انقسمت المواقف السياسية الدولية في ردود فعلها على العملية العسكرية السعودية ضد اليمن والتي أطلقت عليها الحكومة السعودية “عاصفة الحزم” بين وصفها بالعدوان وتأكيدها على ضرورة سيادة اليمن واستقلاله وقلقها من خطورة ما يحدث وبين محاولات شرعنة وتبرير العملية تحت حجة الدفاع عن الحكومة الشرعية فيه.
العملية التي يشارك فيها أغلبية دول الخليج وبعض الدول العربية وحظيت بمباركة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وتركيا أثارت القلق الشديد لدى العديد من الدول وعلى رأسها روسيا وإيران والصين وسورية والعراق الذين أكدوا أن الحل في اليمن يكون فقط عبر الحوار الوطني وبعيدا عن أي تدخل خارجي.
وأكدت روسيا بعد أن أعلنت أن سفارتها لا تخطط في الوقت الراهن لإجلاء دبلوماسيين ومواطنين روس من اليمن أنها على اتصال مع جميع الأطراف المعنية في الأحداث اليمنية وسوف تزيد تواصلها بما في ذلك عبر الأمم المتحدة لبذل المزيد من الجهود في سبيل إيجاد خيارات لحل سلمي سريع للنزاع في اليمن وعلى هذا المنوال حثت بدورها وزارة الخارجية الصينية كل الأطراف على حل النزاع عن طريق الحوار والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن.
من جانبها أدانت إيران العمليات العسكرية في اليمن واعتبرتها “خطوة خطيرة ومنافية للالتزامات الدولية حيال احترام السيادة الوطنية للدول” مشيرة إلى أنها “تدخل المنطقة في المزيد من التوتر وستسهم في تعقيد الأوضاع واتساع الأزمة وهدر فرص التوصل إلى حل سلمي لخلافات هذا البلد الداخلية”.
الخارجية الإيرانية رأت أن ما تقوم به السعودية مع عدد من الدول في اليمن لن يتمخض عنه إلا نشر الإرهاب والتطرف وتفشي الإنفلات الأمني في المنطقة برمتها قبل أن تطالب بالوقف الفوري للغارات الجوية وكل الإجراءات العسكرية ضد اليمن وشعبه.
الرئيسان الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين أكدا في اتصال هاتفي ضرورة وقف العمليات العسكرية ضد اليمن فورا وتشكيل حكومة تضم كل الأطراف وأعلنا معارضة أي تدخل عسكري باعتباره إجراء غير بناء.
الموقف العراقي جاء محذرا من خطورة التدخل العسكري الذي سيؤدي إلى تعقيد الأوضاع في اليمن أكثر من السابق إذ لا يسمح بتبني الحلول السياسية في الظروف المعقدة القائمة مشددا على ضرورة نبذ استخدام القوة ودعوة الأطراف اليمنية كافة إلى تجاوز خلافاتها من خلال اعتماد أسلوب الحوار الجاد والدعوة إلى تحمل المسؤولية وإزالة مبررات الاحتقان السياسي والتوصل إلى صيغة للاتفاق على العيش المشترك.
بدورها أعربت سورية عن قلقها العميق تجاه التطورات الخطيرة التي تشهدها جمهورية اليمن كما أكدت على احترام سيادة اليمن واستقلاله ووحدته ارضا وشعبا داعية الاطراف اليمنية إلى الحوار فيما بينها للتوصل الى حل سياسي يلبي ارادة وتطلعات الشعب اليمني التي يجب على المجتمع الدولي احترامها.
وفيما غادر الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي اليمن إلى الرياض أكد مصدر فى وزارة الدفاع اليمنية أن “افراد القوات المسلحة ومعهم كل أبناء الشعب اليمنى سيتصدون بكل قوة” لهذه الغارات التي وصفها بـ “العدوان المنافي لكل القوانين الدولية والذى يعد انتهاكا للسيادة اليمنية واعتداء سافرا على الشعب اليمني”.
رئيس حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي قال: إن “العدوان السعودي هو تنفيذ لإرادة أمريكية ورغبة إسرائيلية بعدما فشلت أدواتهم من القاعدة وداعش في فرض رغبتهم على اليمنيين” مؤكدا أن الشعب اليمني أقوى مما تتخيل قوى العدوان وأنه سيتحرك لمواجهته والدفاع عن نفسه وأنه سيجعل من اليمن مقبرة للغزاة في حال فكروا بالهجوم البري.
ورغم أن بريطانيا أيدت السعودية في عملياتها العسكرية وأعلنت فرنسا دعمها لهادي عبر الاتحاد الاوروبي عن قلقه من احتمال “تداعيات إقليمية خطيرة” بعد التدخل العسكري السعودي في اليمن مؤكدا أنه “مقتنع بأن العملية العسكرية ليست حلا” بينما انفرد الموقف الأمريكي بالتعبير بكل صراحة عن دعم العمليات العسكرية في اليمن من خلال “تأمين المعلومات الاستخباراتية والمساعدة في اختيار الاهداف والدعم اللوجستي للضربات”.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون شدد من جهته على أن التفاوض هو الحل الوحيد للازمة في اليمن وقال المتحدث باسمه فرحان حق: إن كي مون “أخذ علما بالتدخل العسكري السعودي بناء على طلب الحكومة اليمنية” دون أن يوصف هذا التدخل ومدى توافقه مع ميثاق الأمم المتحدة.
وبالانتقال إلى تصريحات ومواقف الدول المشاركة بالعمليات العسكرية في اليمن فقد أقر السفير السعودي فى واشنطن عادل الجبير بأن بلاده “شنت عملية عسكرية فى اليمن بهدف الدفاع عن الحكومة الشرعية فيه” حسب زعمه بينما اعتبرت الأردن أن هذه المشاركة تأتي “متسقة” مع ما سمته “دعم امن واستقرار اليمن وتجسيدا للعلاقات التاريخية بين الاردن والسعودية ودول الخليج”.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها: “إن مصر تعلن دعمها السياسى والعسكرى للخطوة التى اتخذها ائتلاف الدول المؤيدة للحكومة الشرعية في اليمن استجابة لطلبها وذلك انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية تجاه الأمن القومي العربي وأمن منطقة الخليج” على حد وصفها.
التطورات في اليمن انعكست أيضا على اجتماع وزراء الخارجية العرب في شرم الشيخ التحضيري للقمة العربية المزمع عقدها الأسبوع المقبل حيث شرعن أغلب الوزراء هذه العمليات وأعلنوا تشكيل ما سموها “قوات عربية مشتركة” بينما انبرى أمين الجامعة نبيل العربي للمحاضرة بميثاق الدفاع العربي المشترك والذي تقوم على أساسه هذه العمليات على حد تعبيره والذي لم يعرفه أحد يوما مفعلا في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية الكثيرة والمتكررة على الدول العربية.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم العملية العسكرية السعودية ضد اليمن مشيرا إلى أن حكومته “تفكر بتقديم مساعدة لوجستية للسعودية” لمواجهة ما سماه “محاولة إيران الهيمنة على اليمن والمنطقة”.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، تاريخ: 26/3/2015)