تدخل اليوم الحرب النفسية على سورية طوراً جديداً، بعد فشل عصابات الإجرام والتكفير والأنظمة الغاشمة الداعمة لها في تفتيت المجتمع العربي السوري، ودولته الوطنية، وما يتصل بذلك من عيش مشترك، وأصالة الانتماء والهوية، والوحدة الوطنية.
إذ لا يمكن، بل سقط، الرهان على شرذمة من المجرمين ووحوش العصر الذين ينتشرون هنا وهناك، وهم يتلقون ضربات مؤلمة متتالية من تلاحم وصمود الشعب والجيش والقيادة.
وبعد النجاح الملحوظ في الميدان، وفي سعر صرف الليرة السورية، وما سينجم عن هذا بالنتيجة من إشاعة مناخ الأمل والتفاؤل والقوة، والثقة أيضاً بقوة حضور مؤسسات الدولة الوطنية ولاسيما الخدمية منها، رغم ضراوة المؤامرة، وشراسة المعركة “الحرب”، بعد هذا تضافرت الجهود الخبيثة لبعث مرحلة جديدة من الاستهداف المعنوي والنفسي جرّاء شعور الأعداء بالخيبة.
فبعد مضي أربع سنوات أكد صمود سورية الآتي:
– إن المشهد الاحتجاجي العربي “ربيع الخراب” ليس مؤهلاً أبداً للتغيير المنشود نحو الأفضل، ولا يمكن لأي وطني أو عروبي أو مسلم صحيح الإسلام أن يراهن عليه.
– من الواضح أن القوى المضادة تاريخياً للقضايا الوطنية وللحق العربي قد استلبته وصادرته وحوّلته خراباً ودماراً وتفتيتاً من مغرب الوطن العربي إلى مشرقه، وبرزت هذه القوى بصورة تحالف صهيوأطلسي – رجعي عربي طالما ناهض الحركة الوطنية العربية.
– لم يحصد أي قطر عربي، ولا أي مجتمع إسلامي، من هذا المشهد إلا العودة إلى الوراء، إلى التكفير والإرهاب، حيث صارت الجماهير العربية تحلم، بل تحنّ إلى الأيام التي عاشتها في كنف الأنظمة السابقة التي أسفرت عنها حركة التحرر والاستقلال العربية. فرغم الأخطاء العديدة لهذه الأنظمة، إلا أن ما أتى بعدها من جحيم هو تعميم الإرهاب والرجعية والعمالة والارتزاق للبترودولار والعثمانية الجديدة.
– أثبتت السنوات الأربع الماضية أن المستفيد الأكبر هو المشروع الصهيوني الذي عاش خلالها مرحلة كمون إيجابي استطاع فيها المجرم نتنياهو، بسهولة ودون جهد أن يقنع أصدقاءه التقليديين والجدد أن “الخطر أمامكم ليس إسرائيل، بل هو الآتي من إيران”.
هذا الصمود العربي السوري أثبت، وأقنع أن سورية كانت، ولا تزال، وستبقى قاعدة صلبة لمقاومة مشاريع التسوية، والاستسلام، والتطبيع، أمام الصهيونية والرجعية العربية. وتلك قناعة راسخة عند الوطنيين والعروبيين من المحيط إلى الخليج لم تستطع الحرب النفسية، والتضليل الإعلامي محوها من الذاكرة على الرغم من شراء ذمم قطيع ممن خانوا الثقافة والهوية والانتماء إلى الأوطان والأمة والتاريخ والمصير المشترك.
إذن، صار واضحاً بعد هذا أن الشعب السوري، بمؤسسات دولته الوطنية يمتلك الحصانة الكافية للانتصار أيضاً في ميادين هذه الحرب التي بدأت مع الأزمة «المؤامرة»، والتي عمل الأعداء على تزوير قناعات الناس بأنها «سلمية»، وسرعان ما اتضح أنها إرهابية تكفيرية.
اتضح هذا من رعاية الخطاب المذهبي التكفيري “الإبادي” الذي تبنّاه بقذارة لا نظير لها في التاريخ ابن سعود، وابن ثاني، وأردوغان الذي كذّب خارجيته فأكد أمس تعاونه في هذا مع حليفيه المجرمين ضد شعب سورية، ودورها وثوابتها، وأصالتها العروبية الإسلامية.
وها هي اليوم النار المحرقة تلفحهم، وسيقعون قريباً في شر أعمالهم، وعلى سبيل المثال كشف استطلاع للرأي على النِت أواخر العام الماضي أن 92٪ من السعوديين يرون أن داعش تعمل وفق “قيم الإسلام وشريعته” وأن بني سعود خارجون عن الدين.
إن التجريد الجديد لسلاح المذهبية الذي تمتشقه اليوم الأنظمة الخبيثة يضع كل أطياف المعارضة على المحك. وهو من أسوأ وسائل الاستهداف المعنوي والنفسي الذي لا شك أبداً في أن شعبنا قادر على التصدي له، بل على هزيمته، وتأكيد أن الشعب العربي السوري ذو تاريخ حضاري عريق، فوعيه سرعان ما يُستعاد ويعود إلى أصالته.
لقد بيّن الرئيس الأسد بدقة ووضوح في عيد الشهداء كيف فشل تعميم روح الإحباط.. محذراً من هؤلاء المُحبِطين والمُحبَطين: “فكما فشلت الحملة الأولى في بداية الأزمة ستفشل هذه الحملة”، وأمس كان رفاقنا في قيادة الحزب والجيش يقومون بمهامهم في مواجهة الحرب النفسية والميدانية في مدن وأرياف حماة وإدلب وحلب…، حيث أكد الجميع أن سورية اليوم أقوى وأمنع بشعبها وجيشها وقائدها.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 13/5/2015)