أربع سنوات انقضت على العمر الفعلي للحرب الإرهابية التي شنها معسكر الولايات المتحدة على سورية وشعبها بهدف تغيير سياستها ومصادرة قرارها وضمها إلى النادي الأمريكي ولكنها لم تنجح في تحقيق أي من أهدافها باستثناء ما ألحقته بالشعب السوري من قتل وتدمير وتشريد وتخريب.
توقيت انطلاق الحرب الإرهابية على سورية كان مع اجتياح ربيع الفوضى الغربية بعض الدول العربية وتدمير مؤسساتها تحت شعارات الحرية والإصلاح وحقوق الإنسان فتم استنساخ التجربة على سورية بعد تطويرها وإدخال تعديلات عليها بناء على ما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن.
خرجت مظاهرات محدودة ومخطط لها مسبقا في بعض المناطق تحت يافطة المطالبة بالحرية مستغلة اجتماع الناس في الجوامع لأداء صلاة الجمعة ولم تكن سلمية وكانت القنوات الفضائية الخليجية جاهزة لعمليات التسويق والتحريض من خلال تزوير الصور وفبركة الأخبار بالتوازي مع حملة سياسية ودبلوماسية هدفت إلى شيطنة الدولة السورية ووضعها في مواجهة الشعب.
سورية التي أدركت منذ اللحظة الأولى حقيقة ما حصل وسيحصل ورغم سقوط عدد من الشهداء من قوى الأمن وحفظ النظام منذ الأيام الأولى للمظاهرات سارعت إلى استكمال خطوات الإصلاح التي بدأت بها من أجل فرز الذين تظاهروا وكشف نياتهم فأقرت سلسلة قرارات هدفت إلى تحسين المستوى المعيشي وأصدرت قوانين جديدة للأحزاب والإعلام والانتخابات وعدلت الدستور وعقدت لقاءات تشاورية حوارية بين القوى السورية المؤمنة بالحوار.
استمرت المظاهرات غير السلمية رغم الخطوات الإصلاحية السورية وسقط المزيد من الشهداء بالتوازي مع حملة دعائية إعلامية غير مسبوقة ضد سورية استخدمت فيها كل أشكال التحريض الديني والتزوير ومع حملة سياسية غربية وعربية استخدمت المنظمات العربية والدولية والعقوبات والحصار كوسيلة للضغط على سورية.
فشلت كل أنواع الضغوط في إجبار الحكومة والشعب في سورية على تغيير مواقفهم فانتقلت دول المعسكر المعادي إلى مرحلة التسليح العلنية فأعلنت السعودية وقطر وغيرهما من الأنظمة الخليجية تخصيص المليارات لدعم الإرهابيين في سورية وأعلنت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تقديم المساعدات لهم وفتحت تركيا والأردن ولبنان الحدود مع سورية وأقامت معسكرات التدريب والقيادة للإرهابيين المرتزقة الذين قدموا من أكثر من 83 دولة حول العالم.
أصرت سورية على ضرورة الحل السياسي رغم كل ما تعرضت له من إرهاب وطرح السيد الرئيس بشار الأسد برنامجا سياسيا لحل الأزمة عبر ثلاث مراحل الأولى تقوم على وقف العمليات العسكرية والتزام الدول الخارجية بوقف دعم المجموعات المسلحة وتسهيل وصول المساعدات وتقديم الضمانات لعودة كل السوريين والثانية عقد مؤتمر حوار وطني شامل وصياغة ميثاق وطني والاتفاق على النظام الدستوري والقضائي وتشكيل حكومة موسعة ذات صلاحيات تنفيذية واسعة وصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية والثالثة تشكيل حكومة جديدة وفقا للدستور الجديد وعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية وإصدار عفو عام ولكن الدول الغربية كالعادة سارعت إلى رفض البرنامج منذ الدقائق الأولى لإعلانه دون الاطلاع عليه.
سورية حذرت العالم من أن الرهان على الإرهاب من أجل إخضاعها سيسبب كوارث إنسانية على الشعب السوري وسيزعزع الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وهو ما حصل مع وفود عشرات الآلاف من الإرهابيين التكفيريين إلى سورية ونشوء أكثر من 2500 منظمة إرهابية.
الإرهاب الذي تعرض له الشعب السوري بدعم أطلسي خليجي تركي تسبب بقتل عشرات آلاف السوريين وتشريد ونزوح الملايين وتدمير العديد من الأحياء السكنية والمنشآت الاقتصادية والبنى التحتية التي كلفت السوريين الكثير من المال والجهد لبنائها ورغم ذلك بقيت سورية وحيدة تحارب الإرهاب من جهة وترفع شعار الحل السياسي وتطرح برامجه من جهة أخرى.
انتشر الإرهاب في المنطقة واجتاح شمال العراق وسيطر على مناطق واسعة ونفذ هجمات في الدول الغربية والعربية وفق ما حذرت سورية منه منذ البداية فقرر الغرب تغيير استراتيجيته جزئيا تحت ضغط الرأي العام العالمي فشكل تحالفا خارج إطار الشرعية الدولية بزعم محاربة الإرهاب وصدرت أربعة قرارات جديدة من مجلس الأمن بهدف محاصرة هذه الآفة العابرة للحدود.
شخصيات ومنظمات غربية عديدة قرأت ما جرى بشكل صحيح وفهمت أبعاده وخطورته وأدركت صوابية المواقف السورية منذ البداية فقررت كسر الحصار السياسي الغربي على دمشق وقامت بزيارتها للاطلاع أكثر على الموقف السوري والتقت المسؤولين في دمشق وأكدت أن مفتاح استقرار المنطقة موجود في دمشق ويمر عبر حكومتها الشرعية التي تحظى بتأييد شعبي واسع.
الولايات المتحدة التي تقود تحالف الإرهاب ضد سورية اضطرت أمام معطيات الواقع الجديد إلى المناورة إذ تعلن عن برامج تدريب وتسليح وتمويل لإرهابيين أطلقت عليهم صفة الاعتدال من جهة وتزعم من الجهة الأخرى أنها تسعى إلى الحل السياسي وإلى عدم انهيار الدولة في سورية وآخر هذه المواقف ما خرج به وزير خارجيتها عندما قال إن التفاوض مع الرئيس بشار الأسد أمر لا بد منه لإنهاء الحرب.
وبعيدا عن الحسابات السياسية الغربية تمضي سورية شعبا وجيشا وحكومة بعد مرور أربع سنوات على الأزمة فيها في خطين متوازيين الأول محاربة الإرهاب التكفيري العابر للحدود بكل حزم والثاني إجراء المصالحة الوطنية وفتح قنوات الحوار مع المؤمنين به وسيلة لخروج سورية من الأزمة.
(المصدر: صحيفة تشرين السورية بتاريخ 16/3/2015)