عقد مجلس الشعب جلسته الأولى من الدورة العادية الثانية عشرة للدور التشريعي الأول اليوم برئاسة رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام وحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي وأعضاء الحكومة.
وقال اللحام في كلمة الافتتاح “بداية أتقدم باسمي وباسم مجلس الشعب بأحر التعازي القلبية بوفاة المغفور لها السيدة أنيسة مخلوف أرملة القائد المؤسس الراحل حافظ الأسد والدة السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد سائلين المولى عز وجل أن يسكنها فسيح جنانه وأن يلهم عائلتها الصبر والسلوان”.
وأشار اللحام إلى الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري على مرتزقة الإرهاب وداعميه في الميدان وفك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء بريف حلب والتي تشكل مقدمة لنصر حاسم في كل الجغرافيا السورية بالتوازي مع إنجازات سياسية لا تقل أهمية تحققها الدبلوماسية السورية.
ودعا اللحام إلى مواكبة الانتصارات الميدانية في حلب ودرعا واللاذقية وحمص ووضع الخطط العاجلة لتحصين هذه الانتصارات وتأمين خطوط الإمداد بالمواد الغذائية والخدمات للأهالي في تلك المناطق فور تخليصها من الإرهاب لإعادة دورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والزراعية فيها.
وأكد اللحام أن هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الوطن تتطلب من الجميع العمل بأقصى الحدود على الجبهات كافة من أجل مستقبل سورية وشعبها منوها بصمود المواطن السوري الذي قاوم الإرهاب وتمسك بأرضه وبيته.
وقال اللحام “إن ارتباك أعداء سورية اتضح في عدم القدرة على تشكيل وفد مفاوض واحد لأن أولئك لا يمثلون سوى أجندات ومصالح متضاربة لدول خارجية تمولهم وتدفع لهم فواتير الإقامة والتنقل من عاصمة إلى أخرى ولا يربطهم بالشعب السوري أي رابط” مشيرا إلى الفرق الكبير بين المعارضات المأجورة والمعارضة الوطنية التي نكن لها كل احترام ونحرص على مشاركتها في السياسة والسلطة والمسؤولية الوطنية بالدفاع عن سورية وشعبها وبناء سورية المستقبل.
وفي وقت عبر فيه اللحام عن تقديره لعمل الحكومة الدؤوب من أجل تأمين مستلزمات الصمود الميداني والسياسي وتأمين احتياجات المهجرين رأى أن هذا “لا يعفيها من المسؤولية عن تقصير في بعض القطاعات وفي بعض المناطق مثل دير الزور وحلب وخصوصا في موضوع مياه الشرب والمحروقات ورغيف الخبز والاتصالات”.
وأثنى اللحام على جهود العمال الاستثنائية خلف خطوط الإنتاج في ظل الظروف القاسية ولا سيما العاملين في المخابز الآلية لتأمين رغيف الخبز وعلى كل مواطن يقوم بواجبه متوجها بالتحية إلى أرواح شهداء الوطن الأبرار ومتمنيا الشفاء العاجل للجرحى.
بدوره قال الحلقي خلال الجلسة “فقدنا اليوم أما عزيزة على قلوب السوريين جميعا كانت تمثل بخصالها الحميدة صفات المرأة السورية المكافحة المعطاءة. باسم حكومة الجمهورية العربية السورية نعزي أنفسنا والوطن بفقد رفيقة درب القائد المؤسس حافظ الأسد ووالدة الرئيس بشار الأسد السيدة الفاضلة أنيسة مخلوف”.
وأكد الحلقي أن “سورية اجتازت المسار الأصعب وأن الانتصار النهائي آت” لكن المرحلة القادمة بكل مكوناتها تحتاج إلى إعمال الفكر والضمير والخبرة والبناء على تجارب الآخرين والتخلص من مواطن الخلل وحشد الطاقات.
وأضاف الحلقي “أمام حكومتنا محطات صعبة ناجمة عن التداعيات التي فرضتها الأزمة التي نالت من البنى التحتية والاقتصادية والاجتماعية وأدت إلى وجود موارد متناقصة مقابل متطلبات متزايدة لذلك توجب علينا كفريق حكومي تنفيذي أن يكون العام الحالي عام ترميم المؤشرات الاقتصادية والخدمية والاجتماعية ما أمكن والتي تدنت بفعل هذه الحرب والحد من انخفاض معدلاتها بأدوات تنموية ليست استهلاكية استنزافية”.
وبين الحلقي أن الحكومة الحالية تعتمد مبدأ التخطيط الديناميكي “كونها لا تدير أزمة عادية بل حادة ومعقدة” ما يؤدي إلى صعوبة اعتماد معايير ثابتة للتخطيط والتنفيذ والتقييم مشيرا إلى أن التخطيط الديناميكي يأخذ بعين الاعتبار التغيرات الناتجة عن أحداث غير متوقعة تحدث أثناء التنفيذ ويستجيب لخصوصية المرحلة التي يخوضها البلد.
ولفت الحلقي إلى أن الأزمة أبرزت الأهمية الكبرى للقطاع العام في الدفاع عن مشروع الحكومة السياسي التنموي المقاوم ومصالح الطبقات المتوسطة والفقيرة مبينا أنه في ظل التراجع الكبير لدور القطاع الخاص المحكوم بقواعد الربحية ظهر “رجال أعمال وطنيون وقفوا إلى جانب الدولة والقطاع العام وأظهروا انتماء يتجاوز حدود معادلات الربح والخسارة”.
وأشار الحلقي إلى أن ظروف الأزمة أكدت ضرورة استثمار جميع الموارد في سياق التحضير لعملية إعادة الإعمار من خلال إعادة هندسة الاقتصاد الوطني “فكان لا بد من ولادة الجيل الثالث من أجيال الاقتصاد السوري وهو جيل التشاركية الوطنية الفعالة بعد جيلي القطاع العام واقتصاد السوق الاجتماعي كحاجة إرادية واعية لإدارة معادلة الموارد المحدودة والحاجات اللامحدودة مع المحافظة على القطاع العام كقطاع رائد واستراتيجي في المسيرة التنموية”.
وفي الشأن الميداني نوه الحلقي بصمود وبطولات وانتصارات الجيش العربي السوري على قوى التآمر والعدوان والإرهاب وتماسك ووحدة الشعب السوري مبينا أن انتصارات الجيش غيرت المعادلات وحطمت مخططات الإرهابيين ومن يقف خلفهم من دول الغرب الاستعماري وتركيا وقطر والسعودية مبشرا بهزيمة أعداء الوطن وداعميهم.
وحمل الحلقي الإرهاب وداعميه ولا سيما السعودية وتركيا وقطر مسؤولية سفك الدماء في سورية وتخريب مدنها وأريافها مؤكدا أنه “لا تسويات مع الإرهاب ولا حوارات مع الإرهابيين ولا توقف عن سحقهم في الميدان”.
وشدد الحلقي على أن الحكومة مستمرة بتوفير الدعم اللازم لقواتنا المسلحة وقوى الأمن الداخلي ومجموعات الدفاع الشعبي وهي تمضي بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد بتقديم المساعدة لذوي الشهداء والالتزام باستحقاقاتهم وتأمين الدعم والرعاية لجرحى الحرب.
وعن المصالحات الوطنية بين الحلقي أن الحكومة تمضي وبالتنسيق مع لجنة المصالحة في مجلس الشعب والفعاليات الوطنية بتوسيع رقعة المصالحات بشكل عمودي وأفقي كمسار مواز لإنجازات الجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب.
وفي الشأن الخدمي لفت رئيس الحكومة إلى الاستمرار بجهود تأمين متطلبات العمل الإغاثي وتكثيف عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق السورية كافة والتعويض على المتضررين بالتوازي مع تلبية الاحتياجات الاساسية للمواطنين وضمن الإمكانيات المتاحة إضافة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر وإطلاق القروض التشغيلية والتحضير لإعادة الإعمار بمفهومه والمحافظة على القطاع العام الوطني ودعم الفلاحين والمزارعين والمربين وتحقيق الأمن الغذائي.
وقال الحلقي “إن الحكومة تسعى لإيجاد قنوات استثمارية لتحريك النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة بعيداً عن الاقتصاد المستهلك كما تستمر بتنفيذ مشروع الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد بكل أشكاله وستعمل على ترسيخ منظومة إدارية متطورة ومبدأ الدور التكاملي بين الجهات الحكومية والأجهزة الرقابية والسلطة القضائية والفعاليات المجتمعية وتعزيز مفهوم الإعلام الاستقصائي لنشر ثقافة محاربة الفساد إضافة لدعم حركة الإبداع الثقافي وتطوير منظومة الإعلام الوطني بكل أشكاله والخطاب الديني ومناهج التعليم الشرعي”.
وذكر الحلقي أن الحكومة مستمرة بتعزيز وترسيخ علاقات التعاون مع الدول الصديقة التي كان لها الأثر الكبير في دعم سورية في معركتها ضد الإرهاب والمساعدة في تأمين احتياجات الشعب السوري من المواد التموينية والمشتقات النفطية.
ولفت إلى أن الحكومة تتابع من خلال دبلوماسيتها نقل حقيقة ما تتعرض له سورية من مؤامرة وعدوان وأعمال إرهابية إلى المنظمات الدولية وإلى الدول التي تربطها بسورية علاقات صداقة واحترام.
وعن الحوار السوري السوري في جنيف بين الحلقي “أن الحكومة السورية ذهبت إلى جنيف دون شروط مسبقة لوضع خارطة طريق تتيح للشعب السوري أن يقرر مصيره وحده وجمع جهود القوى السورية في حكومة وحدة وطنية تقود وتكمل الحرب على الإرهاب وتفتح طريق المستقبل الديمقراطي المدني العلماني التعددي لسورية المتجددة لكن الشروط والإملاءات التي خضع لها وفد معارضة الرياض من قبل الدول الداعمة للإرهاب والممولة لهذه المعارضة حالت دون إطلاق هذه المباحثات”. وثمن الحلقي جهود أعضاء مجلس الشعب على جميع الصعد السياسية والبرلمانية والحكومية حيث عملت المؤسستان التشريعية والتنفيذية لتحقيق هدف مشترك وهو تعزيز صمود الدولة السورية والمضي بها قدماً إلى الأمن والاستقرار والانتصار وإعادة الإعمار.
وختم الحلقي كلمته بالقول “سورية اليوم تعيش حالة من التعافي ونهجها المقاوم تمكن من إفشال مخطط إسقاط الدولة السورية وتوجيه ضربة قاصمة للمشروع الأمريكي الصهيوني الوهابي في المنطقة” موجها التحية لقواتنا المسلحة الباسلة ومتمنيا الرحمة لأرواح شهداء الوطن والشفاء العاجل للجرحى.
(المصدر: وكالة سانا للأنباء، بتاريخ 8/2/2015)
ا