استقبل السيد الرئيس بشار الأسد صباح أمس الأربعاء إدوارد نالبانديان وزير خارجية جمهورية أرمينيا والوفد المرافق له.
وجرى خلال اللقاء التأكيد على أهمية العلاقات التاريخية القديمة بين سورية وأرمينيا القائمة على إرث ثقافي وحضاري مشترك يجمع الشعبين الصديقين وضرورة تعزيز هذه العلاقات بشكل مستمر بما يحقق مصلحة البلدين والمنطقة.
وأشاد الرئيس الأسد بمواقف أرمينيا خلال الأزمة التي تمر بها سورية وأكد أن الحكومة الأرمينية يمكن أن تلعب دورا مهما في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها شعوب المنطقة وذلك من خلال نقل الصورة الصحيحة للدول الغربية حول خطورة ما يحدث في الشرق الأوسط من تمدد للقوى الإرهابية التكفيرية المتطرفة المدعومة عسكريا وماليا وفكريا من جهات غربية وأخرى اقليمية عميلة لها وأهمية العمل لمحاربة الإرهاب فعليا وليس فقط الإعلان عن ذلك في العلن ودعمه في السر.
وأكد الرئيس الأسد أن ما عاناه الشعب الأرميني عبر تاريخه يعانيه اليوم الشعب السوري بكل مكوناته وبنفس أدوات القتل والإرهاب وإن اختلفت الطريقة والأهداف.
من جانبه أدان الوزير الأرميني الجرائم التي يرتكبها الإرهابيون بحق الشعب السوري معتبرا أن خطر الهجمة الإرهابية التي تستهدف سورية ودورها الأساسي في المنطقة بات اليوم يهدد الكثير من دول المنطقة والعالم لما تمثله سورية عبر تاريخها الطويل من مثال للتجانس والانسجام بين جميع مكوناتها الأمر الذي يتطلب بالضرورة عملا جماعيا وجهدا حقيقيا في مكافحة الإرهاب وتوفير الظروف الملائمة لحل الأزمة السورية عبر عملية يحدد من خلالها السوريون أنفسهم مستقبل بلدهم.
وكان هناك اتفاق خلال اللقاء على خطورة الدور الذي تلعبه القيادات التركية في هذه المرحلة والذي أعاد إحياء الآلام التي عانت منها شعوب المنطقة من الامبراطورية العثمانية قديما وتم التأكيد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لإجبار تركيا على التوقف عن الدور التخريبي الذي تلعبه والذي لن ينحصر تأثيره على الشعب السوري فقط بل على جميع شعوب المنطقة ومنهم الشعب التركي.
حضر اللقاء وليد المعلم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين والدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية والدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين والدكتور أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين والدكتورة نجوى الرفاعي مديرة إدارة أوروبا في وزارة الخارجية والمغتربين.
المعلم: سورية وأرمينيا تربطهما علاقات وطيدة يعززها وجود مواطنين سوريين أرمن هم مواطنون أرمن في أرمينيا أيضا
وفي الإطار ذاته التقى المعلم الوزير الأرميني وأعقب اللقاء مؤتمر صحفي مشترك أكد خلاله وزير الخارجية والمغتربين أن وجهات النظر مع نظيره الأرميني كانت متطابقة حول القضايا التي بحثت وضرورة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين إضافة إلى أولوية مكافحة الإرهاب في سورية.
وقال المعلم إن “الوزير الأرميني أجرى محادثات مثمرة وبناءة مع الرئيس الأسد صباح اليوم كما أجرينا جولة محادثات في وزارة الخارجية تناولت مختلف القضايا والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين”.
ولفت المعلم إلى أن سورية وأرمينيا تربطهما علاقات وطيدة يعززها وجود مواطنين سوريين أرمن هم مواطنون أرمن في أرمينيا أيضا.
وأضاف المعلم “لو أن المجتمع الدولي أنزل العقوبة الضرورية بحق السفاحين الذين ارتكبوا المجازر بحق الأرمن في مطلع القرن الماضي لما تكرر وتجرأ احفادهم اليوم في تركيا على ارتكاب المجازر عبر أدواتهم في سورية. والسؤال هو ماذا سيفعل المجتمع الدولي للسفاحين الجدد”.
نالبانديان: لا بد من مواجهة دولية قوية للإرهاب في الشرق الأوسط ولاسيما في سورية
بدوره أوضح نالبانديان أن زيارته الى سورية تأتى في “فترة زمنية صعبة يمر بها الشعب السوري الصديق” معربا عن “قلقه الكبير من المواجهات المستمرة في سورية والأزمة الإنسانية الحاصلة والأعداد الكبيرة للضحايا والكوارث التي نتجت عن عمليات الإرهابيين في البلاد”.
وأشار نالبانديان إلى أن المباحثات التي اجراها تطرقت إلى حل الأزمة في سورية والجهود المبذولة بهذا الاتجاه وقال “نحن مقتنعون بأنه لا يمكن التغلب على الأزمة وتحقيق السلام سوى عبر وقف العنف والحوار البناء بين كل الاطراف المعنية الذي يأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع السوريين”.
وأضاف “منذ بداية الأزمة في سورية كنا نطرح باستمرار من خلال العديد من المنابر الدولية قضية منع دعم الإرهابيين وضرورة ايجاد الحل الفوري للوضع في الشرق الأوسط وخاصة في سورية وسنستمر في إبقاء تلك القضايا ضمن محور اهتمامات المجتمع الدولي”.
وبين نالبانديان أن زيارته إلى سورية هذا العام بالتحديد لها مدلول رمزي على اعتبار أنه قبل مئة عام ارتكبت ابادة جماعية بحق مليون ونصف المليون أرمني في الامبراطورية العثمانية مشيرا الى أن “الصحراء السورية كانت في تلك الفترة المحطة الأخيرة لمئات الآلاف من ضحايا الإبادة حيث مد الشعب السوري يد العون إلى الأرمن الناجين من الإبادة فأضحت سورية بالنسبة لهم الملجأ والوطن الثاني”.
وأكد نالبانديان أن عدم معاقبة مرتكبي هذه الجرائم يولد جرائم جديدة والدليل على ذلك الجرائم المروعة التي يرتكبها الإرهابيون اليوم وقال “نحن نشهد اليوم على فظائع وأعمال وحشية جديدة اضطر بسببها ملايين السوريين ومن بينهم عشرات الآلاف من الأرمن إلى سلوك طريق التهجير مرة أخرى”.
ولفت نالبانديان إلى أن كنيسة الشهداء القديسين الأرمنية في دير الزور التي تضم رفات ضحايا الإبادة الأرمنية والتي تعد “محجا” للأرمن في العالم بأكمله لم تبق بمنأى عن أعمال المتطرفين الوحشية ما يشكل رابطا رمزيا بين الجرائم ضد الإنسانية في الماضي والحاضر.
وبين نالبانديان أن وضع السكان المدنيين الامنين في سورية ومن بينهم الأرمن والأقليات الاخرى محط اهتمام دائم بالنسبة لبلاده معربا عن امتنانه لسورية لرعايتها الأرمن والإرث الثقافي الأرمني.
وأكد وزير الخارجية الأرميني أنه لا بد من مواجهة دولية قوية للإرهاب في الشرق الأوسط ولا سيما في سورية وقال “نحن قلقون من المواجهات المستمرة في سورية والأزمة الحاصلة والكوارث التي نتجت عن عمليات الإرهابيين”.
وعبر وزير الخارجية الأرميني عن شكره للدعوة التي وجهها له الوزير المعلم لزيارة سورية وكذلك الحفاوة وحسن الاستقبال له وللوفد المرافق وقال “أنا سعيد لوجودي هنا في سورية وأشكر الجميع لإتاحة الفرصة للقاء السيد رئيس الجمهورية”.
المعلم: تركيا ترتكب أفعالا عدائية في سورية أسوأ بكثير من تصريح وزير خارجيتها
وردا على أسئلة الصحفيين قال المعلم جوابا على سؤال لـ سانا حول تصريحات وزير خارجية النظام التركي بشأن وجود اتفاق مبدئي بين تركيا والولايات المتحدة على تقديم دعم جوي للإرهابيين إن تركيا ترتكب أفعالا عدائية في سورية أسوأ بكثير من هذا التصريح وهو يعلم أن استخدام الأجواء السورية من قبل طائرات غير سورية عدوان موصوف وبالتالي من حق الجمهورية العربية السورية بما تملكه من إمكانيات التصدي لهذا العدوان ولكن الشيء الجيد في هذا التصريح أنه اعتراف تركي بنية العدوان على سورية. ولا يخرج عن إطار الحرب الإعلامية التي تشن علينا في هذه الأيام.
وحول دخول الإرهابيين إلى تدمر وإدلب وجسر الشغور وتصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأن سورية والعراق مهددتان بالتقسيم في حال لم يتم اتخاذ إجراء على المستوى الدولي قال المعلم “ما نشهده الآن هو نتيجة مواقفهم المتآمرة مع حلفائهم على سورية وهم الذين دعموا الإرهاب وإذا كان قلقا بالفعل فعليه أن يوقف التآمر على سورية هو وحلفاؤه”.
المعلم: العلاقة بين سورية وروسيا وإيران أعمق بكثير مما يظن البعض وهم لم ولن يتأخروا عن تقديم الدعم لصمودنا
وتساءل المعلم “ماذا فعلت فرنسا لتنفيذ ثلاثة قرارات تحت الفصل السابع لمكافحة الإرهاب وهي عضو دائم في مجلس الأمن. هل فعلت شيئا لتنفيذها” مؤكدا في الوقت ذاته أن الشعب السوري قادر على صد هذه الهجمة ومنع أي محاولة لتقسيم سورية”.
وبالنسبة للدعم المقدم من الأصدقاء للدولة السورية قال المعلم “أؤكد بوصفي وزيرا للخارجية أن العلاقة بين سورية والاتحاد الروسي والجمهورية الإسلامية الإيرانية أعمق بكثير مما يظن البعض وهم لم ولن يتأخروا عن تقديم الدعم لصمودنا” مشيرا إلى أن التآمر على سورية “يومي وسريع” والجميع شهد ما جرى في تدمر وجسر الشغور من تدفق الارهابيين عبر الحدود التركية.
ولفت المعلم إلى السؤال المطروح بشكل دائم. من أين يأتي تنظيم داعش الإرهابي بالأسلحة والذخيرة… وأين وكيف يعالج إرهابييه.. وقال “إن دعم المتآمرين على سورية لهؤلاء واضح ودعم أصدقائنا أيضا واضح وأؤكد للشعب السوري أنه دعم ملموس”.
وتابع المعلم.. “اليوم لا يحتاج المرء أن كان موجودا في واشنطن أو موسكو أو بكين أو دمشق أن يجيب على سؤال ما هو البديل عن الدولة السورية.. ومن من العقلاء في هذه العواصم يدعم وصول “داعش” أو انتصار “النصرة” في سورية” مشيرا إلى أن من يدعم هذا الأمر “يجب أن يكون رجلا موتورا وحاقدا”.
المعلم: من يتآمر على سورية ما زال موتورا
وأضاف المعلم “لمسنا تغييرا في مواقف الغرب تجاه الدولة السورية لكن من يتآمر على سورية ما زال موتورا وأقصد الدول المعروفة كالسعودية والأردن وقطر وتركيا.. هذه الدول تتآمر اليوم وتصعد تآمرها على سورية”.
وحول انتظار دور للمجتمع الدولي قال المعلم “لو كنا ننتظر المجتمع الدولي حتى يعاقب هؤلاء المجرمين لما قدمنا قوافل الشهداء والجرحى.. نحن لم ننتظر وربما لن ننتظر طالما أننا نمتلك إرادة وأملا بالنصر ونشعر بأن شعبنا يؤازر قواتنا المسلحة لتحقيقه”.
وأكد المعلم أن الوعي الشعبي التركي والرأي العام في أوروبا يزداد وسيضغط على حكوماته وهذا ما يدعو إلى التفاؤل وقال “انظروا إلى تركيا كمثال حيث تجدون في أوساط الشعب التركي أصواتا معارضة لسياسة حكومة أردوغان وهذا شيء مبشر.. وتجدون في أوساط الرأي العام الأوروبي وحتى من النواب من يعارض سياسات الحكومات الأوروبية التي تآمرت على سورية”.
المعلم: سورية ملك للشعب السوري الذي يدافع عن وحدتها.. وليهتم أردوغان بوحدة تركيا
وردا على سؤال حول تصريح نائب رئيس الحكومة التركية بأن سورية “باتت مقسمة إلى عشر دويلات” قال المعلم.. “لم أسمع تصريح نائب رئيس الوزراء التركي لكنني أود أن أقول له.. إن كان قد صرح بهذا التصريح فإن سورية ملك للشعب السوري الذي يدافع عن وحدتها.. دعوه يهتم بوحدة تركيا”.
وفيما يتعلق بتحالف واشنطن لمحاربة “داعش” قال المعلم.. “لم نكن في لحظة من اللحظات نعول على غارات التحالف ومن يعول عليه يعش في أوهام” لافتا الى أن تنظيم “داعش” الإرهابي يتحرك في صحراء مكشوفة لا في غابة من الشرق الى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب وما جرى في تدمر سبق أن حدث في الأنبار وهذا التحالف في معركة عين العرب كان نشطا لمنع وقوعها في أيدي “داعش” هذا شيء جيد .. لكن بعد ذلك تلاشى وكأن هناك حلفا سريا بينهم وبين “داعش”.
وعن مستوى التنسيق بين الجيشين السوري والعراقي لمحاربة “داعش” قال المعلم “نحن نؤمن بأننا نواجه عدوا مشتركا ونؤمن بأننا والأشقاء في بغداد نقف في خندق واحد لكن لم يصل التنسيق بيننا إلى هذا المستوى من الخطر الذي يواجهنا”.
المعلم: نتطلع إلى دور إيراني أفضل وأكبر على الساحة الدولية بعد الانتهاء من المفاوضات النووية الجارية الآن
وردا على سؤال حول الاتفاق بين إيران ومجموعة “خمسة زائد واحد” قال المعلم.. “نحن ندعم التوصل إلى هذا الاتفاق طالما يلبي مصالح الشعب الإيراني الشقيق ونتطلع إلى دور إيراني أفضل وأكبر على الساحة الدولية بعد الانتهاء من انشغالها في المفاوضات الجارية الآن”.
من جانبه أوضح وزير الخارجية الأرميني ردا على سؤال حول “تبرير” تركيا مجازر الإبادة الجماعية بحق الأرمن “أن التبريرات موجودة فقط في تركيا فبعد مرور مئة عام كيف يمكننا منع الإبادات إن لم تتم تسمية ما حدث باسمه ووضعه في إطاره القانوني وهو إبادة جماعية” مشيرا إلى أن أرمينيا نظمت هذا العام المنتدى الإعلامي الدولي بمشاركة أكثر من 65 دولة وخبراء وشخصيات بارزة في القانون والتاريخ ووصلوا إلى استنتاج واضح بانه تجب تسمية الأمور بأسمائها ووصف المجازر بأنها إبادة جماعية وفق القوانين الدولية.
ولفت نالبانديان إلى أنه خلال شهر واحد هذا العام فقط كان هناك العديد من التصريحات والبيانات التي ألقيت بهذا الصدد منها التصريح الذي أطلقه بابا الفاتيكان والبيان الذي تبناه برلمان الاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية معروفة على مستوى العالم مشيرا إلى أن هناك دولا جديدة اعترفت بالإبادة العثمانية بحق الأرمن وطالبت تركيا بالاعتراف بها أيضا.
وقال نالبانديان إن “تركيا هي الوحيدة التي تنتقد ما يجرى وما يثار وتستدعي سفراءها وتنتقد المنظمات والبرلمانات والوضع السائد هو أن العالم كله يتحدث بلغة وتركيا تتحدث بلغة أخرى وهي تعترض وتواجه المجتمع الدولي في إنكار هذه الجرائم” لافتا إلى أن الأحداث التي جرت موثقة بشكل جيد جدا من خلال الوثائق والمستندات الموجودة.
وأوضح نالبانديان أن هناك تصريحات أطلقت من ألمانيا والنمسا تحديدا أكدوا فيها على المشاركة في مسؤوليتهم آنذاك بهذه الجرائم وقال “أمام هذه التصريحات القوية نستغرب أن الجهة المسؤولة عن هذا الأمر تنكر ذلك وأن تركيا الحالية أتت بعد الإمبراطورية وهي التي تتحمل كل المسؤوليات في ذلك”.
وأعاد نالبانديان التذكير بأن محاكمات جرت ضد مرتكبي الإبادة الجماعية بحق الارمن مباشرة بعد فترة الإبادة تاريخيا ونتيجة ذلك تم الحكم عليهم قضائيا بشكل قانوني مفصل وأنه في تلك الفترة الزمنية أعلنت ثلاث دول هي روسيا وفرنسا وبريطانيا أن السلطات العثمانية هي المسؤولة عن ارتكابها المجازر والإبادة الأرمنية وحينها أطلق لأول مرة المصطلح القانوني في إطار القانون الدولي “الجرائم ضد الإنسانية”.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 28/5/2015)