التقى وزير الإعلام عمران الزعبي أمس وفداً من المغتربين السوريين في السويد ومثقفين وإعلاميين سويديين وأكد أن الحملة الإعلامية المستمرة منذ سنوات ضد سورية متعددة الأدوات والأهداف، داعياً إلى الانتباه جيداً لما يجري في المنطقة، كما أكد الوزير الزعبي في حوار مع الفضائية السورية أن تكثيف الشائعات من الأطراف المعادية لأمن واستقرار سورية ومن يقف وراءها يترافق مع إحساس حقيقي لديهم بالإحباط نتيجة فشلهم بكسر إرادة المواطن السوري.
وخلال لقائه وفد المغتربين السوريين في السويد ومثقفين وإعلاميين سويديين قال الزعبي: إذا لم يتم إسقاط الإرهاب في المنطقة فالعالم مقبل على مشكلة من نوع رهيب وخطر.
وأضاف الزعبي: الحكومة السورية متمسكة بكل جهد يبذل لإيجاد مقاربة بين السوريين على اختلاف آرائهم السياسية لكن المشكلة عند بعض «المعارضين» الذين يتلقون الأوامر والتعليمات من دول إقليمية وعربية، معتبراً أنه لا معنى للحديث عن أي عملية سياسية إذا لم تعمل دول العالم على دعم سورية في مواجهتها للتنظيمات الإرهابية المسلحة.
وأوضح وزير الإعلام أن ما حدث في سورية في البعد الداخلي والخارجي لم يكن حدثاً طارئاً أو عبثياً بل كان من خلال تحضيرات واسعة النطاق ومتعددة الاتجاهات على الصعيد العسكري والاقتصادي والإعلامي، لافتاً إلى أن العقوبات الاقتصادية على سورية تشمل الأدوية والتجهيزات الطبية والأغذية بما فيها حليب الأطفال، داعياً الإعلاميين السويديين إلى التركيز على معاناة الشعب السوري بسبب العقوبات الاقتصادية الظالمة عليه من بلدهم.
وأشار الزعبي إلى أن الحكومة السورية غير مدينة إلى صندوق النقد الدولي وتحتل المراتب الأولى عربياً في مستوى التعليم ومحو الأمية ومراتب مهمة في زراعة المحاصيل الأساسية من قمح وقطن.
وبيّن وزير الإعلام للوفد السويدي معايير الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المزدوجة حول الأزمة في سورية من خلال توجيه الاتهامات إلى الحكومة السورية بـ«استخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية بريف دمشق وخان العسل بحلب»، بينما لم تستجب لنداء وزارة الخارجية السورية لإرسال بعثة تحقيق في خان العسل إلا بعد ثلاثة أشهر، بينما استجابت لنداء التنظيمات الإرهابية في الغوطة خلال 72 ساعة علماً أن الغوطة لا تبعد عن دمشق إلا آلاف الأمتار ولايمكن لعاقل اتهام الحكومة السورية بذلك.
وحول جدوى قيام طيران «التحالف» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بقصف مقرات التنظيمات الإرهابية شمال سورية أوضح الزعبي أن العمليات الأميركية في أفغانستان والعراق كانت عمليات جراحية خاطئة وبدلاً من استئصال المرض ساهمت في انتشاره، وقال: أميركا تدعم العراق في قتاله تنظيم «داعش» الإرهابي، بينما تسمح له باحتلال مدن في سورية، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي يساند العراق في قتال تنظيم «داعش» الإرهابي ويفرض عقوبات على سورية.
وطالب الزعبي الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية برفع العقوبات الاقتصادية الظالمة عن سورية والعمل الجدي على محاربة الإرهاب بشكل عملي وليس عبر الخطابات الإعلامية بل من خلال الضغط على دول الجوار لوقف تمويل وتدريب وتسهيل عبور الإرهابيين إلى سورية، متسائلاً كيف يستطيع شيشاني وفرنسي الوصول إلى سورية دون تأمين الدعم المادي ووسيلة الانتقال ومكان الإقامة؟
وفي رده على أسئلة الوفد حول عمل الإعلام في ظل الظروف الراهنة أوضح الزعبي أن الإعلام الرسمي قدّم أكثر من 38 شهيداً وعشرات الجرحى والمخطوفين، لافتاً إلى قيام صحفيين أوروبيين بالدخول إلى سورية بطريقة غير شرعية بالإضافة إلى فقدان صحفيين أجانب في سورية، مؤكداً قيام التنظيمات الإرهابية بخطف الصحفيين الأجانب وبيعهم بين التنظيمات الإرهابية المسلحة، مشيراً إلى القبض على صحفيين بريطانيين في عام 2013 وتقديمهم للمحاكمة في دمشق وتسليمهم عبر وزارة الخارجية السورية إلى بلدهم.
ورداً على سؤال حول إعادة تأهيل البنى التحتية التي تعرضت للتخريب بفعل الإرهاب أكد الزعبي أن الحكومة السورية تقوم بواجبها كدولة مسؤولة عن جميع المواطنين وتقديم المواد الإغاثية لهم في مراكز الإقامة المؤقتة بالإضافة إلى تشكيل لجان لإعادة ترميم البنى التحتية التي دمرتها التنظيمات الإرهابية المسلحة بفعل إجرامها.
ولفت وزير الإعلام إلى حجم التخريب والسرقة الذي تعرضت له بلدة معلولا التي يتحدث أهلها اللغة الآرامية القديمة لغة السيد المسيح والمواقع الأثرية الأخرى، معتبراً أن لسرقة الآثار هدفين: أحدهما لغاية الاتجار، والثاني لغايات سياسية وتاريخية وقال: إن الأمم المتحدة لا تهمها سرقة الآثار وهي في الأساس لا تهتم لدماء الأطفال واغتصاب النساء وارتكاب المجازر فكيف ستهتم بالحجر؟
وعن لقاء جنيف المرتقب بين وفد الحكومة السورية وأحزاب وشخصيات معارضة بيّن الزعبي أن اللقاء التشاوري في موسكو توصل إلى ورقة مؤلفة من 12 بنداً تم التوافق عليها مع المعارضة السياسية التي تؤمن بالحل السياسي، لافتاً إلى أنه لا يمكن الحوار مع شخصية معارضة تقول إن «جبهة النصرة» ليس تنظيماً إرهابياً، بينما تدرجه الأمم المتحدة على قائمة الإرهاب.
من جهته أوضح رئيس الوفد صبري أيوب أن الوفد الإعلامي السويدي المرافق تجاوز حاجز الخوف وقدم إلى سورية من أجل الاطلاع على حقيقة الأوضاع فيها ونقل الصورة الحقيقية إلى بلده.
وأكد أهمية تقديم الدعم الإعلامي من المغتربين لبلدهم والتضامن مع الوطن من خلال الزيارات المستمرة، لافتاً إلى نشاط الجالية في السويد لدعم بلدهم وتوجيه الرسائل للمسؤولين السويديين لإعادة فتح السفارة وإعادة الخطوط الجوية السويدية إلى دمشق وفك الحصار الاقتصادي والتحذير من خطر انتقال الإرهاب المصدّر من السويد إلى سورية وعودته إلى أوروبا.
وأشار الصحفي السويدي تومي بيترسون في تصريح لـ«سانا» إلى سيطرة الشركات الكبيرة على الإعلام، مؤكداً سعي الإعلاميين في بلده لسن تشريعات قوية توقف تدفق الإرهابيين إلى سورية وتمنعهم من الدخول إلى بلدهم والعمل على الدعوة لإعادة فتح السفارة السويدية وخطوط الطيران إلى سورية.
والوفد الذي يضم مغتربين سوريين في السويد ومثقفين وإعلاميين سويديين يزور سورية منذ يومين حيث التقى عدداً من المسؤولين وأكد استعداده لتقديم كل ما من شأنه تعزيز صمود سورية.
وفي حوار مع الفضائية السورية الليلة الماضية أكّد الوزير الزعبي أن تكثيف الشائعات من الأطراف المعادية لأمن واستقرار سورية ومن يقف وراءها يترافق مع إحساس حقيقي لديهم بالإحباط نتيجة فشلهم بكسر إرادة المواطن السوري وتدمير مقومات حياته.
وقال الزعبي: الحرب على سورية ظروفها معقدة ومركبة.. وهذا الذي يحدث ليس سلوكاً عبثياً، بل كان مبرمجاً وممنهجاً وثابتاً لتفكيك وتدمير الدولة بمكوناتها وعلى رأس هذه المكونات المواطن السوري الذي لم تستطع سنوات الحرب كسر إرادته ودائماً ندفع فاتورة مواقفنا العروبية والقومية.
وبيّن الزعبي أن المواطن السوري استهدف مباشرة بضخ إعلامي بشائعات وفتاوى وأقاويل وصور مفبركة وتولت هذه المسألة مجموعة من المحطات التلفزيونية ووكالات الأنباء وعدد كبير من الخبراء الإعلاميين وخبراء الحرب النفسية وحتى شخصيات سياسية من دول غربية من فرنسا وبريطانيا وأمريكا ولبنان والأردن.
وأشار الزعبي إلى أن المعركة طويلة ومستمرة وأهم عنصرين فيها المؤسسة العسكرية ومتانة الجبهة الداخلية لكن المعنويات عالية والجبهة الداخلية ثابتة وأن السوريين ليسوا في حالة خوف أو رعب.
وحول المجريات الأخيرة في إدلب أوضح الزعبي أن آلاف المسلحين دخلوا بغطاء ناري من الأراضي التركية وبأسلحة حديثة إلى إدلب وجسر الشغور وإن قواتنا الباسلة فضّلت عدم تدمير المدينتين وجعلهما ساحة للحرب، مضيفاً: قوات الجيش العربي السوري دائماً في موقع الدفاع عن المدنيين والمدن والآثار والحضارة بينما الإرهابيون يدمرون المدن ويرتكبون المجازر بحق المدنيين.
وبيّن وزير الإعلام أن سبب استهداف الدولة السورية بكل هذه العناصر دفعة واحدة يعود إلى أنها الدولة العربية الوحيدة غير المدينة لأحد مالياً والأولى عربياً في مستوى التعليم ومحو الأمية والضمان الصحي لكل مواطنيها مجاناً والمكتفية ذاتياً غذائياً ومائياً، مشيراً إلى أن هذا الاستهداف تمّ عبر استغلال مجموعة من المواطنين عاطفياً أو فكرياً إضافة إلى ضخ العنصر الأجنبي ممثلاً بالإرهابيين الأجانب منذ اللحظات الأولى حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، موضحاً أنه ومنذ بداية الحرب كان هناك قرار في الدولة السورية بأن لا شيء يمكن أن يَخفى على الناس لأنهم شركاء في مصير الوطن وصناعة مصيره.
ولفت الزعبي إلى أن الإرهابيين ومن يدعمهم يحاولون تحريض المشاعر والغرائز وإظهار ما عجزوا عن تحقيقه طيلة أربع سنوات عبر نشر وبث صور ومقاطع فيديو على الإنترنت لتحويل ما يجري في سورية إلى أزمة طائفية، مؤكداً أنهم لن يستطيعوا تحقيق ذلك لأننا في سورية كلنا طائفة واحدة وعندما تتعرض طائفة للتهديد نصبح كلنا هذه الطائفة.
وأوضح الزعبي أن هناك قراراً حقيقياً في الدولة السورية بقطع يد كل من استغل الحرب وتاجر بها سواء كان من المعارضة أم من الموالاة وسواء كان مسلحاً أم غير مسلح.
وقال وزير الإعلام: سورية دولة مؤسسات ومطلوب من الجبهة الداخلية التحلي بالوعي والتصرف بمسؤولية، مشدداً على ضرورة الوعي لمواجهة حرب الشائعات وعدم نشر أخبار وصور الجيش والضباط والجنود أو تحركاتهم على «فيسبوك» وعدم تلقّف وتبني ما يتم بثه لأن هذا كله يصب في خدمة حرب الشائعات.
وبخصوص دور الإعلام في هذه المرحلة جدد الزعبي تأكيد أن الإعلام يقاتل إلى جانب الجيش فحيث يكون الجيش يكون الإعلام، مشدداً على استثمار أقصى الطاقات وعبر كل الوسائل.
كما أكّد الزعبي حرص الدولة السورية على الاستمرار في نهج المصالحات، داعياً الجميع إلى التكاتف مع الجيش العربي السوري.
وبخصوص الأوضاع في مخيم اليرموك بين الزعبي أن الجيش العربي السوري لن يدخل إلى المخيم لكنه لن يسمح للمجموعات المسلحة هناك بأن تخرج منه.
وحول مؤتمر جنيف قال الزعبي: إنه عبارة عن جلسات مشاورات سيجريها دي ميستورا مع دول كثيرة على صلة بالأزمة في سورية ومع المعارضة والحكومة السورية.
وأضاف الزعبي تعليقاً على التغييرات في السعودية: هذه التغييرات لا معنى لها سياسياً وجميعها رهن بالسلوك السياسي والممارسة السعودية بغض النظر عن الأسماء أو الأشخاص والمناصب، لافتاً إلى أن محاولات نظام آل سعود إحراز انتصارات في سورية تأتي بعد فشل تجربته في اليمن.
ووجّه وزير الإعلام خلال حديثه رسالة إلى قوات الجيش العربي السوري: ابقوا كما أنتم.. النصر آت لا محالة.. كل واحد منا يمكن أن يقدم لهذا الوطن كما تقدم القوات المسلحة.. ويجب أن نكون أوفياء للتضحيات من خلال رفع درجة الوعي الوطني عند السوريين والمساهمة في تحصينه حتى تفشل محاولات اختراق وعي الشباب.
(المصدر: صحيفة تشرين بتاريخ 1/5/2015)