أكد السيناتور الأميركي ريتشارد بلاك أن سورية حاربت الإرهاب بشكل ناجح وتتجه نحو النصر واصفاً إياها بمركز الجاذبية ونقطة الاشتباك بين العالم المتحضر والمتطرفين محذراً من يدعون إلى «إسقاطها» من أن وجهة الإرهاب بعد سورية ستكون باتجاه الأردن ولبنان وأوروبا.
ورأى بلاك في اتصال مع إذاعة «ميلودي.إف.إم سورية» بثتها أمس ونقلتها «سانا» أن أوروبا ستكون وجهة التنظيمات الإرهابية بعد سورية في حال تمكنت من السيطرة عليها، موضحاً أنه في حال تحقيق التنظيمات الإرهابية التي تحارب الدولة السورية هدفها فإن هذا سيعني سقوط الأردن ولبنان في غضون أسبوع وستكون هناك تحركات باتجاه أوروبا، حيث تجد تلك التنظيمات الكثير من المتعاطفين معها داخل المجتمعات الأوروبية.
وأشار السيناتور الأميركي إلى أن نظام أردوغان لديه أحلام استعمارية في سورية والمنطقة وهو ساعد الإرهابيين منذ البداية وهناك إثباتات على أن المخابرات التركية وفّرت الغاز السام للتنظيمات الإرهابية لمهاجمة الغوطة الشرقية قرب دمشق بهدف جر الولايات المتحدة نحو الحرب، لافتاً إلى أن تركيا تدعم حليفيها تنظيمي «داعش» و«النصرة» وهي تمثل مع قطر والسعودية أكبر الممولين للحركات الإرهابية.
وحسب خبرته وموقعه اعتبر بلاك أن سورية حاربت بشكل ناجح وهي في طريقها لربح هذه الحرب وأن القوات السورية نجحت بإبعاد تنظيم «داعش» الإرهابي وغيره من التنظيمات وتبدو انتصارات الجيش العربي السوري واضحة على جميع الجبهات، معتبراً أن تدفق الإرهابيين إلى سورية بأعداد كبيرة نابع من رغبة من يخططون لما يجري في سورية بتعويض النقص في «المقاتلين» إذ لا يجدون تعاطفاً من الشعب السوري ولذلك يعوضونه باستقدام الإرهابيين من الخارج.
وأكد بلاك أن الدولة السورية تحقق انتصارات في كل مكان، متوقعاً سقوطاً سياسياً لـ«المعارضة» كما أنه اعتبر أن الخطوط العريضة للحل السياسي غير موجودة في مكانها حتى الآن بسبب عدم وجود قوة سياسية أساسية تتحكم بالتنظيمات الإرهابية.
وحذّر بلاك الولايات المتحدة من أنها بتعاونها مع السعودية تساعد على تصدير العناصر الإرهابية وخاصة «داعش» و«القاعدة» إلى أماكن أخرى في العالم انطلاقاً من كون السعوديين يصدرون أكثر العناصر الدينية تطرفاً وعنفاً، معتبراً أن الرهان على دعم الشعب السوري للإرهابيين لـ«إسقاط» دولتهم أمر غير معقول إذ لا يعقل أن يدعم أي شعب الإرهاب وأن يتخلى عن حكومة مدنية.
ورأى بلاك أن انضمام تركيا وقطر والسعودية إلى «التحالف» الذي تقوده واشنطن لمحاربة «داعش» هو انضمام شكلي بالقياس إلى علاقتها بالتنظيمات الإرهابية.
واعتبر بلاك أن عقد المؤتمرات بخصوص الأزمة في سورية في جنيف يبدو عملاًَ نظرياً ومنفصلاً عن الواقع، إذ إنه من الأفضل مناقشة الأزمة وإجراء المحادثات بهذا الخصوص في دمشق، مشيراً إلى أهمية قدوم وفود غربية من دول مختلفة إلى سورية وخاصة أعضاء البرلمانات ليس من أميركا فقط بل من مختلف الدول، كما أنه من المفيد للغاية لسورية دعوة أشخاص من بلاد أوروبية صديقة أكثر للقدوم كي يتم تعريفهم بالوضع من دمشق.
ورجح بلاك أن يختفي خلال فترة قريبة الدعم للإرهابيين وأن تبدأ مصادر تمويلهم بالجفاف لأن معظم الأطراف باتوا مستعدين لإحلال السلام وإعادة بناء سورية حيث نلاحظ تحولاً كبيراً في العالم ونظرته إلى سورية.
وبخصوص اختلاف وجهات النظر بين موسكو وواشنطن في التعامل مع الأزمة في سورية والحرب على الإرهاب أكد بلاك أن روسيا من أكثر الأطراف واقعية وتفهماً لمخاطر الإرهاب وطرق انتشاره وأن لديها الخبرة الكافية من تجربتها في الشيشان وداغستان ولذلك تتفهم أكثر من الجميع خطر تمدد تنظيم «داعش» شمال إفريقيا ومناطق أخرى.
ونصح بلاك الولايات المتحدة بأن تحاول العثور على أرضية مشتركة مع روسيا في الحرب على الإرهاب لأنه يمكن لروسيا أن تكون حليفاً قوياً ولديها مصلحة وطنية كبيرة بالتعامل مع ذلك.
ورأى بلاك أن الحكومة الأميركية منقسمة وليست هناك سياسة واضحة مركزية تجاه الأزمة في سورية مع فهم واضح لدى وزارة الدفاع الأميركية لحجم الكارثة التي يتركها انهيار الدولة السورية مقابل تجاهل وزارة الخارجية الأميركية لهذه المخاطر، كما أشار إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يبدو مستاء إلى حد ما من بعض الدول التي تحاول «إسقاط» الحكومة السورية.
واعتبر بلاك أن أوروبا تبدو ضعيفة وتابعة للولايات المتحدة الأميركية وهناك بعض التفكك في الفهم الأوروبي حول سورية حيث لم يعد هناك إجماع أوروبي على طريقة التعاطي مع سورية وأن فرنسا وبريطانيا فقط تحافظان على هذه النظرة رغم أن بعض القوى الأوروبية بدأت تثير موضوع إعادة النظر بالأزمة في سورية حيث تبدو الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا معزولة بشكل متزايد فيما يخص فكرة تغيير النظام.
وقال بلاك: هناك عدد متزايد من الدول الأوروبية التي تراودها الشكوك في موضوع سورية وأظن أنه خلال الفترة القادمة سنبدأ برؤية بعض منها تتحول لتكون أكثر حزماً وأكثر فاعلية في تغيير سياساتها، مشيراً إلى أن إيطاليا هي مثال جيد بهذا الخصوص إذ أصبحت فجأة قلقة بشكل جدي بشأن وجود تنظيم «داعش» في ليبيا، كما أن هناك وعياً جديداً يتصاعد داخل فرنسا يلقي بظلاله على القرار السياسي ويمكنك أن ترى مجموعات مختلفة سياسياً حول هذه القضية.
وتوقع بلاك أن تتصاعد الأصوات داخل أوروبا خلال السنوات القادمة أكثر فأكثر تجاه السياسة الأميركية وستكون هناك مقاومة كبيرة حيال السياسات التي كانت متبعة، وقال: أعتقد أن بإمكان سورية محاولة القيام باتصالات دبلوماسية من خلال بعثتها لدى الأمم المتحدة لتشجع بعض الدول الأوروبية الأخرى على أن تبدأ بالحديث تدريجياً بشكل علني ضد السياسات المتبعة تجاه سورية.
(المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 30/3/2015)