أثارت وثائق «ويكيليكس» حول الأساليب التي تتبعها السعودية في التأثير على السياسيين ووسائل الإعلام في الوطن العربي وخارجه، اهتماماً واسعاً في وسائط الرأي العام، لأن الأمر يتعلق بدولة إشكالية في بنيتها ودورها.
لا تكمن أهمية الوثائق في أنها اكتشفت أمراً كان مجهولاً، وإنما على العكس أكدت ما هو معروف لدى المتابعين والمحللين ولدى عامة الناس على السواء، في هذا التأكيد تكمن الأهمية العلمية للوثائق، فلا يستطيع أحد بعد اليوم اتهام ناقدي السعودية بالتحامل أو الانطلاق من مواقف مسبقة معادية للمملكة.
ومن ناحية أخلاقية بحتة لا نُعيب على السعودية شراء الذمم والضمائر فهذا (حقها) باعتبارها دولة لا تنكر استراتيجيتها في نشر مفاهيمها وطريقة تفكيرها في الإقليم والعالم، لكن العيب – كل العيب – يقع على أولئك الذين يبيعون ضمائرهم من الإعلاميين والمحللين والسياسيين، يبيعونها رخيصة في سوق النخاسة التي تسيطر السعودية على مساحات واسعة منها.
لنعد إلى ما قالته الإعلامية العربية كوثر البشراوي أكثر من مرة وهي التي رفضت بيع ضميرها من أجل (حفنة من الدولارات) لقد ناشدت هذه المرأة الشجاعة الإعلاميين الذين باعوا مهنيتهم وضمائرهم بالعودة إلى طريق الصواب، وفعلاً فإن الأبواق التي تعرض نفسها للبيع هي في بيروت ولندن ودبي والقاهرة، وأغلبية من يديرونها ويعملون فيها هم من السوريين والمصريين واللبنانيين والفلسطينيين، هؤلاء الذين ينبغي أن توجه الإدانة إليهم لأن لا أحد يستطيع شراء ضمائر غير معروضة للبيع، هؤلاء يعملون ضد قضايا أمتهم الحقيقية، وهم يعلمون تماماً أنهم باعوا ضمائرهم لأموال قطر أو السعودية أو غيرهما من أموال الرجعية والظلام.
ومن أراد الدليل فليس من الصعب البحث عنه، انظروا فقط إلى منازلهم وجيوبهم وسياراتهم يسهل عليكم معرفة ثمن الضمير، وإن كنتم تريدون التأكد من أنهم باعوا الذمم بثمن بخس فإليكم الحقيقة التالية: إنهم مهما ملكوا فلن يستطيعوا أن يأكلوا أكثر مما يأكل ذلك الذي لم يبع ضميره، ولا أن يلبسوا أكثر مما يلبس، ولا يستطيعون النوم على فراش أكبر من فراشه، لكنه يأكل بهناء ويأكلون بألم، وينام مرتاحاً وينامون تحت تأثير الحبوب المنومة والمهدئة، ذلك أنه حافظ على ما فرطوا به.. الضمير.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 24/6/2015)