(العربية) الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع محطة روسيا اليوم وعدة وسائل إعلام روسية

الأسد لـ:RT  وقعنا عقودا للأسلحة خلال الأزمة والتواجد الروسي في شرق المتوسط ضروري للتوازن

أكد الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة أجرتها معه RT وعدة وسائل إعلام روسية وجود عقود جديدة للأسلحة الروسية مع سوريا تم توقيعها خلال الأزمة ويجري تنفيذها الآن بشكل متواصل.

المقابلة تطرقت إلى الوضع الداخلي السوري والوضع الإقليمي إضافة إلى العلاقات السورية الروسية.

تناول الرئيس الأسد مبادرة المبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا وفرص نجاحها قائلا إنها تنجح إن توقفت تركيا والدول الأخرى التي تمول المسلحين عن التدخل.

الأسد تحدث عن المصالحات داخل سوريا رابطا إياها بالمسار السياسي كما تحدث عن محاربة الإرهاب مشيرا إلى أن الإخوان المسلمين شكلوا المقدمة الحقيقية والفعلية للقاعدة في العالم الإسلامي.

نص المقابلة الكاملة لوسائل الإعلام الروسية مع الرئيس السوري بشار الأسد

السؤال الأول:

احترامي وسلامي لكم سيدي الرئيس أنا غريغوري من وكالة “تاس”.. سيدي الرئيس كيف تثمنون الجولة القادمة من المشاورات السورية – السورية المزمع عقدها في موسكو في نيسان المقبل، ومن سيُمثل الحكومة في هذه المشاورات. برأيكم ما هو الضروري اليوم لإرساء الحوار السوري – السوري؟ وشكراً.

الرئيس الأسد:

تقييمنا لهذه الجولة وللمبادرة الروسية ككل، هو تقييم إيجابي جداً لأن المبادرة هامة، وأستطيع أن أقول إن المبادرة ضرورية، فكما تعرفون كان الغرب خلال الأزمة السورية أو عدد من الدول الغربية، كان يحاول أن يدفع باتجاه البدء بحرب عسكرية في سوريا وفي منطقتنا تحت عنوان أحياناً مكافحة الإرهاب وأحياناً دعم الشعوب التي قامت من أجل الحرية وغيرها من الأكاذيب التي ترد في الإعلام الغربي، كانت المبادرة الروسية هامة لأنها أكدت على الحل السياسي، وبالتالي قطعت الطريق على دعاة الحرب في الدول الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا كما فعلت في أوكرانيا، فأنتم تعلمون بأن دعاة الحرب كانوا يدفعون ومازالوا باتجاه تسليح الأطراف المختلفة في أوكرانيا من أجل تغير الأنظمة في أوكرانيا ولاحقاً في روسيا، لذلك فمبدأ هذه المبادرة هو مبدأ صحيح وهام ونحن نقول دائماً ونعلن ونؤمن بأن أية مشكلة مهما كانت لا بد أن يكون حلها النهائي هو حل سياسي بالمبدأ. أما عوامل النجاح فيجب أن يكون هناك تطابق بين العنوان الذي طرحته أنت الآن منذ قليل وبين المضمون، العنوان هو حوار سوري – سوري، لكي ينجح لابد أن يكون سوريا فقط بمعنى ألاّ يكون هناك تأثير خارجي على المتحاورين، المشكلة هنا أن عددا من الأطراف التي ستشارك في الحوار هي أطراف مدعومة من قبل دول أجنبية غربية أو دول إقليمية في منطقتنا، وهي التي تؤثر على قرارها وكما تعلم منذ أيام قليلة فقط أعلن أحد هذه الأطراف أنه لن يشارك في هذا الحوار، كما أنه لم يشارك في الجولة الأولى، فإذاً لابد لنجاح هذا الحوار من أن تكون الأطراف السورية المشاركة فيه هي أطراف مستقلة تعبّر عما يريد الشعب السوري، بمختلف اتجاهات الشعب السوري السياسية، عندها يكون النجاح حليفه. لذلك فنجاح هذه المبادرات يتطلب ألاّ تتدخل الدول الأخرى، كما طرحت موسكو في الحوار الأول، أن يكون حواراً سورياً، والدور الروسي الآن هو دور تسهيلي لعملية الحوار بين السوريين وليس دوراً يفرض عليهم أية أفكار، إذا تمت الأمور بهذه الطريقة فأنا اعتقد أن هذا الحوار سيحقق نتائج إيجابية للاستقرار في سوريا.

السؤال الثاني:

سيادة الرئيس، أبو طالب البوحية من قناة “روسيا اليوم” العربية، سيادة الرئيس ضمن الخطوات التي تهدف إلى حل سياسي كانت هناك ولا تزال مبادرة للمبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا الخاصة بتجميد القتال في حلب.. فعلياً بعد عدد من اللقاءات وعدد من الرحلات هناك بعض المعلومات عن أنّ جزءاً من مكتب وطاقم السيد دي ميستورا في دمشق ذهب إلى حلب ولكن تبين في النهاية أن هناك تصريحات من بعض قوى المعارضة الخارجية رفضت هذه المبادرة، مع ذلك هناك أحياء آمنة في حلب تعرضت خلال اليومين الماضيين وتتعرض منذ الأيام الماضية إلى هجمة شرسة، وكذلك إلى قصف بقذائف الهاون ومدفع جهنم وكذلك قذائف المورتر على الأحياء الآمنة. بشكل عام كيف تنظرون سيادة الرئيس إلى أفق هذه المبادرة التي قدمها دي ميستورا وحظوظها إنْ كانت ستنجح في الأيام القادمة؟

 الرئيس الأسد:

منذ اللقاءات الأولى بيننا وبين السيد دي ميستورا دعمنا الأفكار التي طرحها وعندما اتفقنا على العناوين الأساسية للمبادرة التي تم إعلانها لاحقاً من قبله وبدأ فريق السيد دي ميستورا العمل في سوريا من أجل تطبيق هذه المبادرة، تابعنا هذا الدعم ووتابعنا النقاش معه من أجل التفاصيل التي تخص هذه المبادرة. المبادرة من حيث المبدأ صحيحة لأنها تتعامل مع الواقع على الأرض بشيء يشبه المصالحات التي تحصل في سوريا والهدف هو تخفيف الضغط والخطر عن المدنيين في مدينة حلب تحديداً كمقدمة لهذه المهمة التي بدأ بها، لكن مبادرة دي ميستورا تعتمد على أكثر من طرف، تعتمد طبعاً على تعاون الدولة بشكل أساسي وهي طرف رئيسي ومع مؤسساتها لكنها من جانب آخر تعتمد على استجابة الإرهابيين أو المسلحين الذين يتواجدون في أحياء مختلفة من حلب، والمشكلة أيضاً في نفس هذا الموضوع هي كالمشكلة في الحوار السوري – السوري، أن بعض هؤلاء المسلحين يخضعون لدول أخرى وفي هذه الموضوع تحديداً في مدينة حلب فكل المسلحين أو القوى الإرهابية الموجودة هي حقيقةً مدعومة من تركيا بشكل مباشر، لذلك أعلنت هذه القوى منذ بدء مبادرة دي ميستورا رفضها التعامل معه ورفضها المطلق للمبادرة من الأساس.. أكدت هذا الرفض منذ أسبوع تقريباً ولكن ثبتت هذا الرفض من خلال القيام بقصف المدنيين في مدينة حلب وسقوط الكثير من الشهداء. أيضاً مبادرة دي ميستورا مبادرة هامة بالمضمون ونحن نعتقد أنها واقعية جداً بمضمونها وفرص نجاحها كبيرة إن توقفت تركيا والدول الأخرى التي تمول المسلحين عن التدخل، أحد أهم أسباب عوامل نجاحها هو أن معظم السوريين يرغبون بالتخلص من الإرهابيين من خلال عودة البعض من هؤلاء للحياة الطبيعية أو خروجهم من الأحياء التي يعيش فيها المدنيون لكي يعودوا إلى هذه الأحياء.

السؤال الثالث:

 في ملف الحل السياسي أيضاً، الحكومة السورية قامت بخطوات هامة أشادت بها أغلب الحكومات الصديقة والحليفة لسوريا وهي ملف المصالحات الوطنية، حتى في الداخل السوري حقق هذا الملف نجاحات واسعة حسب رؤيتنا للمواطنين بشكل مباشر وتغطيتنا في دمشق أو في المحافظات الأخرى بشكل عام. سيادة الرئيس، ما هي رؤيتكم المستقبلية لنتائج هذه المصالحات إن كان في ريف دمشق أو في المحافظات الأخرى، خاصة وأنّنا علمنا أنَّ الحكومة السورية أفرجت قبل أيام عن ما يزيد عن 600 موقوف لإنجاح خطوات المصالحة الوطنية؟

الرئيس الأسد:

بدأنا بملف المصالحات الوطنية منذ أكثر من عام، منذ حوالي العامين في سوريا وهو مسار مواز للمسار السياسي كما قلت، أي مشكلة تنتهي بحل سياسي لكن الحل السياسي دائماً طويل وربما يكون بطيئاً، وربما يكون هناك عقبات تؤخره أو تدفعه باتجاه الفشل ولو كان هذا الفشل مؤقتاً، ولكن كل يوم يسقط ضحايا في سوريا من الأبرياء ولا نستطيع أن ننتظر الحل السياسي لكي نقوم بحماية الناس فلا بد من القيام بمسارات أخرى، وطبعا هناك مسار هو مكافحة الإرهابيين والقضاء عليهم، ولكن هناك مسار ثالث هو مسار المصالحات، هذه المصالحات تتضمن عودة الأهالي إلى أحيائهم وتتضمن خروج المسلحين خارج الأحياء أو البقاء لكن من دون سلاح مع العودة إلى الحياة الطبيعية، وتقوم الدولة بالعفو عن هؤلاء وتسوية أوضاعهم لكي يعودوا إلى حياتهم الطبيعية، وضمن هذا الملف الإفراج عن المعتقلين ما يعتبر جزءاً من المصالحة الوطنية، وما جرى أمس هو جزء من هذا الملف الذي أثبت حتى الآن أنه هو الملف الأهم، فحقيقة أن المصالحات الوطنية في سوريا حققت نجاحات كبيرة، وهي التي أدت إلى تحسين الأوضاع الأمنية للكثير من المواطنين السوريين في مناطق مختلفة، ما حصل أمس هو في هذا الإطار، ونحن سنستمر في هذه السياسة التي أثبتت نجاحها ريثما يكون هناك تقدم على المسار السياسي الذي نتمنى أن نراه –هذا التقدم- في اللقاء التشاوري في موسكو في شهر نيسان المقبل.

السؤال الرابع:

يفغيني ريشيتنيوف من قناة روسيا 24، سيدي الرئيس، في خضم الحرب الأهلية والنزاع المسلح بعض الساسة قالوا إن أيامكم كرئيس لن تمتد طويلاً وبعض التوقعات قالت إنكم ستصمدون بضعة شهور فقط، لكنكم صمدتم طويلاً، ونجلس ونتكلم معكم الآن، هناك ساسة أوروبيون يتكلمون أنّ الحل السياسي في سوريا سيكون بدون الرئيس بشار الأسد، برأيكم كيف يمكن أن نرسي السلام ونفسح المجال لكل السوريين بأن يتصالحوا؟

الرئيس الأسد:

هذه التصريحات التي كنا نسمعها منذ بداية الأزمة هي التي تعبر عن العقلية الغربية، وهذه العقلية هي عقلية استعمارية، الغرب لا يقبل شركاء، إن لم تعجبه دولة معينة يريد تبديل الدولة أو يريد تبديل الرئيس، وعندما يتحدث بهذا المنطق فهو لا يرى الشعوب، لا يوجد شعب، بالنسبة له لا يعجبنا الرئيس سنبدله.. لكن عندما صرحوا هذه التصريحات انطلقوا من معطيات خاطئة، لأن هذه الأيام أصبحت أياما قديمة لم تعد صالحة لهذا العصر، الشعوب اليوم لا تقبل أن يُحدد مستقبلها أو مصيرها أو من يحكمها من الخارج، هذا ما يحصل الآن.. أيضاً نفس الشيء في أوكرانيا وهذا هدفهم في روسيا، لا يعجبهم الرئيس بوتين فيشيطنوه، يقومون بعملية شيطنة للرئيس وهكذا في كل الأماكن الأخرى. لكن أنا أريد أن أؤكد أن من يحدد هذا الشيء هو الشعب السوري فقط، كل التصريحات التي صدرت عن الدول الغربية أو حلفائها في المنطقة حول هذا الموضوع لم تكن تعنينا، لا يهمنا إن قالوا الرئيس سيسقط أو سيبقى، ولا يهمنا إن قالوا إن الرئيس شرعي أو غير شرعي.. الشرعية نأخذها من الشعب، وإذا كان هناك سبب لصمود الدولة في سوريا فهو الدعم الشعبي، فعلينا ألا نضيع وقتنا بالتصريحات الأوروبية فهم مستعدون لأن يصرحوا كل يوم تصريحا مناقضا لتصريح الآخر.  الأزمة السورية قابلة للحل وليست مستحيلة، إذا جلس السوريون مع بعضهم وتحاوروا فسوف نصل إلى نتائج، عندما كنا نتحدث منذ قليل عن المصالحات، المصالحات هي أصعب شيء، عندما يجلس الطرف الأول مع الطرف الثاني الذي يمسك بالبندقية ويقاتل، أصعب بكثير من الجلوس مع الذين يقومون بالعمل السياسي، فهناك دماء وهناك قتل، ومع ذلك نجحنا في هذا الملف، متى نجحنا؟ نجحنا عندما تمكنا من إجراء المصالحات بدون تدخل خارجي، فأنا أقول لكي ينجح السوريون يجب إيقاف التدخل الخارجي، وإيقاف إمداد الإرهابيين بالسلاح من قبل تركيا، من قبل السعودية، من قبل قطر، ومن قبل بعض الدول الأوروبية، هذا ما صرح به الفرنسيون والبريطانيون بشكل أساسي أنهم أرسلوا سلاح.. يجب وقف إمداد المسلحين بالمال وخاصة من السعودية وقطر، عندها الحل السياسي سيكون سهلاً، والمصالحات مع المسلحين ستكون سهلة، لأن المجتمع السوري اليوم يدعم المصالحات ويدعم كل هذه الحلول، والمجتمع السوري لم  يتفكك كما كانوا يعتقدون، لأن ما يحصل في سوريا ليس حربا أهلية، في الحرب الأهلية يجب أن تكون هناك خطوط تفصل بين المتقاتلين إما على أساس عرقي أو على أساس ديني، أو على أساس طائفي، هذا الشيء غير موجود، كل الناس يعيشون مع بعضهم، لكن أغلب الناس يهرب من مناطق الإرهابيين إلى المناطق الآمنة تحت سلطة الدولة، هذا ما نعتقد أنه الأساس للوصول إلى هذا الحل بالإضافة إلى مبادرات الأصدقاء كاللقاء التشاوري الذي سيعقد في موسكو الشهر القادم.

السؤال الخامس:

سيدي الرئيس، في كل دولة بشكل عام يمكن استغلال أي فرصة أو ذريعة من أجل إثارة نزاع طائفي أو عرقي.. في سوريا، في أوكرانيا.. كيف يمكن أن نوقف هذا؟

الرئيس الأسد:

طبعاً إذا كان لديك في الأساس مشكلة طائفية تخلق شرخاً في المجتمع، فسيكون من السهل على الدول الأخرى أن تلعب على هذا الموضوع وتؤدي لخلق اضطراب، وأنت تعرف أن هذا الموضوع هو أحد الأشياء التي حاولت بعض الدول الخارجية أن تلعب عليه حتى في روسيا من خلال دعمهم للمجموعات المتطرفة التي تقوم بأعمال إرهابية، وهدفهم ليس قتل بعض الأبرياء، بل هدفهم خلق شرخ في المجتمع الروسي يؤدي إلى إضعاف الوطن، إضعاف الدولة، وربما تقسيم روسيا نفسها. هذا ما فكروا به في روسيا، وهذا ما فكروا به في سوريا. لذلك أنا أقول إن هناك أشياء متشابهة جداً. إذاً لا بد أن يكون هناك أداء للدولة سابق للأزمات، الحفاظ على وحدة الوطن، الحرية الدينية، حرية المعتقدات، يجب ألا تشعر مجموعة في أي بلد من البلدان أنها ممنوعة من ممارسة شعائرها، وأن تعتقد بمعتقداتها. هذا الشيء موجود في سوريا، وهذا أحد أهم عوامل صمود المجتمع السوري في وجه هذه الهجمة. ولكن، مع ذلك العناوين التي استخدمت في بداية الأزمة في سوريا من الإعلام الخارجي، ومن قبل الإرهابيين كانت عناوينا تقسيمية، وتحديداً في الإطار الطائفي. وهناك البعض ممن صدق هذه العناوين في سوريا في البداية واعتقد أنها حقيقية، ولكن من خلال حوارنا كدولة، واستخدام وسائل التوعية المختلفة، وخاصة دور المؤسسات الدينية لدينا، تمكّنا من تجاوز هذا الموضوع، وتبين خلال فترة أن الموضوع لا علاقة له بالطوائف والأديان، إنما القضية هي مجرد إرهاب مدعوم من الخارج. هنا نجحنا، وهنا تمكّنا من تجاوز هذه النقطة الخطيرة جداً التي تطرحها في سؤالك.

السؤال السادس:

محمد معروف من وكالة “سبوتنك” الإخبارية، بداية سيدي الرئيس أريد أن أشكر مقامكم الكريم على إتاحة الفرصة لنا أن نقابلكم باسمي وباسم زملائي في وكالة “سبوتنك” و”روسيا سيفودنيا” أشكركم جزيل الشكر.

سيادة الرئيس أشرتم سابقاً إلى أنه لو وافقتم على ما عرض عليكم قبل الأزمة، لكنتم الرئيس الأفضل في المنطقة والأكثر ديمقراطية، أرجو من سيادتكم أن تشرحوا لنا ما عرض عليكم حينها، وما هو المطلوب من سوريا اليوم كي يتوقف الغرب عن عسكرة المعارضة السورية وبدء الحل السياسي؟

 الرئيس الأسد:

أعود هنا للعقلية الغربية وهي عقلية استعمارية. الغرب لا يقبل شركاء، هو يريد دولا تابعة فقط، حتى الولايات المتحدة لا تقبل شركاء في الغرب، وحتى أوروبا تريدها تابعة للولايات المتحدة. هم لا يقبلون روسيا وهي دولة عظمى، لا يقبلونها كشريك، والمسؤولون الروس يتحدثون دائماً عن الشراكة مع الغرب، ويتحدثون بلغة إيجابية. في المقابل لا يقبل الغرب بروسيا دولة كبرى وشريكا لهم على مستوى العالم. فكيف يقبلون بدولة أصغر كسوريا. يمكن أن تقول لا، عندما يتعارض أي موضوع مع المصالح السورية نحن نقول لا. هذا الشيء لا يقبلونه في الغرب. هم طلبوا منا عدة أشياء في السابق، كانوا يضغطون علينا في بعض الحالات كي نتنازل عن حقوقنا في أراضينا التي تحتلها إسرائيل. يريدون منا ألا نقف مع المقاومة في لبنان أو في فلسطين التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني. في مرحلة لاحقة، قبل الأزمة بسنوات قليلة، كانوا يضغطون على سوريا كي تبتعد عن إيران مثلاً، أو في حالة أخرى أراد البعض منهم أن يستخدم علاقة سوريا مع إيران في الملف النووي، ونحن لسنا جزءاً من هذا الملف، ولم نكن، ولكن كان المطلوب أن نقنع إيران بأن تقوم بخطوات ضد مصالحها الوطنية فرفضنا، وأشياء أخرى مشابهة. بالمحصلة كانوا يريدون أن تكون الدولة السورية دولة تابعة تنفّذ المخططات الغربية في هذه المنطقة من العالم، ونحن رفضنا. ولو قمنا بتنفيذ هذه الأشياء لأصبحنا، كما قلت، دولة جيدة ومعتدلة وديمقراطية. هم اليوم يصفون دولتنا بأنها ضد الديمقراطية، بينما يقيمون أحسن العلاقات مع السعودية التي ليست لها علاقة بالديمقراطية، ولا تعرف الانتخابات، ولا حقوق فيها للمرأة، وكثير من الأمور التي يعرفها معظم العالم. هذا هو النفاق الغربي.

السؤال السابع:

إذاً ما هو المطلوب غربياً من سوريا اليوم كي يتوقف الغرب عن عسكرة المعارضة السورية والبدء بالحل السياسي؟

 الرئيس الأسد:

أن نتحول إلى دمية وأنا لا أقتنع بأن لدى الغرب حل سياسي، هو غير راغب بالحل السياسي، طبعاً عندما أقول الغرب، المقصود عدة دول كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا بشكل أساسي، وباقي الدول دول ثانوية، لكن هذه الدول لا ترغب بالحل السياسي، بالنسبة لها الحل السياسي يعني تغيير الدولة، إسقاط الدولة واستبدالها بدولة عميلة لها كما حصل في أوكرانيا تماما. بالنسبة لهم ما حصل في أوكرانيا هو حل سياسي، ولكن لو بقي الرئيس السابق المنتخب من قبل الشعب لقالوا إن هذا الرئيس سيء وديكتاتوري وقاتل للشعب، نفس البروباغندا، لذلك لا يوجد حل سياسي في الغرب، توجد رغبة في الحرب وفي تبديل الدول في أي مكان.

السؤال الثامن:

إذأ سيدي الرئيس أنتم تؤكدون أن لا متطلبات لدى الأمريكيين من تحت الطاولة..

الرئيس الأسد:

لا، حتى هذه اللحظة لا، لا يوجد شيء تحت الطاولة.

السؤال التاسع:

قنسطنطين فولكوف من صحيفة “روسيسكايا غازيتا”، سيدي الرئيس منذ وقت قريب صرّح وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري في لقاء مع تلفزيون “CNN” على ما أعتقد أنه مستعد للتفاوض مع السلطات السورية، ولكن هناك مسؤولين في الخارجية نفوا هذه التصريحات. فيما يخص المحاولات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لبدء التفاوض معكم في الفترة الأخيرة، هل حدث ذلك؟ وفي حال حدوثه ما الذي تريده الولايات المتحدة؟

الرئيس الأسد:

بالنسبة للتصريحات الأمريكية، أو تصريحات المسؤولين الأمريكيين أعتقد أن العالم اعتاد أن يقول المسؤول الأمريكي شيئا اليوم، ويقول عكسه في اليوم التالي وهذا نراه بشكل مستمر، لكن هناك ظاهرة أخرى وهي أن يقول مسؤول شيئا ويأتي مسؤول آخر بنفس الإدارة ليقول شيئا معاكسا، هذا يعبّر عن صراعات موجودة داخل الإدارة الأمريكية، وداخل اللوبيات الموجودة على الساحة الأمريكية، لكن هذه اللوبيات لديها تصورات مختلفة حول قضايا مختلفة، نستطيع أن نقول إن أهم صراع اليوم بالنسبة لسوريا وأوكرانيا هو بين معسكرين، معسكر يريد الحرب والتدخل العسكري المباشر في سوريا والعراق، وربما يتحدث عن إرسال جيوش إلى أوكرانيا، أو إرسال سلاح إلى الطرف الانقلابي داخل أوكرانيا، وهناك معسكر آخر يعارض التدخل لأنه استفاد من دروس الحروب السابقة، فكما تعلمون منذ حرب فيتنام حتى حرب العراق لم تنجح الولايات المتحدة في أية حرب. كانت تنجح في شيء وحيد هو تدمير البلد، لكنها كانت تخرج في النهاية مهزومة بعد أن تكون قد دمرته. ولكن يبدو أن هذه المجموعات أقلية حتى الآن، على كل الأحوال ورغم هذه التصريحات لا نرى أي تبدل حقيقي في السياسات الأمريكية إلى اليوم ونرى أن المعسكر المتشدد هو الذي ما زال يحدد توجهات السياسة الأمريكية في معظم مناطق العالم، بالنسبة لنا في سوريا ما زالت السياسة مستمرة، لا يوجد حوار مباشر بيننا وبين الأمريكيين، هناك بعض الأفكار التي تنقل عبر دولة ثالثة أو طرف ثالث لكنها لا تعتبر حواراً جدياً ولانستطيع أن نأخذها على محمل الجد. علينا أن ننتظر حتى نرى تحولاً في السياسة الأمريكية على الأرض عندها نستطيع أن نقول إن هناك تبدلا في هذه السياسة وهناك مطالب واضحة، أما الآن فمطالب الولايات المتحدة هي ما تحدثت عنه قبل قليل، رغبتهم بإسقاط الدولة السورية واستبدالها بدولة دمية تنفذ ما تريده.

السؤال العاشر:

لديّ سؤال أيضاً وسأستمر في هذا الموضوع وهذا السياق.. اسمي دميتري فينوغرادوف وأنا من وكالة “روسيا سيفودنيا” هناك بعض الأفكار التي تناقش اليوم في الغرب.. كقوة حفظ سلام أو قوة عسكرية تُنشر على الأراضي السورية لمقاتلة “داعش”.. ويطرح ذلك بعض الصقور في الولايات المتحدة الذين ذكرتموهم، قد تكون هذه فكرة وتبقى على مستوى الفكرة، لكننا اليوم نرى أن هناك قصفا جويا لداعش وهناك تدخلا جويا عسكريا، كيف ترون أو تثمنون فعالية هذه الضربات؟ وما الفائدة منها؟ وأريد أن أؤكّد أن هناك تصريحات تقول أحياناً إن أهداف هذه الضربات قد لا تكون داعش فقط، بل قد تكون مواقع الجيش العربي السوري، شكراً لكم.

الرئيس الأسد:

الآن لو تابعت الإعلام بشكل يومي، أو بشكل أسبوعي، فسترى أن معدل الضربات الجوية لما يسمونه الإرهاب أقل من عشر ضربات في اليوم، أو أكثر من عشر ضربات بقليل في سوريا أو في العراق. نحن نتحدث عن تحالف فيه ستون دولة، دول متطورة ودول غنية. في المقابل سلاح الجو السوري الصغير جدا مقارنة بهذا التحالف، يقوم في اليوم الواحد بعدد من الضربات يعادل أضعاف ما يقوم به تحالف مكون من ستين دولة. هذا الكلام بشكل بديهي، وأنت لست عسكرياً، ستقول إنه غير منطقي. هذا يدل على عدم الجدية. ربما بعض هذه الدول لا تريد لداعش أن يصبح أكبر من حجمه الذي وصل إليه في سوريا والعراق، ولكن يبدو أنها في نفس الوقت لا تريد أن تتخلص من داعش كلياً. تريد أن تبقي هذه البنية الإرهابية لكي تستخدمها وتهدد من خلالها وتبتز دولا مختلفة. لذلك نحن نقول بكل بساطة إنه لا توجد حتى الآن عملية جدية لمكافحة الإرهاب، وما تحققه القوات السورية على الأرض في يوم يعادل كل ما تقوم به هذه الدول في أسابيع، وهذا يؤكد مرة أخرى أن هذه الدول غير جادة، ليس فقط من الناحية العسكرية، ولكن هناك جانب آخر، لأنه من الناحية السياسية لايمكن لتحالف مضاد للإرهاب أن يتكون من دول هي نفسها التي تقوم بدعم الإرهاب بكل بساطة. فإذا هناك جانب سياسي، وهناك جانب عسكري، وكلاهما مرتبط والنتيجة واحدة، داعش موجود يضرب في مكان، لكنه يتوسع في مكان آخر.

السؤال الحادي عشر:

أريد التأكد بخصوص مواقع الجيش العربي السوري.. هل تتضرر بهذه الضربات الجوية، وأريد التأكد من موضوع نشر قوات حفظ سلام في المنطقة.. على أراضيكم؟

 الرئيس الأسد:

لم تُقصف مواقع للجيش العربي السوري، وإنما قُصفت بنية تحتية هي ملك للشعب السوري، وكانت النتائج سيئة بالنسبة لنا كشعب وكدولة. لكن بالنسبة لنشر قوات سلام، قوات السلام تُنشر بين دول متحاربة، فعندما يتحدثون عن نشر قوات سلام من أجل “داعش” فهذا يعني أنهم يعترفون بأن “داعش” دولة. وهذا الكلام غير مقبول، وهو كلام خطير، لا يجوز الحديث فقط عن داعش، جبهة النصرة أيضاً منظمة إرهابية ترتبط بالقاعدة، هذه المنظمات تدخل هذه المجتمعات، ومعظم السكان في هذه المناطق ضد هذا الفكر المتطرف والإرهابي، فلا توجد دولة لكي تنتشر قوات حفظ سلام بين الطرفين. هذا الكلام غير صحيح.

السؤال الثاني عشر:

إيغور لوتسمان من إذاعة “سبوتنيك”، سيدي الرئيس.. عندما تكلمت مع السكرتير الصحفي لرئيس جمهورية الشيشان السيد آلفي كاريموف، أكد أن السيد رمضان قديروف يشارك شخصياً في شرح القرآن.. قواعد الإسلام، الثقافة، التقاليد.. هو يشرح للشباب أنه ليس للإرهابيين عرق وليس لهم دين.. يحذر الشيشانيين بأنهم في حال أصبحوا إرهابيين في “داعش” أو في منظمات إرهابية أخرى لن يكون لديهم طريق للعودة.. حدثونا من فضلكم كيف تعملون مع الشباب لتشرحوا لهم أن الإسلام هو دين السلام كما يفعل رمضان قديروف؟

الرئيس الأسد:

ما يقوم به من الناحية المنهجية، هو عمل صحيح ودقيق تماماً، فالمشكلة بالدرجة الأولى هي مشكلة عقائدية، بعض الدول تتعامل مع الإرهاب وكأنه عصابة موجودة في مكان ما ولابد من القضاء على هذه العصابة، هذا حل أخير، حل نهائي، لكن الحل الحقيقي بالنسبة للإرهاب هو حل فكري، هو حل إيديولوجي وبالتالي مشاركة المسؤولين في هذا الموضوع بشكل مباشر هو موضوع جوهري وأنا أؤيده تماماً. طبعاً نحن لا نواجه هذا الفكر للمرة الأولى، نحن بدأنا بمواجهته منذ النصف الأول من الستينات من خلال مواجهة الإخوان المسلمين الذين شكلوا المقدمة الحقيقية والفعلية للقاعدة في العالم الإسلامي وكانت ذروة هذه المواجهات في بداية الثمانينات من القرن الماضي، في ذلك الوقت قمنا بعملية تثقيف ومكافحة عقائدية للإخوان المسلمين عبر نشر الإسلام الصحيح، لكن الوضع مختلف اليوم، في تلك الأيام لم يكن هناك إنترنت ووسائل اتصال اجتماعي، في ذلك الوقت لم تكن هناك وسائل إعلام فضائية، كان من السهل السيطرة على الموضوع الثقافي، المشكلة التي نواجهها اليوم وتواجهونها أنتم في بلدكم، وتواجهها معظم الدول الإسلامية والدول الأخرى التي فيها جاليات مسلمة هي موضوع المحطات الفضائية المتطرفة التي تستند إلى الفكر الوهابي والممولة من المؤسسات الوهابية ومن الدولة السعودية المتحالفة مع المؤسسة الوهابية، نفس الشيء هناك وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت فالخطر الذي نواجهه الآن في هذا الموضوع كبير جداً، لذلك نحن في سوريا قمنا بالتركيز أولاً على المؤسسات الدينية، المؤسسات الدينية لعبت دوراً كبيراً في هذا الموضوع من خلال تطوير المناهج الدينية والعمل على تخريج أئمة يحملون الفكر الإسلامي الحقيقي، وهو الفكر المعتدل والفكر المتنور.. ركزنا على موضوع الأقنية الفضائية، أوجدنا قناة فضائية تتحدث عن الدين الإسلامي المعتدل نُوجهها لعامة المسلمين وموجهة بنفس الوقت للمختصين منهم وللفقهاء. قام رجال الدين أيضاً في سوريا بنشاطات مختلفة من خلال المساجد والدروس المختلفة وبالتواصل وشرح حقيقة ما يحصل، فالإرهاب لا علاقة له بالدين لو سميناه إرهاباً إسلامياً أو غير ذلك فهو لا علاقة له بالدين، الإرهاب إرهاب أينما كان في العالم، والدين الإسلامي هو دين سلام كأي دين سماوي آخر، ولكن مع كل أسف كثير من الحالات التي نراها في سوريا بالنسبة للإرهابيين نرى عندما ندرسها أن التحول كان سريعا من حالة الاعتدال بالنسبة لهذا الطفل أو الشاب إلى حالة التطرف والإرهاب، السبب أن تكريس الدين المعتدل كان ضعيفاً في عائلته وفي مجتمعه الذي يعيش فيه، لذلك أعتقد أن هذا العمل ضروري في كل مكان فيه مجتمع إسلامي هو مستهدف من قبل العقيدة الوهابية ومن قبل المؤسسات الوهابية.

السؤال الثالث عشر:

فيودور إيفانيتسا من قناة “زفيزدا”، سيدي الرئيس سؤالي يتعلق بالعلاقات السورية-الروسية بغض النظر عن الوضع الصعب والنزاع في سوريا، لكن موقع الإمداد والصيانة الخاص بالأسطول الحربي الروسي في طرطوس مستمر بالعمل، هل هناك توقع أو نظرة للمستقبل بأن يصبح هذا الموقع قاعدة عسكرية بحرية كاملة لروسيا.. هل ترون اقتراحاً كهذا؟ أو تدرسونه؟ وهل وقعت خلال سنوات الأزمة عقود جديدة بين موسكو ودمشق بالشأن العسكري؟

الرئيس الأسد:

بالنسبة للتواجد الروسي في أماكن مختلفة من العالم بما فيها شرق المتوسط ومرفأ طرطوس السوري فهو ضروري جداً لخلق نوع من التوازن الذي فقده العالم بعد تفكك الاتحاد السوفيتي منذ أكثر من 20 عاماً، جزء منه التواجد كما قلت في مرفأ طرطوس، بالنسبة لنا كلما تعزز هذا التواجد في منطقتنا كلما كان أفضل من أجل الاستقرار في هذه المنطقة لأن الدور الروسي دور هام لاستقرار العالم. طبعاً في هذا الإطار أستطيع أن أقول إننا بكل تأكيد نرحب بأي توسع للتواجد الروسي في شرق المتوسط وتحديداً على الشواطئ وفي المرافئ السورية لنفس الهدف الذي ذكرته، لكن هذا طبعاً يعتمد على الخطة الروسية، خطة القيادة الروسية السياسية والعسكرية لنشر القوات في المناطق المختلفة وفي البحار المختلفة وخطة التوسع بالنسبة لهذه القوات. إن كان هناك توجه لدى القيادة الروسية للتوسع في شرق المتوسط وفي سوريا فنحن بكل تأكيد نرحب بمثل هذا التوسع. أما بالنسبة للعقود والتعاون العسكري بين روسيا وسوريا فكما تعلم هو قديم وعمره الآن أكثر من ستة عقود، ولن يتبدل شيء بالنسبة لهذا التعاون في هذه الأزمة.. كانت هناك عقود روسية مع سوريا تم توقيعها قبل الأزمة وتم تنفيذها بعد بدء الأزمة في سوريا وهناك عقود أخرى جديدة للأسلحة والتعاون العسكري تم توقيعها خلال الأزمة ويجري تنفيذها الآن بشكل مستمر. طبعاً تغيرت طبيعة هذه العقود بما يتعلق بنوعية المعارك التي تخوضها القوات المسلحة السورية في مواجهة الإرهابيين، لكن الجوهر هو أن طبيعة هذه العلاقات لم تتبدل وهي مستمرة كما كانت.

السؤال الرابع عشر:

سيدي الرئيس لدي سؤال آخر.. أريد أن أتطرق إلى الوضع الإنساني الكارثي في سوريا خلال الأزمة.. نرى في الأخبار ونحن أنفسنا نكتب أن الأقليات الإثنية والعرقية والدينية في سوريا تتعرض لانتهاكات أو تكون هدفاً من قبل التنظيمات الإرهابية، هل لدى الحكومة السورية خطط منظمة لنقل هؤلاء من منطقة إلى أخرى؟.. هذه الأقليات طبعاً.. توفير البيئة الجيدة لهؤلاء المهجرين.. الأماكن التي يستطيعون التواجد والعيش بها، هؤلاء السكان ممثلو الأقليات الذين يهربون من داعش بشكل أكبر.. كم هو عدد هؤلاء المهجرين اليوم في سوريا أو خارجها، الذين هربوا من داعش أو من منظمات أخرى؟ شكراً لكم.

الرئيس الأسد:

بالنسبة للقسم الأول من السؤال كما قلت أنا قبل قليل إن الإرهابيين في البداية والبروباغندا التي ساعدتهم كانت تستخدم عناوينا هي عناوين تقسيمية، طائفية، وعرقية، وكان الهدف هو هجرة مكونات من المجتمع السوري إلى خارج سوريا وعندها تتحقق خطةالإرهابيين في أن تكون سوريا بلدا غير متنوع وعندما لايكون هناك تنوّع، يكون التطرّف دائماً. فالحقيقة أن الإرهابيين لم يقوموا بالاعتداء على الأقليات، هم اعتدوا على الجميع في سوريا والأقليات لم تكن مستهدفة وحدها، لكن هذه العناوين كانت ضرورية بالنسبة لهم لخلق شرخ داخل المجتمع السوري، الآن لو قمنا بهذا العمل، أي حماية ما يسمى الأقليات، فهذا يعني أننا نطبق ما يريده الإرهابيون، الدولة السورية يجب أن تكون لكل المواطنين السوريين، تهتم بالجميع، وتدافع عن الجميع وهذا ما يقوم به اليوم الجيش العربي السوري. لذلك أنا أعتقد أنه يجب أن لا يكون هناك سوى خطة واحدة هي حماية الوطن، وحماية الشعب السوري، عندما تحمي الشعب فعندها لا أهمية لوجود أقليات أو أكثريات في الشعب السوري، فالشعب كله شعب واحد، وكله مستهدف.   بالنسبة لعدد المهجرين الآن، طبعاً لاتوجد إحصائيات دقيقة فهذا العدد يتبدل يومياً وهناك الكثير من الناس يخرجون من مناطق ويسكنون في مناطق أخرى لدى أقربائهم وبالتالي هذا العدد لا يُسجل كمهجرين، طبعاً العدد ما بين داخل سوريا وخارجها هو بضعة ملايين، أما في الإعلام الخارجي فيُبالغ كثيراً في هذا الرقم من أجل استخدامه كحجة لتدخل عسكري تحت عنوان إنساني، لكن الدولة السورية، وهو الأمر الأهم، تقوم بالاهتمام بكل من لايمتلك بيتاً، هناك مناطق مخصصة لإيواء هؤلاء المهجرين من مناطقهم إلى مناطق أخرى يُقدم لهم العون الطبي، الغذاء، والتدريس لأطفالهم، طبعاً هذه الأشياء لا يمكن أن تكون على المستوى الذي كان متوفراً في أحيائهم الأصلية، لكنها فترة مؤقتة ريثما يتم تطهير مناطقهم من الإرهابيين وعودتهم إليها.

السؤال الخامس عشر:

سيادة الرئيس، كيف تنظرون إلى ما وصلت إليه العلاقات السورية العربية الآن، في الوقت الذي يبدو واضحاً من خلال المعطيات أن هناك تقارباً سورياً – مصرياً وتنسيقاً عاماً بين سوريا والعراق، ما هو موقفكم من انعقاد القمة العربية بدون سوريا؟

الرئيس الأسد:

بالنسبة للقمم العربية على الأقل منذ أن حضرت أنا القمة الأولى حتى اليوم لم تحقق شيئاً على الساحة العربية، وهذا مرتبط بموضوع العلاقات العربية – العربية لأن الجامعة العربية بدولها وهي تمثل الدول العربية، جزء من هذه الدول ينفذ الأجندة الغربية ويعرقل أي تقدم في عمل الجامعة العربية، وجزء آخر لا يلعب أي دور، يقف على الحياد، وجزء بسيط من هذه الدول هو الذي يحاول أن يلعب دورا، على سبيل المثال عندما حصل تصويت في جامعة الدول العربية من أجل تقديم طلب لمجلس الأمن لتسهيل أو القيام بعمل عسكري في ليبيا، كانت سوريا الدولة الوحيدة التي اعترضت، هذا قبل الأزمة، وكان هذا أحد الأسباب التي دفعت بالدول العربية الأخرى التي تدور في الفلك الغربي للقيام بالتحريض على سوريا ودفع المشاكل أو الأزمة بهذا الاتجاه منذ بداياتها، لذلك العلاقات العربية – العربية الآن تخضع للرغبات الغربية – الغربية وليست علاقات مستقلة، فهي على المستوى العربي – العربي غير موجودة، وعلى المستوى السوري – العربي أيضاً غير موجودة. أما بالنسبة للعلاقة مع مصر، فمصر عانت من الإرهاب الذي عانت منه سوريا بشكل مختلف إلى حدٍ ما، عانت من محاولات تدخل بعض الدول العربية وتمويل القوى الإرهابية وطبعاً بشكل أقل وأخف مما حصل في سوريا، ولكن هناك وعيا في مصر بشكلٍ عام على مستوى الدولة وعلى مستوى الشعب لحقيقة ما حصل في سوريا مؤخراً، هناك علاقة ولكن في إطار محدود جداً بين الدولتين، عملياً على مستوى الأجهزة الأمنية، ولكن لا نستطيع أن نتحدث عن علاقة حقيقية أو تقارب إلا عندما يحصل هناك لقاء مباشر بين المؤسسات السياسية المعنية في البلدين، حتى هذا الوقت لم يحصل، نتمنى أن نرى قريباً تقارباً سورياً – مصرياً لأهمية العلاقة السورية – المصرية بالنسبة للوضع العربي بشكل عام. طبعاً العلاقة مع العراق جيدة ونحن ننسق مع العراق لأن ساحة الإرهاب ساحة واحدة.

السؤال السادس عشر:

سيادة الرئيس تحدثنا في عدة تقارير لـRT أنه بعد استقرار الحالة في دمشق، قلنا إن هذا العام قد يكون عام تحولات، برأيكم سيادة الرئيس مجمل الزيارات التي قامت بها الوفود الأجنبية وهي برلمانية وسياسية في الوقت ذاته، هل لديكم سيادة الرئيس استقراء لمستقبل الأيام القادمة السياسي والعسكري بعد مجمل هذه اللقاءات المختلفة مع الوفود؟

الرئيس الأسد:

هذه الوفود التي زارت سوريا مؤخراً البعض منها بشكل معلن والبعض منها بشكل سري غير معلن تعبر عن شيئين، أولاً تعبر عن عدم مصداقية الحملة الإعلامية في الغرب تجاه ما يحصل في هذه المنطقة، فتكرار هذه الأكاذيب نفسها على مدى أربع سنوات لا يمكن أن يستمر لأنه لم يعد مقنعاً، هناك حقائق على الأرض تتبدل، وهناك أشياء كنا نقولها في سوريا منذ بداية الأزمة ثبت بالنسبة للمواطن الغربي أنها صحيحة، فعندما تحدثنا مثلاً عن انتشار الإرهاب كانوا يقولون لا يوجد إرهاب، هذه الوفود تريد أن تأتي إلى سوريا، منها إعلامية خاصة، ومنها منظمات مدنية، وبرلمانيون، أرادوا أن يأتوا إلى سوريا للتعرف على ما يجري، هذا جانب، وهناك جانب آخر له علاقة بالدول، أكثر من مسؤول غربي التقينا به قال لنا هذا التعبير، إن المسؤولين الغربيين تسلقوا الشجرة، ولم يعودوا قادرين على النزول، فعلينا أن نساعدهم على النزول من خلال هذه اللقاءات، هم كذبوا كثيراً على الرأي العام لديهم، والآن لو أرادوا أن يغيروا هذا الكلام، فسيسألهم الرأي العام، كنتم تكذبون علينا مدة أربع سنوات والآن تقولون شيئاً معاكساً، فلن يكون من السهل على هؤلاء السياسيين أن يقولوا العكس ويقولوا الحقائق، لأنها ستعني نهايتهم السياسية، لذلك يقومون بإرسال الوفود وعندما تعود هذه الوفود يقومون بمهاجمتها، على أنها أتت بشكل خاص ولا علاقة لها بالدولة، مع أن هذه الوفود قد تكون برلمانية، ولكن فيها أشخاصا يمثلون السلطة التنفيذية، إما المخابرات أو وزارات الدفاع أو ما شابه، فهذا يدل على أن الدول الغربية مستمرة بكذبها لكنها تريد مخرجاً، ولا تعرف كيف تخرج من الورطة التي دخلت بها.

السؤال السابع عشر:

مرة أخرى، صحيفة “روسيسكايا غازيتا”.. سيدي الرئيس الأزمة في سورية مستمرة منذ 4 سنوات، أعتقد أنها كانت تجربة صعبة لحضرتكم كقائد لهذه الدولة، لتساعدوا الدولة نفسها على البقاء..حدثوني عن هذه الخبرة الجديدة خلال هذه المدة التي كانت عصيبة.. ما هي التجارب التي استخلصتموها فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية مثلاً، ما هي النقاط التي تعتمدون عليها عندما تقودون الدولة؟

الرئيس الأسد:

من البديهي أن يكون دور أية دولة هو أن تبحث عن مصالح الشعب ومصالح الوطن، ومن الطبيعي أن يكون دورها أن تعمل على تحقيق هذه المصالح، مشكلة الصراع عبر العقود الماضية، بما فيها هذه الأزمة، وأعود دائماً لأربطها بما يحصل في أوكرانيا، أولاً لأن سوريا وأوكرانيا تعنيان روسيا، ثانياً لأن الهدف واضح وهو إضعاف روسيا، والهدف هو إيجاد دول عميلة لهم أو تابعة لهم، فعندما تكون مهمة الدولة أو المسؤول العمل من أجل مصلحة الشعب، فمن البديهي أن تكون البوصلة التي يعتمد عليها في توجيه السياسات الداخلية والخارجية هي المصالح ورغبات الشعب، وهذا يتطلب حواراً مستمراً بين المسؤول وبين المواطنين، كل المسؤولين طبعاً وكل المواطنين، من الطبيعي أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة في كل بلد، لكن بالمحصلة يجب أن يكون هناك خط عام هو الذي يحدد السياسة العامة للدولة، عندها حتى لو وقعت أخطاء، وحتى لو انحرفت قليلاً فالشعب سيقف معك في مثل هذه الأزمات لأن نواياك جيدة ولأنك لا تنفذ سياسات دولة أخرى، أنت تنفذ سياسة هذا الشعب، ربما أفضل قليلاً، ربما أسوأ قليلاً، هذه هي طبيعة الأمور، لذلك أنا أقول، ما نجحنا به في هذه الفترة خلال أربع سنوات، هو أننا لم نكن نهتم بالحملة الغربية، لم نهتم بالتصريحات الغربية، كنا نهتم كثيراً بما يفكر به الشعب السوري بمختلف تياراته، وخاصة في مرحلة كان هناك استقطاب فكري في سوريا، بين من يؤيد الدولة، ومن يأتي ضد الدولة، وهناك أشخاص بالوسط، اليوم كثير من الأشخاص وقفوا مع الدولة عندما اكتشفوا الحقيقة، ليس لأنهم يؤيدون الدولة سياسياً، ربما لديهم خلافات كثيرة مع الدولة في السياسات الاقتصادية والسياسية والثقافية والخارجية، ولكن هم مقتنعون بأن هذه الدولة هي دولة وطنية، تعمل من أجل مصلحة الشعب، وإذا أردنا أن نبدل هذه السياسة لا بد أن يكون بالطرق الدستورية والقانونية، هذا ما نجحنا به وهذا ما حمى الوطن حقيقة، لو ذهبنا بأي اتجاه كنا سنفشل منذ الأشهر الأولى، وما طرحوه بأن الدولة ستسقط أو الرئيس سيسقط كان صحيحاً، لأنهم كانوا يعتقدون بأننا سنسير بعيداً عن الناس بطريقتنا الخاصة، وهذا ما لم نفعله.

السؤال الثامن عشر:

إذا سمحتم لي لدي سؤال آخر، قناة “روسيا 24”.. تحدثتم عن محاولات خارجية لتغيير الأنظمة في بلدان عديدة. وهناك تحركات وتصرفات للمخابرات الغربية أو الأجنبية التي تتعلق بمن يهتم بمحاولات قلب أنظمة معينة، هل حاولوا هذا الشيء معكم قبل الأزمة؟

الرئيس الأسد:

طبعاً وعلى مدى عقود، على الأقل هذه المحاولات لم تتوقف خلال خمسة عقود، أكثر من خمسين عاماً بقليل، كانت تأخذ اتجاهين، أحياناً تبديل الدولة، وعندما كانت تفشل هذه المحاولات، وهي كانت دائماً تفشل، كانوا يذهبون باتجاه آخر هو إضعاف الدولة من الداخل، أحياناً من الخارج، كالحصار كما يفعلون الآن في روسيا. الحصار على روسيا هدفه إضعاف روسيا من الداخل، ونحن نفس الشيء نتعرض لحصار عمره عقود من الزمن ويتزايد، كما حصل مع كوبا على سبيل المثال، وأيضاً فشلوا. وكانت هناك محاولات أخرى عبر أشخاص موجودين داخل الوطن، أشخاص ينتمون بعقولهم وبتطلعاتهم إلى الغرب، لا ينتمون للداخل، لديهم إعجاب بالغرب، لديهم عقدة النقص والدونية أمام الغرب، فكانوا ينفذون أجندات هذا الغرب. هناك أسلوب آخر كان يُتّبع على سبيل المثال الإخوان المسلمين. الإخوان المسلمون منظمة نشأت في مصر في بدايات القرن الماضي بدعم بريطاني، لم تكن بدعم مصري. الإنكليز أنشؤوها لتكون واحدة من الأدوات التي تُستخدم في تخريب الوضع المصري عندما تحتاج بريطانيا. وطبعاً انتشرت هذه المنظمة إلى دول عربية بما فيها سوريا. فهذه الأساليب لن تتوقف طالما أن الغرب يفكر بطريقة استعمارية، وطالما أن هناك دولاً تتحدث بالمنطق الوطني ولا تقبل بالتدخل الخارجي منها روسيا، وسوريا وإيران، منها دول أخرى كثيرة موجودة في العالم، ستستمر هذه الدول في محاولاتها، وأعتقد أنها لن تتوقف لأن هذا هو منطق التاريخ، دائماً هناك دول تريد أن تهيمن وتفرض سيطرتها على دول أخرى، إن لم يكن بالحرب فبالاقتصاد، إن لم يكن بالاقتصاد، فمن خلال خلق المشاكل والابتزاز.

الإعلاميون: شكراً لكم سيادة الرئيس..

الرئيس الأسد:

أنا أشكركم كثيراً على زيارتكم لنا في هذه الظروف، ونتمنى أن يكون هذا الحوار مفيداً لكم، ومفيداً للمستمع والمشاهد الروسي، ولكن نحن عندما نتحدث إلى الروس، وهم شعب يعرف تماماً ما الذي يحصل في سوريا، ما يحصل كما قلت متشابه. وهناك علاقات تاريخية، وهناك عائلات مشتركة، ونتمنى أن نراكم في ظروف أخرى إن شاء الله.