أصدر معهد الدراسات الاستراتيجية في موسكو كتابا عن تنظيم “داعش” الإرهابي ومخاطره على السلم والأمن الدوليين ويبرز بشكل واضح ان هذا التنظيم الإرهابي أداة واشنطن لارساء نظام عالمي جديد يحقق هيمنتها على العالم كما ان التماهي التركي مع هذا التنظيم هو لتوسيع نهج الحرب وقضم مساحات من الدول المجاورة.
وأكدت نائبة مدير مركز آسيا والشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية آنا غلازوفا بمناسبة اصدار الكتاب والتعريف به أن الأحداث المتعلقة بمكافحة تنظيم “داعش” وباقي التنظيمات الإرهاببية بدأت تتسارع بعد أن باشرت روسيا عملياتها العسكرية الجوية في سورية موضحة ان تنظيم “داعش” الإرهابي ككيان وهيكل كان لابد من تناوله بالتحليل والدراسة وخاصة ان كل الدراسات السابقة حوله كانت تتصف بأحادية الجانب ولا تنظر في جوانبه الأخرى.
ورأت الباحثة الروسية ضرورة دراسة ظاهرة تنظيم “داعش” الارهابي وافعاله الاجرامية وتحليلها والتعرف الى مقوماتها وأخطارها على الأمن والاستقرار في روسيا والعالم برمته وكذلك رصد مناطق انتشاره وتوسعه في دول جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا والكشف عن محاولات تمدده في جنوب شرق آسيا ورسم طرق مقاومته والنضال المشترك من أجل القضاء عليه.
وأشارت غلازوفا الى أن الكتاب يكشف عن أبعاد ظاهرة تنظيم “داعش” الارهابي في السياسية العالمية ودور الولايات المتحدة في إنشاء هذا التنظيم وكذلك عن أسباب ودوافع خروج هذا التنظيم عن طاعة رعاته مشيرة إلى أن الكتاب ينيط اللثام ايضا عن الدور المرسوم لـ “داعش” في تغيير الخارطة السياسية لدول العالم واستبدال النظام العالمي الذي استقر بعد الحرب العالمية الثانية بقواعد نظام جديد بدءا من منطقة الشرق الأوسط ووصولا إلى الدول الآسيوية وروسيا وأفريقيا.
وشددت غلازوفا على أن القيادة التركية الحالية لا تريد أن ترى إلى جانبها دولا مستقرة علمانية متطورة وهي تحاول تفكيك هذه الدول وقضم أجزاء منها كما أن الحرب التي تشنها تركيا ضد شعبها بدعم وإسناد من تنظيم داعش الارهابي هي بمثابة تبرير لسلسلة العمليات الإرهابية التي ارتكبت في المدن التركية ما يشير إلى أن تركيا تتحول تدريجيا إلى
“بؤرة ساخنة” بسبب النهج السياسي الذي تتبعه وهو نهج الحرب.
بدوره اعتبر السفير السوري في موسكو الدكتور رياض حداد صدور الكتاب بـ “المهم جدا” مؤكدا أن تنظيم “داعش” الارهابي ليس ظاهرة قائمة بذاتها بل هو صنعة تدل على الصانع وان من يدعون محاربته ضمن قوام الحلف الذي تقوده واشنطن انما يسعون للحرب به.
وشدد السفير حداد في مداخلة بهذه المناسبة على أن محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي هي الحلقة الأسهل في القضاء على هذا الفكر التكفيري وآثاره المدمرة التي تواجه الجميع دونما استثناء موضحا ان الحرب على هذا التنظيم الارهابي تتطلب جهودا ميدانية واستخباراتية وثقافية واجتماعية واقتصادية وفكرية.
وأكد السفير حداد أن استغلال الدين وتسييس الإسلام يستهدف قبل كل شيء الإساءة للإسلام والمسلمين واعتماد أصحاب العقول الضيقة والمشوهة وقودا لنشر الإرهاب الذي تبين أنه منصة ضرورية لنشر ما سمته الإدارة الأمريكية الفوضى الخلاقة منذ ثمانينيات القرن الماضي متسائلا عن تماسك العلاقات السعودية الأمريكية وعدم اهتزازها على الرغم من وجود 15 إرهابيا يحملون الجنسية السعودية من أصل 19 إرهابيا من المتهمين بأحداث الحادي عشر من أيلول.
وشدد حداد على أنه ما من دولة في العالم تستطيع أن تجزم أنها محصنة بالمطلق من الإرهاب الممنهج وتهديداته مؤكدا أن أنجع السبل للحد من التهديدات الإرهابية والحيلولة دون انتقالها من إطار الممكن إلى إطار الواقع هي في التحالف مع القوى التي أثبتت كفاءة عالية بمحاربة تنظيم “داعش” والقضاء على أعداد كبيرة من ارهابييه ولا شك أن الجيش العربي السوري هو صاحب الذراع الطويلة في محاربة الإرهاب.
ودعا حداد الى تفعيل قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بمكافحة تنظيم “داعش” والإرهاب والعمل على تشكيل تحالف إقليمي يمكن أن يتحول إلى دولي لمحاربة هذا التنظيم الارهابي وفق ما طرحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والى مجموعة من التدابير الوقائية في المجالات الأمنية والاستخباراتية والمالية والاجتماعية والعمل مع الأوساط الدينية في التركيز على أهمية التصدي لهذا النهج الظلامي الهدام من أجل قطع الطريق على الفكر التكفيري الذي يحمله “داعش” وشبيهاته من تفريخات القاعدة.
بدوره اكد الكسندر رومانوف عضو مجلس الدوما الروسي لمراسل سانا في موسكو ان روسيا كانت تقف على الدوام وستواصل وقوفها الى جانب الحل السياسي للازمة في سورية ومشاركة جميع القوى السياسية في التوصل الى هذا الحل مجددا رفض روسيا لتلك المواقف التي تتمسك بها بعض الدول العالمية والإقليمية عندما تضع شروطا مسبقة للمحادثات السورية السورية وتصر على قوام معين لوفد المعارضة فيها.
وأوضح البرلماني الروسي أن من بين أسباب الأزمة في سورية رغبة بعض البلدان الإقليمية ومنها السعودية وتركيا في ان تغتصب لنفسها دورا قياديا في المنطقة بما يتعارض مع حل المهمة العامة المتمثلة في إيجاد حل سياسي للازمة في سورية وعمل اجهزة الدولة فيها بصورة طبيعية واعادة إعمارها.
بدوره أوضح فلاديمير أندريه نائب رئيس إدارة مسائل التعاون الدولي ومكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الروسية ان لقاء لافروف وكيري في زيوريخ اليوم يتصف بأهمية كبيرة مؤكدا ان روسيا تسهم بقسطها للتوصل الى تسوية الازمة في سورية من السوريين أنفسهم من اجل تحديد مستقبل بلادهم.
واشار أندريف الى ان دور اللاعبين الخارجيين ومنهم روسيا بطبيعة الحال هو توفير الظروف الضرورية كي يجري السوريون محادثات بينهم من اجل تحديد مستقبل بلادهم اما الآخرون فيستطيعون المساعدة في ذلك مؤكدا ان الجانب الروسي مطلع بالكامل على الصعوبات التي تعترض عملية تسوية الازمة في سورية ويعمل كل ما بوسعه لتحقيق هذه المهمة بما يخدم مصالح سورية وروسيا والاسرة الدولية برمتها ومعربا عن الامل ان تتوصل الدول الاخرى الى هذا الفهم بالذات.
من جهته قال يفغيني بيليكوف أحد مؤلفي كتاب “داعش وخطره على الأمن الدولي” أن المحادثات السورية السورية مهمة جداً لأنه لابد من حلول دبلوماسية مؤكدا ان قرار مجلس الامن الدولي 2254 ينص على وحدة الاراضي السورية وهذه اولوية مهمة ولذلك نعمل على نجاح الشعب السوري والقيادة السورية في إيجاد مستقبل أفضل لسورية.
واضاف الباحث الروسي ان الشعب السوري صمد خمس سنوات في الحرب ضد جحافل الارهابيين الذين جاؤوا من الخارج ويتلقون دعما كبيرا من كثير من الدول ولذلك فان الشعب السوري الذي صمد في هذه الحرب يقدم بذلك أفضل دليل على ضمانة المستقبل المشرق لسورية وشعبها.
وأشار بيليكوف الى انه إذا كانت المعارضة تحصل على دعم من الخارج فهذا يعني انها تعمل لصالح الخارج ونحن نعرف ان في سورية معارضة داخلية يجب ان تشارك في المباحثات مع الحكومة اما تلك المعارضة التي يجري تسليحها من الخارج فإنها لا تخدم مصالح الشعب السوري.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 22/1/2016)