تجاوزت حكومة العدالة والتنمية الخطوط الحمراء كلها، كما تجاوزت كل القرارات الدولية التي تمنع دعم الإرهاب وتقديم التسهيلات له..
أردوغان وتلك الحكومة ورئيسها، واستخباراتها، لم يدخروا جهداً في دعم الإرهابيين واستجلابهم وتأمين عبورهم إلى الأراضي السورية وتقديم كل ما يلزم لهؤلاء من مال وسلاح وتدريب ومعلومات استخباراتية. وهذا ما دفع بعض الأحزاب التركية المعارضة للتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية مع كل القرائن التي تثبت تورط أردوغان وأوغلو وجهاز استخباراته في دعم الإرهاب.
وإذا كانت أغلبية الشعب التركي، وأغلبية القوى السياسية المعارضة في تركيا ترفض سياسة أردوغان العدوانية الإخوانية الاستبدادية تجاه سورية وتجاهر بذلك فإنها بذلك لا تتضامن مع الشعب السوري الذي يقارع الإرهاب فقط وإنما باتت تستشعر الخطر الذي بات يهدد تركيا وشعبها نتيجة توطين الإرهاب فوق الأراضي التركية.
هذا الإرهاب الذي يتحين كل الفرص لعض الأيادي التي امتدت لدعمه. وما مجموعة التفجيرات والسيارات المفخخة التي فجرها الإرهابيون في بعض المواقع التركية في الأسابيع الماضية إلا دليلٌ صارخ على ما أكدناه في سورية، وما يؤكده العديد من القوى السياسية في تركيا وفي العالم. وهو أن الإرهاب لن يستثني أحداً في العالم بما في ذلك داعموه ومدربوه وممولوه وهذا ما أشار إليه رئيس حزب «الخضر الألماني» في تصريحاته أمس الأول لصحيفة «باساور نويه بريسه» بقوله: «لايمكننا غض الطرف عندما تتحول دولة كانت ترغب حتى الأمس بالانضمام للاتحاد الأوروبي إلى أنموذج لحكم استبدادي على الحدود الأوروبية تحت قيادة أردوغان»… كما يشير إلى تأخر أردوغان في مواجهة «داعش».
لقد آن الأوان كي تفتح محكمة الجنايات الدولية تحقيقاتها بالجرائم الموصوفة التي ارتكبها أردوغان بحق الشعب السوري والتي لم تقتصر على دعم المنظمات الإرهابية التي تنتمي إلى أصول القاعدة أو فروعها وإنما تجاوزت ذلك إلى تحويل تركيا إلى سوق سوداء مفتوحة أمام سارقي معامل حلب, وسارقي قمح الشعب السوري ونفطه وآثاره ودعمه للمافيات التي تؤمن لـ «داعش» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» والجيوش الوهابية القاعدية معظم مصادر التمويل عن طريق شراء المسروقات…
إن تذرع أردوغان اليوم بمحاربة «داعش» ليس أكثر من محاولة للتغطية على جرائمه ومساندته للإرهاب، وللتملص من اتهامات محكمة الجنايات الدولية التي أعتقد بأن القرائن الموجودة لديها كافية للاقتصاص من أردوغان وزمرته المتآمرة على الشعبين السوري والتركي… وعلى شعوب المنطقة.
(المصدر: صحيفة تشرين، تاريخ 3/8/2015)