أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن سورية ترحب باعتماد قرار مجلس الأمن 2199 الخاص بقطع التمويل عن تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرهما من التنظيمات الإرهابية من خلال بيع النفط والآثار المسروقة والفدية وتثمن بشكل كبير مبادرة وفدي روسيا والصين في هذا السياق.
وأوضح الجعفري في بيان أمس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة أن القرار مهم جدا لكل من سورية والعراق اللذين يعدان الضحيتين الرئيستين لهذا الإرهاب المدعوم من قبل قوى واستخبارات أجنبية مبينا أن الإرهابيين الذين ينتشرون في المنطقة وبخاصة في سورية والعراق لا يأتون عبر المظلات وإنما عبر الحدود المشتركة لكلا البلدين وإن الغالبية العظمى منهم يعبرون إلى سورية والعراق من تركيا والأردن.
وقال الجعفري: “للأسف تبنى الأردن العضو في مجلس الأمن ولسنوات سياسة تدريب ودعم وإرسال الإرهابيين عبر الحدود المشتركة إلى داخل سورية لقتل السوريين ونرى السلطات الأردنية تشاهد الإرهابيين في الرقة بسورية وفي الموصل بالعراق ولكنها لا تشاهدهم يعبرون حدودها باتجاه سورية والعراق”.
وأوضح الجعفري أن القرار 2199 يكمل القرارات السابقة التي تعنى بمحاربة الإرهاب بما في ذلك القراران 2170 و2178 مشيرا إلى أن القرار المعتمد يفرض التزامات جدية على الدول الاعضاء التي تدعم الإرهاب في سورية والعراق وهذه الالتزامات تعالج بشكل خاص تجارة النفط والغاز وتهريب الممتلكات الثقافية والآثار وغيرها بشكل يحول دون حصول الإرهابيين على تمويلهم من خلالها.
وأضاف الجعفري: “في جعبتنا الآن ثلاثة قرارات حول مكافحة الإرهاب ومع ذلك لا تزال تركيا تسمح للإرهابيين وخاصة /داعش/ و/جبهة النصرة/ بعبور الحدود المشتركة مع سورية وكذلك تساعد /إسرائيل/ الإرهابيين في الجولان وخاصة /جبهة النصرة/ كما يأتي الإرهابيون من الأردن الذي أقام على أرضه معسكرات أو ما يسمونها غرف عمليات عسكرية مشتركة تقدم التدريب للإرهابيين ومن ثم لإرسالهم إلى سورية بإشراف من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والتركية والفرنسية والقطرية والسعودية وبالطبع يسمون هؤلاء الإرهابيين بـ /المعتدلين/ بينما يشير قرار مجلس الأمن إلى عدم وجود إرهابيين معتدلين أو متطرفين وإنما أوجب القرار محاربة الإرهابيين وجميع أشكال الإرهاب المرتكب من قبل /داعش/ أو/جبهة النصرة/ وكل منظمة إرهابية أخرى”.
ولفت الجعفري إلى أن معسكرات التدريب التي أقيمت في تركيا والسعودية وقطر والأردن ليست معسكرات تدريب على أساليب التفاوض السلمي وإيجاد الحلول السياسية بل هي في الواقع معسكرات لصنع الموت للسوريين مشيرا إلى الذين يشرعون تجارة النفط السوري لهؤلاء الإرهابيين ويسمونهم /قوى المعارضة المسلحة/ بعد سرقة النفط العراقي والسوري وتصديره بعد تكريره في المصافي التركية داخل الأراضي التركية حيث تستورده شركات أوروبية بوساطة وسطاء أتراك.
وتساءل الجعفري في ختام بيانه: ألم يحن الوقت بعد لمحاربة الإرهاب بجدية وبكل جوانبه… ولماذا لا تزال بعض الدول تنتظر حتى يطرق الإرهاب أبوابها ويضرب الأمم المختلفة دون تمييز من أمريكا إلى آسيا وافريقيا وأوروبا وأوقيانوسيا.
وحول ما إذا كان القرار قاصرا لعدم تضمنه اجراءات من شأنها إجبار الدول على مراقبة حدودها بوجه عبور الارهابيين والنفط المسروق والآثار وغيرها وحول تصريحات للسفيرة الامريكية في الأمم المتحدة أجاب الجعفري: “إن السياسات الامريكية الخاطئة في محاربة الإرهاب في أفغانستان تسببت بانتشار الإرهاب حول العالم” موضحا أن /الحرب ضد الإرهاب/ كما سمتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة أدت بشكل تلقائي إلى انتشار الإرهاب في جميع أنحاء العالم ووصل إلى الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا وافريقيا وإلى كل مكان وبالتالي حان الوقت لكي يدرك صانعو القرار الامريكي بأن هناك شيئا ما كان خاطئا في حساباتهم عندما كانوا ينوون محاربة التنظيمات الإرهابية.
ولفت الجعفري إلى أن الادارة الامريكية الحالية تساعد بعض التنظيمات الارهابية داخل سورية وفي دول الجوار في معسكرات أنشئت داخل الأراضي التركية والاردنية والقطرية والسعودية وهم يدربون هؤلاء الإرهابيين لعبور الحدود وقتل السوريين داخل سورية فنحن نواجه حربا جدية ضد الارهاب على حدودنا مع الأردن في الجنوب وتركيا في الشمال سببها هؤلاء الذين يسمونهم /المعارضة المعتدلة/ التي يتم تدريب عناصرها من قبل خبراء من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية وقطر إضافة إلى فرنسا.
وأشار الجعفري إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تكون أول من ينفذ هذا القرار من أجل إعطاء مصداقية لادعائها محاربة الإرهاب.
وبشأن تأثير العلاقة بين سورية والولايات المتحدة على التنسيق بخصوص العمليات العسكرية البرية ضد /داعش/ فيما لو اقرت قال الجعفري: “يجب على السفيرة الامريكية قبل التحدث اليوم أن تتذكر أنه وقبل بدء الحملة الجوية الامريكية كانوا قد أعلموني أن الإدارة الأمريكية تنوي ضرب داعش ضمن الأراضي السورية وواشنطن لا يمكنها إنكار الدور المهم جدا للحكومة السورية وللرئيس الأسد في محاربة الارهاب وبالطبع قاموا بإعلامنا بكل أمر حساس ونحن منفتحون للتعاون مع جميع الدول الأعضاء في محاربة الارهاب إلا أننا نريد أن نشاهد تعاونا حقيقيا غير قائم على ازدواجية المعايير”.
وأضاف الجعفري إن “تركيا حتى الآن لم تنفذ القرارين 2170 و2178 ويمكنني أن أضمن لكم من الآن أنها لن تنفذ مضمون القرار 2199 لأنها منخرطة تماما في الحرب الإرهابية ضد سيادة سورية وضد حياة السوريين وكذلك الأردن اتخذ المسار ذاته للأسف”.
وردا على سؤال حول سبب الاعتقاد أنه من شأن اعتماد القرار أن يحقق مكافحة الإرهاب في سورية والعراق قال المندوب العراقي: “على جميع الدول أن تلتزم بتنفيذ القرار استنادا إلى أن قرارات المجلس في إطار الفصل السابع ملزمة للجميع وفقا لميثاق المنظمة ويجب العمل معا لوقف تمويل الإرهاب ونعتقد أن الدول الأعضاء ستلتزم بواجبها في تنفيذ القرار”.
وحول ما إذا كان القرار يتصدى لجميع أشكال التمويل الجديدة للإرهابيين قال المندوب العراقي: “إن الإجراءات تحكم عمليات غسيل وتهريب الأموال وكذلك التمويل من خلال الاختطاف أو بيع النفط والممتلكات الثقافية”.
من جانبه أشار الجعفري إلى عدد من الملاحظات في ضوء أسئلة الصحفيين حيث أكد أن القرار 2199 يعد الأشمل الذي يعتمده مجلس الأمن حول مكافحة الإرهاب والمسألة ليست بعدد القرارات المعتمدة وإنما يتعلق الأمر بدرجة الالتزام في تنفيذ مضمون أحكام هذا القرار.
وقال الجعفري إنه “بعد أربع سنوات من الانكار الكلي لوجود ظاهرة الارهاب في سورية والعراق الجهات نفسها في مجلس الأمن التي استمرت في هذا الإنكار تدرك الآن وجود تنظيمات إرهابية تضرب العراق وسورية وهذا يعد إنجازا للحكومتين السورية والعراقية حيث أن ما يسمى المجتمع الدولي يتحول الآن من الإنكار الكلي إلى الاعتراف الكلي بوجود التنظيمات الإرهابية وممارساتها في المنطقة”.
وأضاف الجعفري “إن الجميع يدرك وجود أربعة معسكرات علنية لتدريب الارهابيين في تركيا والأردن وقطر والسعودية وإن جميعها تدار من قبل مخابرات سرية من بينها (سي اي ايه) و(الموساد) الإسرائيلي وجميع تلك المعسكرات لديها مهمة واحدة تتمثل بكيفية تدريب أكبر عدد ممكن من القتلة بهدف قتل أكبر عدد من السوريين والعراقيين وهذا ما يجب أن يتم النظر إليه في هذا القرار”.
ودعا الجعفري إلى ترجمة الأقوال إلى الأفعال للخروج من متاهة استحالة تنفيذ بعض الدول لالتزاماتها بموجب قرارات مجلس الامن المعنية بمكافحة الارهاب موضحا أن السوريين والعراقيين هم من يدفع الثمن الأكبر لتجاهل البعض لوجود الارهاب فالأمر سياسي وليس فنيا فنحن بحاجة إرادة سياسية من الحكومات القطرية والتركية والاردنية والسعودية والإسرائيلية لننجح جميعا في مكافحة الارهاب.
وحول إنشاء قوة إقليمية كمتابعة لهذا القرار قال الجعفري: “نحن مستعدون للتعاون مع الجميع ومع أي دولة لديها جدول أعمال صادق في محاربة الإرهاب ولكن كيف لنا أن نتعامل مع بعض الأعضاء فيما يسمى الائتلاف الدولي الذين يدعون محاربة الإرهاب بينما يقوم نفس الأعضاء بتدريب الإرهابيين في قطر والسعودية وتركيا والاردن وإرسالهم إلى سورية والعراق مشيرا إلى ضرورة محاسبة /اسرائيل/ لتقديمها الدعم والعلاج للإرهابيين في مشافيها”.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 13/2/2015)