لا وضوح فعلياً في المبادرات المحتملة التي يتم الحديث عنها حول المســــألة السورية، وضمن ذلك ما نقل عن مبادرة السيد دي ميستورا.
الجديد في اسلوب المبعوث الدولي هو التغيير -ولو جزئياً- في اسلوب الأداء. حيث بدأت تستميله إلى حد ما التصريحات والتوجه للإعلام ولو عبر المؤسسات الدولية. لطالما عُرِفَ عن مسيرته الجدية والابتعاد قدر الامكان عن السطوع الاعلامي وغير الاعلامي ليبقى له دور الوسيط النزيه الحيادي.
ربما لأنّ المسألة غير محسومة… فهل الافضل للانطلاق بالمبادرات التي تهدف لوضع حلول بين الأطراف المتصارعة أن تطرح للعلن وللإعلام تحديداً، أو الأفضل انتهاج السرية؟؟.
بعيداً عن ثبات المواقف وما يقتضي وضوحها، في المساعي الحميدة لإيجاد مخرج لصراع ما… تكون فرصتها للنجاح أفضل في السرية .. هذا ما تكاد تتفق عليه النسبة الغالبة من نتائج النشاطات السياسية لمقاربة الخلافات والصراعات السياسية وغير السياسية.
المشكلة في المبادرات حول سورية عموماً أنها غالباً لم تتخذ الطابع الجدي النشط! ولم تقرن وجودها وأهميتها ودورها، بالبحث عن الحلول! بل غالباً مالت للمحازبة والتوجه لمناصرة طرف ضد طرف.
على الرغم من قلة ما هو جديد جدي بين أيدينا من مبادرات فعلية لمحاولة الدخول في شعاب المأزق السوري، نستطيع أن نقول اليوم أن ثمة إجماعاً عالمياً على أن الحل في سورية سياسي. وهذا مهم بالتأكيد بعد أربع سنوات من نيران حرب كارثية تذكي لهيبها التدخلات من مختلف انحاء العالم وتحت وهم اسقاط مؤسسة الدولة السورية بالحرب والحصار والضغط ومختلف السبل.
اليوم وعلى الرغم من أن معظم الذين يتحدثون بالشأن السوري يؤكدون ضرورة الحل السياسي، هم يوزعون تصريحات اعلامية ربما… ولم تظهر عليهم مظاهر المبادرة الفعلية الجدية بدلالة أمرين:
أولاً: موقف معظمهم الملتبس حول مواجهة الارهاب وهو العامل الأكثر ضرورة وقدرة على الاقناع بأن ثمة مبادرة جدية!!
ثانياً: أن الكثير منهم يتكلم عن حل سياسي ويخشاه!!! فكيف سيصل إليه طالما هو يخشاه ؟؟!! لذلك تراه بعد أن يبتسم ويقول بالمختصر ويعتمد على عبقرية المواربة لديه، يضرب ضربته فيعيد المسألة إلى المربع الأول «التنحي… دور السيد الرئيس في الحوار… أو في مستقبل سورية السياسي… إلخ»… أو تبدو عليه ملامح الميل لاتهام طرف أو دعم طرف.
هذا بالتأكيد يعيد الحكاية إلى بدايتها وينسف أي قناعة لدى أي متابع بأن ثمة جدية يبنى عليها.
مهما يكن الموقف السوري من مثل هذه الحلقات المفرغة التي قد تذهب إليها المبادرات، وتجعلها تبدو هرجاً على الساحة ليس أكثر… وحتى إن انتقدت تطرفاً في طرح .. أو لا موضوعية كلية في طرح آخر… فقد شكل اهتمام سورية والتزامها بأي طرح جدي يمكن أن يوصل لحل حتى اليوم الطابع العام للمواقف السورية.
(المصدر: صحيفة البعث السورية، تاريخ 19/8/2015)