أكد وفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك أن الممارسات العملية أثبتت أن التعامل مع مسألة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ما زال يتسم بالانتقائية الواضحة وبالاستناد لمعايير مزدوجة رغم مرور أكثر من 16 عاما على شروع مجلس الأمن في إجراء مناقشات دورية حول البند الخاص بهذه المسألة.
وقال منذر منذر القائم بالأعمال بالنيابة للوفد الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة في كلمة أمام مجلس الأمن حول “حماية المدنيين في النزاعات المسلحة” ان هذه “المسألة استغلت مراراً لخدمة أجندات تتعارض مع أبسط الأسس التي يقوم عليها بنيان القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والشواهد على ذلك وآثار تلك التدخلات الكارثية على شعوب دول أعضاء لا تزال ماثلة أمام أعيننا.. ولن تكفي كلمة أسف هنا أو إقرار بأخطاء هناك للتخفيف من معاناة شعوب الدول المتضررة ومنح أبنائها الأمل بالمستقبل وإعادة إعمار ما دمرته السياسات الخاطئة”.
ولفت القائم بالأعمال بالنيابة لدى الأمم المتحدة إلى أن منظمة الأمم المتحدة لم ترق بعد إلى مستوى آمال وطموحات الآباء المؤسسين ولم تتمكن من وضع حد للحروب العبثية وإنهاء المعاناة البشرية الناجمة عنها وفق ما نص عليه ميثاق المنظمة الدولية لدى تأسيسها والذي منح شعوب العالم أملاً جديداً بإمكانية اضطلاعها بالمسؤولية الأساسية المناطة بها في حفظ السلم والأمن الدوليين وتجنيب البشرية ويلات الحروب وآلامها.
وجدد القائم بالأعمال بالنيابة الدعوة إلى ضرورة توفير الحماية للمدنيين الرازحين تحت نير الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري والأراضي العربية الأخرى ووضع حد لممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية إزاءهم تمهيداً لإنهاء الاحتلال لأراضيهم.
وقال منذر مخاطبا أعضاء مجلس الأمن إن “صمت مجلسكم هذا عن الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان والصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب جعل إسرائيل تعتقد أنها في منأى عن المساءلة لتواصل بالتالي سياساتها العدوانية ودعمها للتنظيمات الإرهابية التي تنشط في منطقة الفصل في الجولان السوري بما يهدد أمن واستقرار المنطقة والسلم والأمن الدوليين ويقوض المبادئ والقواعد التي أرساها القانون الدولي”.
وشدد منذر على أن المسؤولية الأساسية عن حماية المدنيين من المخاطر التي قد يتعرضون لها بما في ذلك مسؤولية حمايتهم من الأعمال الإرهابية هي من اختصاص الدولة المعنية باعتبارها السلطة والجهة الوحيدة المخولة بحفظ الأمن والاستقرار على أراضيها.
وقال منذر إنه “من غير المقبول على الإطلاق أن يتم التعامل مع مسألة حماية المدنيين على نحو استنسابي يجعل منها أداة لخدمة أهداف سياسية ومصالح دول نافذة على حساب سيادة واستقرار واستقلال دول أعضاء” مشيرا إلى أن استغلال بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن وخارجه لمسألة حماية المدنيين لفرض سياساتها الانتقائية ومعاييرها المزدوجة على توجهات المجلس سيلحق المزيد من الضرر بالدور المناط بالمجلس بموجب الميثاق.
وأكد منذر أنه لا بد من التعامل مع مسألة حماية المدنيين بشكل شمولي يقوم على معالجة كل ما من شأنه الإضرار بهم بما في ذلك وضع حد للتدابير القسرية أحادية الجانب التي أكدت الأمم المتحدة عدم شرعيتها والتي تفرضها دول بعينها على دول أخرى من بينها سورية ما يؤدي إلى تعريض المدنيين للمعاناة والموت البطيء من خلال حرمانهم من المستلزمات المعيشية اليومية كالغذاء والدواء والوقود وغيرها والدفع بشرائح واسعة منهم إلى الهجرة والتشرد واللجوء والوقوع في براثن مافيا التهريب والإتجار بالبشر والابتزاز السياسي.
وأوضح منذر أن “حماية المدنيين في النزاعات المسلحة تتطلب من الدول الأعضاء الالتزام أيضاً بقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله” لافتا إلى أن مسألة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة لا يمكن أن تستقيم إلا في ظل الالتزام الكامل بمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها مبادئ السيادة والمساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وأعرب منذر عن الأسف لقيام بعض الوفود باستغلال هذه الجلسة لتكرار ادعاءاتها بشأن الوضع في سورية والتشويش على العمل الجاري لإيجاد حل سياسي سلمي للأزمة فيها وعقد المحادثات المرتقبة في جنيف مضيفا إنه من المؤسف أن الكثير من أولئك المتحدثين تجاهلوا الأسباب المباشرة لمعاناة السوريين والمتمثلة في التنظيمات الإرهابية المدعومة من قبل حكومات دول معروفة وفي مقدمتها السعودية وقطر وتركيا واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض سورية والتدابير القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية.
وأكد منذر أن حكومة الجمهورية العربية السورية تطالب مجلس الأمن مجدداً بتحمل مسؤولياته وفقاً للميثاق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومساءلة حكومات الدول الداعمة للإرهاب وإلزامها بالامتثال لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ولا سيما القرارات 2170 و2178 و2199 و2253.
وخلص منذر إلى القول إن “المساعي الحميدة الرامية إلى الحيلولة دون نشوب النزاعات والسعي العاجل لتسوية ما قد ينشب من أزمات قبل تفاقمها وبالطرق السلمية وفقاً لآليات الأمم المتحدة وميثاقها وقواعد القانون الدولي هي الوسيلة الأمثل لحماية المدنيين وتجنيبهم شرور الحرب”.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 19/12/2015)