جدد نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد التأكيد “أنه لا يمكن لأي حل في سورية أن يؤدي النتيجة المطلوبة إلا إذا اتخذ من مكافحة الإرهاب أولوية مطلقة” مشددا على أنه لا وجود لإرهاب معتدل وآخر متطرف وتكفيري بل كل من يحمل السلاح ويحارب الدولة هو إرهابي وتجب محاربته.
وخلال ملتقى البعث للحوار الذي أقامه فرع دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي اليوم بمناسبة عيد الجيش العربي السوري تحت عنوان “المبادرات الدولية وانتصارات الجيش العربي السوري” قال المقداد إن “سورية تدعم مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشكيل حلف إقليمي لمكافحة الإرهاب وهي مستعدة لتكون عاملا أساسيا فيه لأن هدفها هو إيجاد الحلول وليس خلق المشاكل”.
وأشار المقداد إلى “أن سورية تحدثت عن صعوبة انضمام بعض من كانوا جزءا أساسيا في دعم الإرهاب ورعايته إلى هذا التحالف لكن يجب أن نؤمن أن البعض قد يهتدي من خلال وعيه لمخاطر الإرهاب الذي قد يمتد لأراضيه”.
وأوضح نائب وزير الخارجية والمغتربين “أن الهجمة الإرهابية على سورية تهدف إلى القضاء على سورية لأنها كانت وما زالت تمثل ضمير الأمة العربية وبؤرة الصمود في وجه المخططات الاستعمارية ومحاولات فرض الوصاية الإسرائيلية على المنطقة ومن ثم الانتقال إلى مناطق أخرى وهو ما أكده لنا بعض أعضاء الوفود العربية الشقيقة التي كانت تحضر اجتماعات الجامعة العربية”.
وأضاف “منذ بداية ما يسمى بـ “الربيع العربي” كنا نقول إن هدف هذا التحرك هو الوصول إلى جوهرة التاج وهي سورية ولم يكن لدينا أدنى شك بأن المعركة بدأت وعلينا ان نكون مستعدين لها” موضحا أن سورية تعاملت بإيجابية مع جميع المبادرات الدولية التي طرحت لحل الأزمة بدءا من لجنة الفريق الدابي مرورا بكوفي عنان فالأخضر الإبراهيمي وصولا إلى المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا وبما ينسجم مع تطلعات وأهداف الشعب السوري.
وقال “نحن جميعا مهددون في المنطقة العربية وعلى من يسمعنا في الخليج العربي أو غيره من الدول أن يعي بأن الدور الإسرائيلي والغربي قادم عليه لأن “إسرائيل” لن تعيش براحة مع وجود مواطن عربي واحد يفكر بوجوب زوال هذا الكيان الغاصب وبأنه يجب استعادة حقوق الشعب الفلسطيني” لافتا إلى أن “كثيرا من الأنظمة العربية المستهدفة وخوفا على مصيرها ساهمت بشكل يومي ومباشر بتغذية الهجمة على سورية وكانت لا تعي أن الدور قادم إليها”.
وفيما يتعلق بمهمة المبعوث الدولي إلى سورية ستافان دي ميستورا أشار المقداد إلى “أن سورية لم تغلق الباب أمام مناقشة جميع الآراء والمقترحات التي طرحها دي ميستورا لكننا كنا نؤكد دائما أنه لا حل للأزمة في سورية إلا بالحوار بين السوريين وبقيادة سورية وكان عليه أن يأخذ هذا بعين الاعتبار”.
وحول مؤتمري جنيف 1و2 قال المقداد “إن سورية لم تبخل على الاطلاق في تقديم المساعدة المطلوبة لحل الأزمة عبر مشاركتها في مؤتمري جنيف 1و2″ موضحا “أن دي ميستورا يدعي أنه قدم وثيقة جنيف 1 كأساس للحل لكننا قلنا له إننا سننفذ ما ينسجم مع إرادة الشعب السوري وبأن ممارسة الانتقائية في التعامل مع هذه الوثيقة أمر غير مقبول”.
وأكد “أنه إذا أراد المجتمع الدولي أن يصل إلى نتيجة فيما يتعلق بحل الأزمة في سورية فعليه أن يطبق جميع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بذلك وإلزام دول الجوار وخاصة تركيا والأردن باحترام هذه القرارات وأي كلام آخر لن يقود إلى النتيجة المطلوبة”.
وأوضح “أن أهداف الدول الغربية الحقيقية التي لا تريد حلا سياسيا للأزمة في سورية ولا تحترم إرادة الشعب السوري من مؤتمر جنيف 2 كانت استسلام سورية وتسليمها لعملائهم ومرتزقتهم الذين لا هم لهم سوى استلام السلطة وكأن هذا سينهي مأساة سورية”.
وأكد ضرورة وضع النظام التركي على قائمة الدول الداعمة للإرهاب لأنه سمح لآلاف القتلة وسافكي الدماء من أكثر من 100 دولة كما جاء في تقارير الأمم المتحدة بالعبور إلى سورية وقدمت لهم المأوى والعلاج على أراضيها مشيرا إلى أن الدول الغربية كانت تأمر النظام التركي بتسهيل مرور الإرهابيين إلى سورية في الوقت الذي تكذب فيه أمريكا الآن عندما تقول إنها استطاعت تسخير النظام التركي لمحاربة “داعش”.
وشدد على أن أمريكا والنظام التركي شريكان في سفك الدم السوري وبأنه لا يمكن أن نعتبر كل من ساهم في الحملة على سورية وعمل على تغيير قناعات الرأي العام العالمي الذي يدافع عن السلام إلى تشجيع الإرهاب والقتل وتصوير القتلة والمجرمين على أنهم مناضلون من أجل الحرية وقال “نحمل تركيا مسؤولية كل ما يجري من أعمال إرهابية الآن وسابقا في سورية وضد الشعب العراقي الشقيق وأي بلد سيعاني لاحقا من ممارسات نظام أردوغان”.
وفيما يتعلق بمؤتمري موسكو 1و2 أشار إلى أن سورية قبلت باللقاءات مع وفود المعارضات السورية في موسكو بدون تحفظ، وكانت الجولة الأولى فرصة لكسر الجليد بين الجانبين كما أننا توصلنا في الجولة الثانية إلى ورقة عمل مشتركة وعندما بدأنا بالبنود الأخرى المتعلقة بمحاربة الإرهاب وبناء الثقة والمصالحات الوطنية بدأت الضغوط الخارجية على وفود بعض المعارضات التي أرادت القفز من بند محاربة الإرهاب إلى بنود أخرى ورغم ذلك فإننا مرتاحون لنتائج مؤتمر موسكو.
وفيما يتعلق بالعلاقة مع إيران أكد المقداد “وجود هجمة كبيرة للنيل من العلاقة الاستراتيجية بين إيران وسورية” مشيرا إلى أن “الشعب السوري الذي تحالف مع الثورة الإيرانية لن ينسى دعم حلفائنا في إيران الذين يهمهم الحفاظ على سيادة وأمن واستقرار سورية”.
وأشار المقداد إلى أنه لو قدم بعض العرب القليل مما يجب تقديمه في الحرب على الإرهاب لكانت سورية وجميع الدول العربية في وضع مريح ينعكس على النضال العربي الذي يجب ألا يحيد عن العدو الأساسي لكل العرب والمناضلين لأجل العدالة في العالم ألا وهو العدو الصهيوني مؤكدا أن إزالة الاحتلال الإسرائيلي واستعادة الأراضي المحتلة وحقوق الشعب الفلسطيني يجب أن تبقى المهمة الأساسية لحركة التحرر العربي وجميع المناضلين الشرفاء. وأوضح نائب وزير الخارجية والمغتربين أن سورية لم يكن لديها شك بسلمية برنامج إيران النووي مشددا على ضرورة التركيز على الترسانة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها “إسرائيل”.
وبين عدم وجود ترابط عضوي بين امكانية حل الأزمة في سورية وانجاز الاتفاق النووي الإيراني لكن الأخير قد يضفي مزيدا من الأجواء المريحة على الفاعلين الكثر للتوصل إلى قناعة بإمكانية حل مثل هذه الأزمات بالطرق الدبلوماسية وبأن دعم الإرهاب والقتلة لا يؤدي إلى حلول مشددا على “أن الحل الأساسي الذي يجب أن يتوصل إليه السوريون يجب أن يكون بقيادة سورية ودون تدخل خارجي”.
وفيما يتعلق بالعلاقة مع مصر أكد المقداد “أن الأمن القومي المصري يبدأ شمال سورية على الحدود السورية التركية وأن الأمن القومي العربي لسورية ينتهي في جنوب السودان وهذه هي نظرتنا للأمن القومي العربي” لافتا إلى أنه إذا كانت هناك بعض الضغوط والظروف التي تمر بها مصر العربية فإننا نتفهم ذلك لكننا نقول في نفس الوقت إن معركة مصر وسورية ضد الإرهاب واحدة.
وأضاف “إنه بدون وحدة واندماج الجيوش الأول والثاني والثالث والرابع فإنه سيكون من الصعب بمكان أن نحقق انتصارات سواء في سورية أو مصر وخاصة الآن بسبب الخلفية المتوفرة لقيام مشروع آخر في مصر عبر الاخوان المسلمين إضافة إلى الدعم الذي لا يزال يقدم لإضعاف مصر وتحالفها مع سورية مشددا في الوقت ذاته على “إن من يدعم الإرهاب في سورية ومصر هي “إسرائيل” وتلك الأنظمة التي لا تريد لمصر أن تكون قوية ولا تريد عودة التحالف المصري السوري إلى الواجهة” الذي سيتمكن من السيطرة على ما يجري في المنطقة لأن ذلك يتناقض مع المشروع المعادي للأمة العربية.
وحيا المقداد المقاومة الوطنية اللبنانية وقال “نحن نعتز ونفتخر بالعلاقة مع أشقائنا في حزب الله وكنا نتمنى أن يكون في كل الساحات العربية مناضلون من أجل السيادة والاستقلال في إطار الدفاع ضد العدو الرئيس وهو إسرائيل”.
ونوه نائب وزير الخارجية والمغتربين بتضحيات الجيش العربي السوري وبطولاته مشيرا إلى أنه “إذا كنا نتحدث عن بعد سياسي لما يجري على الأرض السورية فإننا نتحدث عن صمود أساسي لأبناء سورية وجيشها ووحدات الدفاع الشعبي والوطني التي تبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيق الانتصار”.
وأكد أن التحولات والانتصارات التي يصنعها الجيش العربي السوري بالتعاون مع المقاومة اللبنانية في الزبداني وإدلب والحسكة ستستمر في درعا والسويداء وريف دمشق فلا يمكن لأي سوري إلا أن يعيش بكرامة وشرف على هذه الأرض ويجب أن نعيش كسوريين على مساحة الوطن التي لن نتخلى عن سنتيمتر واحد منها وهي 185 ألف كيلو متر مربع.
وأشار المقداد إلى أننا عندما نحتفل بعيد الجيش العربي السوري فإننا نحتفل بأعياد كل الجيوش العربية لأننا نثق أن أي جندي وضابط فيه نقطة دم عربية إنما هو شقيق للجيش العربي السوري وقال “الكل يعرف أن الجيش السوري هو الأول والجيش المصري هو الثاني وعندما نتحدث في هذا الإطار فإننا نتحدث عن أمة عربية واحدة ونضال واحد”.
من جهته استعرض الباحث العسكري والاستراتيجي حسن حسن الانتصارات والإنجازات الميدانية والمعنوية التي يحققها الجيش العربي السوري في معركته التي يخوضها منذ أكثر من أربع سنوات ضد الإرهاب مؤكدا أن جميع المبادرات السياسية والمؤشرات الإيجابية التي ظهرت مؤخرا لحل الأزمة في سورية يعود الفضل فيها إلى صمود الجيش العربي السوري الذي هو أساس صمود سورية.
وأشار حسن إلى أن الجيش العربي السوري الذي يتسابق اليوم أفراده للدفاع عن الوطن استطاع هزيمة تحالف يضم عشرات الدول وآلاف الإرهابيين وإمبراطوريات إعلامية ضخمة موضحا أن الجيش السوري استطاع ومنذ تأسيسه قبل نحو 70 عاما تغيير الكثير من المصطلحات والثقافات فغير ثقافة النكبة إلى ثقافة بناء القدرات وثقافة الانكسار والهزيمة إلى ثقافة التحرير خلال حرب تشرين عام 1973 وثقافة الاجتياح الى ثقافة المقاومة وثقافة التآمر والتطبيع والاستسلام إلى ثقافة الصمود والتحرير.
وأكد أن الجيش العربي السوري أضاف إلى الفكر العسكري العالمي مفهوم التكامل بين الجيش والمقاومات الشعبية الوطنية وهو ما يخيف “إسرائيل” ويقض مضجعها الآن مبينا أن الجيش السوري اتبع تكتيكات معينة لمنع العصابات الإرهابية المسلحة من تحقيق اهدافها وفقا لمقتضيات الواقع الميداني وبما يتناسب مع طبيعة الأسلحة التي يمتلكها الإرهابيون والدعم الاستخباراتي واللوجستي الذي يحصلون عليه.
حضر الملتقى عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام الدكتور خلف المفتاح وعدد من الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب الوطنية وأمينا فرعي دمشق والقنيطرة لحزب البعث العربي الاشتراكي ورئيس اتحاد الصحفيين وشخصيات سياسية وإعلامية واجتماعية ودينية وثقافية.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 3/8/2015)