أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن الاحترام الصارم لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها مبادئ احترام سيادة الدول وسلامة أراضيها والمساواة في السيادة وتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى هو المقياس الوحيد الذي يضمن إرساء سيادة القانون على الصعيد الدولي وحفظ السلم والأمن الدوليين وتحقيق التنمية وتوطيد العلاقات الودية بين الدول الأعضاء في المنظمة.
وقال الجعفري في كلمة له اليوم خلال جلسة نقاش مفتوح في مجلس الأمن الدولي حول تأكيد الالتزام بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه بدعوة من الصين: إن الممارسة أبرزت على مر العقود السبعة الماضية “الحاجة إلى ضمان احترام الميثاق وإصلاح بعض طرائق العمل وتفعيل بعضها الآخر بما يمكن الأمم المتحدة من القيام بالدور الذي أناطته بها الدول الأعضاء على نحو يحفظ لهذه المنظمة مصداقيتها وفعاليتها”.
وأوضح الجعفري أن الأمم المتحدة اصطدمت خلال مسيرتها بمساعي دول نافذة وأعضاء في مجلس الأمن للهيمنة عليها وتحويلها إلى أداة لخدمة مصالحها وسياساتها غير آبهة بتعارض سياساتها تلك مع مبادئ وأحكام الميثاق ومصالح دول أعضاء أخرى.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة إلى أن الممارسة السائدة حاليا من قبل بعض الدول المتسلطة تسعى لاستبدال عبارة /نحن شعوب الأمم المتحدة/ التي استهل بها الآباء المؤسسون للمنظمة ميثاقها بعبارة أخرى هي “نحن بعض الدول النافذة في الأمم المتحدة/.
وأضاف الجعفري: إن ذلك تجلى منذ السنوات الأولى لنشأة الأمم المتحدة التي وقفت ولا تزال بسبب سياسات هذه الدول النافذة في هذا المجلس عاجزة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة بموجب الميثاق لتطبيق الكثير من قرارات الشرعية الدولية ولاسيما تلك الداعية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري وللأراضي العربية الأخرى وإلزام /إسرائيل/ بالكف عن سياساتها العدوانية وجرائمها العنصرية إزاء المواطنين العرب الرازحين تحت الاحتلال ودول المنطقة.
وتابع الجعفري: “كما تجلى ذلك في تجاوز أحكام الميثاق واعتماد الازدواجية في المعايير واستنباط مصطلحات ومفاهيم جديدة للالتفاف على أحكام الميثاق ومبادئ القانون الدولي وهي مصطلحات ومفاهيم كحماية المدنيين لم تحظ بتوافق الدول الأعضاء حولها وجرى استخدامها لتبرير تدخلات عسكرية استعمارية دموية في دول بعينها كالعراق وليبيا نشرت الإرهاب والفوضى ولفرض تدابير قسرية أحادية لا مشروعة بحق دول أعضاء أخرى من بينها سورية”.
وشدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة على أن المنظمة الدولة مدعوة اليوم “للعمل الجاد والصادق بأوجهه المدنية والعسكرية لمواجهة المد الإرهابي المتمثل في التنظيمات الإرهابية التي تنشط حاليا على الساحة الدولية والمرتبطة بالقاعدة كـ /داعش/ و/جبهة النصرة/ وما تفرخ عنهما في سورية والعراق برعاية أجنبية وبوكو حرام وحركة تركستان الشرقية وإمارة القوقاز وأنصار الشريعة وحركة الشباب وغيرها”.
وجدد الجعفري التأكيد على أن أي جهد لمكافحة الإرهاب لن يكتب له النجاح في حال تم على نحو يتعارض مع أحكام الميثاق ومبادئ القانون الدولي ودون التنسيق المسبق والتعاون الكامل مع حكومات الدول المعنية وأجهزتها المختصة وطالما استمر استخدام بعض الدول للإرهاب كأداة لسياستها الخارجية وطالما استمر أيضا التغاضي عن ممارسات الدول الداعمة للإرهاب.
وقال الجعفري: إن “الأوضاع التي تشهدها سورية ودول أخرى في المنطقة أبرزت الحالة المؤسفة التي وصلت إليها منظمة الأمم المتحدة فمنذ الأيام الأولى للأزمة التي شارفت على دخول عامها الخامس استغلت بعض الدول الأعضاء هذا المحفل للتدخل الفج في الشؤون الداخلية السورية وعملت على التحريض ونشر الادعاءات الكاذبة وشيطنة الحكومة السورية وتأجيج أوار الأزمة ورعاية الإرهاب بكل أشكاله وعرقلة جهود التسوية بهدف زعزعة استقرار سورية والمساس بسياساتها وبخياراتها الوطنية السيادية وتغيير حكومتها الشرعية باستخدام القوة والإرهاب”.
وأضاف مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة: إن بعض الدول سارعت لفرض التدابير القسرية الأحادية بحق الشعب السوري والعمل على تهيئة الأوضاع لإيجاد مبررات للتدخل العسكري بذرائع إنسانية كاذبة على غرار التجربة الليبية التي ما زال الشعب الليبي الشقيق والعالم بأسره يلمس نتائجها المدمرة حتى الآن وكل ذلك من دون أن نسمع أي كلمة اعتذار من أولئك الذين تسببوا بهذه الخطايا الكبرى ومن دون أن نرى في الأفق أي صحوة لضميرهم أو تغيير في سياساتهم الكارثية التي جلبت العار لهم وسفك الدماء لشعوبنا.
وأوضح الجعفري أن الأمور لم تقف عند هذا الحد بل عمدت دول نافذة في مجلس الأمن إلى توجيه بعض الأنظمة في المنطقة والتي تدور في فلك نفوذ تلك الدول للعمل على تجميع المجرمين الإرهابيين والمرتزقة الأجانب والتكفيريين المتعطشين للدماء من شتى أنحاء العالم وتسليحهم وتمويلهم وإرسالهم إلى سورية والعراق ليؤسسوا دولتهم المزعومة وليجعلوا من سورية قاعدة جديدة لإرهابهم ينطلقون منها إلى دول الجوار والعالم بأسره.
وقال الجعفري: “إن النظام التركي لم يكتف بذلك بل قام بنفسه فجر أمس بتنفيذ عدوان سافر على الأراضي السورية وذلك عندما توغل مئات الجنود والآليات العسكرية الحربية التركية داخل الأراضي السورية وهو العدوان الذي أظهر حقيقة الأطماع التركية في المنطقة ومدى عمق الروابط القائمة بين النظام التركي وتنظيم /داعش/ الإرهابي”.
وتساءل الجعفري: أين التعهد الذي قطعته هذه الدول على نفسها عند انضمامها للأمم المتحدة بالالتزام بالعيش في سلام وحسن جوار مع الدول الأخرى وأين احترامها لمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية بين الدول وحسن الجوار الواردة في قرارات الجمعية العامة… وكيف يفسر ممثلو هذه الدول النافذة هذه الخروقات ولماذا لم يدن مجلس الأمن هذا العدوان التركي وقبله العدوان الإسرائيلي على سورية.
وقدم الجعفري إلى مجلس الأمن كتابا من 500 صفحة يتضمن أسماء مئات الإرهابيين الأجانب الذين قتلوا خلال شهر واحد في سورية ومن بينهم المئات ممن قدموا من دول أعضاء في المجلس.
وقال الجعفري: “إننا نتكلم عن وقائع قائمة ويعترينا ألم بالغ فالآلاف يقتلون يوميا في سورية والعراق ودول أخرى في ظل عجز ما يسمى المجتمع الدولي عن مساءلة مشغلي الإرهاب العالمي وإذا كانت الأمم المتحدة قد أسقطت من حسابها احترام مبادئ الميثاق وأحكام القانون الدولي فإنها تكون قد فقدت صفتها الاعتبارية والأخلاقية وتحولت إلى سلاح يستخدمه الأقوياء ضد الضعفاء”.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الامم المتحدة أن “تدريب المرتزقة الأجانب في معسكرات يشرف عليها البنتاغون الأميركي في السعودية وتركيا وقطر والأردن وإرسالهم عبر الحدود لمحاربة الدولة السورية هو انتهاك فاضح لأبسط مبادئ الميثاق وتجاوز غير قابل للتبرير من الولايات المتحدة الأميركية لقرارات مجلس الأمن رقم 2170 و 2178 و 2195 و 2199″.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء بتاريخ 24/2/2015)