تعيش سورية اليوم الذكرى الخامسة والأربعين للحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 وجيشها يسجل الانتصار تلو الآخر وشعبها أكثر تمسكا بثوابته الوطنية وحقه في اختيار حاضره ومستقبله ليعيدا معا سورية المنيعة التي وضع التصحيح لبناتها الأولى… سورية المقاومة الحاضرة بقوة على الساحتين الإقليمية والدولية. والحركة التصحيحية التي عملت فور تأسيسها على إعادة تفعيل دور مجلس الشعب وتوحيد الأحزاب الرئيسية في الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972 ووضع دستور جديد للبلاد في آذار عام 1973 هي التي أسست للجيش العربي السوري العقائدي الذي انتصر في حرب تشرين التحريرية في مواجهة العدو الاسرائيلي وها هو اليوم وبعد خمس سنوات من حرب إرهابية كونية يسجل انتصارات جديدة على أدوات عدوه القديم الجديد.
يوما بعد آخر تزداد القناعة أن سورية تدفع ثمن إيمانها بقدراتها وشعبها والذي ترجمته الحركة التصحيحية إنجازات على صعد مختلفة فحققت الأمن والاستقرار وقفزات واسعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربية والتعليم وأرست قواعد التعددية الاقتصادية والسياسية ومهدت الطريق نحو الانفتاح على العالم. والسوريون الذين استطاعوا مواجهة الفكر التكفيري الهدام وحماية الجيل الجديد منه مدينون للحركة التصحيحية المباركة التي وضعت بناء الإنسان في مقدمة أولوياتها لإيمانها العميق بأهمية دوره في ازدهار مجتمعه فعملت على نشر التعليم وتوفير مستلزماته وتحقيق عدالته وتطوير مضامينه وفروعه. كما أولت الحركة التصحيحية للثقافة والأدب والإبداع اهتماما بالغا كحاجة عليا للبشرية وأصبحت رعاية الفنون والآداب بأنواعها عنوانا للحركة الثقافية في سورية حيث أسست المراكز الثقافية في كل بلدة وحي وازداد الاهتمام بالشعراء والكتاب والفنانين والمبدعين . ويعود صمود الاقتصاد السوري رغم الحصار الجائر المفروض عليه والذي يدخل عامه الخامس إلى البناء الاقتصادي السليم الذي ارسته الحركة التصحيحية التي ركزت خططها واستراتيجياتها على تحقيق الأمن الغذائي والتوصل الى الاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب وتصدير الفائض منه بالإضافة إلى التوسع في الأراضي الزراعية وتنوع المحاصيل فضلا عن توفير البيئة المناسبة للاستثمار خاصة في قطاع السياحة من خلال منح حرية التملك بنسبة 100 بالمئة للمشاريع السياحية والسماح للمستثمر بتحويل كامل قيمة رأس المال وأرباح التشغيل بالنقد الأجنبي إلى الخارج بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية والرسوم. ولم تقتصر الرؤية المستقبلية والمنفتحة للحركة التصحيحية على الاقتصاد بل شملت الحياة السياسية أيضا حيث كرست سلطة الشعب والقانون وتوفير حرية وكرامة الإنسان وتنظيم المجتمع في منظمات شعبية ونقابات مهنية ومؤسسات ديمقراطية منتخبة على مختلف درجاتها ومستوياتها في أرجاء البلاد من مبدأ أن الوطن للجميع وبناءه مسؤولية الجميع ووطدت نظام الوحدة الوطنية قاعدة ومنطلقاً، الوحدة التي باتت الورقة الرابحة الأهم في يد السوريين ضد أعدائهم. وتتمسك سورية بعد خمسة وأربعين عاما بفكر ومنهج التصحيح في التعامل مع القضايا القومية ورغم كل التحديات لا تزال قضيتها المركزية وبوصلتها فلسطين ونهجها مقاوما ومدافعا عن كل حركات المقاومة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرهم. وتتعزز اليوم هذه الإنجازات بالتكامل مع حزمة الإصلاحات الشاملة لتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتي يقودها السيد الرئيس بشار الأسد مستلهمة منطلقات الحركة التصحيحية في ايجاد حلول واقعية ذاتية للمشكلات الطارئة وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة المؤامرات والتحديات الخارجية.
إن الحركة التصحيحية التي أعلنت إشارة البدء ببناء سورية الحديثة كدولة قانون ومؤسسات تقيم مسارها وتطور ذاتها وتحدث أساليبها وتتطلع دائماً إلى دور إقليمي ودولي متميز وتواصل داخليا مسيرة التطوير الاقتصادي والاجتماعي وتوفير مستلزمات الدفاع والأمن القومي في مواجهات التحديات تمنح بذكراها اليوم الأمل بالقدرة على البداية دائما والوقوف رغم كل التحديات وبناء الوطن من جديد.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، تاريخ: 17/11/2015)