أكد رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام أن الخطط الغربية الرامية إلى تدريب وتسليح عناصر سورية يصفونها بـ «المعتدلة» في تركيا والسعودية ما هي إلا ستار لمواصلة دعم الإرهاب والفوضى في سورية تحت شعار «محاربة الإرهاب» وهي انتهاك فاضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وينبغي إدانتها من جميع برلمانات العالم ووقفها فوراً.
وفي كلمة سورية أمام جلسة الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورتها الـ 132 المنعقدة في هانوي بفيتنام قال اللحام: إن الحرب على الإرهاب في سورية تحت أي عنوان وبأي طريقة كانت ومن أي تحالف لن تنجح في القضاء عليه ولن تستطيع دحره واجتثاثه ما لم يتم التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية في إطار قرارات مجلس الأمن وفي إطار استراتيجية دولية ذات أبعاد عسكرية وثقافية وإعلامية واجتماعية.
وأضاف اللحام: لقد نادينا وناشدنا ضمائر العالم في منتديات عدة وحذرنا أكثر من مرة من أن الإرهاب الذي يجري دعمه وتمريره إلى سورية سيرتد إلى العالم وسيمتد إلى الجوار القريب والبعيد وأن هذا الإرهاب السرطاني العابر للحدود ستطول آثاره المدمرة شعوب العالم أجمع وكلكم يرى اليوم أين وصلت تبعات الإرهاب الكارثية في العراق وفي مصر وليبيا ولبنان وتونس وفي قلب أوروبا والقادم أعظم.
ونقلت «سانا» عن رئيس مجلس الشعب إشارته إلى أنه على الرغم من اعتراف العالم اليوم بانتشار الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط ووصوله إلى أوروبا وتدفق الإرهابيين من مختلف دول العالم إلى سورية والعراق عبر الحدود المفتوحة من بعض دول الجوار وعلى الرغم من الجرائم والممارسات التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية كـ «داعش» و«جبهة النصرة» بحق التنوع السكاني والاجتماعي من تشريد وتهجير وتدمير للتراث الحضاري في سورية والعراق وعمليات الذبح الجماعية أمام عدسات الكاميرا بقيت الاستجابة الدولية لمكافحة الإرهاب قاصرة ورهن سياسات خاطئة وظلت مواقف الدول الغربية وبعض دول الجوار بعيدة عن الالتزام الحقيقي بمحاربة الإرهاب.
ودعا اللحام برلمانات العالم وحكوماته إلى لحظة تأمل بمستقبل الشعوب في ظل هذا المد الإرهابي التكفيري الذي يدمر الإنسان والحضارة الإنسانية التي بناها الأجداد على مدار قرون طويلة، متسائلاً: أي مستقبل ينتظر شعوبنا وأطفالنا؟ وأي تنمية يمكن أن تقف أمام زحف مفجّري الأجساد البشرية والتماثيل والآثار؟
وتابع قائلاً: إنها لحظة الحقيقة التي ينبغي ألا تغيب عن بالنا جميعاً فما يجري في سورية والعراق يمكن أن يحصل في أي بلد من بلدان العالم ما لم نملك الإرادة الحقيقية والرغبة الصادقة في العمل معاً لاجتثاث الإرهاب والفكر التكفيري المظلم الذي يشكل القاعدة الأساسية لهذا الإرهاب وتجفيف منابعه وملاحقة مقاتليه و«جهادييه» الذين يتنقلون عبر العالم بحرية ودعم من جهات رسمية وغير رسمية.
وأشاد اللحام بجهود الاتحاد البرلماني الدولي ورؤساء البرلمانات الصديقة والمؤسسات البرلمانية الإقليمية في فتح قنوات التواصل من أجل تبادل الأفكار حيال الخيارات المتاحة لمساعدة الشعب السوري على تجاوز محنته، مؤكداً أن أي جهود طيبة مبنية على نيات صادقة هي موضع ترحيب وتعاون من قبلنا شريطة أن تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وقال رئيس مجلس الشعب: إننا في سورية وكما كنا قبل أربع سنوات بالعزيمة نفسها وبالتصميم ذاته نضرب الإرهاب بيد ونمدّ يد المصالحة والمسامحة مع من غرر بهم وضلّوا طريقهم ونفتح الباب أمامهم للعودة إلى حضن وطنهم للمساهمة في بنائه وإعماره وليس تدمير بناه التحتية ومؤسساته الخدمية من مشاف ومدارس ومصانع وشبكات كهرباء وهاتف.
وأضاف اللحام: إن التنمية المستدامة تشكل اليوم هاجس العالم وحلمه في تحقيق مزيد من التطور والرفاه للشعوب ونحن في سورية وقبل أن يضرب الإرهاب بلدنا كنا نخطو خطوات رائدة على مسار التنمية في مجالات الصحة والزراعة والتربية والتعليم والخدمات غير أن كل شيء تغير واتجه في الطريق المعاكس مع بدء خريف الإرهاب، حيث جرى تقويض مختلف مسارات التنمية على أيدي الجماعات الإرهابية، فخسائر القطاعات الاقتصادية التي جرى استهدافها بشكل ممنهج تقدر بمليارات الليرات ناهيكم عن الضرر النفسي والاجتماعي الذي لحق بالشعب السوري.
وأشار اللحام إلى أن الفوضى والاضطرابات في دولة ما تشكل عامل زعزعة لمسارات التنمية في دول الجوار فما بالكم بالحروب والإرهاب الذي يتمدد وتتمدد تداعياته الكارثية في الشرق الأوسط الذي يشكل قلب العالم، مؤكداً أن كل مسارات التنمية مرهونة بتحقيق الأمن والاستقرار والقضاء على ظاهرة الإرهاب ومعالجة أسبابها وتجفيف منابع تغذيتها الفكرية والمالية.
وأعرب اللحام عن أمله بأن تسهم البرلمانات باعتبارها ممثلة للشعوب في تأدية دور حاسم لجهة سن التشريعات وممارسة الرقابة على الحكومات للإيفاء بالتزاماتها تجاه القانون الوطني والدولي والسيادة الوطنية وتعزيز المساواة بين الدول كأساس للتعاون الدولي وعامل من عوامل الاستقرار وتحقيق التنمية والرفاه لشعوب العالم أجمع.
وعلى هامش اجتماعات الجمعية بحث رئيس مجلس الشعب مع رئيس المجلس الوطني التشريعي الجزائري محمد العربي ولد خليفة العلاقات البرلمانية الثنائية وتنسيق المواقف حيال القضايا المدرجة على جدول أعمال الجمعية.
وأكد اللحام خلال اللقاء أهمية التعاون العربي في مواجهة التحديات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولاسيما الإرهاب التكفيري الذي يتمدد في المنطقة ويهدد الدول العربية بمزيد من الضعف والتفكك والانهيار.
وعبّر اللحام عن تقديره لمواقف الجزائر العروبية، مشدداً على أهمية تعزيز التعاون على المستوى البرلماني والاقتصادي والسياسي بين البلدين الشقيقين ودفع العلاقات إلى مستويات تلبي تطلعات الشعبين.
من جانبه أكد ولد خليفة أن مواقف الجزائر بالنسبة لسورية مبدئية ولن تتغير وفقاً للمصالح الضيقة وهي مع الحل السياسي للأزمة في سورية، معرباً عن أمله بأن تنتصر سورية على الإرهاب وتستعيد عافيتها كما انتصر عليه الشعب الجزائري سابقاً بصموده.
كما بحث اللحام مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الفيدرالي الروسي غريغوري كوزيتشوف رئيس الوفد الروسي المشارك في اجتماعات الجمعية العلاقات البرلمانية بين البلدين وسبل تعزيز التنسيق والتعاون على مختلف المستويات تجاه التصعيد الإرهابي في سورية والعراق.
وجرى خلال اللقاء التأكيد على عمق العلاقات الثنائية وأهميتها في مواجهة التحديات الناشئة في منطقة المتوسط والعالم.
كما شارك اللحام في الاجتماع التنسيقي للجمعية البرلمانية الآسيوية على هامش اجتماع الجمعية الـ 132، فضلاً عن مشاركة الوفد السوري في اجتماعات المجلس الحاكم التابع للاتحاد البرلماني الدولي.
(المصدر: صحيفة تشرين للأنباء بتاريخ 30/3/2015)