الشروع في ذلك وفي أسرع وقت ممكن.
تنفيذ المصالحات المحلية وإزالة الحواجز أمام المساعدات الإنسانية
ولفت لافروف إلى أن المجتمعين حاولوا من خلال مناقشاتهم في موسكو “تسجيل المواقف التي يتشاركونها وهي وحدة سورية وسيادتها واستقلالها وطابعها العلماني وبعد ذلك انطلقوا إلى البحث في نقاط القاعدة العامة والمشتركة”.
وقال لافروف “لا شك أن كل هذا يتطلب منكم فيما يخص هذه النقاط تنفيذ المصالحات المحلية وإزالة الحواجز أمام المساعدات الإنسانية وقضية المقاتلين الذين سلموا سلاحهم وكذلك إطلاق سراح المعتقلين غير المتورطين في أعمال إرهابية.. وهذا هو الهدف أمام ممثلي الحكومة السورية والمعارضة السياسية والمجتمع المدني السوري”.
وجدد وزير الخارجية الروسي التأكيد على أن “موقف روسيا من الوضع في سورية موقف مبدئي وثابت” وقال “نحن ندعم إيجاد حل للأزمة في سورية من قبل السوريين أنفسهم وعلى أساس بيان جنيف المؤرخ في 30 حزيران 2012 ومن أهم مبادئه ضرورة التوصل إلى التوافق بين السوريين أنفسهم من أجل إطلاق الحوار الشامل بدون شروط مسبقة.. وهذا هو الهدف الذي حاولنا تحقيقه بتقديم ساحة موسكو لكم وذلك في إطار جهودنا من أجل إطلاق هذا الحوار”.
الجهود من أجل إطلاق الحوار الوطني السوري ستتواصل
ولفت لافروف إلى أن “المعنى الحقيقي لبيان جنيف أن عملية إيجاد حل للأزمة في سورية يجب أن تكون لصالح كل السوريين” مؤكدا أن “كل محاولات التدخل من الخارج سواء بمعنى العمليات العسكرية أو بمعنى فرض سياسة الإملاء واستغلال عقوبات أحادية الجانب.. كل ذلك يقوض ويحرف روح بيان جنيف”.
وأشار لافروف إلى أن مثل هذه العملية ستكون طويلة وصعبة وتتطلب جهودا إضافية لتشكيل إطارات لهذا الحوار ستمثل جميع الأطراف السورية قائلا.. “لا يمكننا أن نقول أن جميع المدعوين لهذا اللقاء قد وصلوا إلى روسيا وهذا ليس مشكلة بالنسبة لنا ونحن على يقين أن الجهود من أجل إطلاق الحوار الوطني السوري ستتواصل”.
وقال لافروف “نحن نرى التأثير الإيجابي من الخطوات التي تتخذها السلطات المصرية ونحن على اتصال وثيق مع زملائنا المصريين ونتبادل معهم المعلومات ونأخذ في الاعتبار تقديراتنا”.
وعبر وزير الخارجية الروسي عن ترحيب بلاده بكل الجهود “من طرف الدول أو المنظمات الدولية التي تستهدف خلق البيئة المواتية لإطلاق الحوار الوطني الشامل والذي يمكن السوريين أنفسهم من التوصل إلى الحل”.
نسعى لخلق الظروف المواتية ومواصلة الاتصالات للمضي في طريق الحل السلمي للأزمة في سورية
وأضاف لافروف “نحن نرى قدرات كبيرة في مهمة مبعوث الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا فهو يطرح بعض الأفكار التي تتطلب مزيدا من الدراسة من قبل جميع الأطراف ونسعى لخلق الظروف المواتية لعملكم ولذلك طلبنا المساعدة من ممثلي الأوساط العلمية الروسية وهيئات المجتمع المدني وهي تقدم الدعم من أجل تنظيم هذا اللقاء”.
وقال لافروف “سنكون سعداء جدا إذا ساعدتكم الاتصالات في ساحة موسكو للمضي قدما في الطريق نحو الحل السلمي في سورية وأتمنى لكم كل نجاح” مضيفا “أنا متأكد أنكم ستشاطرون بتقديراتكم ممثلي الإعلام بعد انتهاء لقاء اليوم وتقديراتكم قد تكون متباينة ولكن هدفنا كان مختلفا وهو الشروع في العمل البناء من أجل مساعدتكم للتغلب على حالة المواجهة التي تعيشها سورية وذلك خلافا لمساعي بعض لأطراف لاستغلال الأزمة في سورية لأغراضهم الضيقة التي لا تشترك مع مصالح سورية بشيء”.