أكد الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة ضرورة وقف سياسات حكومات الدول الراعية للإرهاب وبعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن واتخاذ التدابير الفعالة لمحاسبة حكومات تلك الدول وإنفاذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وآخرها القرار 2199.
وشدد الجعفري خلال جلسة مجلس الامن المخصصة لمناقشة البند المعنون “الاطفال والنزاعات المسلحة” على ضرورة دعم جهود الحكومة السورية في إعادة تأهيل الأطفال الضحايا وإدماجهم في مجتمعاتهم بدلا من ان تستمر ذخيرة الحرب ووقودها بالتدفق من خارج سورية ما سيجعل أجيالا جديدة في سورية وخارجها تتربى على خلفية صور الدم والعنف مما يسهل أجندات التنظيمات الإرهابية ويخدم دعايتها وأجندات مشغليها ويوءدي إلى استمرار الأزماتوتصديرها إلى العالم مشيرا إلى أن “جرائم خطف الأطفال من قبل تنظيمي/داعش/ و/جبهة النصرة/الارهابيين تعود جذورها إلى القرون الوسطى عندما اعتمدها السلاجقة والعثمانيون لانشاء الجيش الانكشاري آنذاك”.
وقال الجعفري: إن “العنوان العريض للتقرير المقدم ليس الا تجاهلا للحقائق وتقديم أرقام الضحايا ويتجاهل الجذور الحقيقية للازمات وينكر دور الدول الراعية للارهاب والمسبب الرئيسى في انتشاره واستفحال اثاره الجسيمة ضد أطفالنا وخاصة تجنيدهم من قبل التنظيمات الارهابية المعتدلة والمتطرفة في آن معا “مشيرا إلى أن مثل هذه التقارير من المفترض ان تاخذ بالاعتبار المعلومات الواردة اليها من جميع الاطراف ذات الصلة وخاصة الحكومات المعنية بما فيها الحكومة السورية عندما يتعلق الأمر بحالة الأطفال في سورية.
وأضاف الجعفري: للأسف ما شهدناه على مدى السنوات الماضية وبرغم تعاون الحكومة السورية الوثيق مع الممثلة الخاصة للأمين العام للامم المتحدة ليلى زروقي ومكتبها هو تجاهل مريب من الممثلة ومكتبها لعشرات المراسلات والدلائل الحكومية الموثقة التى دحضت مجموعة من المزاعم التي وردت سواء فى هذا التقرير أو في سابقيه “مؤكدا أنه “لم يتم الأخذ ولو بجملة أو حادثة واحدة من كل تلك الوثائق والبراهين والقرائن التي أرسلتها الحكومة السورية الى مكتب الممثلة الخاصة وفريقها للرصد والإبلاغ الأمر الذي يوءكد أن هناك تجاهلا متعمدا يسيء لصورة معدي التقرير ويمس نزاهتهم.
وشدد الجعفري على أن الحكومة السورية ارسلت قوائم بأسماء الأطفال الذين استشهدوا والمدارس والمشافي التي هاجمها الإرهابيون ولم تترك صغيرة ولا كبيرة تتعلق باختصاص الممثلة الخاصة إلا وأرسلتها لها كما زودتها بمئات إن لم يكن آلاف الحوادث الموثقة بالتاريخ والمكان والأسماء والتي تم ارتكابها من قبل إرهابيي الجماعات المسلحة ضد أطفال سورية منذ بدء الأزمة مشيرا الى ان آخر تلك المراسلات كان في الثلاثين من آذار الماضي حيث تضمنت ردا تفصيليا على ما تم إيراده من انتقادات ومزاعم ضد الحكومة السورية في مسودة نسخة التقرير الحالية.
وقال الجعفري: “أيا كان المسؤول عن كتابة تلك التقارير فقد بات أداة في يد بعض الدول النافذة في هذه المنظمة الدولية لتشويه صورة الحكومة السورية وبالتالي لن يقبل أية توصية ما لم تكن تلك الدول موافقة عليها” مؤكدا ان ذلك تماما هو ما يفسر التجاهل غير المبرر لرفض التوصية بإدراج قوات الاحتلال الإسرائيلي في مرفق التقرير كطرف مسوءول عن قتل آلاف الأطفال الفلسطينيين على مدى العقود الستة لهذا الاحتلال وتجاهل ممثلي الأمين العام على مدى سنوات لذكر أي إشارة لمعاناة الاطفال السوريين الرازحين تحت نير ذات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل لأكثر من 4 عقود على الرغم من اعتماد الجمعية العامة قرارين خاصين بالجولان السوري المحتل في كل دورة من دوراتها.
وقال الجعفري: إن “الاكتفاء بسرد أمثلة بعضها قد يكون صحيحا وبعضها الآخر منقولا عن تقارير غير موثقة يهدف إلى شيطنة الحكومة السورية وسلبها مسؤوليتها الأساسية في حماية شعبها ومن بينهم الأطفال وإعادة تدوير تهمة الإرهاب كي توجه سهامها إلى الحكومة السورية التي تكافح الإرهاب وليس إلى رعاة الإرهاب أنفسهم” مشيرا إلى أن أشكال تجنيد الاطفال في سورية ومخيمات الدول المجاورة تنوعت واكتسبت مظاهر دموية غير مسبوقة استهدفت حتى الطفل بعمر الرابعة فلم يكن ضربا من الخيال ما شاهده الجميع في أفلام تنظيم /داعش/ الارهابي الترويجية والتي ظهرت بشكل متكرر خلال الفترة الماضية على وسائل الإعلام وهي تصور أطفالا بعضهم لا يتجاوز العاشرة من العمر ينفذون إعداما جماعيا بحق عشرات المعتقلين لدى هذا التنظيم الإرهابي عن طريق رميهم بالرصاص أو قطع رؤوسهم.
ولفت الجعفري إلى أن المجموعات الإرهابية المسلحة على اختلاف مسمياتها تمكنت وبدعم خارجي سياسي وإعلامي منقطع النظير من زرع أفكار التطرف واللا إنسانية في عقول أطفالنا بعد اختطافهم من أهاليهم وتلقينهم أفكارهم الإجرامية من خلال استحداث “نظام تعليمي تكفيري وهابي” يتماهى مع توظيفهم الإجرامي للدين الإسلامي وقال: “في آخر مثال على ذلك شهدنا المذبحة الدنيئة التي نفذها عناصر تنظيم /جبهة النصرة/ الإرهابي بحق أكثر من 40 سوريا مدنيا في قرية قلب اللوزة في ريف إدلب مطلع الأسبوع الماضي وأكثر من نصف هوءلاء الضحايا كانوا أطفالا والسبب كان لرفض الأهالي تجنيد أطفالهم في صفوف تنظيم /جبهة النصرة/ الإرهابي.
وأكد الجعفري أن “الحكومة السورية تستمر ببذل كل الجهود الممكنة وتسخير كل الموارد لحماية أطفالها من الفكر الإرهابي المتطرف وتلبية احتياجاتهم بفترات قياسية “مبينا أنها تمكنت من إعادة افتتاح 207 مدارس في ريف الحسكة بعد أن كانت التنظيمات الإرهابية قد سيطرت عليها.
وأشار إلى أن أكثر من 532 مدرسة لا زالت مغلقة في جنوب الحسكة بأمر من إرهابيي /داعش/ الذين يستخدمون المدارس مقرات لهم ومراكز لتخزين السلاح فيها منتقدا قيام ممثلين للامين العام للامم المتحدة باتهام الحكومة السورية باستهداف المدارس دون أن يشرحوا ماذا يوجد في هذه المدارس ومن يستخدمها لغايات الإرهاب.
وقال الجعفري: إن “هذه النقطة فاتت الممثلة الخاصة وفاتت أيضا مندوبة لوكسمبورغ التي كنا قد طالبناها على مدار عامين خلال شغل بلادها لعضوية مجلس الأمن وعلى سبيل امتحان حسن نواياها بإرسال كراسي متحركة لذوي الاحتياجات الخاصة وطبعا لم تفعل ولم تقدم أي شيء بينما نجدها اليوم تستخدم هذا المنبر للإدعاء بأن الحكومة السورية قد دمرت ثلثي عدد المدارس في سورية وكأنها شاهد عيان على ذلك وأحصت تلك المدارس المدمرة ومن ثم وصلت إلى تلك القناعة”.
وأضاف مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة: “إن الحكومة السورية لم تالو جهدا للتعاون مع فريق الممثلة الخاصة القطري المعني بالرصد والإبلاغ ودأبت على تزويده بمعلومات موثقة عن مئات الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبته التنظيمات الإرهابية المسلحة في سورية على أمل القيام برصد فوري لكشف ملابسات تلك الجرائم إلا أننا لم نر أي خطوة فعالة ملموسة في هذا المجال حتى الآن”.
كما وضع الجعفري برسم الدول الأعضاء في هذا المجلس أمرين هامين أولهما قيام مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين بحرق كنيسة /السمك والخبز/ في شمال فلسطين وكتابتهم على جدرانها عبارات مسيئة للبشر وللأديان والأمر الآخر هو ما نشرته صحيفة جمهورييت التركية وكشفها عن تراجع النظام التركي عن إرسال مليون من لفافات أسلاك التفجير /صواعق التفجير/التي كانت معدة لإرسالها إلى المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية عن طريق الأردن”.
وأعرب المندوب الدائم لسورية لدى الامم المتحدة عن أمله بأن يتم أخذ المعلومات الواردة في موضوع الرسالتين المتطابقتين الأخيرتين اللتين قام بتوجيههما إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام بتاريخ 16 حزيران الجاري “على محمل الجد من قبل القائمين على هذه المنظمة الدولية وألا يتم تجاهلهما في معرض تقاريرهم المستقبلية” مبينا أن هذه “هي معضلة واجهناها في التقارير السابقة ولا زلنا نواجهها في تقرير الأمين العام المعروض علينا اليوم”.
وأشار الجعفري إلى سقوط أكثر من سبعة الاف قذيفة هاون وصاروخ على أحياء في دمشق وحلب في اليومين الماضيين وقال: “قد يكون هذا الرقم مفيدا لمندوبة لوكسمبورغ لتحسين ثقافتها بعض الشيء حول ما يجري في بلادي سورية”.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 19/6/2015)