حقق الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة خلال الأيام الماضية سلسلة انتصارات على جبهة ريف اللاذقية الشمالي ترقى إلى وصفها إنجازات استراتيجية بالعلم العسكري تبعا للطبيعة الجغرافية القاسية التي تتميز بها هذه المنطقة من وعورة وأحراج كثيفة وجروف صخرية لطالما اعتبرتها التنظيمات الإرهابية عاملا مساعدا يوفر لها ملاذا آمنا ومنطلقا للاعتداء على السوريين فضلا عما توفره المناطق التي استعادها الجيش من سيطرة نارية مباشرة على ما تبقى من أماكن وجود هذه التنظيمات التكفيرية التي باتت محدودة في هذه البقعة الجغرافية.
ويؤكد مراقبون أن قدرة الجيش العربي السوري على خوض المعارك في مثل هذه الجغرافيا المعقدة تؤشر إلى المخزون الكبير الذي يمتلكه هذا الجيش لجهة التخطيط العسكري والدقة العالية في التعامل مع أهداف العدو والإرادة الصلبة للمقاتلين الذين لم تنل من عزيمتهم سنوات الحرب الطويلة التي قاربت الخمس سنوات برغم الدعم الكبير واللامحدود للتنظيمات الإرهابية من قبل نظام أردوغان وأنظمة الخليج التي فتحت مستودعاتها على مصراعيها للعدوان على سورية وشعبها.
ولربما تعجز الصور والكلمات عن ترجمة هذه الإنجازات وإعطائها بعدها الحقيقي في حين تنجح في نقل هذه الصورة ملامح القادة والجنود على خط النار والمعنويات العالية التي يتمتعون بها وتلهفهم لأن تستمر هذه المعارك دون توقف وبما لا يسمح لهذه التنظيمات المجرمة بالتقاط أنفاسها وإجبارها على استثمار ما تبقى من آليات ووقود لنقل عائلاتهم المستجلبة من دول آسيا الوسطى إلى خارج الأراضي السورية الطاهرة والعودة إلى المناطق التي جاؤوا منها.
وخلال جولة لموفد سانا في غرفة العمليات الإعلامية المشتركة إلى ريف اللاذقية الشمالي رصدنا بالصوت والصورة بعضا من هذه الإنجازات والتي أسفرت عن استعادة السيطرة على قرى الدغمشلية والزويك والتلال المحيطة بها وهي جبل الزويك وجبل موسى وجبل ضو وجبل السنديان وجبل جليلة وجبل برمبة ومزرعة الشميسة.
ويوضح قائد ميداني أن الأهمية الاستراتيجية لهذه المناطق في القطاع الأوسط من جبهة الريف الشمالي تكمن في إشرافها على كامل العمق المتبقي من أماكن وجود المجموعات الإرهابية في الريف الشمالي انطلاقا من بلدتي سلمى وربيعة اللتين تشكلان الثقل الأكبر للمجموعات الإرهابية في هذه المنطقة وصولا الى قرية السكرية وقرية برج القصب وجبل الرحملية وبيت عوان وكتيبة الحرب الالكترونية سابقا فضلا عن تمكن الجيش العربي السوري من السيطرة تماماً على مساحة تقارب 12 كيلومترا من الاوتستراد الدولي الذي يربط اللاذقية بمدينة حلب إضافة إلى سيطرة الجيش مؤخراً على جبل زاهية المرتفع 858مترا عن سطح البحر وجبل السنديان وكتف حسونة بارتفاع 1154 مترا والذي لا يبعد عن الحدود التركية سوى 5.1 كيلومترات مضيفا أنه أمام هذه المعطيات العسكرية والسيطرة النارية للجيش العربي السوري لم يعد أمام الإرهابيين مجالا للمناورة أو التنقل بعيدا عن أنظار جنودنا البواسل الذين سيتعاملون معهم بالأسلحة المناسبة.
ويتابع القائد الميداني.. إن هذه الإنجازات تتكامل مع الإنجازات التي حققها جيشنا على الجبال المشرفة على سهل الغاب باتجاه قرية كبانة وعكو وباتت بلدة دانة وجسر الشغور ترى بالعين المجردة مؤكدا أن العمليات العسكرية لن تتوقف في هذه المنطقة حتى اجتثاث المجموعات الإرهابية منها بالكامل. وأشار قائد ميداني آخر إلى أنه جراء هذه العملية الناجحة تمت استعادة السيطرة على ما يقارب 10كم بجبهة عرض 10كم أيضاً ومقتل 60 إرهابيا والاستيلاء على مجموعة من المعدات العسكرية من بينها بلدوزر وعربتا دفع رباعي ومدفعا هاون ومدفع جهنم ومستودع ذخائر متنوعة في حين تبين الوثائق والمعلومات أن هذه العصابات كانت تنتمي إلى “جبهة النصرة” و”حركة أحرار الشام الإسلامية” وتنظيم “داعش” وأن جميع الإمدادات كانت مقدمة من حكومة أردوغان ومملكة الشر السعودي المسعورة ومن الكيان الصهيوني وهذا ما تظهره الكتابات على القذائف والصواريخ والتي لطالما كانت تستهدف المدنيين الآمنين والأحياء السكنية في مدينة اللاذقية ومحيطها.
وعزا القائد الميداني هذه الانتصارات إلى إرادة المقاتلين الصلبة والروح المعنوية العالية لديهم ومساندة الأهالي وصمودهم ودعم سلاح الجو الروسي الذي كان له الأثر الإيجابي في تحقيق هذه الانتصارات.
وأكد قائد ميداني آخر أن المجموعات الإرهابية أصيبت بحالة ذهول وصدمة أدت إلى إحباط بسبب شدة الهجوم وقوة وبأس مقاتلي الجيش العربي السوري وهو ما تجلى واضحا من خلال نداءات الاستغاثة التي اطلقها الارهابيون عبر أجهزة الاتصال والتي لم تفلح في وقف تقدم الجيش السوري ما أدى الى انهيارها بالكامل في حين تم رصد فرار هذه المجموعات عبر الآليات المتاحة لهم مشيرا إلى أنه تم استهداف رتل للإرهابيين الفارين على طريق تل خان الجوز مؤلف من 13 سيارة عبر سلاح الجو ما أسفر عن مقتل وإصابة جميع من كان بداخلها.
وفي لقاء مع أحد المقاتلين المتطوعين ويدعى نديم علي علي والملقب “أبو الفدا” 68عاما أكد أن تقدمه في العمر لم يمنعه من التطوع والمشاركة في القتال إلى جانب الجيش العربي السوري انطلاقا من إيمانه بضرورة الدفاع عن قدسية التراب السوري حيث كلف بشرف قيادة مجموعة من المقاتلين ونال وساما على شجاعته وتفانيه بالقتال فيما أكد احد الضباط الذي كان أول الواصلين مع مجموعته إلى جبل الزويك بعد دحر الإرهابيين منه أن معركة استعادة السيطرة على كل ذرة تراب من أرض سورية هي حق مقدس وواجب وطني لن تحول دونه كل مؤامرات الأعداء مهما كلفت من ثمن وأن هذه الانتصارات هي هدية للشعب السوري الذي عانى كثيراً من إرهاب هذه المجموعات ومقدمة لإنجازات وانتصارات لاحقة.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 22/11/2015)